أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - أبوبكر المساوي - الحرية














المزيد.....


الحرية


أبوبكر المساوي
...

(Aboubakr El Moussaoui)


الحوار المتمدن-العدد: 7828 - 2023 / 12 / 17 - 00:14
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    


أيتها الحرية،
إما أن أعتقلك وأجعلك خالصة لي من دون المؤمنين،
عفوا،
خالصة لي من دون المستعبدين،
وإما أن أجعل مالك الملك ينزل علي آية من السماء أو يخرجها من جوف الأرض فيأمرك أن تهبي نفسك لي، ويأمرك ألا تكوني لغيري حتى بعد رحيلي.
وقد أراودك عن نفسك حتى تستسلمي وتسقطي بين ذراعي وتقولي هيت لك، فيختلط كيانك بكياني وتصرخي في وجهي: تحرر... تحرر أيها العبد وانتفض وعانقني وقبلني وضاجعني، وتحمل عواقب مضاجعة جميلة الجميلات التي حلم بها كل الأبطال والفرسان وتغنى بها كل الشعراء على مر الأزمان، ولا تكتفي بترديد ما أنشدوا في حبي وغرامي ولا تدندن، وإنما أقبل وعانق واجعل وجودك ذائبا في وجودي.
وإن لم أستطع إليك سبيلا قد أضطر للتحرش بك في الغداة والعشي رغم أن هذا ليس من شيمي، أو أنصب لك شباكا لأوقعك فيه حتى لا تجدي للفكاك مني طريقا بعد ذلك، لكن هل ستبقى كينونتك شامخة منطلقة فاتنة وأنت مقيدة إلى جانبي أو محبوسة بين جدران عقلي وقلبي؟ وهل من نفع من وجودك في حياتي ودواخلي متعفنة من شدة الخوف منك ومن تبعات حبك ومن شدة الخوف من الخوف ذاته؟ ومع ذلك سأحارب للحصول عليك حتى إن اضطررت لجعلك مجرد تمثال أو فزاعة أرهب بها عدوي ومالكي، ولعل وجودك معي يثمر ثمرات حتى وإن كانت معاقة أو مريضة فقد تغدو طيبة مع مرور الزمن.
قد أكون جاهلا بحجمك وقيمتك وبكم القلاقل والزلازل التي قد تنزل بثقلها على حياتي، وبعدد الأوراق والملفات التي قد يبعثرها وجودك في وجودي لكني سأسعى إليك بكل ما أوتيت من قوة، ربما ليس حبا فيك وإنما لأغيظ أقراني من المستعبدين، أو لأغيظ الذي اشتراني بثمن بخس وجعل بيني وبينك سدا منيعا حتى أصبحت أهذي باسمك في يقظتي ومنامي.
أما إن تمنعت وأبيت أن تكوني لي أو إلى جانبي، فما بوسعي إلا أن أصوم عن الكلام دهرا، فلا أكلم من الكائنات بشرا، أو أشرب من ماء البحر أو آوي إلى جبل وأصرخ بأعلى صوتي لأفرغ ما بداخلي من خوف ولأكسر أغلالي وأنظف عفني حتى أستحق وجودك في حياتي، لكني سأكون حريصا على ألا يسمعني أحد حتى لا يكون ضعفي وصراعي مع دواخلي مادة دسمة على ألسن عبيد صاحب الملك فيصدروا على وجودي حكم الحرم أو ينبذوني.
وآخر الحلول فراق بيني وبين مالكي فإما فرار أو انتحار، ولكن الفرار كفر وجحود وعدم امتثال لما جاءنا من ذلك العالم الآخر فجثم على عقولنا وصدورنا وأقسم ألا يفارقنا، حيث قيل لنا في صيغة تحمل من الوقاحة ما يدعو للغثيان: أيما عبد أبق من مواليه فقد كفر. وأما الانتحار فعقوبته الخلود في نار سرمدية اسمها جهنم، حيث ستتكفل بإذابة الأجسام والجلود بينما يقوم ذلك الكائن الماورائي بإعادة هذا العدد اللانهائي من البشر إلى هيأتهم الأولى ليتعرضوا من جديد لعملية الإحراق والتذويب في تكرار إلى الأبد.
هي جهنم وجحيم في جميع الأحوال يا أنا، فإن لم تجد للفرار سبيلا، وإن أبيت أن تنال شرف العبد الآبق فما عليك إلا أن تشرب كل ماء البحار والمحيطات، عسى أن تبلع ما يعلق في حلقك وما يخنق أنفاسك أو لتغسل ما بداخلك من عفن الخوف، أو لتجعل أمواج البحر تجرف كل الأسوار والسدود التي تقف بينك وبين رغبتك في معانقة الحرية وفي حياة أفضل.
وإن لم تستطع إلى ذلك سبيلا فما عليك إلا أن تحارب من أجل ممارسة حرية التفكير على الأقل، علك تذق طعمها وتتعود عليها وتتجاوزها بعد أن تحس بالإشباع منها إلى ما بعدها من حرية في القول والفعل والاختيار والإرادة وما إلى ذلك من أوجه الحسن والجمال التي تزين جميلة الجميلات وملهمة الفلاسفة والشعراء.



#أبوبكر_المساوي (هاشتاغ)       Aboubakr_El_Moussaoui#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مثل ديك على حبل
- الغثيان والاشمئزاز والتقزز
- أجيال في الوحل
- جلد الذات
- عقدة الذنب عندنا
- -النحن- و -الأنا- و الفعل و رد الفعل
- الزوايا المظلمة من تاريخ الإنسانية
- التبن والشعير والحمير


المزيد.....




- غانتس: نتنياهو يخرّب مفاوضات صفقة تبادل الأسرى من جديد
- إعدام 82 تاجر مخدرات في العراق
- جسد مشلول وقلب مكسور: حكاية نور بين أنفاس الحياة والموت
- ذوو معتقلين شاهدوهم يخرجون من سجون الأسد ولم يجدوهم
- يديعوت أحرونوت: صفقة الأسرى ربما لا تتم قبل نهاية ولاية بايد ...
- متورطون بقمع وتعذيب المعتقلين.. ضباط من قوات النظام السوري ا ...
- فيديو.. لحظة اعتقال منفد هجوم -أعياد الميلاد- في ألمانيا
- ألمانيا.. دعوات لترحيل جماعي للمهاجرين على خلفية مأساة ماغدي ...
- السعودية تنفذ الإعدام بمواطنين بتهمة خيانة وطنهما وحرّضا آخر ...
- هجوم ماغديبورغ: مذكرة اعتقال وتهم بالقتل موجهة للمشتبه به


المزيد.....

- ١-;-٢-;- سنة أسيرا في ايران / جعفر الشمري
- في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية * / رشيد غويلب
- الحياة الثقافية في السجن / ضرغام الدباغ
- سجين الشعبة الخامسة / محمد السعدي
- مذكراتي في السجن - ج 2 / صلاح الدين محسن
- سنابل العمر، بين القرية والمعتقل / محمد علي مقلد
- مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار / اعداد و تقديم رمسيس لبيب
- الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت ... / طاهر عبدالحكيم
- قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال ... / كفاح طافش
- ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة / حـسـقـيل قُوجـمَـان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - أبوبكر المساوي - الحرية