إلياس شتواني
باحث وشاعر
الحوار المتمدن-العدد: 7802 - 2023 / 11 / 21 - 18:19
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
يعتبر جورج فلهلم هيجل (1770-1831م) من أبرز الفلاسفة المثاليين الألمان. تدور فلسفته بشكل محوري حول الكون و طبيعة الوجود، حيث أن الوجود هو عبارة عن روح مطلق تمر خلال مراحل عديدة من التطور في الزمان، و تصبح واعية بنفسها و ذكية في العقل البشري. المطلق بالنسبة لهيجل لا زماني، و أزلي، و يحيط بكل شيء، و مكتفي و مكتمل بذاته.
قوانين العقل بالنسبة لهيجل هي قوانين الكون، لأن ما هو عقلي واقعي، و ما هو واقعي عقلي. تتعلق فلسفة هيجل أيضا "بعلاقة الكل بأجزائه" أو ما يعرف إصطلاحا بالجدل (Dialect). فأي موضوع (Thesis) يشتمل على نقيض (Antithesis)، و يتحد الإثنان في مركب أعلى يجتمع فيه الضدان في مركب واحد (Synthesis). هذا الإتحاد يتميز بالصيرورة (Becoming)، حيث يتغير و ينتقل فيها الكيف و الكم إلى "القدْر".
الفكرة المطلقة هي الروح أو "نفس العالم" التي تفكر و هي المقولات، و التي يشير إليها اللاهوت مجازيا بالله. يؤمن هيجل بقوة بأن العقل الإنساني يستطيع أن يكشف طبيعة الواقع النهائي، و يجد في الجدل السبيل إلى المعرفة المطلقة. يمكن تبسيط مذهب هيجل على الشكل التالي:
المنطق (الفكرة في ذاتها) الطبيعة (الفكرة لذاتها)
⇓
الروح أو العقل
(الفكرة في-و لذاتها)
تعالج فلسفة هيجل أيضا مفهوم الروح كتجربة بشرية حضارية. يفرق هيجل بين "الروح الذاتي"، أو السيكولوجيا، أي العمليات العقلية الفردية منظورا إليها بذاتها و بمعزل عن المجتمع، و "الروح الموضوعي" و الذي من خلاله يبلغ عقل الإنسان الحرية و العينية و الموضوعية في العلاقات الإجتماعية. يصبح الإنسان في الأخير في المركب الأرفع-أي في "الروح المطلق"، واعيا بذاته و بالعالم المادي و الإجتماعي من حوله، و يكون في نفس الوقت، من خلال الدين و الفلسفة، ممتنا بأصله الإلهي و مصيره، كأسمى تجليين للفكرة المطلقة.
يجد هيجل في المسيحية التجلي الأكبر للمطلق، فهو يطلق عليها "الديانة المطلقة". فيكون الله الأب هو المنطق، أي المقولات قبل الإدراك البشري، أما الروح القدس فيمثل الواقع الذي يصبح واعيا بذاته في الروح، و يكون متجليا في الكنيسة. و تؤكد عقيدة التثليث على أن المطلق يكون ثلاثة في واحد، لأن المقولات المنطقية، و الطبيعة، و الروح تكوِن كلها متحدةً المطلق الواحد في طبيعته الثلاثية.
#إلياس_شتواني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟