أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاتف بشبوش - سليم يوسف ـ هاتف بشبوش ـ ثكنات عسكرية وإعدام11















المزيد.....


سليم يوسف ـ هاتف بشبوش ـ ثكنات عسكرية وإعدام11


هاتف بشبوش

الحوار المتمدن-العدد: 7846 - 2024 / 1 / 4 - 14:24
المحور: الادب والفن
    


الثكنات وما أدراك ماهي ، تلك التي لعبت طابة ً بعبقري الشعر ( رامبو) ، ولسوء حظه خّلقَ وسيما جذابا ، وكل من يراه من نفوسِ مريضةٍ يرمي أحابيله عليه ، أو على غرار أبي نؤاس حين طلب منه أحد الوزراء أن يقول من جميل كلامه على إبنه كثناءٍ وتحميد فقال مازحا على جمال هذا الصبي : ( بأبي أنتَ من بديعِ جمالٍ / فاق حِسن الوجوه / حَسّنٌ قفاكا / خّلق َالناس كي يسوسوا أموراً قلّدوها / وأنتَ كي ما تناكا).
في تلك الثكنات العسكرية الفرنسية حصل الذي حصل من إعتداءٍ وإغتصابٍ للشرف الرصين للشاعر العظيم رامبو . أما الثكنات في زمن المجرم صدام حسين ومابها من إهانة للجندي العراقي فلايمكن حصرها بألمٍ وخوفٍ وقهر لأن الجميع كان يائسا من أن ينفذ بجلده من عذابات الحرب والسلوك المجرم لضباطنا إتجاه الجندي العراقي . تلك الثكنات الجحيم جمعتني مع الصديق التربوي الفاضل (سليم يوسف الخزعلي) بأسمى علاقات الوفاء التي إمتدت حتى هذا اليوم وفي كل مرة نتذكر تلك الثكنات وضباطها الساديين في أغلبهم ، أولئك الذين كنا نسمع عنهم من إذاعة إسرائيل والتي كانت تقول : (إذا أردت أن تكون ملكا فكن ضابطا في الجيش العراقي). حينها لم أكن أفهم المعنى ، حتى دخلت الخدمة الإلزامية فعرفت هذه الكلمات بمعانيها الحقيقية فوجدت نفسي خادما لضباط ملوكٍ ساقطين ومجرمين الاّ ما ندر منهم ، وجدت نفسي ذليلا مهانا ولست خادما للوطن . في هذه الرفقة مع الصديق سليم ، كان حينها مستقلا لاينتمي لأي حزب الا أنه مثفف بارعٌ له من الكاريزما التي يحسد عليها، فيضنه البعض شيوعياً ولازال على الدرب أديبا مبدعا معطاءاً . أما أنا فكنت شيوعياً سابقاً لكن التهمة لم تغادرني أبدا ولحقتْ بي للجيش بكل أوزارها.الثكنات عبارة عن سجن والكل يخاف الكل وعليك أن تعرف مع من تتكلّم ، وكنا كلنا خانعين ، صبورين لخوفنا الرهيب آنذاك من نظام بوليسيٍ جاثم ، خوفنا الذي يجعل منا قادرين على التحمل والتجاوز والإهانة كي تستمر الحياة وتستمر . ولذلك كنا أنا والأستاذ سليم بأقصى غايات الحذر فكنا نتهامس بحقدنا على البعث مع بعضنا للتنفيس عن أرواحنا المظلومة والمقهورة والخائفة على الدوام تاركين أفراد الثكنة لاهين بأهوائهم . وهنا بطبيعة الحال والنظام المخابراتي وقسوته يتلصص وينصب الكمائن لهكذا شخصيين مبهمين . في يوم أسود مقيت كان لنا نائب ضابط شريف من الديوانية (حمزة) أخذ يشتم الرئيس والنظام دون أن يهاب أي شيء فالبعض من الجنود إتخذوا الصمت دون تعقيب لمعرفتهم بالمصير القاتل الا وهو الإعدام من هكذا أحاديث . وإذا بجندي حقير في رعيلنا (عبد الرضا) كان وكيلا للآمن فسجل الحديث بكامله على كاسيت يحمله في جيبه . وفي الصباح الباكر من اليوم التالي ساقوا(حمزة) بسيارة مجهولة ولم يعد وعرفنا أنه أعدم رحمه الله . وتم إستجواب أغلب الرعيل في الأمن العامة في بغداد الاّ نحن أنا وسليم بسبب حظنا الجميل وقتها لآننا لم نتفوّه بأي حرف فلم تظهر أصواتنا في الكاسيت . أما وكيل الأمن (عبدالرضا) فمات بعجزٍ كلويٍ بعد سنتين من الحادث غير مأسوف عليه . وبعدها بدأت العيون تتلصص علينا أنا وسليم وتنقل أخبار تهامسنا الى الاستخبارات.أما العقوبات فتأتينا من دون سبب من قبل الضبّاط لإستفزازنا بأساليب لايمكن أن تحدث الاّ في الروايات على غرار رواية (السيد الرئيس) الحائزة على جائزة نوبل لكاتبها (ميغل استورياس)عام1946 وهذه تتحدث عن الديكتاتور( مانويل كابريرا) الذي حكم غواتيمالا عشرين عام ، ولم تدخل هذه الرواية الى الوطن العربي حتى عام 1985 لان سردها ينطبق على طغاة العرب ، حيث نقرأ في بعض تفاصيلها كيف يتم تحطيم السجين بأساليب تجعل منه منهاراً وتضعف قواه ويموت بحسرة والم بناءاً على تقارير وهمية مثلما حصل لنا أنا وسليم وكيف كتب ضابط أمن الوحدة بتقريره الذي سيوصلنا الى منصة الإعدام لولا ضابط شريف(النقيب نعيم) من أهالي مدينة الإستاذ سليم ( ميسان الجنوب العراقي) فحشر نفسه في الموضوع وأنقذنا من فكي الموت المطبق علينا بين قاب قوسين وأدنى، وهذا الضابط تبيّن فيما بعد هو الآخر قد إكتوى من نار البعث وطُرد من الجيش لأسباب تتعلق بالشك من ولائه لسلك الجيش وإجرام البعث وأسباب أخرى لا أعرفها . وبعد سنين طويلة عثرعليه (سليم) في بغداد يعمل في دكانة لبيع الأدوات الإحتياطية للسيارات وقد روى له تفاصيل إعدامنا لولا تدخله في الوقت المناسب والحظ الذي يلعب دوره أحيانا في إنقاذ النفس البشرية البريئة . والأنكى من ذلك كان الإعدام يتم في الوحدةٍ ذاتها رمياً بالرصاص،وكلانا أنا وسليم شهدنا الإعدام في وحدتنا لصديقنا الجندي الهارب وإسمه للغرابة العجيبة ( صدام) وحينها قلنا ياليتنا نشهد إعدام رئيسنا المجرم( صدام حسين )، وعمر الشاقي باقي الذي سمح لنا برؤية صدام المجرم معلقاً في مشنقته.وتمرالأيام وبعد إن وضعوا مسألة إعدامنا تحت التريث ، وإذا بسليم يحالفه الحظ ويتسرح من الجيش إنتداباً لحاجتهم إليه كمعلم تربوي، أما أنا فقد أرسلوني الى إستخبارات الشعبة الخامسة في الكاظمية وهناك الموت بعينه لكنهم إكتفوا بنقلي الى الخطوط الأمامية ، ويعني أنهم أرسلوني الى الموت العسكري بقذيفةٍ أو رصاصة ، بدلاً من إعدامي . لكنني لازلت على قيد الحياة مع سليم وكلانا يردد ( أنا هنا أيها السفلة ) وهي كلمات مقتبسة من فيلم (الفراشة) الجميل للمثلين العظيمين (داستين هوفمان) و(ستيف ماكوين) والذي يتناول الحرية والخلاص من السجون . واليوم نتذكر ( أنا وسليم ) ماكنا نسخر به في الثكنات وفي أحد فوازيرنا للضحك والسخرية على خال صدام حسين المجرم ( خير الله طلفاح) ، فكان سليم حين يجلب مؤونتنا من فاكهة التفاح فيقول لي : هاتف / اليوم ( خيرمن الله تفاح ) ويكررها أكثر من مرة وبصوت عالٍ يسمعه الجميع مع مد الكلمة بصوت مستمر فيقول ( خير ، خير من الله تفااااااااااااح) ، وأنا أرددها معه فيضحك معنا جميع الجنود دون أن يفهموا المعنى . وذات يوم إنتقلت وحدتنا الى مكان آخر مغبر ومن شدة التعب والإرهاق والقهر كان يتوجب عليّ أن أجلب الطعام ( القصعة) فلم أجد صحناً أو آنية أضع بها الطعام فتناولت (الإبريق) الذي نذهب به الى التواليت ونظفته قليلا ووضعت به المرق والرز وقلت لرفاقي الجنود : تفضلوا هذا ما أنعم به الله عليكم لهذا اليوم . وإذا بالإستاذ سليم يقهقه قهقهة عالية أتذكرها حتى هذه اللحظة ويقول : كيف دبّرتها ياهاتف ( قصعة بالبريج ) وظلّت هذه هادرة مع الأيام وكلما أتصل به يقول( قصعة بالبريج). إنتهت ثكنات صدام وبقي كل من هاتف وسليم بالروح الحرة الكريمة التي نطقها (فرانكو نيرو) في نهاية فيلمه الشهير(كيوما) حين قالت له المرأة العجوز : الى متى ستبقى بترحالك ، أما تخاف الموت ياكيوما ؟ أجابها بكل تحدّيه : لا ، أنا لا أموت لأنني حر ، والرجل الحر لايموت أبدا .
هاتف بشبوش / شاعر وناقد عراقي



#هاتف_بشبوش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رياض محمد ، بين جاذبيةِ الألمِ وباب الورد..جزءٌ ثانٍ
- ريم البياتي ـ سيناريو الشعرِ، وملحمة ُالقصيد111
- رياض محمد ، بين جاذبيةِ الألمِ وباب الورد..جزءٌ أول
- المجرم عبد الرزاق عبدالواحد..شاعر المنائكة!!!
- حُبُّ كبارِالعُمر!!..
- 11محمد فرج المعالي ، وفن توليد الفكرة ..جزء أول
- تأبينية الشيوعي الراحل ، الشاعر خلدون جاويد..11
- 333 ثيودورديستويفسكي بعيون فريدريك نيتشة
- 222عبد السادة البصري .. رسالة من تحت الماء
- 111الفيلسوف والشاعرالدنماركي ( سورين كيركغارد) ..
- // إلى أُمّي
- 11 ضيافة
- 11 من المستحيلِ إرضاءُ النساء ..
- 11قلوبٌ إرجوانية جريحة ..
- 11الجيكولو في المسلسل السوري ، جرعة خيانة ..
- 11كيفَ حالها سوريا / الى صديقي أبي بان
- 11وفاء عبد الرزاق في براحِ نصّين شعبيين ..
- 111الى صديقي ، ناهض مظهر الغريري ..
- 11منتدى بانياس الثقافي / سوريا
- سوريا / قسمين / اللاذقية


المزيد.....




- -الناقد الأكثر عدوانية للإسلام في التاريخ-.. من هو السعودي ا ...
- الفنان جمال سليمان يوجه دعوة للسوريين ويعلق على أنباء نيته ا ...
- الأمم المتحدة: نطالب الدول بعدم التعاطي مع الروايات الإسرائي ...
- -تسجيلات- بولص آدم.. تاريخ جيل عراقي بين مدينتين
- كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل ...
- السكك الحديدية الأوكرانية تزيل اللغة الروسية من تذاكر القطار ...
- مهرجان -بين ثقافتين- .. انعكاس لجلسة محمد بن سلمان والسوداني ...
- تردد قناة عمو يزيد الجديد 2025 بعد اخر تحديث من ادارة القناة ...
- “Siyah Kalp“ مسلسل قلب اسود الحلقة 14 مترجمة بجودة عالية قصة ...
- اللسان والإنسان.. دعوة لتيسير تعلم العربية عبر الذكاء الاصطن ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاتف بشبوش - سليم يوسف ـ هاتف بشبوش ـ ثكنات عسكرية وإعدام11