|
الحزب الإلهي وأولى ثمار الحرب الأهلية
دلور ميقري
الحوار المتمدن-العدد: 1743 - 2006 / 11 / 23 - 10:52
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
لم يمض عامان حسب ، على إغتيال الوزير الأول ، رفيق الحريري ، إلا وجاء الدورُ الآن على بيير الجميّل ؛ أصغر وزراء حكومة الأغلبية اللبنانية . أصغرهم عمراً وأجلهم قدراً ، بصفة الشهادة المتواشجة منذ اللحظة مع إسمه . هيَ ذي إحدى الثمار الدموية للشجرة النخرة ، المتداعية ، والتي لا تريد أن تهوي إلى حضيضها قبل إفساد حقل منطقتنا برمته ؛ شجرة العائلة القرداحية ، الوراثية ، الملطخة بدماء قوافل متتالية من أبناء الشعبين السوري واللبناني . آثار خطى المجرم ، الجبان ، تقود جميعاً إلى جحور الظلام البعثية ، الأمنية ، التي ما تفتأ عن ترويع موطن الأرز خصوصاً ، ومباشرة ً بعيْدَ مهزلة التمديد للرئيس الدمية ؛ هذا المعيد لذاكرة التاريخ وظيفة متصرف جبل لبنان ، المعيّن من لدن الباب العالي ، العثماني ! . ولكي تكتمل مهزلته ، لم يجد رئيسُ الدولة الصوريّ هذا ، من حرج أخلاقيّ على الأقل ، برفضه مشروع المحكمة الدولية بشأن إغتيال الحريري ؛ المحكمة ، التي يُدرك هوَ وسيّده السوريّ ، وقبل الجميع ، منْ ستودي به الإدانة ، أحكامُها المبرمة . دمُ الحريري إذاً ، كان قرباناً لتلك المهزلة المبتليَ بها لبنان . وها هوَ دمُ الجميّل الإبن بدوره ، يضحي قرباناً للمحكمة المقبلة ، للحيلولة دون إنعقادها : إن فرط حكومة السنيورة ، عبْرَ إنسحاب وزراء الباب العالي ، كان خطوة أولى لذلك الجهد التخريبي . أما الخطوة التالية ، فشهدناها اليوم بإسقاط وزير الصناعة برصاص القتلة المأجورين .
لنصغ لخطاب زعيم الحزب الإلهي ، الذي حدد فيه ساعة الصفر للخراب القادم على لبنان : " الحكومة الحالية حتى عندما كنا فيها ، وبشكل أكبر بعد خروجنا ، لا يمكن إئتمانها على القرار السياسي " . طبعاً ، إنه يقصد حكومة الأغلبية النيابية برئاسة السنيورة . أما مشكلة سيّد المقاومة ذاك ، مع هذه الحكومة ؛ فهاهوَ يستطرد في خطابه ، موضحاً ماهيتها : " لأن مشكلتها الرئيسية هي أنها تلتزم قرارات وإملاءات الإدارة الأمريكية " . إننا هنا بحسب هذا القول الإتهاميّ ، غير الملتبس ، أمام المبرر الوطنيّ ـ كذا ـ المُساق لكل جريمة طالت رموز الإستقلال اللبناني ؛ منذ يوم تفجير موكب الرئيس الحريري . ألم يتبجّح زعيم حزب آيات الله هذا ، في أكثر من خطاب له من خطب الفتنة ، الفظة ، بأنه سيقطع أيدي ورأس كل من يتطاول على ما أسماه " سلاح المقاومة " ؟؟ وهاهيَ أحد الرؤوس ، المطلوبة ، تسقط على مذبح هذا السلاح المقاوم ؛ ما دام حسن نصر الله ، وبملء شدقه ، قال في خطابه الأخير موصفاً حكومة السنيورة : " غير الشرعية وغير الدستورية ، حكومة السفير جيفري فيلتمان " . فإذا كانت هذه حكومة السفير الأمريكي ببيروت ، لا حكومة الوطن الشرعية الدستورية ـ كما تخرّصَ زعيم الحزب الإلهي ؛ فما هيَ إذاً الموانع الوطنية والدينية والأخلاقية ، التي تحول دون إغتيال أركانها وأعضائها ؟؟
دعوة نصر الله رعيته ، المختارة ، لما أسماه " الجهوزية النفسية " قبيل النزول للشارع لإسقاط الحكومة ؛ هكذا دعوة ، تفصح جلياً عن نفسيته المريضة ، المهزوزة ، التي لا تجد إطمئناناً ـ كما هيَ حال أمثاله الفاشيين ـ إلا في غمرة الحروب والفوضى والإرهاب . فكم من المخاتلة الماكرة ، في خطابه ذاك ، الذي يدعي فيه وضعَ : " الخطوط الحمر ؛ الحرب الأهلية ، ضرب الإستقرار والسلم الأهلي ، التصادم والفتنة الداخلية " ؟؟ .. فهاهيَ الدماء الحمراء ، الفعلية الفاقعة ، للوزير بيير الجميّل ، تغمر تلك الخطوط الحمر ، المزعومة ، وعينيّ مدّعيها سواءً بسواء .. هاهيَ نذرُ الحرب الأهلية ، تدنو من موطن الأرز ، عبْرَ زعيق سيّد المقاومة ومشروعه ، البائس ، فيما ينعتُ بـ " حكومة الوحدة الوطنية " : فأيّ نفاق هذا ، بينما هوَ يزعقُ في خطاب حربه الجديدة ، الداخلية ، متهماً أركان الرابع عشر من آذار بالعمالة للأمريكيين والإسرائيليين ؛ هؤلاء الذين حالفهم لقرابة العامين في حكومة واحدة ، وقبل ذلك في قائمة إنتخابية موحّدة ؟؟ وجمهوره المختار ، الذي يخاطبه دوماً بكونه " أشرف الناس وأحفاد أطهر بيت " ؛ هذا الجمهور ، المغلق على عقله بإحكام الأقفال المذهبية ، وفي إمارته الطالبانية المترامية بين الجنوب والبقاع والضاحية : ألن ياتي اليوم ليسائله عن حجم الدمار والخراب والدم ، الذي ألحقه بالوطن بمغامرته الطائشة بعملية خطف الجنديين الإسرائيليين ، خصوصاً بعدما شاءت زلة لسانه ، عبر الأثير ، أن يعترف بـ : " عدم توقعنا حجم الردّ الإسرائيلي ، ولو كنا لندرك حجمه لما قمنا بتلك العملية " ؟؟ .. أم أنه خشية هكذا مساءلة ، أعدّ العدة لتحشيد هذا الجمهور ، المغلوب على أمره ، من أجل قذفه إلى شارع الحرب الأهلية ، خدمة لمشاريع الآخرين ؛ من الأسياد في قم والقرداحة .. ؟؟
ذكرني اليوم صديقي ، المقيم في ألمانية ، بما قلته له مساء أمس : من أنّ زيارة " معلم " الخارجية السورية إلى بغداد ، هو تغطية من نظامه على تدبير ما ، تخريبي ، في لبنان . ولم أكن الوحيد ، في تلك " النبوءة " . فالمراقبون لأحوال المنطقة ، خصوصاً فيما يتعلق بالتطورات اللبنانية الأخيرة ، كانوا يتوقعون أن دماء بريئة ستراق وأن ضحايا جديدة ستسقط . لقد كنا جميعاً ، وكما أراد سيّد المقاومة ، بكامل " الجهوزية النفسية " لتلقي الثمار الحمر المدمية ، العفنة ، لحربه الأهلية ، القادمة . ولأول مرة ، لا يبادر سياسيو حزب الله ـ كما إعتدنا منهم في هكذا حالات ـ إلى إتهام الصهاينة بعملية الإغتيال : ولوْ ، أمن المعقول ان تقتل إسرائيل عملاءها ؟! أما البوق البعثي ، الذي طلع على مشاهدي " الجزيرة " ، مثل عفريت القمقم ، فما كان عِظمُ ذكائه وهوَ يوزع بذاءاته على الزعماء اللبنانيين ، الإستقلاليين ، موحياً لمن يستمع لتهريفه ، بأنهم من قاموا بالجريمة الأخيرة لمنع الجماهير المقاومة من النزول للشارع . إنه تجل آخر ، للغباء الفاقع المُتلبّس فرعون النظام السوري ؛ هذا المشغول على مدار الساعة بإشعال الحرائق في المنطقة ؛ في لبنان وفلسطين والعراق ، من أجل أن يغطي دخانها على حريق التفجير المستهدف موكب الرئيس الحريري : وهوَ الحريق الذي سيأتي ، عاجلاً أو آجلاً ، على مقامه الرئاسي ، الإستبدادي ، الملطخ بالدم .
#دلور_ميقري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ناصر 56 : الأسطورة والواقع
-
رحلاتٌ إلى مَوطن الجرْمان 3 / 3
-
النظامُ القرداحيّ والقرون اللبنانيّة
-
رحلاتٌ إلى مَوطن الجرْمان 2 / 3
-
صدّام ؛ صورٌ شخصيّة للطاغيَة
-
مشاهدات : جولة في دمشق العثمانيين 2 / 2
-
مشاهدات : جولة في دمشق العثمانيين 1 / 2
-
رحلاتٌ إلى مَوطن الجرمَان 1 / 3
-
الحارَة ؛ بابُها وبشرُها
-
مشاهدات : جولة في دمشق صلاح الدين 2 / 2
-
زبير يوسف ؛ في منحَتِ الحَديد والتحدّي 2 / 2
-
مشاهدات : جولة في دمشق صلاح الدين 1 / 2
-
زبير يوسف ؛ منشدُ الأزمان القديمة
-
إسمُ الوردَة : ثيمة الجريمة في رواية لباموك
-
أورهان باموك والإشكالية التركية
-
معسكراتُ الأبَد : شمالٌ يبشّر بالقيامَة 2 / 2
-
العثمانيون والأرمن : الجينوسايد المتجدد
-
غزوة نوبل ، العربية
-
معسكراتُ الأبَد : إلتباسُ التاريخ والفنتاسيا
-
مقامُ المواطَنة ، سورياً
المزيد.....
-
بيونسيه تتوج مسيرتها بجائزة طال انتظارها ونانسي عجرم تطوي صف
...
-
فرنسا: هل ينجو بايرو من حجب الثقة؟
-
أمريكا - إسرائيل: أي حدود للتحالف بين ترامب ونتنياهو؟
-
بعد تبرعه بـ 100 مليار دولار للأعمال الخيرية، هل يترك بيل غي
...
-
شتاينماير يطالب من الرياض بإطلاق الرهائن وبتطبيق حل الدولتين
...
-
-مازلت متعطشا-.. نوير مستمر في حراسة عرين بايرن ميونيخ
-
ترامب يعلن رغبة بلاده في الحصول على المعادن من أوكرانيا مقاب
...
-
-زومبي من أجناس متعددة-.. زاخاروفا تعلق على عدم قدرة أوروبا
...
-
رئيس البرلمان البولندي يدعو أوروبا لتقليص الاعتماد على الولا
...
-
بيسكوف: لا يوجد أي تقدم في عملية تنظيم لقاء بوتين وترامب
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|