أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سميرة الوردي - الآن حان الدرس الأول















المزيد.....

الآن حان الدرس الأول


سميرة الوردي

الحوار المتمدن-العدد: 1739 - 2006 / 11 / 19 - 10:15
المحور: الادب والفن
    


الطريقُ الى المدرسة ممتعا وخاصةً الأيام التى يُوصلها فيها أبيها ، أحيانا تجلس جنبه عندما تُجاز أمها من العمل وتبقى في البيت ، دوما تلح عليه أن يعلمها السياقة، يُوعدها ويُقنعها انه سيدربها حينما تبلغ الثامنة عشر وهي السن القانونية لتعلم السياقة . تمنت لو كان لها أخا أو أختا ، كانت وحيدةََ والديها .
منذ عامين تخرجتْ من دار المعلمات ، الذي دخلته مرغمةً بعد إستشهاد والدها في الحرب وعجزها عن تقبل الحدث ، تلكأتْ في دراستها بسبب حالتها النفسية ، بعد أن كانتْ من المتفوقات, إرتأتْ امها أن تختصرَ لها الطريق وتُدخلها دارالمعلمات ، تخرجت من الدار ، تعينت في مدرسة قريبةٍ من حيهم .
بعد اجتيازها المحنة بسنوات استعادت بعضا من حيويتها ، عاودها أملها في الرجوع الى الدراسة واكمال الجامعة بعدأن تتقدمَ لامتحان خارجي قد تنجحُ فيه وتتفوقُ فتدخل الكلية التي ترغب فيها ، القانون يسمح لها باتخاذ هذه الخطوات بعد انقضاء ثلاث سنوات على التعيين ، تعوض مافاتها من دراسة ، بالرغم من تجربتها القصيرة في المدرسة تآلفت مع زميلاتها .
طقوس احتفال يوم الخميس التقليدي كرفعة العلم والقاء كلمة الادارة وتدريب الطالبات للأحتفالات المدرسية بكل اشكالها تعده تحضر له بهمة ونشاط ، وجدت في ممارستها لهذه الفعاليات دافعا لها لتنمية اطلاعها وتطوير موهبتها في الكتابة الأدبية اصدرت نشرات مدرسية بمساعدة بعض الطلبة الموهوبين .
يومٌ غيرُ عادي في حياة المدرسة قررتْ فيه الادارة نزولاً لظروفها أن تحتفل فيه (بيوم الضاد) يومٌ تشارك فيه جميع المدارس كلٍ بمدرسته إحياءً للغة العربية وآدابِها . أوكلتْ المديرةُ اليها مهمةَ التحضيرِ للمهرجان ، منذُ أكثرَ من شهرٍ وهي تتنقلُ بين المكتباتِ تنقلُ عن بعض الشعراءِ والأدباءِ ماوردَ عن هذه اللغة ، تنتقي عبارةً من هنا وبيتَ شعرٍ من هناك ، ُتولف بينهم و، تُسَهِلُ في بعضها للتتناسب ومستوى التلاميذ ، اعدادُ البرنامج ممتعاً ومتعباً في آن واحد ، خرجتْ منتصرةً على متاعبها بعد أن وافقتْ عليه لجنةُ المهرجاناتِ في الوزارة وأقرتْه المدرسة .
في صباح اليوم المقرر للمهرجان تناولتْ حقيبتها ، احتوتْ على البرنامج الأحتفالي ودفترٍ خاصٍ بها تكتبُ فيه ما يَعِنْ في ذاكرتها من أفكار ، وكراسةٍ للأملاء والخط ، ودفترِ الخطة ودفترٍ لدرجات التلاميذ وكشكولٍ صغيرٍ تُدون فيه ما تجمعه من ملاحظاتٍ خلال تجربتِها في التعليم . ما أن خرجتْ من البيت متوجهةً الى المدرسةِ حتى لاحقها تعليق امها المعتاد ، هذه المرأة التي رفضتْ أن تتزوج كل من تقدم لها من الرجال مفضلة تربيتها على حياتها الخاصة خوفا عليها من سيطرة الغرباء ، (كأنك تلميذ لم ينهِ الابتدائية فهو حريصٌ على أن يحملَ كلَ كتبِه خوفَ أن ينسى درسا ًًيُعاقبُ بسببِه ) ، تسيرُ في الطريقِ كلِه مبتهجةً بهذا التعليق ، بسمةً طفوليةً على شفتيها ووجهُ امها يملء ناظريها .
وصلتْ مبكرةََ نظرتْ الى باحةِ المدرسةِِِِ ، وجدتـْْها نظيفةًً ، غُسلتْ أشجارها وممراتها ، قاعة المدرسة تحتاج بعض الترتيب ، صفت مقاعدها ، هيأت اذاعتها ، ثم ذهبت الى صفها تهيأه للدرس بعد انتهاء الأحتفال .
كرهت الحرب والسياسةكراهية لامثيل لها فهي قهر ومآس لامبررلها ، ما يأخذ بالقوة لابد أن يعود يوما لأصحابه وما الحرب سوى وبال وجريمة يدفع ثمنها المجتمع وقد طالت أكثر مما متوقع لها . أمسكت طبشورة بيدها خطت بسم الله الرحمن الرحيم (نون والقلم ومايسطرون) ، وضعت حقيبتها على منصة صنعتها بمساعدة تلاميذها ، أختارت المرحلة السادسة لأنها أقرب لها من غيرها ، أخرجت البرنامج ودفترها الخاص ، أحتوى جزؤه الأول أبيات شعر أعجبتها لشعراء قدامى ومحدثين ، و جزؤه الثاني خصصته لما تشاهده أو مايتوارد على ذهنها من مواضيع وخواطر خاصة بها ، تحمله أينما تذهب كحرز تخاف عليه من الضياع ، كتبت تجربة مرت بها . _ حل الشتاء بين شحة الوقود وغضب الطبيعة الذي لايقهر ، رحلت العصافير التي عشقتها مع آخر ورقة توت ساقطة في هذا الخريف ، لم يبق إلا صدى وشوشتها وأنين ذكرياتي التي لم اجد أذنا أوفى منها لآلامي وأحلامي ، لم يبق على الشجرة سوى بقايا أكياس تطايرت لتعلق على أغصانها ، كم من ليال أوحت لي أنها عصافير عجزت عن اللحاق بربعها .
انقضت العطلة الربيعية انحسرت موجات البرد القارص تاركة الأشجار تُخرج براعمها الجديدة آملة بأيام أجمل من التي رحلت ، حل طائر غريب على أغصان إحدى شجرات التوت التي سقطت اوراقها دون عودة ،لم تتبرعم كالأخريات ، بسبب ما أصابها من عطش في الصيف الماضي ، طائر اجتمعت تحت جناحيه ألوان زاهية ، تبرعمت بقية الأشجار ، وأورق بعضها الآخر ، آبت العصافير الى أعشاشها ، تنشط صباحا باحثة عن رزقها تاركة صدى نشيدها الصباحي يتردد في أرجاء الحديقة كأنه تسبيحة ، وفي الغروب تعود لتستكين في وكناتها ناهية اغنية المساء لا يبقى منها سوى وشوشات عابرة تتناءى بين الحين والحين الى أن يحل الفجر ثانية .
كان يوما رائعا أحتلت الغيوم جزءا من السماء تخاتل بها الشمس ، تحجبها حينا وتنجلي عنها أحايين ، جاء المساء منذرا بعاصفة ترابية تلوح في الأفق ، كنت واقفة كعادتي تحت شجرة الرمان أتأمل الغروب وعودة العصافير وهي في أوج فوضتها تبحث عن أعشاشها ، تحتلها بكل لهفة ، ما هي الا لحظات ، حتى أمتلا الجو بغبار أصفر ورائحة غير مستساغة وبرق ومطر غير متوقعين ، اضطررت للأنسحاب الى داخل البيت تاركة العصافير وزقزقتها في هرج ومرج ، انتهت العاصفه ،لم أخرج من الدار الا في صباح اليوم التالي ، لم توقضني زقزقتها مما خيل لي انها هاجرت ثانية ، خرجت الى الفناء الخارجي هالني ما رايت ، أمتلأت أرجاء الحديقة بالعصافير الميتة ، سألت الكثيرين عن هذه الظاهره فأخذ كل واحد يفسرها بما يشتهي ، لم أجد لهذا الموت الجماعي المفاجيء سوى تفسير علمي واحد لا أريد قوله خوفا ـ .
أكملت خاطرتها نظرت الى ساعتها ، بعد خمس دقائق سيدق الجرس ويبدأ المهرجان .
لحظات ، ساد الجو غبارٌ ثقيل شيء انهار عليها افقدها لحظة التوازن والأدراك سورة من الجحيم لفتها ، صرخت بأعلى صوتها حفنة من التراب خنقت صرختها ، أصوات تقترب منها وتبتعد ، كانها في قبر منسي ، خيل اليها صوت أمها بين الأصوات ، حاولت جذب دفترهاو تدون كلمة ( أنا شهيدة كأبي ) لم تستطع ، يداها ترزح تحت ثقل لاتقدر على دفع
( من أحداث بلاط الشهداء )



#سميرة_الوردي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحب بعد الرحيل
- الندم الأول
- أعاصير
- تاريخ أسفارنا /الفارزة الأولى والثانية
- تاريخ أسفارنا / الفارزة الثانية
- في يوم ما
- صورة
- مكتبتي
- جنون
- لحظة من لحظات الحرب
- لاشيء يعدل الحرية
- المحبرة
- القداس
- إمرأة تتسلى في الشرفة


المزيد.....




- صحفي إيرلندي: الصواريخ تحدثت بالفعل ولكن باللغة الروسية
- إرجاء محاكمة ترامب في تهم صمت الممثلة الإباحية إلى أجل غير م ...
- مصر.. حبس فنانة سابقة شهرين وتغريمها ألف جنيه
- خريطة التمثيل السياسي تترقب نتائج التعداد السكاني.. هل ترتفع ...
- كيف ثارت مصر على الإستعمار في فيلم وائل شوقي؟
- Rotana cinema بجودة عالية وبدون تشويش نزل الآن التحديث الأخي ...
- واتساب تضيف ميزة تحويل الصوت إلى نص واللغة العربية مدعومة با ...
- “بجودة hd” استقبل حالا تردد قناة ميكي كيدز الجديد 2024 على ا ...
- المعايدات تنهال على -جارة القمر- في عيدها الـ90
- رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سميرة الوردي - الآن حان الدرس الأول