طلال سيف
كاتب و روائي. عضو اتحاد كتاب مصر.
(Talal Seif)
الحوار المتمدن-العدد: 7821 - 2023 / 12 / 10 - 00:41
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
فكرة الإبادة الكلية لجماعات إثنية أو عقائدية، فكرة مريضة، لا يقبلها الضمير الإنساني وإن دنى، أما فكرة إنهاء احتلال عسكري أو وظيفي، فهي فكرة تؤطرها الطبيعة البشرية بما تحمله النزعات الإنسانية فى وجدانها التواق للحرية والكرامة والشرف وغيرها من القيم التي جبل عليها الإنسان بغض النظر عن هويته الدينية أو المكانية. لذا فإن فكرة حل الدولتين التي يتحدث عنها العالم، ما هي إلا واحدة من اثنتين، الأولى تنحى تجاه اليوتوبيا والثانية تأخذ مسار تبرئة الذمم. لا أرغب هنا فى سرد تاريخ الاحتلال الصهيوني لفلسطين العربية، فبمجرد تحريك القارئ أصابعه على محركات البحث، سيجد آلاف المقالات والكتابات عن نكبة فلسطين العربية ولا مجال أيضا للتدليل على عروبة فلسطين خالصة لأهلها ولا مجال لمناقشة أمور نراها لا تستوجب النقاش من الأساس كالاحتلال ومشروعية المقاومة، فكل تلك الأمور قتلت بحثا والإفاضة فيها سخف فكري، أما ما يستحق النظر إليه من وجهة نظري هو طرح حل الدولتين وهل حقا يمكن تنفيذ ذلك الطرح على أرض الواقع؟
بالنظر إلى تاريخ بني إسرائيل من خلال كتابات مثل كتابات جمال حمدان وهيكل وعبد الوهاب المسيري، وأيضا التوراة وغيرها من المؤلفات، نجد أن الذهنية اليهودية وأقصد تماما المسمى ( اليهودية) بلا عنصرية أو تحقير، أن هذه الذهنية ترفض التعايش فى المجتمعات التي حلت فيها، سواء كانت مجتمعاتهم المكانية أو بالانتماء الديموغرافي والأمثلة على ذلك كثيرة من إسبانيا وحتى الدونمة فى تركيا مرورا بثورة شلمنكي على يهود بولندا وأيضا روسيا وغيرها من المجتمعات التي رفض اليهود التعايش فيها إلا كأغراب جيتوات أو أن يكون لهم الميزات النسبية القيادية لتلك المجتمعات، فهذه الذهنية التي لا تقبل الأغيار الغويم لا يمكنها قبول الآخر إنسانيا، لذلك لن تقبل ذهنيتهم حل الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية من الأساس، وإن قوبلت تلك الفكرة بالقبول ستكون من الباب الخلفي لعقيدتهم السيادية والنظرة التحقيرية للعرب والمسلمين، أي أننا عدنا للنقطة الصفرية، لأن الفلسطينيين لن يقبلوا الذل والإهانة تحت أي من تلك المسميات، وأيضا لن تقبل الذهنية الصهيونية واليهودية فكرة الدولة الديمقراطية الموحدة لذات الأسباب. القارئ للتاريخ يدرك تماما أنها مرحلة ستنتهي لصالح أصحاب الأرض الفلسطينية وإن طال الزمن وامتد، فالمقاومة حق مشروع لشعوب تجرعت الموت والحصار والدمار لثمانية عقود متوالية. إن حل الدولة الواحدة ستفرضه حتمية التاريخ رغم أنف العالم المنافق النازي، الذي يسمح للمغتصب بقتل الأطفال والنساء والشيوخ وتدمير الأخضر واليباس. فرفقا يا إشعيا فموعدنا الصبح وليس الصبح ببعيد
#طلال_سيف (هاشتاغ)
Talal_Seif#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟