|
لم يهتم بأمرهما أحد
رياض رمزي
الحوار المتمدن-العدد: 7797 - 2023 / 11 / 16 - 02:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الجزء الأول لم يهتم بأمرهما أحد رياض رمزي في طريق عودتها إلى بيتهما، تطلع صابر إلى السماء فلم يجد صابر حتى سرب طيور تجول فيها، أنكر على نفسه فكرة أن الحالة لها صلة بما سيحدث، وكي يفكر بنقيض ما يرى قال لنفسه ربما نتاج مزاج سوداوي مرده عواصف تحمل ترابا أحمر. كان يرتدي قميصا أبيض تراكمت عليه طبقات من تراب فصارت هيئته لا تشبه مدرس لغة عربية يقارع مزاجه السيئ بأشعار الغزل التي كان يستخدمها في ليالي كآبته المظلمة مثل مصابيح فواصلها قريبة لتبدو ليلته مضيئة. تملكته رغبة في قول بيت شعر قال لها أنه يتعين عليه قوله مثل فاكهة يتم تناولها وقت الحوع. أجّل سعيه عندما وجد رقية تكبح حماسه. اعتقد صابر أن قرارها متسرع وأنها تفتقد للشاعرية برغم أنها قبل اسبوع واحد ألحت عليه بوضع وردة في عروة سترته. حيت قال لها حسنا سأقول بيت الشعر عندما ندخل غرفة الانتظار في البيت. نظرت إليه نظرة تحمل الكثير من المعانى. نوع من الحزن في رفضها ، كان من الصعب عليه إثارة فضولها، هي لم تتحدث، كأنها باتت تحدس بالطارئ وغير المتوقع. مسحت العرق المتجمع حول جبهتها الشبيهة بجبهة الراهبات. كان انجازها النادر في حياتها أنها تحدس ما سيحدث. في تلك اللحظات كان لديها استحواذ كامل على ما سيحدث. أغلب الظن أنها شاهدت من يطرق باب البيت مرات. لم تستعن ساعتها بالغموض. ساهمت هيئة مجموعة الرجال ومظهرهم الأوربي وحجم غياب الشفقة الحظيرة.الشفقة لديهم في قلع الباب بطريقة تشبه ثيرانا فتحت لهم باب الحظيرة. كانوا يرتدون رداء عليه نجمة داود اعتراهامرزوج وزوجه اسمه صابر واسمها رقيّة، استقر بهما المقام أمام بيت يدعيان ملكية يعود زمنها لزمن قررت فيه قوى عليا أن لا تبالي أن الزمن لم يعد حليفا لهما أو ما يطلق عليه تسمية تحت حكم الظروف وهي الوصول إلى حالة يقال عنها أنها موطن الانتحار وهي حالة لا يأتيها الله إلا مرة في كل مائة عام حينما لا يبالي بهموم من جاء بهم إلى الدنيا. لا يتمكن المصاب به من عرض حزنه على الملأ، ليس خوفا من أن يصيب الخالق ندم، بل يصل به الرعب أنه سيرجو الخالق الصفح عن ذنب ارتكبه وأبلاه الإعياء وهو يبحث عنه. لم تجد رقيّة غير ترديد دعاء قالت لها أمها أن من يردده على مسمع لن تخيب الملائكة ظنه في نقله مباشرة كي لا يحسب أحد ويشك في افتضاح جهل الساكن في الأعالي بما يجري في مملكته. تذكرت كيف وقف صابر وهو يستمع صامتا لأمر بإخلاء منزله الذي ورثه كابرا عن كابر ، بدون أنفة وبدون شموخ ، ليس كمن يرفض أمرا بل كمن لم يسمع به. عندما أجبر على الخروج لم يشأ أن يرتدي ملابس خَلقة عتيقة كي لا يشعر بأنه متسول جديد. فللمتسولين زي رسمي كما حسب. خرجا من البيت بكدسة مستعجلة من ملابس مثل دويبتين جلستا على عتبة جحريهما يقاومان الاحتضار. ترددا كثيرا في تغيير ملابسهما، كي لا يلتحقا بركب متسولين لهما زي رسمي معترف به. خرجا سائرين قرب الجدار سير قطط خائفة وهما يريان من يحمل حجرا سيوافي وجهيهما به إن قررا تغيير خط السير والعودة. حين صدر أمر بإخلاء الدار تذكرت أنها قرأت خبرا في جريدة تحت صورة لمشهد تحته تعليق يقول " حتى المستنقعات تعتبرها الطيور أماكن اصطياف". أطلقت صرخة بدا من شدتها أنها راكمت ما فاق نصيبها من أذى. عندما رأى الأمريكي وزوجته ساكنا البيت صابر ورقية غلظ صوتهما، كل ما استطاع قوله ما هو ذنبي إن كان هناك ظلم كبير. هو يعرف إن هناك أمثال خرجت من التداول ولم تعد تستخدم" لكل ظالم يوم". كان صابر يكلم نفسه وهو ينظر لبيته العتيق نظرة تسببت في تصعيد ذهول الأمريكي الذي أدرك وهو يشاهد الضعيف الذي هو مذنب دائم، أن العربي يلجأ لتحريك شفتيه كأنه يتكلم إلى لا أحد ، أنه يحاول درء وحشته بالكلام مع نفسه كي ينسى أنه مهزوم ووحيد. الأمريكي يعرف أن سطح الماء الهادئ لا يعني أن الأسماك تحت الماء تمارس قيلولتها. في غمرة غضبه طالب العربي وزوجته بدليل. لم يكن لديهما لا مفتاح ولا شهادة ملكية. كي لا تكون هناك شبهة في ما ادعياه لقيت الزوجة توفيقا من عقلها فرفعت ثوبها وسط دهشة الأمريكي، ووسط هيجان زوج ازداد حرجه وهو يرى الزوجة تنتهك حرمة جسدها، فلم يوفق لمعرفة هذا العري السريع وليصحح حكمه على رقيّة، ولم تستبن له نواياها، صرخت بوجه ضارب لصفرة بلون الخردل قالت لصابر " خلّي أراويهم كلبي وأكلهم يرهَم عليه مفتاح".( مظفر النواب) لم يكن الوقت ظلاما عندما وقفت العجوز مع زوجها أمام بيتها القديم. وفقا للضوء لم يكن وقت ظلام يمنعها من إنعام النظر، ولم يكن وقت طردها من البيت موغلا في البعاد. عندما جاء بها زوجها ووقفت أمام البيت، انثالت منها ذكريات خرجت منها بدون استئذان وهي على أعتاب السبعين، كلما حاولت أن تفرش عليها طبقة من القار، كلما خرجت أنصع كأن القار قطرات من الندى زادتها نماء، مع كل قطرة تنتفض الذكريات مثل طير مبلل راح ينفض رأسه ليحلق في سماء مملكة الأحياء. عندما وقفت ترى بيتها العتيق حلت على وجهها صفرة هي عين ما يرتاب منها الأطباء برغم أن هزالا تلبّس جسدها كأنها سعت لوقاية أعصابها انتظارا لهذه الساعة عن طريق عدم الغور بعيدا في أيما مشكلة تواجهها كي تحافظ على نسيج عقلها سليما متذكرة كيف كانت هنا في هذا البيت تحاول الحفاظ على المصابيح الكهربائية مطفأة للاحتفاظ بالطاقة كي تجعلها تعمل تعمل لأطول فترة ممكنة. وحدهما العينان كانتا طافحتين بالنظر.رفعت رأسها وراحت تنظر إلى الطابق الثاني نظرة يعقوب نحو رأس السلم أين كان يهوه يقف. رأت بعين خيالها الكوى خلف الجدران أين كانت تضع أعواد البخور المشتعلة، حتى أن أنفها استطاع اللحاق برائحة الكافور الذي لم يبل أنفها الإعياء من هبوب رياح حاولت الحاق هزيمة مؤكدة به، وكأن مرور حقب جيولوجية لم تتمكن من جعل أريجه شائخا فلم تمتنع من تفاصيل كثيرة من القدوم إليها، لأن عقلها كان غالبا ما يباغتها بخواطر تتربع على وجدانها، حتى أنها حين رأت الحديقة جاء إليها أريج زهور ظلت رابضة في الأنف ولم تتقهقر أبد كأنه رفض مسعاها قائلا" ما أنا بذاهب". أطلقت دون وعي منها شعرها وهزته كأنما حزنا على ميت، وهي لهذا اليوم حافظت عليه، وسأقصه بعد أن استنفذ مهمته ولم تعد له فائدة ترتجى. كان صابر ينظر إليها بوجه عبوس ويمسك أنفه و النظر نحو الجوانب والشرود الدائم متجنبا النظر نحوها وهي رباعية تقتصر على كل من تعرض للخيانة في حياته من هو غير جدير بالعيش معها وإن تم التعايش مع نكبته فلا أكثر من شهر واحد، وهو يشاهد من ابتلعا لقمة كبيرة، الأمريكي وزوجته يقفان أمامهما ولم يغلقا الفم من شدة تواصل لوك لقمة مجانية، ربما لكي يُري الزوج العربي وزوجته أن لم تعد ثمة فائدة ترتجى ولن يحالفها توفيق إن راودتهما فكرة إخراج اللقمة، كمن ليس بميسورهما فك عربة أقرنت وراء دبابة.
#رياض_رمزي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يوم أُصبت بالحمى
-
حول الحرب بين روسيا وأوكانيا
-
مقتل الشاعر
-
النخب الإسلامية
-
ضحك كالبكا الجزء الثاني
-
عراق الجهل بين السخرية والهزل
-
القديس مارادونا شهيدا
-
ضحكٌ كالبكا
-
لديّ ما أتحدث به
-
ألله يحب عباده العلماء
-
من رمزيات رياض رمزي
-
حول الطقوس
-
ذكرى استشهاد تشي جيفارا
-
الجهل في أرض المتنبي
-
تغريدة لثورة تموز خارج السرب
-
العزلة في زمن الكورونا
-
عفيفة لعيبي: تحويل صناعة الأحزان إلى كسبٍ مشروع، أو الحزن حا
...
-
موت مواطن لا ينتمي إلى وطنه. رياض رمزي
-
فائز الزبيدي مقاتل أجبر على هدنة أبدية
-
الميليشيات والاغتيالات
المزيد.....
-
الملكة رانيا والأمير الحسين يهنئان ملك الأردن بعيد ميلاده
-
بعد سجنه في -معسكر بوكا-.. ماذا نعلم عن أحمد الشرع الذي أصبح
...
-
الجولة الثالثة.. بدء إطلاق سراح الرهائن في غزة و110 أسرى فلس
...
-
من هي أغام بيرغر الرهينة التي أطلقت سراحها حماس الخميس؟
-
هواية رونالدو وشركائه.. هذه مضار الاستحمام في الماء المثلج
-
سقطتا في النهر.. قتلى في اصطدام طائرة ركاب بمروحية عسكرية قر
...
-
مراسم تسليم الرهينة الإسرائيلية آغام بيرغر للصليب الأحمر في
...
-
-كلاب و100 ضابط من أوروبا على حدود مصر-.. الإعلام العبري يكش
...
-
أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يصل إلى دمشق في أول
...
-
دقائق قبل الكارثة.. رجل يكشف آخر رسالة من زوجته قبل حادثة مط
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|