النفط : لم يبتهج بتمني كل عام وانت بخير.

أثير حداد

الحوار المتمدن-العدد: 7843 - 2024 / 1 / 1 - 20:52
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    

مع اقتراب عام 2023 لنهايته، انخفضت اسعار النفط الخام عالميا بنسبة 5% لتصل الى ادنى مستوياتها منذ 4 أشهر، حيث بلغت اسعار النفط الخام للعقود الاجلة لبرنت 77.45 دولارا للبرميل، بينما بلغت اسعار نفط غرب تكساس 72.99 دولار للبرميل.
وانني اسعى هنا لتوضيح اسباب هذا الانخفاض، ولابد من اعتماد منهج تحليل جانبي السوق، اي العرض والطلب.
ولكن قد يتبادر لذهن البعض التسائل التالي: ما هو تاثير العوامل السياسية اذن؟ وبالاخص كون النفط، لحد يومنا الحالي، سلعة ستراتيجية عالمية. هذا من جهة، ومن جهة اخرى فان تكاليف النفط تدخل في تكاليف انتاج جميع السلع والخدمات، حتى تلك التي هي ابسط سلعة، والمقصود بها سلعة الخبز. منذ ثمانينيات القرن الماضي بدات حساسية النفط للعوامل السياسية بالتناقص. وهذا لا يعني انها زالت، بل انها وبالمقارنة مع تلك الحساسية في سبعينيات القرن الماضي فانها اقل منها بكثير، واليوم ايضا ازداد تناقص تلك الحساسية، وهذا ما ستحاول هذه الورقة الاجابة عليها.
جانب الطلب
تمثل الصين والهند اكبر مستوردي النفط الخام في العالم، ثم تليها العديد من البلدان الاقل طلبا من ناحية الكميات، وبالتالي ينخفض تاثيرها على حجم الطلب العالمي للنفط الخام . الا ان هناك توقع ان الاقتصاد الصيني سيواجه انخفاضا في نموه بنسبة 5%، مما سيؤدي الى انخفاض الطلب الصيني على النفط الخام. لهذا نرى ان من يتاثر اكثر من العقود النفطية هو العقود الاجلة، لانها تسليم مستقبلي. بمعنى اخر انها تمثل التوقعات المستقبلية للوضع الاقتصادي.
اما عن الهند فان التوقعات تشير ايضا الى تباطئها الاقتصادي ولكن بدرجات اقل من الصين.
من اكبر القطاعات الاقتصادية استهلاكا للطاقة النفطية هو قطاع النقل، البري (سيارات و قاطرات ) ونقل جوي وبحري. وهذا القطاع يشاهد تغيرات جوهرية في استهلاكه للطاقة.
وقبل الدخول في حيثيات العرض، اعتقد ان من الضروري التطرق للوضع العالمي خلال الفترة الماضية، لاعتقادي بان ذلك يوفر صورة افضل لضعف تاثير جانب العرض و الى انخفاض حساسية النفط للعامل السياسي، وساقدم ذلك باختصار شديد.
اجتاحت العالم وباء كورونا وادى ذلك الى التباطئ في الطلب على النقل الجوي. الحرب الروسية الاوكرانية وتاثيرها على قطاعات اقتصادية واسعة في اوربا، بالاخص، عدا قطاع الصناعات النفطيه.
الاحداث في قطاع غزه واحتمالات تطور ذلك الى عدم استقرار المنطقة. الحروب في السودان. تهديدات الحوثيين للملاحة لاحد اهم الممرات المائية في العالم .
الى جانب ذلك فان التباطئ الاقتصادي والركود الاقتصادي العالمي وارتفاع اسعار الفائدة في الولايات المتحدة كل تلك العوامل تؤثر سلبا على كميات الطلب على النفط عالميا.
جانب الانتاج .
تمثل منظمة الاوبك بلص اهم منتج للنفط الخام، حيث تستحل السعودية و روسيا كاكبر منتجي للنفط الخام عالميا. وحاولت هذه المنظمة، تقليص حجم انتاجها النفطي من اجل تخفيض حجم العرض النفطي عالميا. الا ان، واشدد هنا على الا ان :
دخول البرازيل كمنتج للنفط الخام وكذلك كواتيمالا اثر على زيادة حجم المعروض من النفط الخام عالميا. وكذلك خروج انغولا من الاوبك والتي تعتبر احد المؤسسين للاوبك. وقد جاء خروجها احتجاجا على حصص تخفيض الانتاج من قبل الاعضاء.
نفط غرب تكسس ـ الولايات المتحدة الامريكية. كان انتاج النفط من هذه المنطقة بحجم غير مؤثر عالميا، والاسبب في ذلك هو ارتفاع تكاليف الانتاج في هذه الحقول،. الا ان ارتفاع اسعار النفط لما يفوق ال 70 دولار للبرميل شجع الى زيادة الاستثمارات في هذه الحقول، مما ادى الى تخفيض تكاليف الانتاج في حقول تكساس وبالتالي زيادة انتاجها الذي يقدر حاليا ب 12 مليون برميل يوميا، مما وضع الولايات المتحدة لتصبح اكبر منتج للنفط الخام عالميا، وبالتالي تقليص اعتمادها على النفوط المستوردة. وتشير بعض المصادر ان الولايات المتحدة تصدر عالميا ما مقداره 2 مليون برميل يوميا . وعلى كل حال ان صدرت او ابقت نفطها للاستهلاك الداخلي، فان تلك الكميات لا تسحب من الاسواق العالمية.
اذن فان 2024 ستكون سنة حذر لمنظة الاوبك، بل ولربما ستكون الامتحان الاصعب لها. وقد حذرت في مقارلات سابقه على الحوار المتمدن بان ارتفاع اسعار النفط لما فوق 70 دولار للبرميل سيشكل عامل خطر ليس اني فقط بل على مستقبل الاوبك لانه يسمح لدخول منتجين عده كانوا لايستطيعون ذلك لاتفاع تكاليف انتاج النفط في حقولهم النفطية، الا ان الاوان قد فات لان الاستثمارات في الحقول النفطية اوجدت مجالات وطرق جديدة لتخفيض تكاليف انتاج البرميل النفطي.

#أثير_حداد (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات