|
هل تختلف فكرة الحياة عن فكرة الزمن ، كيف ولماذا ؟!
حسين عجيب
الحوار المتمدن-العدد: 7843 - 2024 / 1 / 1 - 12:21
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
هل تختلف فكرة الزمن عن فكرة الحياة ، أم هي نفسها لديك ؟! ( لا يمكن معرفة الزمن إلا بدلالة الحياة ، والعكس صحيح أيضا ) 1 حدد أرسطو الزمن بفكرة " السابق واللاحق ، وبينهما الأبدية " . حدث ذلك قبل أكثر من 22 قرنا ، وما يزال موقف أرسطو من الزمن أكثر وضوحا من موقف نيوتن ، ومن موقف أينشتاين ، ومن موقف القارئ _ة الحالي ( 2023 _ 2099 ) ....وبعدها أيضا ، كما أعتقد . أعرف هذا من موقفي الشخصي ، حتى اليوم تصدمني الكتابات عن الزمن ، والتناقض لدى الفيزيائيين والفلاسفة ومترجميهم _ ن بنفس الدرجة في العربية وغيرها . المثال النموذجي فكرة أينشتاين عن الزمن ، والتي تتبناها الثقافة العالمية الحالية وتعتبرها حقيقة علمية " الزمن نسبي ويتغير بحسب السرعة والكتلة ، ويختلف بين مراقب وآخر " : هذه الفكرة تقفز فوق _ أو تتجاهل _ مشكلة طبيعة الزمن وماهيته ، وتفترض أن له وجوده الموضوعي والمستقل عن الوقت ( الزمن المحدد موضوعيا والذي تقيسه الساعة ) . وترفض الفرضية المقابلة بدون تفسير علمي أو تبرير منطقي ، والتي تعتبر ان الزمن فكرة إنسانية ، وهو فقط ما تقيسه الساعة . إذ من غير المعقول القول : أن الفكرة الذهنية تتمدد وتتقلص ، بحسب السرعة ، وتتغير بين مراقب وآخر ! ( وهذا في الحقيقة موقف اينشتاين ، المتناقض غالبا ) . مثال آخر وخطأ ، على ذلك تقع فيه يمنى طريف الخولي ، وهي كما أعتقد من أفضل من كتب _ ت أو ترجم _ ت عن فكرة الزمن في العربية . ( بصراحة أعتبرها الأفضل ، بين جميع من قرأت لهم _ن ، وحتى تاريخه ) . من كتاب الزمان في الفلسفة والعلم ، يمنى طريف الخولي : " كل هذه المتغيرات المتحركة في تحديد الزمان ، والتي تجعل حادثا بعينه ماضيا لمشاهد ومستقبلا لمشاهد آخر ، نجم عنها ما يعرف بالتآني ، أي استحالة الحكم بأن حدثا وقع قبل أو بعد الآخر ..." ص 79 من الكتاب . الأصل والمصدر موقف اينشتاين المعروف من : عدم إمكانية التمييز بين الماضي والمستقبل . ويكمل بعده ستيفن هوكينغ ، في كتاب تاريخ موجز للزمن ، أيضا كارلو روفيللي في كتاب نظام الزمن ، الفكرة ، وتكرار السؤال نفسه : لماذا نتذكر الماضي ولا نتذكر المستقبل ؟ أعتقد أن هذا تفكير سطحي وعجول ، غير علمي وغير منطقي بالطبع . وهو الموقف السائد في الثقافة العالمية كلها ، من بدايات القرن العشرين . ( المفارقة والمغالطة معا ، في فكرة عودة الماضي أو المستقبل ، الزمن أو الحياة ، ... قبل معرفة العلاقة العكسية بين حركتي الحياة والزمن ، يكون الموقف العقلي في حالة عشوائية تصل إلى درجة التناقض المباشر ) . .... اللاحق والسابق والحاضر ، تقسيم أرسطو هو سبب المشكلة . ويضاف إلى ذلك المشكلة اللغوية ( المشتركة بين جميع اللغات ) حيث نقص المفردات والمفاهيم الخاصة بالزمن والحياة مشكلة أساسية ، تعترض فهم فكرة الزمن ، وخاصة العلاقة بين الزمن والحياة ، والعلاقة بين الماضي والمستقبل . لا يكفي التصنيف الثلاثي ، لحل مشكلة الزمن ، ولا غيرها . اللاحق أو المستقبل كلمة مركبة ، لا تصلح لمفهوم ولا كمصطلح بالطبع . مثلها مصطلحات الماضي ، أو الحاضر . هي كلمات لم تعد تصلح للتعبير عن أشياء أو موضوعات محددة بشكل منطقي ودقيق . مثال مباشر : اليوم الحالي ، كلمة مركبة أيضا . ( ونفس المشكلة تتكرر في مختلف اللغات ، بلا استثناء ) . اليوم الحالي ، يتضمن اليوم الذي تكتب فيه هذه الكلمات ، بالإضافة إلى اختلاف يوم القراءة . لكن ، ذلك لا يعني أن اليوم الحالي يمكن أن يصير في المستقبل . ( هذا خطأ ، كان اينشتاين ، ومعه كل من ذكرتهم يعتقدون مثل روايات الخيال العلمي بفكرة السفر في الزمن ، وبأنها فكرة منطقية بالفعل ) . 2 الخطأ المشترك في الثقافة العالمية ، بلا استثناء ، يتمثل بإنكار الحركة المزدوجة ، أو الثنائية العكسية بين حركتي الحياة والزمن ، وهي ظاهرة وتقبل الملاحظة والاختبار والتعميم بلا استثناء ! والحركة الثلاثية ظاهرة أيضا ، حيث يبدأ سهم الزمن من المستقبل والحياة تبدأ من الماضي ( أو سهم الحياة يبدأ من الماضي ) . بينما يبدأ سهم المكان من الحاضر ، ويتحرك في الحاضر فقط . كما يوجد خطأ آخر ، مشترك أيضا يتمثل في اهمال الحركة الموضوعية للحياة ، أو حركة التقدم في العمر ، واعتبار الحركة الذاتية للفرد تمثل حركة الحياة الحقيقية كلها ! هذا خطأ ، ما يزال ساريا في الثقافة العالمية ، في العربية وغيرها بلا استثناء . ( وهو محور أحجيات زينون ) . بعد فهم هذه الأخطاء يتغير الموقف العقلي بسهولة ، ومرونة . نفس الحدث يبدو لمراقب في الماضي ولمراقب آخر يبدو في المستقبل ؟! هذا الخطأ الأساسي في تفكير اينشتاين ، وموقفه من فكرة الزمن . ومعه موقف الثقافة العالمية كلها بشكل عام ، ذلك خطأ ومغالطة سببها طريقة تفكير اينشتاين في مشكلة الزمن ، وخاصة العلاقة بين المراحل الثلاثة الحاضر والماضي والمستقبل . حركة الزمن تناقصية فقط ، وتعاكس الحركة الموضوعية للحياة بطبيعتها . كانت الساعة الرملية تمثلها بشكل صحيح ومناسب ، بينما حركة الساعات الحالية هي تعاكس حركة الزمن ( تمثل حركة الحياة الموضوعية ، مثالها التقدم في العمر ) . فهم هذه الأفكار ، الجديدة بغالبيتها ، يزيل التشوش العقلي تجاه فكرة الزمن . اليوم الحالي كمثال ، يمثل الحاضر بالنسبة لجميع الأحياء ، بكل مكوناته وحدوده وحركاته . بينما يوم الغد يمثل المستقبل ، بالنسبة للأحياء و الموتى أيضا ( فقط ) . لكن بالنسبة لمن لم يولدوا بعد ، سيكون اليوم الحالي ( ومعه يوم الغد المباشر بعد 24 ساعة ) في الماضي ولا يمكن أن يكون في المستقبل . هذا مثال مباشر على خطأ تفكير يمنى طريف الخولي كمثال للمترجمين _ ات العرب . والخطأ في موقف أينشتاين بالأصل من فكرة الزمن ، كان يعتقد أن اتجاه مرور الزمن غير محدد ، وهو يمكن أن يحدث في مختلف الاتجاهات . أكتفي بهذا القدر من جوانب الاختلاف بين موقف النظرية الجديدة وبين موقف الثقافة السائدة في العربية وغيرها . وسأكمل عرض بقية الاختلافات مع الثقافة السائدة ، خلال الفصول القادمة . 3 هل يمكن التمييز بين الماضي والمستقبل ، أيضا بين الزمن والحياة ، بشكل منطقي وموضوعي معا ؟! الجواب لا ، جواب اينشتاين وكارلو روفيللي ورولان أومنيس وستيفن هوكينغ ومترجميهم _ ن ، وهو غلط كما أعتقد . الجواب نعم ، جوانب نيوتن كما أفهم موقفه من ( مشكلة الزمن ) وأعتقد أنه صحيح في الحالة الخاصة ، حين يكون الحاضر أصغر ما يمكن . وهو يتوضح بعد تكشف المغالطة والمفارقة معا ، التي ينطوي عليها موقف اينشتاين : ماضي الحياة يحدث أولا ، وسابقا . بينما ماضي الزمن يحدث في المرحلة الثالثة ، والأخيرة . وهذا ما فهمه رياض الصالح الحسين ، بطريقة غير معروفة . ( وسوف تبقى مجهولة ، ولغز ، ربما يفسره حدس الشاعر ؟! ) . .... يمكن التمييز بين الماضي والمستقبل ، بشكل سهل ومنطقي وتجريبي معا ، بدلالة الحياة والزمن معا دفعة واحدة . ( في الحاضر ، بشكل خاص ، لا يمكن الفصل بين الحياة والزمن ، إلا بشكل نظري ، وافتراضي ومؤقت ) . الماضي يوجد بالأثر ، داخلنا ، في داخل الأرض والكائنات الحية . المستقبل يوجد بالقوة ، خارجنا ، خارج الأرض والكائنات الحية . والحاضر ، فقط ، يوجد بالفعل . تفسير ذلك بشكل موضوعي ودقيق بنفس الوقت ، ظاهرة الانقراض حيث يختفي المستقبل والماضي معا _ دفعة واحدة _ مع الحاضر أيضا . أعتقد أن هذا السبب يفسر اكتشافنا ( في الثقافة العربية قبل غيرها ، وهذا حدث غير مسبوق خلال أكثر من الف سنة ) لاتجاه حركة مرور الزمن ، في الثقافة العربية : رياض الصالح الحسين ويمنى طريف الخولي وحسين عجيب كاتب النظرية الجديدة . لكوننا كائنات منقرضة ثقافيا ، او في طور الانقراض الثقافي بالفعل ، وهذا ما حرضنا بشكل غريزي على الاهتمام بمشكلة الزمن ، والبحث بشكل محموم في طبيعة الزمن ، ثم اكتشاف اتجاه حركة مرور الزمن ( أو الوقت ) والعلاقة بين الزمن والحياة خاصة . لو كان كتاب " الزمان في الفلسفة والعلم " باللغة الإنكليزية ، لترجم إلى عشرات اللغات كما يستحق . ولو كانت قصيدة رياض ... " الغد يتحول إلى اليوم واليوم يصير الأمس وانا بلهفة أنتظر الغد الجديد " لو كانت هذه القصيدة مكتوبة بإحدى اللغات الحية ، الإنكليزية مثلا ، لكانت مترجمة لعشرات اللغات . ولما كان يقال عنها ( قفشة شعرية ) بخفة وطيش ، أو بغيرة وحسد . .... مقارنة سريعة بين كتاب ستيفن هوكينغ " تاريخ موجز للزمن " مع كتاب الزمان في الفلسفة والعلم : الأول ، يتجاهل مشكلة الزمن في الفلسفة والعلم ، وهو الموضوع الأساسي للكتاب ، ويستبدل ذلك بالكلام عن مجال اختصاص الكاتب في الفيزياء الحديثة . ويفترض ، بشكل غير مسؤول وغير مبرهن لا منطقيا ولا تجريبيا بالطبع : أن مشكلة الزمن قد حلها اينشتاين بشكل نهائي وانتهى الأمر ! بينما توضح الكاتبة ، عبر كتاب " الزمان في الفلسفة والعلم " ، أن مشكلة الزمن تحولت إلى إشكالية في الفلسفة والعلم ، وما تزال بعيدة عن الحل . وخاصة العلاقة بين الماضي والمستقبل ، أيضا مشكلة الحاضر ؟! وربما تبقى مشكلة الزمن ، أو الوقت : طبيعته وحدوده ومكوناته مجهولة طوال هذا القرن ، وما بعده أيضا ؟! .... خاتمة مختصرة نيوتن أبدع فكرة الزمن الموضوعي والمطلق ، واينشتاين أبدع فكرة الزمن النسبي والمتغير ، والشاعر رياض الصالح الحسين أبدع فكرة أن الزمن يبدأ من المستقبل ، وليس من الماضي كما نشعر ونعتقد .... بالإضافة إلى مساهمة يمنى طريف الخولي المهمة ، بتحديد مشكلة الزمن ، التي تحولت إلى إشكالية ، عبر كتاب " الزمان في الفلسفة والعلم " . الشكر والتقدير لكل من تهتم أو يهتم بمشكلة الزمن ... والتي سترافقنا طاول هذا القرن أيضا ؟! ....
#حسين_عجيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مقدمة ، مع بعض الأفكار الجديدة
-
الثلاثية _ المسودات والهوامش
-
الثلاثية _ المسودة الأخيرة
-
اشكالية الزمن _ مسودة 3
-
اشكالية الزمن _ مسودة 2
-
الثلاثية _ المسودة 1
-
نقد كتاب الزمان في الفلسفة والعلم ( للدكتورة يمنى طريف الخول
...
-
لا تنظر بعيدا ....
-
قراءة ثانية لكتاب الزمان في الفلسفة والعلم
-
الثلاثية _ المقدمة مع الفصل الأول
-
مقدمة الثلاثية _ مشروع السنة الجديدة
-
نقد كتاب الزمان في الفلسفة والعلم ( للدكتورة يمنى طريف الخول
...
-
مشروع السنة الجديدة _ عشر أسئلة أساسية حول فكرة الزمن
-
فكرة جديدة ، ومتجددة / للمناقشة ....2
-
الورطة _ الدفتر الثاني مع الخاتمة
-
الورطة _ الخاتمة
-
كيف يصل الغد ؟!
-
مناقشة جديدة ، وتكملة لأنواع الزمن والحاضر خاصة ....
-
أنواع الزمن وأشكاله أو مراحله
-
البعد الخامس
المزيد.....
-
مسؤول مصري لـCNN: وفد حماس بالقاهرة الأسبوع المقبل لبحث المر
...
-
العراق.. تراجع عن مطلب خروج الأمريكيين
-
ضربة جديدة لحكومة ميلوني: إعادة 43 مهاجرا من ألبانيا إلى إيط
...
-
متظاهرون يتصدون لمحاولة طرد أحد المستأجرين من حيّ تاريخي في
...
-
51 مليون يورو .. بيع سيارة مرسيدس للسباقات تعود إلى الخمسينا
...
-
رئيس جمهورية بريدنيستروفيه: احتياطيات الفحم لتوليد الكهرباء
...
-
لافتات في غزة دعما لموقف السيسي ورفضا للتهجير على أنقاض الحر
...
-
الخارجية الروسية تؤكد أهمية عرض الممارسات الدموية للقوات الأ
...
-
-أمريكيون موتى-.. خبير يذكر ماسك بـ-الأهوال- التي رأتها القو
...
-
أسير محرر يعود إلى غزة ليكتشف مصرع زوجته وطفلته خلال الحرب (
...
المزيد.....
-
Express To Impress عبر لتؤثر
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التدريب الاستراتيجي مفاهيم وآفاق
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
Incoterms 2000 القواعد التجارية الدولية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
المزيد.....
|