إلياس شتواني
باحث وشاعر
الحوار المتمدن-العدد: 7804 - 2023 / 11 / 23 - 08:20
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
يعتبر أرثر شوبنهاور (1788-1860م) من أهم رواد الفلسفة المثالية الذاتية و مفكر من أتباع مذهب الذهن. عن طريق حدس مباشر، يرى شوبنهاور أن الشيء في ذاته-أي المطلق- يتجسد حصرا في مفهوم الإرادة (Will). فالحقيقة الواقعية المطلقة هي الإرادة في نظره. الإرادة هي المبدأ الأول في الوجود ثم تليها الأفكار الذاتية المتغيرة. و يمكن القول بأن مفهوم شوبنهاور للمثالية هو إرادي (Voluntaristic)، لأن الإرادة هي الحقيقة المطلقة بدلا من الروح.
و يضيف شوبنهاور على أن الإرادة الإنسانية مرتبطة بشكل وثيق بالتشاؤمية، فطبيعة الرغبة تسير دائما بشكل عكسي في علاقتها بالسعادة، و يضيف أن الرغبة إما تكون في حالة نقص و عوز أو في حالة إشباع و ملل، لكنه في نفس الوقت يظهر بأدلة تجريبية أن البؤس يفوق كثيرا السعادة البشرية. الحل في ذلك يكمن في تأمل الجميل و الجليل في الطبيعة و الفن. فأثناء تلك التجارب، ننسى رغباتنا الفردية و الجسدية و نصبح جزءا من عالم المثل المطلق. فالطبيعة و الجمال ما هما إلا تعبيرين عن إرادة الحياة، لذلك ننسى أنفسنا بشكل مؤقت و ننسى آلامنا لرغبات ذاتية تعي ذاتها.
العالم هو "تمثلي"، و هي حقيقة، يؤكد شوبنهاور، لا يعيها و لا يستوعبها إلى العقل الإنساني. فالعالم الموجود أمامنا لا يوجد إلا من حيث أنه تمثل بالنسبة لأذهاننا. إرادة الحياة حرة، نحددها نحن البشر في طبيعتنا الباطنية، و من ثم فنحن، بشكل أو بأخر، مسؤولون عن الشر الموجود داخل العالم. تكمن خطيئة الإنسان، يضيف، أنه ولد بأنانية محكومة بفردية و أنانية.
يمكن أن تصنف أفعال الناس على أنها لاأخلاقية، كتمثل للأنانية أو الضغينة، أو أخلاقية، عندما تكون مبنية على أساس التعاطف و المشاركة الوجدانية. و في ظل هذه الرؤية التشاؤمية، يقترح شوبنهاور الهروب من العالم كحل جذري، و أن نساعد نحن البشر في القضاء على هذا العالم إن أمكن ذلك. فالإنتحار لا يؤكد لنا هذا الهروب، فهو تأكيد لإرادة الحياة و ليس إنكارا لها. فعندما يموت شخص ما، يولد فرد آخر ليحل مكانه ليعيد بذلك نفس صيرورة المعاناة و الألم.
#إلياس_شتواني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟