|
أَحْدَاتٌ بِلَا دَلَالَة
عبد الله خطوري
الحوار المتمدن-العدد: 7804 - 2023 / 11 / 23 - 14:46
المحور:
الادب والفن
أسعدني فعلا مصادفة هذا الشريط المغربي القديم النادر، اعتقدت أنه غرق في دوامة العدم منذ سنة إنتاجه عام 1974، لكنه اتضح أنه مازال على قيد رمق الحياة بفضل بعض المهتمين الإسبان الذين آنتشلوه من الاندثار .. أهميته الآن تتجلى ( بالنسبة لي على الأقل ) في كونه وثيقة لزمن مغربي في عشريته الثانية بعد (الاستقلال)، إنها سبعينيات القرن العشرين يا سادة وما أدراك ما سبعينييات المغرب، رغم أن الشريط ظل ( كما يبدو من معاينة تتابع لقطاته) على هامش الحساسية التاريخية الملتهبة لتك الفترة لم يقف ليسلط الضوء على خصوصية تلك الفترة الحرجة من تاريخ وقائع البلاد (سنوات الرصاص / انقلابات عسكرية / احتجاجات سياسية واجتماعية متعددة ومتنوعة و ... ) (١) ؛ لكنه رغم ذلك سجل سُحن بعض مغاربة (الثقافة) و (الفن) آنذاك ببوهميتهم الضيقة ( مَنْ يتابع مشاهد الشريط من الوهلة الاولى ستنطبع لديه صورة سلبية عن مثقفي وفناني تلك الحقبة، وأن ما كان يسمى ب "البرجوازية الصغيرة" ضَلَّتْ (بالضاد) غارقة في حانات السكر في غيبوبة مبكرة لم يك المغرب في حاجة إليها ساعتئذ على الأقل )، و وثق تطلعات الحالمين وأوهام زيف يقظتهم المرتقبة وعبثيتهم التي في غير محلها وطموحاتهم الكفيفة وعجزهم المتلاطم في تجاوز أبراج عاجية لا ضرورة لها طوقوا فيها ذواتهم طواعية بأمزجة آرتدادية ونرجسيات آنتكاسية تضخمت فيها (الأنا) إلى درجة الابتذال؛ فأين نحن من شعارات (المثقف العضوي) و(الالتزام الثقافي) و( الوعي الطبقي ) وما إلى ذلك من صرعات مودات ذلك العهد؛ يبدو أن مثقفينا كانوا وربما مازالوا يعانون من أزمة فصام بين الذي يقول والذي يُقال، بين النص وصاحبه، بين الانتيليجانسي ومجاله الحيوي (٢) ... مما فوت على مجتمعاتنا فرصا حقيقية سانحة للتغيير والتحديث النوعي العميق، وسهل على الأطراف المناقضة المتربصة مهمة مضاعفة الحصار والتطويق والتدجين في مجتمعات أغلب أفرادها وجماعاتها خاضعة كانت ومازالت خانعة مستعدة لمزيد من الإذعان والترويض ... الشريط من إخراج (مصطفى الدرقاوي)، نهج فيه نهج نوع سينما المؤلف التي انتشرت في فرنسا ستينيات القرن العشرين مع (جون لوك غودار) و(فرونسوا تروفو) و(آلان روب غرييه) و(إدغار موران) .. طغى على الفيلم طابع التسجيل الوثائقي بفضل الحركة الإنسيابية للكاميرا المحمولة على الكتف التي تدور لتلتقط المحادثات بشكل يبدو عشوائيا محاكيا لما يكون في الواقع (الإيهام بالواقع) ... يشارك في الفيلم أهم فناني ومثقفي سبعينيات المغرب مثل محمد زفزاف محمد الدرهم وعبد العزيز الطاهري والصحفي خالد الجامعي، والشاعر مصطفى نيسابوري والمخرج شفيق السحيمي ... لكن عنصر المغامرة والمغايرة في هذا الفيلم لا يقتصر على فكرته فحسب بل على ظروف إنتاجه وعرضه أيضا، فالفيلم الذي أنتج عام 1974 لم يعرض سوى مرة واحدة في باريس قبل أن يصدر قرار بمنع عرضه في المغرب، لينتهي الأمر به في خزانة الأرشيف بإقليم قطالونيا الإسباني يطويه النسيان لعقود حتى اعتقد أنه فُقِد ....
☆إشارات : ١_يحكي الشريط استبيانا ميدانيا يستقصي أصحابه آراء بعض الناس في الشارع المغربي وغالبيتهم من الطبقة المفقرة حول موضوع أي سينما يريدونها ؟ وما الذي تحتاجه سينما المغرب ؟ .. وكما هو واضح من السؤال ومضمونه ومرسِله ومن وُجهت اليهم الرسالة وسياقه فإن المعنيين بهذا النزوع يبدو أنهم كانوا خارج السياق التاريخي المغربي آنذاك .... ٢_يبدو أن تفاعُل (المثقف المغربي) مع القضايا الاجتماعية والسياسية وغيرها ظل قاصرا في مقاربة الواقعييْن المتأججيْن، الى درجة يمكن الحديث فيها عن تجاوز ما يحدث ويمور في المجتمع لمواقف أغلب هؤلاء المثقفين، وذلك طيلة سنين خلت منذ (الاستقلال) الى فتراتنا الحالية للأسف .. ويمكن فهم هذه المواقف كردود فعل سلبية آتجاه واقع تقل فيه فرص التعبير عن الرأي والرأي المخالف مما قوى ظاهرة : _الغربة _الصمت _الانعزال _الغموض _النزعة الأكاديمية أو ممارسة الثقافة من أجل الثقافة _الانطواء والإيغال في الذاتية _الترددية _العبثية _الحربائية _الانتهازية _التبريرية _الخ .... ٢ _" إن المثقّفين هم أقدر الناس على الخيانة، لأنهم أقدر الناس على تبريرها " لينين
#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أَمَّا أَنَا، فَالْأَتَانُ أَفْضَلُ مِنِّي
-
آغْرُومْ
-
كَدَمَاتُ آلْحَرِيق
-
أَلْفُ يَدٍ وَيَد
-
اَلْغَزَالَةُ وَآلثَّوْرُ
-
فصاحَ الجَميعُ ... هَااااااا...
-
صَوْتُ آلْخَفَاء
-
اَلسِّرُّ آلدَّفِينُ
-
ثُقْبٌ أَسْوَدُ أَوْ شَيْءٌ مِثْلُ ذَلِكَ
-
أَبْصَرْتُ هَضَباتِ آلْأَحْلَامِ فَعَاوَدْتُ آلْمَنَام
-
مَا وَرَاءَ أَجَمَةِ آبُّوكَالِيبْسْ أَمِيرِكَا
-
هَذا حَبْ الرَّمَّانْ وَتْسَاسْ فْ لَخْرِيفْ
-
اقْتُلُوا آلْمُعَلِّمَ وَفَرِّقُوا دَمَهُ بَيْنَ آلْمَدَارِس
-
عَنَاقِيدُ مَفْقُوءَة
-
اَلْمُفَقَّرُون
-
بخصوص(جحيم بارد) لخليل حاوي
-
غَبَشٌ
-
الخطاطة السردية حسب المقاربة المدرسية
-
ذَاكَ آلدَّمُ آلْفَائِرُ الَّذِي يَسْرِي فِي آلْعُرُوقِ
-
صيغ التفضيل غير الرافعة
المزيد.....
-
رشاد أبو شاور.. رحيل رائد بارز في سرديات الالتزام وأدب المقا
...
-
فيلم -وحشتيني-.. سيرة ذاتية تحمل بصمة يوسف شاهين
-
قهوة مجانية على رصيف الحمراء.. لبنانيون نازحون يجتمعون في بي
...
-
يشبهونني -بويل سميث-.. ما حقيقة دخول نجم الزمالك المصري عالم
...
-
المسألة الشرقية والغارة على العالم الإسلامي
-
التبرع بالأعضاء ثقافة توثق العطاء في لفتة إنسانية
-
التبرع بالأعضاء ثقافة توثق العطاء في لفتة انسانية
-
دار الكتب والوثائق تستذكر المُلهمة (سماء الأمير) في معرضٍ لل
...
-
قسم الإعلام التطبيقي بكليات التقنية العليا الإماراتية والمدر
...
-
نص من ديوان (ياعادل) تحت الطبع للشاعر( عادل جلال) مصر.
المزيد.....
-
مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية
/ أكد الجبوري
-
هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ
/ آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
-
توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ
/ وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
-
مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي
...
/ د. ياسر جابر الجمال
-
الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال
...
/ إيـــمـــان جــبــــــارى
-
ظروف استثنائية
/ عبد الباقي يوسف
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل
...
/ رانيا سحنون - بسمة زريق
-
البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان
...
/ زوليخة بساعد - هاجر عبدي
-
التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى
/ نسرين بوشناقة - آمنة خناش
المزيد.....
|