يا غَادةَ الغادات
يا صَدِيقةَ النوارِس والْبِحَار
كيفَ تَلتَقطينَ الكلمات ..
اللحظات الهاربة
مِنْ شيخوخةِ هَذا الزَّمان!
بِفَرَحٍ عَميْق
أقْرَأُ (لَحظات الحرّية) ..
لَحَظاتُكِ تَخْتَرِقُ
جِدَارَ الحارات العتيقة
تَسْتَوْطَنُ هِضابَ الذاكرة ..
أتشوَّقُ دائمَاً لَحَظَاتكِ الإبداعيّة ..
أَيَّتُها السَّابِحَة فِي بِحَارِ الكلمات ..
أيَّتُها الصَّاعِدَة
نَحْوَ أحضَانِ الْفَرَح ..
مُنْذَهِلٌ أنَا ..
كَيْفَ تَرْسمُ غَادَة الْكَلِمَات؟
كَيْفَ تَلْتَقِطُ هَذهِ اللحظات؟
لَحَظَاتُكِ مُعَبَّقَة بأَريْجِ النَّعْنَاع
وَوُرُوْدِ الشَّام!
لَحظَاتُكِ حَالةُ فَرَحٍ لا مَحَال
حَالةُ سُمُوٍّ وَانْتِشَاء ..
هَلْ تَقْتَنِصِيْنَ كَلِمَاتَكِ
عِنْدَ الضُّحَى
أَمْ أنَّكِ تَلْتَقِطِيْنَها جِلْسَةً
مِنْ أفواهِ النجومِ؟!
يا صَدِيْقَة الليْل
وَمَلائِكة الليْل! ..
بَيْنِي وَبَيْنَ لَحظاتِكِ اِلْفَةٌ غَرِيْبَة ..
اِلْفَةٌ وَلا كُلَّ الالْفَاتِ!
يَا غَادةَ الغادات
أَنْتِ غَابَةٌ كَثِيْفَةُ الاخْضِرَار
كَمْ أرْغَبُ عِنَاقَكِ
يَا غَابَةَ الْغَابَات!
عِنَاقِي لَهُ نَكَهَةُ الاشْجَار
لَهُ مَذَاقُ الطُّفُوْلَة
شَوْقُ الإنْسَان إلى أخِيْهِ الإنْسَان!
يا صَدِيْقَةَ الكلمات
لَحظَاتُكِ مَطَرٌ مُكَثَّفٌ بالفَرَحِ
هَاطِلٌ مِنْ صَدْرِ السَّمَاء!
لَحَظَاتُكِ بَلْسَمٌ يَشْفِي
جِرَاحَات غُرْبَة الإنْسَان!
أنتِ رؤى مُلُوَّنَة بأرِيْجِ الْحُرّيَة
تَتَوَهَّجِيْنَ لُؤْلؤاً مُذَهَّبَاً بالإبْدَاع ..
إنِّي أغارُ مِنْكِ
أَيَّتُها المعْتَكِفَة كَالْقَدِّيْسِيْنِ
في مِحْرَابِ الْحَيَاة ..
أيَّتُها الْمُتَرَبِّعَة فوقَ شَهْقَةِ الْحَيَاة
إنّي أفْتَرِشُ دَائِمَاً (لَحَظاتَكِ)
بِرَحِيْقِ غُرْبَتِي
بِغَابَاتِ اِسْتُوكهولم
وَالْيَاسَمِيْنِ الدِّمَشْقِي!!
ستوكهولم: 28 . 5 . 1995
صبري يوسف
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم
[email protected]