|
مليشيات إيران وسَعيها لتوريط العراق في حرب غزة
مصطفى القرة داغي
الحوار المتمدن-العدد: 7817 - 2023 / 12 / 6 - 07:45
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
منذ إندلاع الحرب في إسرائيل وغزة، يخشى المجتمع الدولي مِن إنتشار الصراع لبلدان أخرى في الشرق الأوسط، وهو ما سَعَت الحكومة الأمريكية للحَد منه، من خلال إرسال أكبر حاملات طائراتها الى المنطقة، كرسالة لكل مَن يُفَكِّر بفتح جبهة لإذكاء جذوة الصراع التي يسعى الجميع لإطفائِها. هجمات حزب الله المُستمرة على إسرائيل، وهَجَمات مليشيات الحشد الإيراني على القواعد الأمريكية في العراق، تُنذِر بزيادة إحتمالات التصعيد. فرغم بُعد العراق جغرافياً عن حرب غزة، إلا أنه لم يَسلَم مِن ريحها، خصوصاً الصفراء، التي فيها خبث ملالي طهران، التي تسَبّبَت بإندلاعها.
المليشيات الشيعية التابعة لطهران تتدخل بشكل كبير في السياسة الخارجية للعراق، أما السياسة الداخلية فتقررها بالكامل، فهي تعمل على إنشاء دولتها الخاصة داخل الدولة، على غرار حزب الله في لبنان، لتحولها الى ولاية تابعة لإيران، التي دعمتها للإستيلاء على السلطة في أغلب مدن العراق، وقد نجحت في ذلك بإمتياز يحسب لذكاء ودهاء أسيادها الإيرانيين، مُستغلين سذاجة وأحياناً جهل جيرانهم. لذا تواجه حكومة بغداد صعوبة في كبح جماح هذه المليشيات، التي تسعى لتصعيد الوضع وتوريط العراق وحَشرِه طرفاً في الصراع. فمؤخراً أعلنت جماعة تُطلِق على نفسها " المقاومة الإسلامية في العراق" مسؤوليتها عن هجمات صواريخ وطائرات دون طيار شبه يومية تستهدف القوات الأمريكية في العراق وسوريا. وقال الجيش الأمريكي بأنه تحت هذا الاسم، تتم عمليات الميلشيات التابعة لإيران في العراق، التي تريد فتح جبهة لإدخال العراق كطرف في الصراع الحالي بين إسرائيل وحماس. وقد زادت الولايات المتحدة مؤخراً من وجودها العسكري في المنطقة، وتقوم بتسليح نفسها ضد جيوش الظل الإيرانية. من جهتها تحاول الحكومة العراقية منع مزيد من التصعيد، وهو ما أكده مصدر حكومي عراقي لإحدى وسائل الإعلام، بقوله أن هذه الميليشيات تعمل على فتح جبهة حرب جديدة بعيداً عن قطاع غزة. وهو ما يُشعِر حكومة بغداد بالقلق، التي لا تريد أن ينتقل القتال من غزة إلى شوارع بغداد.
هذا المخطط يمكننا أن نصفه بـ"ساخت إيران"، أي صناعة إيرانية، فقطعان مليشياتها في العراق ولبنان واليمن، ليست لديهم عقول أساساً ليصنعوا شيئاً، فهُم أنعام تمضي الى حيث يَسوقها راعيها، الولي السفيه الإيراني، الذي ساق حزب الله الى حماقة 12 يوليو 2006، وساق حماس الى حماقة 7 أكتوبر 2023، والذي يَسوقها للهجوم على القوات الأمريكية في العراق لضَرب عصفورين بحَجَر واحد. العصفور الأول هو للتغطية على عدم دخول بلاده طرفاً في صِراع خطّطت له، ومواجهة إسرائيل لتحرير القدس! حَسَب شعارها الذي لطالما صَدَعت به رؤوسنا، وغسَلت به عقول قطعانها، وشَكّلت له فيلقاً بإسم القدس، إحتل بيروت وبغداد وصنعاء ودمشق بدلاً من تحرير القدس! وخَصّصَت له يوماً بإسم القدس في آخر جُمعة من رمضان، تخرج به قطعاتها في مَسيرات تتوعد بتحرير القدس تهليلاً وتطبيلاً. أما العصفور الثاني فهو محاولة فتح جبهات متعددة لتشتيت إنتباه إسرائيل وحلفائها عن حماس، وتخفيف الضغط عليها قليلاً، حتى يكون في يدها ما يمكن أن تدعيه من مشاركة وتدافع به عن نفسها، حين يعاتبها هنيّة ومِشعل مستقبلاً على توريطها لهُم للقيام بهذه العملية، وترك أتباعهم يلوذون بالإنفاق كالجرذان، تاركين أهالي غزة العزل هدفاً لآلة الموت الإسرائيلية.
يجب على حكومة بغداد أن تتصرف بحذر شديد، فالحرب الأهلية تلوح في الأفق، وهناك جهات فاعلة قوية في العراق تعارض الوجود الأمريكي في البلاد، ويجب على الحكومة أن تتفق معها بطريقة أو أخرى، دون المخاطرة بمواجهة عسكرية مفتوحة، هي في غنى عنها وغير مؤهلة لها، مع أي ميليشا، لأن ذلك سُيزعزع إستقرار العراق، ويُخرِج الأمور عن السيطرة الى مَدَيات لا تُحمَد عقباها. لذا في السِر وبعيداً عن وسائل الإعلام وعلى مدار الساعة، تبذل الحكومة جهوداً كبيرة لوقف قادة المليشيات عن أنشطتهم عِبر الترضية والإقناع، لوضع المشاكل تحت السيطرة، دون التسبب في أضرار جانبية مدمرة. فالعراق اليوم دولة فاشلة بكل المقاييس، السياسية والإقتصادية والعلمية والصناعية والزراعية والخدمية، تعيش بالقُدرة والتَساهيل، وأي عامل للتوتر، كحرب غزة، في الشارع العراقي يمكن أن يُحيي الفتنة وينشر الفوضى والموت والدمار، الذي خبره العراقيون على مدى سنوات. لذا تشكل محاولات إحتواء هذا التوتر تحدياً للحكومة المركزية الضعيفة، التي يسعى رئيس وزراءها لتحقيق إصلاحات لم ترى النور حتى الآن، وهنالك شك أن ينجح فيها أو يَسمَح له أحد بذلك، لأن الجميع مُستفيد ومُستمر مِن خلال إستمرار الفساد والفوضى.
لقد أعادت الحرب الحالية في إسرائيل وقطاع غزة إشعال التوترات في المنطقة، وهي بمثابة دعوة جديدة لحَمل السلاح. مع ذلك حتى الآن هنالك فقط عدة مجاميع مُسلحة أعلنت مسؤوليتها عن إستهداف القوات الأمريكية منذ بدء الحرب في غزة، فيما تحاول الحكومة إقناع الباقين بالإنضمام للجهود السياسية لمُعالجة الأزمة، فهل ستنجح؟ سؤال ستجيب عنه الأحداث قريباً. خصوصاً مع تصاعد التوتر خلال الأيام الماضية، التي شهدت قيام مليشيات ما يسمى حزب الله العراق، الشديدة الولاء لإيران، بالهجوم على قاعدة أمريكية بصواريخ باليستية قصيرة المدى إيرانية الصُنع، رَدّت عليها القوات الأمريكية، بعد نفاذ صبرِها بعملية، نوعية بمُسَيّرات إستهدفت قاعدتين لهذه المليشيا، وأسفرت على مقتل أحد قادتها مع 8 من مرتزقتها، والتي توعدت بدورها بالرد خلال الأيام القادمة. والتي كان رد الحكومة عليها هو الشجب والإستنكار من قبل رئيس الوزراء، وكأنه محلل سياسي محايد، وليس رئيس السلطة التنفيذية والقائد العام للقوات المسلحة، وغيرها من الألقاب الشكلية الكاركاتورية التي لا قيمة لها في بلد سلطته التنفيذية الفعلية هي بيد زعماء ملشيات مرتزقة يأتمرون بأمر المرشد الإيراني خامنئي، والقائد العام لقواته المسلحة هو إسماعيل قآني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني!
#مصطفى_القرة_داغي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مزاد مقاطعة المنتجات الغربية في الدول العربية والإسلامية
-
حرب غزة.. الماريونيتات حَمساوية والأصابع إيرانية روسية
-
لماذا تُكرِّر مَأساة الإمام الحسين نفسها عِراقياً؟
-
-الحشد الشعبي- حصان طروادة الإيراني
-
زيلنسكي الممثل الكوميدي الذي جعل بوتين يبدو أمامه كومبارساً
-
قِمة التناقضات التي جَمَعت صَديق بوتين وعَدوّه في قاعة واحدة
...
-
بوتين سيخسر معركة الأرض كما خسِر معركة الطاقة
-
العراق بين براثن الإحتلال الإيراني في الذكرى العشرين للإحتلا
...
-
مَضى عيد المرأة وعادت مجتمعاتنا السَقيمة لعادتها القديمة
-
بوتين أمِن العقاب في جورجيا والقرم فأساء الأدب في أوكرانيا
-
عام مِن الفشل الروسي في أوكرانيا
-
عراق الأمس يَد تبني ويَد تزرع وعراق اليوم يَد تَقتُل ويَد تَ
...
-
لقد فَقَع العراقيون في وَخ خليجي 25 الذي حَذّرنا منه!
-
الأخضر السعودي فريق واعد يمضي نحو النجومية
-
رئيس وزراء ملاك وسوبرمان، الصورة التي أفشَلت حَراك تشرين
-
ميركل وهَزلها حول أخذ كلام بوتين على محمل الجِد!
-
خط غاز نورد ستريم وغلطة ألمانيا التي بألف
-
هشام سليم.. الفنان المُبدِع والأرستقراطي المُتواضِع
-
رحل غورباتشوف وعَينه على سلام صَنعه هو وأضاعه خُلفاءه وحُلفا
...
-
بلموندو وديلون، صداقة عُمر لم تنضبها المنافسة
المزيد.....
-
إسرائيل تجري مشاورة أمنية لاستئناف الحرب على غزة وترامب واثق
...
-
هجوم أوكراني بـ49 مسيرة على روسيا يشعل النار في مصفاة نفط فو
...
-
-نفعل الكثير من أجلهم وسيفعلون ذلك-.. ترامب أكيد من قبول عما
...
-
إتمام ثالث عملية تبادل بين حماس وإسرائيل في إطار الهدنة
-
الجيش الإسرائيلي يعلن شن غارات على أهداف لـ-حزب الله- في الب
...
-
بعد تهديد ترامب.. الصين تؤكد تمسكها بشراكة -بريكس-
-
وزير الخارجية المصري يتوجه إلى لبنان
-
الرئيس اللبناني يوجه قائد الجيش بتفقد الجنوب
-
ترامب يهاجم صحفية بعد -سؤال غير ذكي- عن تحطم طائرة واشنطن (ف
...
-
زاخاروفا: 90% من وسائل الإعلام الأوكرانية تعيش على المنح الأ
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|