أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - مهدي النجار - جدليات ابن خلدون














المزيد.....

جدليات ابن خلدون


مهدي النجار

الحوار المتمدن-العدد: 1738 - 2006 / 11 / 18 - 11:39
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


جدليات أبن خلدون:الدولة/العمل/التجارة

افترق ابن خلدون بفارق نوعي في انتهاج درس التاريخ عن أسلافه ومعاصريه وقبض على مفتاح فهم التاريخ قبضاً معرفياً،وذلك بكشفه عن المجال العمراني الذي انتظم حوله الفكر الخلدوني،وقد لاحظنا أن هذا المجال يتأسس في بنيتين،هما البدوية والحضرية، وان المحور الرئيس الذي ُيحرك هاتين البنيتين سواء في تكونهما أو صيرورتهما الانتقالية،هو محور "العصبية" وعند تحديد هذا المحور الاجتماعي الهام ينبغي تثبيت حقيقتين اشتغل وفقهما التنظير الخلدوني:أولاً،عدم إهمال الفضاء الجغرافي الذي نظر له.وثانياً،عدم إهمال الزمن الذي نظر فيه. فمن حيث الفضاء الجغرافي فهو بالضبط فضاء أفريقيا الشمالية،خاصة مناطق المغرب،إما زمن تاريخه فيرجع إلى فترة القرون الوسطى وبالتحديد القرن الرابع عشر الميلادي.
حددت الخلدونية مفهوم العصبية باعتباره واقعاً اجتماعياً وسياسياً معقداً جداً ، يبرز بشكل واضح أثناء الانتقال من البنية البدوية إلى البنية الحضرية،ولا ينتفي بعد ذلك بصورة نهائية إنما يبدا بالتخفي أو يأخذ أشكالاً تتناسب مع الوضع الحضري.ولا تعتمد العصبية صلة الرحم فقط، بل كذلك الولاء والحلف ،وهي تأخذ شكلين أحدهما ينتقل إلى الآخر كلما اقتضت الحاجات وضرورات التعايش ،الشكل الأول،عصابة واحدة تعتمد النسب العام،أما الشكل الثاني ،عصابة واحدة تضم عصبيات متعددة لانساب خاصة هي اشد التحاماً من النسب العام للعصابة الكبرى.
يعتمد التكون البدوي كما هو معروف على قاعدة التنظيم القبلي فان شكله لابد أن يكون هرمياً سواء داخل العصبة الواحدة أم داخل مجموع العصائب الملتحمة.إن قمة هذا التشكيل الهرمي هي "الرئاسة" ولا يتم هذا التشكيل وقمته "الرئاسة" إلا بالية الغلب،إذن "الغلب" هو الشرط الأساس للتكون العصائبي،ولكن لماذا هذا الشرط؟ يجيب ابن خلدون: "لان الاجتماع والعصبية بمثابة المزاج للمتكون والمزاج في المتكون لا يصلح إذا تكافات العناصر فلابد من غلب أحدها و إلا لم يتم التكون" (المقدمة) إن تصدع هذا العامل الداخلي يعيق "القبيل" من نموها واكمال سلطتها القبلية وبالتالي لا تستطيع حيازتها الملك،واهم العوامل المصدعة لهذا العامل الداخلي (الغلب)هي:حصول الترف وانغماس القبيل في النعيم، المُذلة للقبيل والانقياد إلى سواهم. هنا تصاغ افضل جدليات الماضي كالآتي:
أولاً:لا يكف العامل الداخلي(أي المحور العصباني) عن كونه العامل الأساس في تكون البنية البدوية ويسعى كذلك ليكون عاملاً إنمائياً وتطورياً.
ثانياً: يظل هذا العامل الداخلي (المحور العصباني)لعلى أهمية كبيرة في تحريك البنية البدوية ونقلها إلى البنية الحضرية وتنظيماتها السياسية.وبقدر ما يكون عاملاً إنمائياً وتطورياً،إلا انه يتحول إلى عامل هدم،يُدمر البنية التي أسسها هو نفسه،أي يهدم البنية البدوية ليؤسس البنية الحضرية ومؤسستها التنظيمية "الدولة".
ثالثاً:تتصاعد جدلية العامل الداخلي(المحور العصباني) عندما يتصدع هو نفسه وينهار،حين تبدا "العصبية" بالانحطاط والتفتت ،تبدا معها انهيارات البنية الحضرية، وهنا يظهر فساد مؤسساتها وتفكك دولتها.
اكثر ما يدهشنا في تفسيرات ابن خلدون هو هذا التفسير العقلاني لظاهرة الاجتماع الإنساني،فيضع "تحصيل الحاجة" كلبنة أساسية في تركيب الاجتماع الإنساني وتطوره، وهل يعني "تحصيل الحاجة" أي شيء دون مدلولها الأساس وهو العمل (بحسب مفاهيمنا المعاصرة)؟ أبداً لا. وماذا يعني العمل دون العمران(أي الاجتماع)؟ إنها مفاهيم فائقة التجريد، رفضت الخلدونية العمل بها مجردة،فعملت على صياغتها في علاقات شديدة التماسك،فالعمل لا يتم إلا داخل الاجتماع ولاجله :"لان البشر الواحد غير مستقل بتحصيل حاجاته في معاشه وانهم متعاونون جميعاً في عمرانهم" (المقدمة/ص360 ) وتقسم الأعمال بعد ذلك إلى أصلية تختص بالمعاش وترتبط بصورة أساسية بحاجات الناس الضرورية(وهي الأقوات من الحنطة وما في معناها)، وزائدة (أي الحاجي والكمالي) تختص بالترف والغنى (مثل الادم والفواكه) ،والعمل بحسب رأي ابن خلدون ،ليس هو الذي يعني شيئاً وانما قيمته.
إن "التجارة" هي عامل أساس في اقتصاديات البنية البدوية خاصة في طورها النهائي،أي طور تحولها إلى بنية حضرية وهي عصب ودينامية تلك المجتمعات،والتحليل الخلدوني يتعارض(أو يتقاطع) مع عدة اعتبارات تتعلق بأخلاقية وتشريعات ذلك العصر، فهي أي التجارة كما يرى ابن خلدون:
ـ "وان كانت طبيعية في الكسب فالأكثر من طرقها ومذاهبها إنما هي تحايل في الحصول على ما بين القيمتين في الشراء والبيع لتحصل فائدة الكسب من تلك الفضلة" .(المقدمة/ص383 ).
ـ عند العمل بها" لابد من الغش والتطفيف المجحف بالبضائع ومن المطل في الأثمان المجحف بالربح" ( المقدمة/ص395 ).
ليس من حقنا أن نُصدر أحكاماً بحسب مفاهيمنا المعاصرة على "المقدمة"التي أنتجها ذاك المفكر المبدع ابن خلدون وسط وعورة القرون الوسطى القاسية وليس من حقنا التعامل معها وفق أنماط مفاهيمنا الحديثة أو إسقاط تلك المفاهيم عليها،لان ذلك يلغي المشروطية التاريخية والظروف الاجتماعية للأعمال التراثية الجبارة التي أنتجها الأسلاف.
ــــــــــــــــــــ
*



#مهدي_النجار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا تخلف المسلمون وتقدم غيرهم
- الدستور والتمويه الثقافي
- رسالة في التسامح
- من اجل قراءة معرفية للتراث
- ماذا نفعل مع ثقافة العولمة
- مذهب للكراهية...مذهب للتسامح
- جدلية الثقافي والسياسي
- الجدل روح الثقافة
- الدستور من الطائفية الى العلمنة
- الفضاءات الطوباوية وهدر الدم
- بغداد بين الشريعة والحكمة
- الاسلام المتنور وثقافة العنف
- الذكرى السنوية السابعة لرحيل البياتي
- كيف يمكن ان نعيش سويا ومختلفين
- البياتي شاعر الحب واللِّماذات
- الحركات المطرودة من التاريخ
- اسئلة المثقف الاشكالي
- مسكويه فيلسوف الادباء
- الاكراه والاختيار في الخطاب الاسلامي
- الذكرى المئوية السادسة لرحيل العلامة ابن خلدون


المزيد.....




- من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد ...
- نجل شاه إيران الراحل لـCNN: ترامب و-الضغط الأقصى- فرصة لإنشا ...
- -لقد قتلت اثنين من أطفالي، فهل ستقتل الثالث أيضا؟-: فضيحة وف ...
- كيم: المفاوضات السابقة مع واشنطن لم تؤكد سوى سياستها العدائي ...
- الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص ...
- ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
- مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
- إيران متهمة بنشاط نووي سري
- ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟ ...
- هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - مهدي النجار - جدليات ابن خلدون