أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - علي جودة يكسر قلب الأغنية العراقية














المزيد.....

علي جودة يكسر قلب الأغنية العراقية


كرم نعمة
كاتب عراقي مقيم في لندن

(Karam Nama)


الحوار المتمدن-العدد: 7823 - 2023 / 12 / 12 - 16:08
المحور: الادب والفن
    


افتُتحت أمامنا شوارع دمشق العتيقة وكأنها كانت تحمل نبوءة اللقاء الأخير بيني وبين صديقي الفنان علي جودة الذي هد جسده المرض في العراق المريض واختطفه الموت هذا الأسبوع في عمر مبكر ليكسر قلب الأغنية العراقية "كمْ مرة كُسر قلبها؟" تحدث لي وكأن كل السنوات التي عشناها في بغداد لم تكن كافية ولعل الأسبوع الذي نقضيه مصادفة في دمشق يحرضنا على الاستذكار الموجع. كذلك جمعت مع علي أسرار الأغاني، بينما كانت بغداد الحرائق على الضفة الأخرى، تضرم نارا لتصل بعد سنوات إلى دمشق الحرائق.
بقي علي يفكر كيف يجد عراقه في الأغنية وكان يحدثني عبر المسافات ما بين بغداد ولندن، حتى قال لي قبل سنوات قليلة أستمع لـ"صبرا يا وطن" ليقول في هذه الأنشودة العراقية بامتياز قلّ نظيره، ليس بمقدورهم اختطاف الأغنية وهم يختطفون البلاد.
اختار علي جودة في "صبرا يا وطن" مقاطع من قصائد عبدالرزاق عبدالواحد ومحمد سعيد الحبوبي وعريان السيد خلف، واستلهم في لحنها عمق المقامات البغدادية وإيقاع الخشابة البصرية والأطوار الريفية، ليغني للعراق الحقيقي في وجه العراق المزيف!
من يستمع إلى هذه الأغنية يشعر أن ناظم الغزالي ويوسف عمر وداخل حسن حاضرون بأرواحهم في اللحن الذي وضعه علي وغناه بوجع عراقي.
بوسعي أن أقول إن الفنان علي جودة اكتفى أن يؤرخ لغنائه بـ"صبرا يا وطن" من دون أن يدرك أن الموت يقترب منه لتكون آخر ما غنى!
علي جودة ابن جيل الثمانينات في الأغنية العراقية لكنه بدا أبعد من ذلك وكان يرى في غنائه امتدادا لأصوات مدينته الناصرية فهو يعيد الحنين لأصوات حسين نعمة وستار جبار وقيس حاضر وكمال محمد، ومن يستمع لأدائه للحن محمد جواد أموري لقصيدة كامل العامري "أيامنا الحلوة" التي كانت من بين أولى أغاني حسين نعمة، تكتنفه مشاعر خلابة.
هذا الفنان كان يدرك العمق التعبيري في الغناء لأنه درس الموسيقى في معهد الفنون الجميلة، وتخرج عازف كمان بارعا ومن ثم عود، لذلك هو ملحن ناجح، كما نجد ذلك في الأغاني التي لحنها لصوته "وين الأسمر"، "خليني وحدي"، "شلون أضيعك"، "كيف أسامح" وكتبها محمد المحاويلي و"لا تسألي" للشاعر طالب السوداني.
إنه يمتلك صوتا مخمليا مكتملا يدخل القلوب أينما كانت، وعُربه غير مصطنعة بقرار جميل وجواب أجمل، صوت لا يتغير عند غناء كل الطبقات، مثلما يمتلك علي جودة أذنا موسيقية متكاملة بحكم دراسته للموسيقى.
تكاد تكون تجربته مع الملحن كريم هميم التعريف الأمثل لغنائه الذي بقي في الوجدان العراقي على مدار عقود.
لحن له هميم "شغيرك" التي كتبها كاظم السعدي و"ناسيك" للشاعر جبار صدام ثم "زعلان خلي" نص محمد المحاويلي.
لكن علي وكريم أرّخا في “حتى أنت” واحدة من ألمع الأغاني في عقد الثمانينات والتي لم يخفت، حتى اليوم، التساؤل الكامن فيها، كتبها جبار صدام. لحن بمواصفات متنقلة في غاية الصعوبة، اعترف لي كريم بأنه لا يستطيع أداء الأغنية وإن كان ملحنها بنفس روعة غناء علي.
لم تقتصر التجربة على كريم، فسبق وأن اختار علي نصا متفائلا للشاعر جبار الغزي يفند الصورة السوداوية عن قصائد الغزي "لعيونك الحلوات" لحنه جمال فاضل ثم “بين الراح وبين الجاي" التي كتبها كاظم السعدي ولحنها كريم عاشور، لكن لحن الفنان حكمت ناهي لقصيدة علي حمزة "شي غريب" تعد إحدى أروع جواهر أغاني علي جودة.
بينما بقيت أغنية "لو أصاحب" التي كتبها جبار صدام أشبه بصوت كل العراقيين أبان طوق الحصار الأعمى الذي فرض عليهم، وكأنها تناشد خذلان الأصدقاء وكم بقي منهم آنذاك؟
رحل علي جودة بعد أن خذله جسده ولم تسعفه الأغاني كلها!



#كرم_نعمة (هاشتاغ)       Karam_Nama#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بوتين في بيتنا، أي أمل سيتركه؟
- متى يلحن كاظم الساهر لنانسي؟
- عن أخلاقية الحرب مرة أخرى!
- واشنطن تخسر وإسرائيل لن تربح
- حرية التعبير ضحية أيضا
- امرأة تعلمنا أن نكون على قيد الحياة
- لا نحتاج حلا لمعادلة الحلبوسي
- كم عبدالحليم في مصر اليوم؟
- لابد من درويش عندما يُفقد الأمل
- يفكرون نيابة عنا!
- العراق المزيف لا يشكل خطرا على إسرائيل
- قطيعة فائزة أحمد مع عراقيتها!
- نادي كبار الكذابين بصلافة
- غاستون باشلار في بيتنا
- إسرائيل تعيش تحت وطأة الحطام الوجودي
- همايون ناظم الغزالي
- انكسار “الغطرسة الإسرائيلية”
- معادلة شاذة لعدد الصحافيين في العراق
- احتفاء غير مسبوق بالفشل
- نجاح سلام العراقية


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - علي جودة يكسر قلب الأغنية العراقية