عبد المجيد السخيري
الحوار المتمدن-العدد: 7801 - 2023 / 11 / 20 - 00:15
المحور:
القضية الفلسطينية
قصيدة أخرى كأنها نُظمت في أيامنا، بينما ألقاها صاحب الشهيرة " القدس عروس عروبتكم" سنة 2002 ذات أمسية بحمص. والمناسبة أيضا العدوان الصهيوني الغاشم على غزة. فالتاريخ يعود إلى غزة مرات ومرات، وفي كل مرة نعيد فيها اكتشاف فعل الحرية المختوم بالدم. في كل مرة يُقدّم فيها الشعب الفلسطيني من هذا السجن المفتوح على السماء دروسا في الإباء والكرامة والعزة؛ شعب يُعوّل على نفسه ويسترخص أرواح بناته وأبناءه من أجل أن يعيش حرا وكريما. وفي كل مرة تخذله أنظمة الطغيان المهزومة، لكنه اعتاد ألا يُراهن على هذه الجهة منذ زمن بعيد. فقط أصوات الضمير والحق والشرف هي كل ما يهمّه أن يسمع، وهي اليوم تصدح في كل مكان "فلسطين حرّة"، تتصاعد وتتّسع. والشعراء بين هذه الأصوات الحرة، كانوا دائما شهود الحق، لا يكتفون بوصف واقع الحال، بل يشحذون الهمم ويمدُّون خيط الأمل إلى المستقبل. وهذا ما فعله دائما مظفر النواب مع كل القضايا الإنسانية والتحررية بغضب عارم، وفي مقدمتها قضية فلسطين.
قصيدة غزة
للشاعر العراقي مظفر النواب (1934-2022)
اللهُ في صَفِّ الرجال
غزة
اللهُ في صَفِّ الرجال
يَتَقحَّمونَ ويَستَمِدُّ سِلاحَهُم
مِمّا بِهم مِن عِزّةِ الإيمانِ
عِزمٌ لا يُطال
اللهُ في صَفِّ الرجال
نَصَبوا الفِخاخَ ولَغَّموا اللحظاتِ
مِمّا قاتَلوا ويُقاتلونَ
بِلا وَنَىً
تَعِبَ القتالُ مِن القتالِ
يا غزةَ اللهِ
استَمَدّت بأسَها مِن بأسِهِ
حَشَدوا الدروعَ
الطائراتِ الراجماتِ
مُدَججينَ بِرُعبِهِم
وجدَوا كمائِنَنا بِهِم
في أكلهِم وشرابِهم
لا يُرتجى طِبٌ ولا كَيٌّ
ولا علِمُ الجراحةِ كلهُ
في دائِهِم
فاستَأصِلي
أو أنها العدوى العُضال
يا غزُّ
أوشَكَت الشوارعُ
أن تُترجِمَ سُخطَها لهَباً
وما هذي البُروقُ حبيبتي
إلّا بدايات الحريقِ
أرى عُروشا تَصطَلي
وأرى كراسي الظالمينَ
مقاعداً بجهنمٍ
والمُتخمينَ مِن اليمينِ
أو الشمال
لن يَستَقِرّ
وإن تمادى الاحتلال
سَنذيقُهُ يومَ القيامَةِ
آربيجياتٍ
وناراً مِن جميعِ الجِهات
وسَيحمِلُ المستقبلُ الرشاشُ
عودوا أيها الجرذانُ
للسفنِ التي جاءت بِكُم
عودوا
أيها الجرذان
للسفن التي جاءت بكم
عودوا إلى الأوزارِ في توراتِكُم
عودوا إلى ظُلماتِكُم
الشمسُ مُحرِقةٌ هُنا
الشمسُ أختُ بلادِنا
ومياهُنا سُمٌّ لكم
سُمٌّ يَشلُّ لُهاثَكُم
عودوا إلى الماخورِ
عودوا استَمتِعوا بريائِكُم
بجميعِ أنواعِ الزنا
بالنُقرسِ الفكريِّ
عودوا استَمتِعوا بالليلِ
في بلدِ الظلام
وإن نُضامَ في العَشِيِّ
وفي الزوال
إن الضياءَ بلا ضميرٍ
لا يَشُعُّ سوى
ظلامِ الانحلال.
#عبد_المجيد_السخيري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟