سعد السعيدي
الحوار المتمدن-العدد: 7847 - 2024 / 1 / 5 - 18:54
المحور:
القضية الفلسطينية
في شهر شباط من العام 2022 قدم رئيس الوزراء الهولندي مارك روتة الى الشعب الاندونيسي اعمق اعتذاره عن اعمال العنف القمعية المنهجية التي قام بها جيش بلاده خلال فترة حرب الاستقلال الاندونيسية بين الاعوام 1945 – 1946. وقد سمى رئيس الوزراء اعمال العنف القمعية تلك بالحرب الاستعمارية. وكان ملك هولندا قد سبق رئيس الوزراء في الاعتذار رسميا الى الاندونيسيين. فهو كان قد قدم اعتذاره خلال زيارة له لاندونيسيا سنتين قبل اعتذار رئيس الحكومة روتة. وكانت اندونيسيا ترزح تحت الاستعمار الهولندي منذ القرن السادس عشر.
بعد هذين الاعتذارين قام نفس رئيس الحكومة وفي نهاية نفس ذلك العام بتقديم اعتذار رسمي ثان باسم الحكومة الهولندية الى فئة الهولنديين المنحدرين من أصول افريقية عن تصرف الحكومات الهولندية حول ماضيها في العبودية وتجارة الرق. ثم تبعه ملك هولندا بعد ذلك بستة اشهر في تقديم الاعتذار عن ذلك الماضي. وقد سمى الملك تلك الممارسات بالجريمة ضد الانسانية.
بعد انطلاق معركة طوفان الاقصى قبل ثلاث شهور عبر رئيس الحكومة مارك روتة مع الكثير من دول العالم الغربي عن دعمه للكيان الصهيوني وندد بنفس الوقت بالهجوم الفلسطيني. وقد برر تصرفه في دعم الكيان بحق الاخير في الدفاع عن نفسه ! وهو الموقف الذي تكرره هولندا منذ إنشاء ذلك الكيان وممارساته الاجرامية.
السؤال الذي سيأتي هو متى ستقدم هولندا اعتذارا مشابها للفلسطينيين عن دعمها لهذا الكيان الارهابي ؟
للتذكير يرزح الفلسطينيون منذ منتصف القرن الماضي تحت سيطرة نظام استعماري ارهابي مدعوم من قوى الغرب كلها احدها هولندا. وفي كل مرة تقوم دولة الكيان الصهيوني المسماة باسرائيل بالتجاوز على حقوق الفلسطينيين في العيش بارضهم سواء بسرقتها وطرد سكانها او اعتقالهم وفقا لاوامر تعسفية وكيفية او تدنيس مقدساتهم تشيح هولندا الرسمية بوجهها الى الجهة الاخرى ولا تصدر ادنى تصريح بالادانة. وحتى على العكس فانها تقوم بدعم دولة الكيان الغاصب سواء عندها محليا لدى منعها نشاطات مقاطعة بضائع الكيان او في مجلس الامن الدولي.
نحن نرى وقطعا لسنا الوحيدين بوجوب تقديم هولندا الاعتذار للفلسطينيين ايضا اسوة بالسابقتين الآنفتين. ولا نجد احسن من الوقت الحالي في تقديم هذا الاعتذار ومعه ايقاف كل اشكال الدعم لدولة الكيان العنصري ومساعدة الفلسطينيين على انشاء دولتهم حسب ما يرتؤون. إذ لا يستوي تقديم الاعتذار مع استمرار هذا الدعم. وفي حال عدم تقديمه يكون من حقنا التساؤل عن مصداقية المسؤولين الهولنديين لدى تقديم اعتذاراتهم السابقة للشعوب والفئات الآنفة عندما نرى تعمدهم الاستمرار في دعم استعمارا استيطانيا وطرد شعب من ارضه. فما تكون اسباب ازدواجية المعايير هنا ؟ من جهة شعوب وفئات لها حق الحصول على اعتذار رسمي واخرى لا يحق لها وهذا مع تشابه الاوضاع من استعمار اجنبي واوضاع غير انسانية وجرائم حرب متتالية ؟
ننتظر الجواب من المسؤولين الهولنديين...
#سعد_السعيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟