|
الهدنة وصفقة تبادل الأسرى
أسامة خليفة
الحوار المتمدن-العدد: 7809 - 2023 / 11 / 28 - 13:17
المحور:
القضية الفلسطينية
عقدت إسرائيل العديد من صفقات تبادل أسرى مع فصائل المقاومة الفلسطينية واللبنانية، ومع كل صفقة يثار جدل في الأوساط الإسرائيلية وبخاصة على المستويين السياسي والأمني على الثمن الذي تدفعه، ووجهت انتقادات حادة إلى الحكومات الإسرائيلية التي ارغمت على تقديم ثمن باهظ في هذه الصفقات بتحرير آلاف الأسرى الفلسطينيين واللبنانيين والعرب من السجون الإسرائيلية، مقابل جنود وأفراد إسرائيليين وقعوا في أسر رجال المقاومة، وقد أدى الفشل الإسرائيلي في تحرير أي من الرهائن والأسرى بالقوة المسلحة إلى إقناع دوائر صنع القرار في إسرائيل وواشنطن أن لا مفر من المفاوضات ودفع الثمن كسبيل وحيد لعودة المحتجزين. في صفقة شاليط تعرض بنيامين نتنياهو للانتقاد لموافقته على الإفراج عن 1027 أسيراً فلسطينياً في صفقة «وفاء الأحرار»، اليوم هناك بدل شاليط الكثير من أمثاله في أسر رجال المقاومة، وبقيت الحكومة الإسرائيلية على عنادها في رفض دفع ثمن مقابل صفقة تبادل أسرى مع المقاومة الفلسطينية، وأصرت على تحريرهم من خلال المعركة البرية التي فشلت بعد أكثر من 45 يوماً من عملية طوفان الأقصى في الوصول إلى أسير واحد وتحريره من قبضة المقاومة، وتعرضت قوات الاحتلال لخسائر كبيرة خلال أسابيع من المعارك الضارية في محاور عدة بقطاع غزة قبل إبرام هدنة إنسانية لمدة 4 أيام في مفاوضات غير مباشرة مع المقاومة، وكان أبرز ما ركزت عليه وسائل الإعلام من بنود الهدنة هو الإفراج عن عدد من الإسرائيليين في قبضة المقاومة الفلسطينية، مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين، ولا شك أن قضية الأسرى واحدة من القضايا الإنسانية في هذا الصراع الدائر، وفي هذا الأمر تشمل السمة الإنسانية الجانبين، لكن الأحوج إنسانياً في هذه الهدنة ومن بنودها الأخرى هم المتضررون بشدة من جراء الإجرام الإسرائيلي وحرب الإبادة أي الفلسطينيين. وبعد إتمام هذه الصفقة وتبادل الأسرى خلال أيام الهدنة، رغبت إسرائيل بتمديد الهدنة على أساس كل يوم إضافي مقابل إخلاء سبيل 10 محتجزين، وجرت مساع لتمديدها، وضغطت قطر ومصر والولايات المتحدة من أجل تمديد الهدنة يومين إضافيين بعد يوم الاثنين. في اليوم الرابع والأخير للهدنة المؤقتة من صفقة التبادل مع حركة حماس، تسلمت تل أبيب قائمة الأسرى الاسرائيليين المتوقع إطلاق سراحهم في المرحلة الرابعة والأخيرة، وسط تعثر اتمام التبادل الذي تأخر بشأن قوائم الرهائن الإسرائيليين والمعتقلين الفلسطينيين المقرر إطلاق سراحهم، إذ تتم مراجعة القوائم من قبل إسرائيل، وتجدها إشكالية، وطلبت أن تجري مفاوضات من أجل تغييرها، وفي الوقت ذاته تنتظر إسرائيل رد حركة حماس على تمديد الهدنة بعد انتهاء مدة الأيام الأربعة الحالية، وأكدت حماس أنها تسعى لتمديد الهدنة، والبحث الجاد لزيادة عدد المفرج عنهم من أسرى ومحتجزين في إطار اتفاق الهدنة الإنسانية التي تتضمن السماح بدخول عدد أكبر من القوافل الإنسانية والمساعدات الإغاثية، بما فيها الوقود المخصص للاحتياجات الإنسانية، ووقف اختراق الطائرات الإسرائيلية أجواء غزة، والسماح لسكان قطاع غزة بالتحرك من شمالي القطاع إلى جنوبه عبر ممر آمن لمن يريد المغادرة، بينما يركز الجانب الأميركي والإسرائيلي على إطلاق سراح الرهائن. في رد حركة الجهاد الإسلامي على التمديد، يرى داود شهاب القيادي في حركة الجهاد، أن تمديد الهدنة الإنسانية في غزة خاضع لتقييم المقاومة الفلسطينية، وفق ما تمليه مصالح الشعب الفلسطيني أكثر من أي شيء آخر، ولن تسمح للاحتلال بتغيير شروط المقاومة الفلسطينية المتمثلة بوقف الحرب العدوانية، والتصدي لمخطط التهجير. في صفقة «وفاء الأحرار»، أعادت إسرائيل اعتقال 48 أسيراً محرراً تم تحريرهم في صفقة الجندي الأسير الإسرائيلي شاليط، وهدد رئيس قسم الإعلام العربي والناطق باسم الجيش الإسرائيلي، بإعادة اعتقال الأسرى المحررين، تنبهت المقاومة الفلسطينية لهذا الأمر، وفرضت شرطاً جديداً لم يكن في شروط صفقة «وفاء الأحرار»، لحماية الأسرى المحررين من إعادتهم للأسر مرة ثانية مثلما حصل مع صفقة شاليط 18/10/ 2011؟. والسؤال هل ينفع الاتفاق مع إسرائيل، إدراج شرط من ضمن شروط اتفاق تبادل الأسرى عدم إعادة اعتقال المفرج عنهم لاحقاً بذات التهم التي اعتقلوا بسببها ولو بضمانات الدول الراعية للاتفاق؟. وإن صار إلى إصدار عفو إسرائيلي شامل عن أحكامهم السابقة، وإسرائيل كما عهدناها لا تلتزم بأي اتفاقات ومواثيق، وأبرزها اتفاقات أوسلو، والأمريكيون لن يكونوا ضامنين إلا لأمن إسرائيل وضامنين لتفوق إسرائيل عسكرياً، وتساند إسرائيل وتدعمها في عدوانها وخرقها للعهود والمواثيق، وفي العمل على التسويف والتأجيل والمماطلة وعدم التنفيذ وكسب الوقت للتملص من التزاماتها. وإذا كانت إسرائيل لا يثق بها في تنفيذ الوعود فإن حكومات الولايات المتحدة المتعاقبة ليست محل ثقة أيضاً، لاسيما في قضايا التحرر العربي وفي مقدمتها القضية الفلسطينية فهي ليست جادة في الشعارات التي تطرحها وتتراجع عما ألزمت نفسها به والأمثلة كثيرة على المستوى الإقليمي، ومنها الخروج الأمريكي من الاتفاق النووي مع إيران، وعلى المستوى الفلسطيني، الموقف الأميركي من الاستيطان في المناطق المحتلة عام 67 إلى غض النظر عنه إلى تبريره، الموقف المتناقض الغامض من حل الدولتين، إلى إدراج منظمة التحرير الفلسطينية على قائمة الإرهاب فضلاً عن باقي فصائل المقاومة، وفي موضوع الأسرى لا تهتم حكومة الولايات المتحدة ورئيسها بايدن سوى بإطلاق سراح المحتجزين وإظهارها على أنها المسألة الإنسانية ذات الأولوية، والسؤال الإنساني الملح: ماذا عن مليون ونصف فلسطيني هجّروا ودمرت بيوتهم، ومازالوا في العراء خلال هذا الطقس الشتائي البارد؟. ماذا عن أحياء وأموات تحت أنقاض البيوت؟. يركز البيت الأبيض في بياناته وإفاداته الصحفية على إظهار بايدن بحس إنساني مرهف مهتم لأبعد الحدود في التوصل إلى الهدنة المؤقتة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، الهدف الأساسي منها هو حل مشكلة الأسرى الاسرائيليين. ويسارع إلى حل أزمة تأخير تسليم الرهائن لساعات عدة، فقد ذكرت إدريان واتسون نائبة المتحدث الرسمي باسم مجلس الأمن القومي الأميركي أن الرئيس بايدن تحدث مع أمير قطر ورئيس الوزراء القطري يوم السبت كجزء من جهود الإدارة لمحاولة حل التأخير في اليوم الثاني من إطلاق سراح الرهائن، في العاشرة تماما بتوقيت الساحل الشرقي للولايات المتحدة تحدث بايدن إلى أمير دولة قطر وإلى رئيس وزرائها بشأن تعطيل تبادل الرهائن، وطلب منهما التدخل وحل المشكلة ويجري مكالمة مع كبار مسؤولي إدارته للمسارعة في بذل الجهود والاتصال بالجانب القطري والإسرائيلي والمصري، للعمل على التغلب على الخلافات والنقاط المعلقة، وينهض الرئيس الأميركي بايدن في الصباح الباكر ليطلع على تطورات أزمة الرهائن وجهود الإفراج عنهم في ثاني أيام الهدنة المؤقتة، ولا يستطيع أن يخلد إلى النوم حتى يتم حل المشكلة، ويتم إطلاع الرئيس على آخر التطورات من مسؤولي البيت البيض نقلاً عن الجانب القطري أن الصفقة سارية، وأن ممثلي هيئة الصليب الأحمر الدولي في طريقهم لاستلام الرهائن، بايدن صاحب الحس الانساني المرهف، أين منك ومن تدخلاتك بالمشاكل التي يعاني منها شعب فلسطين؟
#أسامة_خليفة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأساطير والكذب سلعة اسرائيلية
-
اليوم التالي لن يكون إلا فلسطينياً
-
قمة الرياض عجز عربي-إسلامي
-
بين مفهومي «وحدة الساحات» و«محور المقاومة»
-
هل تأخرت القمة العربية الإسلامية
-
دور الولايات المتحدة في الحرب على غزة
-
خطاب المقاومة
-
الذكرى السادسة بعد المئة لوعد بلفور المشؤوم
-
القدس وطوفان الأقصى
-
أسرى الحرية وعملية طوفان الأقصى
-
القانون الدولي والنزاع في غزة
-
المعركة البرية في غزة واحتمالاتها
-
استراتيجية المجازر الإسرائيلية في غزة
-
كسر حصار غزة
-
هانوي الفلسطينية
-
موقع غزة في النضال الوطني
-
«حرب المنازل والأبراج»
-
طوفان الأقصى
-
المشاركة والسلوك السياسي في المجتمع الفلسطيني / الجزء الحادي
...
-
الذكرى 23 لانتفاضة الثانية
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|