|
القانون السوري لا يحمي المغفلين ولا المبدعين
درويش محمى
الحوار المتمدن-العدد: 1742 - 2006 / 11 / 22 - 08:19
المحور:
كتابات ساخرة
حماية الابداع الفكري وصون حقوق الملكية الفكرية ، ظاهرة خاصة بالعالم الديمقراطي الحر والمجتمعات المتحضرة المتقدمة ، بالرغم من ان القرصنة الفكرية كفعل جرمي ، هو اكثر شيوعاً وانتشاراً في العالم الثالث والدول النامية ، واكثر انتعاشاً في ظل الانظمة الاستبدادية والشمولية الاحتكارية ، وقد يستغرب البعض اذا اطلقت على القرصنة الفكرية تسمية الظاهرة الحضارية ، والعبرة هنا بوحدة وتكامل وتعاضد المنظومة التشريعية والاخلاقية في العالم المتحضر والديمقراطي، وموقف المجتمع والمشرع من السرقة الفكرية ، واعتبارها افة خطيرة وجريمة معنوية لااخلاقية يعاقب عليها القانون ويرفضها المجتمع ، شأنها في ذلك شان السرقة المادية العينية ، والمشرع والمجتمع يتكفلان معاً بحماية المعتدي عليه بكل الوسائل والسبل ، ويعملان على صون حقوق الملكية الفكرية، على عكس دول ومجتمعات العالم الثالث ، حيث اقتبس المشرع النصوص الشرعية الخاصة بحماية الملكية الفكرية دون التقيد بها ، وتساهل المجتمع بشأنها واعتبر الملكية الفكرية حق مشاع ومباح للجميع .
سوريا بحكم كونها تنتمي لمجموعة دول العالم الثالث قلباً وقالباً ، تشكل مثالاً نموذجياً للدولة النامية التي لا تقر ضمناً بحق الملكية الفكرية ، ويعتمد النظام السوري سياسة تشجيع الفساد والانحراف بشكل مدروس ومقصود وممنهج ، والفساد المستشري في كل تفاصيل اجهزة الدولة والمجتمع السوري لم يأتي من عدم ، بل خدمة ونتيجة لاجندة واهداف وخطط سنوية وخمسية وعقدية استراتيجية ، تخدم سياسة البقاء على سدة الحكم لاطول فترة ممكنة ، والاستبداد والفساد توأمين لا ينفصل احدهما عن الاخر، ومجتمع ضعيف غير مبدع وغير منتج لا ينتج الا الاستبداد الحاكم من جهة ، والضعف والتخاذل والخوف واللامبالة في المجتمع المحكوم من جهة اخرى .
ما تعرض له الاخوة الاساتذة الصحفيين" الشباب الطموح والجريء" القائمون على الموقع الالكتروني السوري" زمان الوصل" من اعتداء جرمي وقرصنة فكرية ، أمر لا يدعو للدهشة والاستغراب ، لان سرقة الفكر امر اكثر من عادي واكثرمن طبيعي، في بلد ترتكب فيه العظائم والكبائر ، وتسرق فيه الحريات وتنتهك فيه الحرمات في وضح النهار، ولا وجود فيه لما يسمى بحقوق الانسان ، ويعاني المواطن من كل انواع الظلمات والمعانات والاضطهاد والتعسف، ولا سلطة لقانون اوقضاء ، والسلطة العليا في البلاد هي للامن والمخابرات ، وباختصار" حاميها حراميها".
الامر الذي يدعوا للحيرة والعجب ، ان الاساتذة الصحفيين والكتاب في زمان الوصل الموقع الالكتروني السوري الحمصي المتميز ، قد ثارت ثائرتهم وجن جنونهم لسرقة مشروعهم التحرري " ملتقى الجولان" ومعهم الحق كل الحق ، وحالهم يدعوا للشفقة ، ليس فقط بسبب ما تعرضوا له من سرقة واعتداء ، بل كونهم جماعة غير "مدعومين" ، وكل من لا دعم له في سوريا اليوم لا حياة له ، ولكن في الوقت نفسه اعتقد ان الاساتذة ـ الشباب ـ طموحين للغاية وطوباويين بعض الشيئ ، وهم يرغبون بتحرير الجولان بالقرطاس والقلم ، وعن طريق منتدى اعلامي تحت اسم" ملتقى الجولان"، وهم يعرفون حق المعرفة ، ان الجولان المسكين المحتل منذ اربعة عقود ، لم تحرره كل الشعارات القومية العروبية البعثية ، ولا الندوات الثقافية الرسمية ، ولا المؤتمرات القومية ولا القطرية ، ولا جلسات المؤتمرات السنوية للصحفيين والمحامين القومجيين العرب الدورية.
جرائم سرقة الفكروالاعتداءعلى حقوق الملكية الفكرية "ترمومتر" دقيق للغاية ، يقاس من خلاله مدى تحضر الدول والمجتمعات ، ورقي وعدالة نظامها القانوني والقضائي من عدمه ، ففي دولة القانون تتضائل القرصنة الفكرية وعلى العكس في دول اللاقانون تنتعش القرصنة وتزدهر ، ولأننا في سوريا محكومين بقانون الطوارئ السيئ الصيت ، وكل شيئ في حياتنا طارئ ، لذلك ادعوا الاخوة المبدعين من اصحاب الفكروبشكل عاجل وطارئ ، ان يحتفظوا بافكارهم في قحوفهم ومشاعرهم في قلوبهم والسنتهم في افواههم لكثرة الحرامية والصلبجية ، والقانون والقائمين عليه في سوريا البعث ، غير معنيين لا من قريب ولا من بعيد ، بحماية المغفلين ولا المبدعين من المواطنين .
ونصيحتي الطارئة والخاصة جداً للاخوة الاساتذة في زمان الوصل ، ان ينهلوا من العرق الحمصي ديك الجن وبكثرة
، عندها فقط قد يتحول حلمهم الى حقيقة ، ويعود ملتقى الجولان التحرري الى اصحابه المبدعين الطموحين، ويعاقب الجناة اشد العقاب ، ويطلبون الرحمة والشفقة والغفران ، واذا ما افرط الاساتذة في الشرب بعض الشيئ ، قد يجدون حلمهم الاكبر بتحرير الجولان يتحقق عن طريق مشروعهم التحرري ملتقى الجولان وبالقلم فقط ، وانا لا انصح بالعرق لوفرته وطيب مذاقه ، بل لكونه الوصفة السحرية الوحيدة ، لاستعادت الحقوق المهدورة والاحلام المسلوبة ، في زمن لا وصل فيه ولا من يحزنون .
#درويش_محمى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صدام وحكم الاعدام
-
النقاش العقيم حول جدوى الديمقراطية
-
الكرة في ملعبكم يا اخوان
-
موشيه كاتساف والحسد
-
جائزة النوبل لضحايا الارمن
-
النموذج العربي لفاشية الملالي الفارسية
-
معتدل او متطرف -تصنيف يفتقرللدقة والعدل
-
الجولان برسم البيع
-
جهل مطبق ام تربية عفلق
-
حروب السيد حسن نصر الله
-
مبروك للسيد البيانوني وعقبال الرئاسة
-
الجنرال وقصر بعبدا
-
قطر الجزيرة ام الجزيرة القطرية
-
كردستان ترفض رفع علم البعث
-
الانفال ازمة ضمير واخلاق
-
نصر الله والتهرب من المسؤولية
-
حقيقة خطاب بشار الاسد
-
المعارضة السورية هشة وحالها حال قشة
-
قانا الجريمة المزدوجة
-
لعنة البرازق السورية
المزيد.....
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|