|
لقاء مع الفنان الفلسطيني رأفت لافي
توفيق العيسى
الحوار المتمدن-العدد: 1739 - 2006 / 11 / 19 - 10:12
المحور:
مقابلات و حوارات
الفنان رأفت لافي: الممثل المحترف هو الذي يكرس حياته للمسرح وليس الذي يتقاضى أجرا عاليا مؤسساتنا باتت مؤسسات رأسمالية بحتة والمسرح أصبح هامشيا هي رحلة من نوع خاص‘ رحلة البحث عن الذات ‘ الحرية ‘ وعن الفضاء الأوسع ‘ هي رحلة في عوالم مختلفة وحيوات أخرى غير التي تفرضها عليه حياة ضيقة لا تتعدى بضعة أمتار ‘ فكان الفراغ المسرحي هو الحل ‘ وهو الطموح الذي جسد حلما طالما راوده وطارده ‘ رأفت لافي القادم من مخيم للاجئين الفلسطينيين وجد ضالته ‘ووجدنا في قصته ما يستحق هذا اللقاء. * ما هي البدايات التي رافقت نشأتك الفنية؟؟ ** بداية انا من مواليد وسكان مخيم العروب للاجئين الفلسطينيين في محافظة الخليل‘ هذا المجتمع كان بدايتي الأولى مع الحياة وبدايتي الأولى مع المسرح في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي يواجهها أي انسان يحيا حياة المخيم الضيقة يبدء البحث عن سبيل آخر للتعبير عن ذاته وايجاد مكانا له في هذا المكان الذي هو أصلا ليس مكانه الأصلي ولكنه وجد فيه قسرا ‘ المخيم مكان ضيق ‘ ضيق من ناحية المكان وضيق من ناحية الثقافة الاجتماعية وفي اطار تفكير معين في هذه البقعة الضيقة يمكننا وصفه بالتفكير النمطي كانت فكرة العمل المسرحي مغامرة كبيرة ‘ بدأت خطواتنا الأولى بصعوبة ولكن صعوبة ممتعة‘ ممتعة لأنها من أجل التغيير ‘ مجموعة أصدقاء لديهم الرغبة والطموح ليكونو فناني مسرح وبدأنا طرح هذه الفكرة من ناحية عملية من خلال تقديم ( الاسكتشات المسرحية) في المدرسة * دعنا نسلط الضوء أكثر على البدايات‘ لماذا اتجهت للمسرح في تلك السن المبكرة؟ **المسرح حلم الطفولة‘ كنت في البيت اصنع مسرحي الخاص بي من العاب الأطفال ‘ لماذا اتجهت للمسرح؟؟ لا أعرف لكني كنت أشعر دائما بمتعة هذا الشيء ‘ وانا كنت بحاجة للمسرح لأن طفولتي كانت خجولة هذه الحالة التي حاولت جاهدا التخلص منها فكان المسرح هو الحل الوحيد. * مع غياب الثقافة المسرحية والمجتمعية الواعية كيف تعرفت الى المسرح؟؟ ** كان منفذي الوحيد لمشاهدة العروض المسرحية هو التلفزيون أنا لم أشاهد مسرحا حقيقيا حتى سن السابعة عشر فكانت الشاشة الصغيرة منفذي وهي أهم محرض حرضني كي اتجه نحو المسرح‘ المسرح كما قلت لك كان البحث عن المساحة الأوسع ‘ البحث عن الحرية ‘ فكانت اللحظة الأولى على المسرح هي لحظة جنونية لحظة تكسير لجميع القيود النفسية والفكرية والجسدية * اذن متى كانت البداية الحقيقية للعمل المسرحي؟؟ ** البداية كانت مع مؤسسة أيام المسرح ولهذه البداية حكاية فأثناء دراستي للاارة في جامعة القدس المفتوحة تعرضت للاعتقال من قبل الاحتلال على خلفية نشاطي الطلابي‘ علما أنه كان نشاطا ثقافيا وليس سياسيا!! في المعتقل التقيت بأحد خريجي مؤسسة أيام المسرح وهو الزميل ( غسان صبح) من طولكرم تعرفت الى المؤسسة من خلاله وفور خروجي من المعتقل اتصلت بالمؤسسة وبدأنا معهم دورة مسرحية في مخيم العروب ومن هذه التجربة كانت معرفتنا الواعية بالمسرح واكتشفنا عوالم المسرح الجديدة التي كانت مغايرة لمفهومنا الأول أو البدائي الذي كنا نحمله عن المسرح والأداء المسرحي ‘ كانت مرحلة بحث تبدء بالبحث عن ذاتك وأدواتك استمرت هذه التجربة لمدة ثلاث سنوات ولكنها متقطعة حيث اضطررنا للتوقف مدة عام تقريبا بسبب ظروف الانتفاضة وصعوبة التنقل‘ فيهذا العام ستفرت الى مصر للدراسة لكن حلم الطفولة كان لم يزل يراودني ويحتل مساحة كبيرة من تفكيري فساهمت بانشاء مجموعة مسرحية في جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا ‘ الا أن هذه التجربة لم يكتب لها الاستمرار ‘ فأثناء زيارتي لفلسطين منعت من العودة الى مصر لاكمال دراستي وكاد الحلم أن يتلاشى ‘ بعد ذلك استأنفت أيام المسرح دورتها فسارعت بالالتحاق بها * ضيق المكان ‘ الحرية المحدودة‘ غياب المؤسسة الحاضنة لحلم الفنان هل شكلت هذه العوامل صداما بينكم والمجتنع؟ ** بالاصل كنت أواجه مشكلة مع المجتمع المحيط بي وهي ناتجة عن طبيعة تفكيري ومفهومي للحرية الى درجة شعرت فيها اني منبوذ تماما وفي احيان كثيرة وصلت الى درجة اتهامي بالجاسوسية ‘ تخيل ذلك ... من ضمن عملنا في مؤسسة أيام المسرح كنا ندرب فريق أطفال من كلا الجنسين هذه الفكرة كانت مرفوضة تماما من قبل المجتمع فكرة الاختلاط حتى أن هذه المسألة كانت خطبة من خطب يوم الجمعة واتهمنا بأنا فاسدين ليس هذا فقط بل كان هناك تكتلات ضدنا في المسجد في النادي الذي رفض اعطائنا قاعة للتدريب وغيرهم * نستطيع القول أن تجربتك مع أيام المسرح كانت حجر الأساس في تكوين شخصيتك الفنية؟؟ ** نعم ‘ مع مؤسسة أيام المسرح خضت تجربتين الأولى مسرحية الفاضلون والثانية مسرحية الفيل ياملك الزمان ( لسعد الله ونوس) وكنا نعرض في المدارس أيام المسرح كانت دورة مسرحية لذلك بعد انتهاء الدرة رحت ابحث عن كيفية الاستمرار بالمسرح وطبعا الظروف لم تكن مواتية في العروب أو الخليل حتى في بيت لحم لذا توجهت الى رام الله ‘ وكانت فترة صعبة وقاسية حيث اني لم اكن أملك مالا ولا بيتا او معارف او اصدقاء حتى اني كنت أقضي ساعات طوال مستيقظا لآخر الليل ثم أنام تحت شجرة او في مكان ما‘ في رام الله التقيت بالصدفة مع المخرج ( يعقوب اسماعيل) رئيس رابطة المسرحيين ومسرح الرحالة وكان أول من احتضنني ‘ خضت والرحالة دورة اعداد ممثل وتعرفت الى تجربة جديدة ومختلفة واناس آخرين ‘ في الرحالة كانت رحلتي مع الفراغ عمل قائم بالأساس على الارتجال المسرحي حتى وصلنا الى مسرحية الظل وهي مقتبسة من مسرحية القبعة والنبي للشهيد ( غسان كنفاني)التي تم عرضها مؤخرا في رام الله وبيت لحم * هنا بدأت التجربة مع فرقة مسرحية ما الجديد الذي اضافته هذه التجربة؟؟ ** مسرحية الظل كانت الدرس الأول في المسرح بالنسبة لممثل تجربته بسيطة أو متواضعة ‘ كانت نقطة تحول حيث وضعتني في مرحلة متقدمة ‘ ( الظل) وهي عمل مسرحي يعكس رؤية وفلسفة الرحالة كانت تعتمد على الفراغ ممثل وخشبة مسرح فقط دون أي شيء ‘ هنا تبء كممثل بالتفكير كم أنت صادق أو كاذب حيث رحلة البحث عن الذات والأدوات المسرحية وعن نقاط الضعف والقوة لانك في هذا النوع من المسرح تكون مكشوفا بلا أقنعة ‘ الظل هي الولادة الحقيقية ‘ الظل هو ولادتي أنا ‘ وهي أيضا بحث في أسلوب وعناصر العمل المسرحي بحث في الكتل والظلال وهي تتحدث عن مفهوم الفصام لدى شخصية تعيش حالة صراع ما بين الحلم والواقع ‘ ذلك الشخص الذي يملك حلما وطموحا يصطدم بالواقع النقيض سواءا الواقع السياسي أو الاجتماعي او الديني وكيف أننا نزيف حياتنا ونصنع أقنعتنا بايدينا * من خلال تجربتك الشخصية واطلاعك على تجارب الممثلين الآخرين هل يوجد في المسرح الفلسطيني فنان محترف؟ وماهي مواصفاته؟ ** هناك مفهوم خاطيء يتردد عن الفنان المحترف وهو أن المحترف هو الذي يتقاضى أجرا أو أجرا عاليا نظير عمله ‘ برأيي الممثل المحترف هو المتفرغ للمسرح وهو الذي يقرأ يوميا على الأقل ساعى أي المثقف وهو الذي يتدرب يوميا يدرب صوته وجسده هذا هو المحترف الذي يكرس جزءا كبيرا من يومه للمسرح * هذا يدعونا للخوض بموضوع تقليدي ومهم وهو مشاكل الفنان وهمومه... ** الظروف منذ البداية لم تساعد على ايجاد الممثل المحترف ‘ المسرح بحاجة الى تفرغ هناك العديد من الممثلين الفلسطينيين المبدعين ولكن متطلبات الحياة منعتهم من الاستمرار ‘ ومع غياب المؤسسة الوطنية وتراجع دور الفرق المسرحية أصبح لدينا مجموعة(شركات) معظمها ينفذ املاءات أجنبية وجهت الابداع الى مفهوم آخر وهو الاحتراف المادي ووضعت شروطها هي ‘ فحتى تكون ممثلا محترفا عليك أن تتقاضى 15000 شيكل شهريا لقد ألغت المفاهيم الأساسية وأدوات الممثل ‘ هذه الشركات أو المؤسسات الNGOS تحديدا هي من ضمن المشاكل التي يواجهها المسرح الفلسطيني وتتلخص المشكلة بتدفق مالي ضخم من جهة ومن جهة أخرى الاشتراطات ‘ فاي عمل مدعوم من الاتحاد الاوروبي عليه ان يتوفر فيه شرطين ‘ مخرج أجنبي وشريك اسرائيلي ‘ الأمر الذي دفع الكثير من المبدعين الى الانعزال لانهم ليسوا على مقاس الاشتراطات ‘ * هل تعرضت بشكل شخصي الى مثل هذه الاشتراطات؟ ** ليس بالضبط ولكني كدت أن أنزلق الى هذا الممر مع احدى المؤسسات تركتهم بعد أن اكتشفت أن عملهم يقوم على استخدام الممثل فقط اي انه مجرد منفذ وليس مشاركا بشكل أساسي في تكوين العمل المسرحي الأمر الذي يعطي العمل هوية أجنبية وليست فلسطينية أيضا غياب النص هو احد اهم المشاكل أضف الى ذلك عدم وجود مسرح قومي فلسطيني فدائرة المسرح في وزارة الثقافة غير قادرة بل وعاجزة عن تأسيس مسرحا قوميا الى جانب ذلك انتشار الواسطة والمحسوبية أيضا هناك مشكلة مع بلدية رام الله فالمسرح البلدي غير مستخدم وترفض البلدية استخدامه وهذه هي احد اهم المشاكل العالقة بين رابطة المسرحيين والبلدية ولدينا أيضا قصر الثقافة الذي تصل تكلفة العرض المسرحي فيه الى 1000 دولار وهو مبلغ لا فرقة مسرحية دفعه ولا يوجد عمل مسرحي يغطي هذه التكلفة ‘ باختصار مشكلتنا الرئيسية هي أن مؤسساتنا باتت مؤسسات رأسمالية اقتصادية بحتة أما المسرح فهو هامشي مما قلص جمهوره * في النهاية هل لديك عمل جديد؟ ** على صعيد الرحالة لدينا عرض لمسرحية الظل في 25/11 القادم وسيكون لدينا جولة عروض خارجية وأيضا سنخوض تجربة مسرحية جديدة على الصعيد الشخصي سأبدء تجربة تلفزيونية في الأردن وهو مسلسل اجتياح من تأليف الكاتب الفلسطيني رياض سيف واخراج شوقي الماجري وسيضم نخبة من ممثلي الدراما السورية والأردنية والفلسطينية
#توفيق_العيسى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هي محاولة
-
حوار مع الروائي الفلسطيني أحمد رفيق عوض
-
أسرار العشق
-
أن تكون فلسطينيا
-
ثورة الجياع أم سقوط الثورة؟!
-
محمد البكري شخصية استشراقية
-
حوار مع المخرج الفلسطيني يحيى بركات
-
حوار مع الكاتب الفلسطيني حسن عبدالله
-
لقاء صحفي - بيروقراطية السلطة تعيق عمل رابطة المسرحيين وتستن
...
-
الانتظار
-
بلاد البحر لا بحر فيها ولا نهر - قراءة في رواية بلاد البحر ل
...
-
دعوة للعرس
-
حوار مع زياد خداش :اوسلو قادتني الى حواسي
-
على صعيد الاصلاح لا المزاح!!!!
المزيد.....
-
رقمٌ قياسيّ لعملة فضية نادرة سُكَّت قبل الثورة الأمريكية بمز
...
-
أهمية صاروخ -MIRV- الروسي ورسالة بوتين من استخدامه.. عقيد أم
...
-
البرازيل.. اتهام الرئيس السابق جايير بولسونارو بالضلوع في مح
...
-
اكتشاف عمل موسيقي مفقود لشوبان في مكتبة بنيويورك
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة: اليوم ردت روسيا على استفزازات -
...
-
الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان الحدث وحارة حريك في ال
...
-
أين اختفى دماغ الرئيس وكيف ذابت الرصاصة القاتلة في جسده كقطع
...
-
شركة -رايان- للطيران الإيرلندية تمدد تعليق الرحلات الجوية إل
...
-
-التايمز-: الغرب يقدم لأوكرانيا حقنة مهدئة قبل السقوط في اله
...
-
من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد
...
المزيد.....
-
قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي
/ محمد الأزرقي
-
حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش.
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ
...
/ رزكار عقراوي
-
ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث
...
/ فاطمة الفلاحي
-
كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
حوار مع ميشال سير
/ الحسن علاج
-
حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع
...
/ حسقيل قوجمان
-
المقدس متولي : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
«صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية
...
/ نايف حواتمة
-
الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي
/ جلبير الأشقر
المزيد.....
|