أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المحسن - تأثير الواقع النفسي للشاعر في اتساق اللفظ والمعنى مع واقعه قراءة-متعجلة-في قصيدة الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي في رثاء والده-إلى جنّة الخُلْدِ بغيْرِ حسابِ-














المزيد.....

تأثير الواقع النفسي للشاعر في اتساق اللفظ والمعنى مع واقعه قراءة-متعجلة-في قصيدة الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي في رثاء والده-إلى جنّة الخُلْدِ بغيْرِ حسابِ-


محمد المحسن
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 7858 - 2024 / 1 / 16 - 00:11
المحور: الادب والفن
    


(هل يمكن للحزن أن يستريح في قلب شاعر؟)

سَأَلوني لِمَ لَم أَرثِ أَبي /وَرِثاءُ الأَبِ دَينٌ/ أَيُّ دَين أَيُّها اللُوّامُ ما أَظلَمَكُم/أَينَ لي العَقلُ الَّذي يُسعِدُ أَين..(أحمد شوقي)

-‘العبرات كبيرة وحارة تنحدر على خدودنا النحاسية.. العبرات كبيرة وحارة تنحدر إلى قلوبنا’. (ناظم حكمت).
-أبي قد تلوْتُ الوَفا مِن كتابِي/وأوقدتُ مصباحَ شوْقي بِبابي/دعوتُ الإلهَ القديرَ،حَبيبي/بَجنّاتِ عَدْنٍ إليْكَ،ثوابي (د-طاهر مشي)

لطالما أنهكنا الإنتظار ونحن نترقّب بشغف إطلالة الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي،كي نستمتع بإحدى قصائده الرومانسية ونرقص طربا على ايقاعاتها العذبة..وكان لنا ما أردنا مرارا..هكذا يكون حالي وأنا أنتظر قصائد هذا الشاعر السامق..لكنه هذه المرة لم يأت كبستاني يسقي ورود الحياة في قلوبنا التي عبثت بها الأحزان..وينثر على محبي الشعر أجمل القصائد الغزلية..أتى هذه المرة وفي جعبته قصيدة تحز شغاف القلب..وتوقظ كل الأحزان المعتقة والهاجعة خلف شغاف قلوبنا..
عندما يكتب هذا الشاعر الكبير د-طاهر مشي تتجلى قصائده عذوبة وصدقا ومهارة ،فهي كالموسيقي تجعل الجميع يعيش جوها،وعرفنا لماذا هي وحدها أغنية..
وهنا..الحزن هنا أيضاً صار أغنية،أبكاني المعنى وعانق بحنوّ كل الأحزان المختبئة في ركن قلبي المنسي,وأظن أنه يمتلك من الأذرع الطويلة ما يحتضن كل أحزان الآخرين أيضاً.
تعالوا معي نبدأ القطاف في موسم حزن الشاعر العظيم..
لأن حالة الحزن عندما تكون كبيرة فإن الإنسان أكثر ما يذكره هو الموت..
شاعر امتلك ناصية الحرف فشد الوثاق اليه،وامتلك بيان الصورة الشعرية الراقية والتي تكاد أن تكون شخوصا تتكلم نحسها وندركها..اصطحب الحزن أطلقه نشيجا رقيقا ولكنه لم يتسع لأن يكون صامتا،فأتى صوته نداء الروح حين تستفز الوجَع،ليزودها بارتعاش الحرف في حنايا الحزن..وصهيل الجرح..
رحل والده (رحمه الله) إلى الماوراء حيث نهر الأبدية ودموع بني البشر أجمعين،فأسرج من دموعه قناديل،وجعل منها نقطة ضوء تضيء عتمات روحه التي تشظت..أقول تشظت..فالمصاب جلل..
إلى جنّة الخُلْدِ بغيْرِ حسابِ

أبي قد تلوْتُ الوَفا مِن كتابِي
وأوقدتُ مصباحَ شوْقي بِبابي
دعوتُ الإلهَ القديرَ،حَبيبي
بَجنّاتِ عَدْنٍ إليْكَ،ثوابي
وغُفرانِ ذنْبِ الحياةِ جميعا
لِيَغْدو جَزاكَ كَخَيْرِ صَحابي
فَيَغدو بِيُمناكَ نورُ اليَقينِ
وَعِطرٌ يفوحُ بأحْلَى الثّيابِ
وتلقى الرسولَ الجميلَ المُحيّا
بِوَجْهٍ صبوحٍ ،بِغَيْرِحِسابِ
وتحْظى بِأحْلى ثوابٍ مَهيبٍ
ونفرحْ بحُكْمٍ عَلِيٍّ ،مُجابِ
فَرُحماكَ ربّي بِعَبْدٍ فقيرٍ
أتاكَ رضِيّاً نقِيّ الجِرابِ
ولبّى نداءَكَ في كلِّ حينٍ
أجَنّاتُ عدْنٍ يكونُ جَوابي؟
فما من خلودٍ بدُنيَا الزّوالِ
فإنّي على العَهد أتلو كِتابي
سنلقاكَ يوماً إذا ما اصْطفانا
إلاهُ الخلودِ الغفورِ المُهابِ
أبي قد نذرتُ الدُّعاءَ لِرَبّي
فَمن غيرُ ربّي لِعَتْقِ الرِّقاب؟
الطاهر مشي
يحترق المعنى في أتون الغياب لتبقى الكلمة شاهدا و(الوالد المسافر إلى رحاب الله عبر الغيوم) نداء يحتضن صداه قصيدة ناشدها الغياب فاستجابت القوافي لتكون قفلة ونوتة موسيقية تعبر عن شجن الشاعر واختفاء الكلمة الاسم ليبقى المعنى وجعا ينزف سؤالا مطرزا بالإيمان بقضاء الله وقدره..وتذوب فيه الأنا.
ما من خلودٍ بدُنيَا الزّوالِ
فإنّي على العَهد أتلو كِتابي
سنلقاكَ يوماً إذا ما اصْطفانا
إلاهُ الخلودِ الغفورِ المُهابِ
أبي قد نذرتُ الدُّعاءَ لِرَبّي
فَمن غيرُ ربّي لِعَتْقِ الرِّقاب؟
ختاما أتساءل: هل فعلاً الشعر حقيقة مؤلمة،لا بأس بذلك،لكن علينا أن نتذكر أن ألم هذه الحقيقة،يشد الإنسان دائماً إلى روحانيته،إلى نوره الخاص،ليعيشَ الحياةَ مفعما بالإيمان..رغم قسوة الواقع و..لسعة الموت..
هذه هي الخلاصة التي خرجت بها من قراءة هذه القصيدة المتميزة بألمها والتي جعلتنا جميعا شركاء في الحزن والألم..
والسؤال :هل يمكن أن يستريح حزن في قلب شاعر موجوع؟
ويظل..السؤال حافيا،عاريا ينخر شفيف الروج..
صبرا جميلا..يا شاعرنا الكبير..وجنة الخلد..مثوى مريح لوالد أحبّ الله..فأحبّه..



#محمد_المحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة انطباعية-متعجلة-في قصة قصيرة جدا بعنوان (-رغيف-..مغموس ...
- قصائد تونسية ستبعث في أعماقكم الشعور بالانتماء إلى طين الأرض ...
- وجه من النخبة الفكرية والثقافية التونسية: الشاعر الكبير د-طا ...
- على هامش -الصمت العربي الخلاّب- في ظل محرقة غزة ! هل تنصت آذ ...
- جماليات الصور الشعرية..وتجليات المبنى والمعنى..في قصيدة الشا ...
- على هامش اليوم العالميّ للّغة العربيّة* شعراء عرب يتغزلون في ...
- تمظهرات صهيل الشوق..ولوعة الغياب في قصيدة الشاعر التونسي الك ...
- إشراقات العشق..وتجليات اللغة في قصة -عشق معتّق- للكاتبة العر ...
- ثلة من الشعراء التونسيين يكتبون بحبر الروح ودم القصيدة..انتص ...
- الشاعر التونسي الألمعي د-طاهر مشي : شاعريته تتألق في سماء ال ...
- تجليات الذاتِ الأنثوية..في أفق قصيدة النثر النسوية العربية و ...
- حين يتخفى الشعر..في قناع الوَجَع..قراءة فنية متعجلة في قصيدة ...
- الإدهاش الإبداعي..في أفق قصائد الشاعر التونسي الكبير د-طاهر ...
- على هامش الحرب-القروسطية-على غزة..أرض العزة غزة: درب الآلام. ...
- حين يتخفى الشعر..في قناع الوَجَع.. قراءة فنية متعجلة في قصيد ...
- قراءة فنية-متعجلة- في قصة قصيرة -قدر الأمواج- للكاتبة التونس ...
- التموجات الدلالية للقصيدة الومضة-لدى الشاعرة التونسية القدير ...
- إشراقات الحب وإيقاعاته -في-إستمِرّي سيّدتي- للشاعر التونسي ا ...
- حضور فلسطين في ثوب إبداعي مطرز بالرفض والصمود والتحدي..في قص ...
- جماليات اللغة الشعرية في تجلياتها التركيبية والدلالية.وعمق ا ...


المزيد.....




- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...
- -مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
- -موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
- شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
- حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع ...
- تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو ...
- 3isk : المؤسس عثمان الحلقة 171 مترجمة بجودة HD على قناة ATV ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المحسن - تأثير الواقع النفسي للشاعر في اتساق اللفظ والمعنى مع واقعه قراءة-متعجلة-في قصيدة الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي في رثاء والده-إلى جنّة الخُلْدِ بغيْرِ حسابِ-