سليم البيك
الحوار المتمدن-العدد: 1737 - 2006 / 11 / 17 - 07:37
المحور:
الادب والفن
(عروس في الجليل)*
من مكاني, في الشتات حيث تحاصرني عنكم حدود كل الدول و النكبات, أبحث بلهفة عما يُنشر منكم و عنكم على صفحات افتراضية من كلمات و صور أملأ بها ذاكرتي, علّني لا أكونُ غريباً عن الأبواب و الحفلات فور عودتي. قرأت عن مهرجان ترشيحا و فيلم "عروس الجليل" لباسل طنوس. الفيلم الذي لم أشاهد, عرفت أنه يحكي قصة فاطمة الهواري التي لم أعرف والتي قُصف بيتها في نكبة الـ 48 في ترشيحا, بلدتي التي لم أسكن. برغم كل هذا البعد المحاصَر تتسلق كياني, و من كل النواحي, رغباتٌ متلاحقة في الكتابة عما لم أشاهد أو أعرف أو أسكن.
-1-
"عروس الجليل", الفيلم الذي طرح سؤال النكبة مجدداً, و جاء الطرحُ هذه المرة بما يحتاج له موروثنا الشعبي المحكي و المكتوب في روايته لما رَتّب له القدرُ في غفلة منا عام 48. جاء بحالة فردية تَعبقُ بالأسماء. فذاكرتنا الجمعية عن نكبتنا لا يكتمل تخليدها إلا بقصص فردية عن مكان و زمان و أشخاص محددين, أدلةً ملموسةً على بشاعة الاحتلال بما يعجّ به من تناقضات تناحرية مع جمال فلسطيننا و جليلنا و عروساته.
-2-
عمتي فاطمة الهواري, بطلة الفيلم الجليلية الجميلة, التي علمتُ, بعد السؤال عنها, بأن جدي في ترشيحا قبل النكبة, و كل شباب جيله كانوا يتخذونها عشيقةً من دون علمها. أقول عمتي فهي أخت المرحوم أبو مروان زوج منتهى أخت جدي أبا أبي أحمد المعروف بزينون, جدي المناضل الترشحاوي المزمن الذي سُمّيت باسمه و ورثت بندقيته قلماً. قد تكون كل هذه اللفة محاولة للاستنجاد بحالة فردية أخرى, تخصني, تربط بين المتشبثين الباقين أبداً هناك, و المشتتين في كل "هنا و هناك", تربط بينكم و بيني.
-3-
ترشيحا, آه يا من هربتِ عابرة السبع سماوات لتحطّي في أحضان الأرض المسماة فلسطين. يا من أتيتنا محمّلة بحور عينٍ ملأت الأرض بركاتٍ جليليةٍ و أنوثةً لم ترُق لحقد الاحتلال فقصف إحداهن. احفظي لي مكاناً فيك لأتعبّد و أرقص و أغني و أشرب و أعشق و أكتب فلم ارتكب أياً من هذه الحماقات بعد.
تمنياً..
احفظوا لي نسخة عن الفيلم, قبلة من فاطمة أغيظ بها جدي الذي يغيظني- عن غير قصد- بقصصٍ عن ترشيحا و ما تحفظَ له من ذكريات. و احفظوا لي كل التفاصيل هناك, كل القصص, لتحكوا لي ما فاتني من يوميات بلدتي.
* رسالة ألقيت في حفل "يوم ترشيحا" ككلمة من ترشحاوي لاجئ إلى أهاليه و بلدته في ذكرى سقوطها الـ 58.
#سليم_البيك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟