أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - قصيدة بارمينيدس














المزيد.....


قصيدة بارمينيدس


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 7856 - 2024 / 1 / 14 - 15:03
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أركيولوجيا العدم
العودة المحزنة لبلاد اليونان


قصيدة بارمينيدس المعروفة باسم "في الطبيعة"، والتي ترجع كتابتها إلى أكثر من 25 قرنا هي عمل لا يتجاوز عدة صفحات تتكون من 19 مقطع أو شذرة متفاوتة الطول. المقدمة مثلا تحتوي على 53 سطرا بينما الشذرة الثامنة تتكون من 86 سطرا، وبعض الشذرات لا تحتوي سوى سطرا واحدا وأحيانا كلمة واحدة متبقية تبحث عن دلالتها. التفاوت لا يقتصر فقط على الأبيات المتبقية من النص الأصلي، وإنما في ترتيب هذه الأبيات وترقيمها، رغم رجوع أغلب المتخصصين للنسخة التي حققها ورقمها Hermann Alexander Diels في سنة 1903، واتي راجعها Walther Kranz في الطبعات اللاحقة.
هاهو نص القصيدة ترجمناه عن نسخة جون بيرنت Burnet, John. Early Greek Philosophy في كتابه عن الفلسفة اليونانية، الطبعة الثالثة الصادرة في لندن سنة 1920. وسنقدم لاحقا ترجمة القصيدة عن الفرنسية معتمدين على النسخة الجديدة المحققة من قبل موريس ساشو Maurice Sachot، 2016 وذلك للمقارنة وتصحيح النظرة العامة والمألوفة لتأويل هذا النص الغريب.

[ 1 ] العربة التي تقلني قادتني أبعد مما تستطيع رغبة قلبي أن تأمل، حملتني ووضعتني على الطريق الشهير للإلهة القادرة وحدها على قيادة الإنسان الذي يعرف نحو المدن. حملتني الخيول الماهرة وهي تجر العربة بسرعة فائقة تقودها فتيات شابات يرشدنني للطريق. محور العربة المتوهج يكاد يحترق من الحرارة الناتجة من شدة الإحتكاك في تجويف العجلتين من الجانبين مصدرة أصواتا حادة وصريرا. فتيات الشمس متلهفات لقيادتي للضوء، أزحن الخمار عن وجوههن وتركن بيت العتمة. وها هي بوابة طرق الليل والنهار، مرتفعة في الهواء بقنطرتها الضخمة في الأعلى، وفي الأسفل عتبتها الحجرية، ومصاريع قوية تحرسها "العدالة" المنتقمة والتي تحتفظ بالمفاتيح التي تفتح وتقفل ما تشاء. توجهت الفتيات اليها بكلمات رقيقة جميلة، فهن يعرفن بحذاقة وبمكر كيفية إقناعها بأن تجذب القضبان الحديدية بدون تردد. وفتحت الأبواب، دارت المصاريع المهيبة ذات العوارض الضخمة على فواصلها الحديدية، كشفت عن فتحة واسعة، عندما تأرجحت أعمدتها النحاسية المزينة بالمسامير وتراءى من خلال المدخل طريق طويل واسع قادت إليه الفتيات الأفراس والعربة حتى مقر الإلهة التي استقبلتني بترحاب وأخذت يدي اليمنى في يدها وقالت: مرحبا أيها الشاب القادم إليّ في داري تقلك عربة تقودها سائقات خالدة. إنها ليست صدفة سيئة، بل "الحق" و"العدالة" هي التي أرسلتك في هذه الرحلة البعيدة حقا عن طرق البشر المألوفة. لذا عليك أن تتعلم كل الأشياء، قلب الحقيقة الدائري بأناقة والذي لا يتزعزع، ولكن أيضا آراء البشر الفانون المفتقدة للحقيقة واليقين. لاحرج من أن تتعلم الآراء الوهمية أيضا، كيفية المرور الفعلي خلال كل الأشياء، الإنسان يجب أن يحكم على الأشياء التي يبدو أنها تكون. ولكن أبعد فكرك عن طريق البحث هذا، ولا تترك العادة بخبرتها الكبيرة تستهويك وتجبرك على إلقاء عين شاردة أو أذن صماء أو لسان صاخب على هذا الطريق؛ لكن احكم بالحجة وتبصّر وأحكم بتعقل على الدليل القابل للجدل الذي نطقت به. لم يعد هناك سوى طريق واحد يستحق الكلام عنه.

[ 2 ] إعتبر بحزم ثابت الأشياء بعقلك وأعتبرها حتى ولو كانت بعيدة كما لو أنها في متناول اليد. فإنك لن تستطيع أن تمنع ما يكون من أن يكون متصلا بما يكون، ولا أن يتشتت في الخارج بطريقة منتظمة ولا أن يتجمع.

[ 3 ] لا فرق عندي من أين أبدأ، من هذا الجانب أو من ذاك، لأنني سوف أعود ثانية هناك.

[ 4-5 ] تعال الآن، سأقول لك، أنصت إلى كلامي وأحتفظ به - هناك فقط طريقين للبحث يمكن تصورهما:
الأول هو "هو يكون - It is" وأنه من المستحيل بالنسبة له أن لا يكون، وهذا هو طريق الإقتناع لأنه مقترن بالحقيقة ( تصاحبه الحقيقة)
والآخر هو "هو لايكون - It is not" وأنه من الضروري أن لا يكون، - هذا الطريق أقول لك لا أحد يستطيع أن يتعلم فيه أي شيء، لأنك لا تستطيع معرفة ما لا يكون، ومستحيل حتى لو عرفته، أن تنطق به.لأنه واحد ونفس الشيء ما يمكن التفكير فيه وما يمكن أن يكون.

[ 6 ] إنها ضرورة كلية أن ما يمكن النطق به أو الكلام عنه والذي يمكن التفكير فيه - يكون، لأنه من الممكن بالنسبة له أن يكون ومن غير الممكن لما هو "لا شيء" أن يكون. هذا هو ما أطلب منك أن تأخذه في الإعتبار. أحذرك من طريق البحث الأول ولكن من هذا الأخر أيضا، والذي يتيه فيه الفانون الجهلة ذوي الوجوه المزدوجة، الذين تسكن عدم الإرادة - القدرة - في صدورهم وتقود تفكيرهم المتزعزع. هائجون هنا وهناك يتحركون ببلاهة كأنهم صم عمي، حشد من العامة بلا بصيرة. يرون أن ما يكون وما لا يكون، نفس الشيئ وما ليس نفس الشيئ، كل الأشياء في نظرهم تسير في إتجاهات متناقضة.

[ 7 ] لأن هذا لن يمكن إثباته مطلقا، أن الأشياء التي لا تكون تكون، ولهذا إحفظ تفكيرك وأبتعد ببحثك عن هذا الطريق.

يتبع



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المجتمع الفاضل
- الثابت والمتحول عند بارمينيدس
- خليبنيكوف واللغة المستحيلة
- هاسبارا أو فلسفة إسرائيل الإعلامية -٣
- المشروع الوجودي
- جثت الكلمات المبقورة
- العنصرية والخوف من الغرباء
- هاسبارا - فلسفة إسرائيل الإعلامية -٢
- هاسبارا - فلسفة إسرائيل الإعلامية
- الذاكرة
- الرسالة الأخيرة
- جذور المقاومة والإرهاب
- مهزلة القانون الدولي ومجلس الأمن
- العسكر والإرهاب
- قريبا .. نهاية العالم
- الدولة والإرهاب
- ظاهرة الإستسقاط وعلاقة الفن بالهلوسة
- إغتيال الأمل
- العدمية الإسلامية
- عن الكتابة أثناء وبعد المجزرة


المزيد.....




- -حرب- التعريفات الجمركية بين الصين وأمريكا.. كيف ستستجيب بكي ...
- نتنياهو يتوجه إلى الولايات المتحدة ليكون أول رئيس وزراء يلتق ...
- إجلاء أطفال فلسطينيين جرحى إلى مصر مع إعادة فتح معبر رفح
- تعيين اللواء إيال زمير رئيسا جديدا لأركان الجيش الإسرائيلي
- كاميرا تلتقط لحظة انفجار طائرة في فيلادلفيا في كارثة جوية جد ...
- بوتين يهنئ البطريرك كيريل بذكرى تنصيبه الكنسي
- قتلى وجرحى في قصف إسرائيلي استهدف مركبتين في مدينة جنين (فيد ...
- الحرس الثوري الإيراني يكشف عن صاروخ كروز البحري بمدى يتجاوز ...
- طالبة صينية أول ضحية لقانون ترامب بترحيل الطلاب المؤيدين لفل ...
- ترامب يأمر بتوجيه -ضربة دقيقة- لاستهداف أحد زعماء -داعش-


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - قصيدة بارمينيدس