أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاتف جنابي - الكاتب البولندي ريشارد كابوشتشينسكي نموذجا للكتابة عن أثمان الحياة















المزيد.....


الكاتب البولندي ريشارد كابوشتشينسكي نموذجا للكتابة عن أثمان الحياة


هاتف جنابي

الحوار المتمدن-العدد: 1737 - 2006 / 11 / 17 - 11:10
المحور: الادب والفن
    


تكتمل عبر شخصية كابوشتشينسكي فعلا صورة المبدع الخلاق والإنسان: كيف يتطور المرء وكيف يصنع لنفسه بورتريه كاتب مؤثر وإنسان واسع الثقافة والخبرة والحكمة. أوروبي بملابس إفريقية، لاتينية، وآسيوية. صحافي يتحول إلى كاتب متأثر ومؤثر بأحداث عصره، كاتب يحمل الواقعية التي كنستها الأحداث مانحا إياها حصانة الإبداع وسمو الفكر الإنساني المستنير المتسامح. كيف أنظر لنفسي بمرآتك أيها الآخر، وكيف ترى نفسك فيما أكتب؟
ولد ريشارد كابوشتشينسكي(Ryszard Kapuscinski) في الرابع من آذار/مارس 1932، في منطقة (بينسك) الواقعة اليوم ضمن الأراضي البيلوروسية. في سنوات 1952-1956 درس في قسم التاريخ في جامعة وارشو. بعد تخرجه من الجامعة ارتبط بهيئة تحرير صحيفة"راية الشباب" الصادرة في وارسو آنذاك، حيث لفت الانتباه إلى موهبته في كتابة الريبورتاج الصحفي. بفضل تقاريره عن مصنع الحديد"نوفا هوتا" في جنوب بولندا حصل على ميدالية"الصليب الذهبي لخدماته". بعد حصوله على الجائزة تم إرساله إلى بكين في أول رحلة صحفية له خارج البلاد. لكنه سرعان ما قطع زيارته ليعود إلى بلاده تضامنا مع هيئة تحرير صحيفته المذكورة، في خضم العصيان الذي حل ببولندا في العام 1956، ولهذا السبب جرى فصله من الصحيفة. لكنه وبعد فترة من ذلك أصبح رئيسا لقسم المحليات في مجلة"السياسة" الأسبوعية. بفضل عمله الجديد أخذ كابوشتشينسكي يكتب ويسافر كثيرا، بحيث جلبت له الريبورتاجات المحلية شهرة متنامية. لكنه كسب شهرة أكبر بفضل التحقيقات التي كتبها عن الحرب الأهلية في الكونغو في العام 1958. لهذا يمكن اعتبار رحلاته لقارة إفريقيا بمثابة امتحان لموهبته الكبيرة ولتوجهاته الكتابية في المستقبل التي أخذت تميل بوضوح إلى الاهتمام بشؤون وأحداث الدول الناهضة. علينا أن نتذكر من الآن فصاعدا فكرة أخذت تلاحق كابوشتينسكي متمثلة بالكشف عن معاناة الإنسان والشعوب في البلدان ذات التوترات الداخلية أو تلك التي تمر بمرحلة ما كان يطلق عليه" مرحلة التحرر الوطني". هذا يعني أن عقل ومزاج وتفكير كاتبنا أخذ يسير بلا رجعة إلى الانفتاح على الآخر، في زمن النكوص الفكري والأيديولوجي والإحباطات التي تحيط بالعالم المعاصر. بفضل رحلات كابوشتينسكي إلى إفريقيا أصبح أكثر قناعة بأن الريبورتاج الصحفي يمكن الارتفاع به إلى مصافي الأدب الرفيع، مع المحافظة على طابعه الواقعي من حيث التصاقه بهذا الحدث أو ذاك. ومن هنا يبدو لنا أن اهتماهه بالبلدان الناهضة(النامية) نابع من إحساس لديه بأنه عمل إنساني نبيل ومثير، يقترب من الكشف والإبداع. كان كتاب"أدغال على الطريقة البولندية" الصادر عام 1962 أول كتاب يصدر له، متضمنا تحقيقات عن شؤون بولندا. في نفس السنة حصل على عمل في وكالة الأنباء البولندية بحيث فتحت أمامه آفاق واسعة للسفر والتحرك، حتى تم إرساله مراسلا إلى إفريقيا لمدة ست سنوات! وعليه فتنقله في إفريقيا من حدث إلى آخر وتواجده على الساحة، جعله أحد أكبر العارفين بما ستؤول إليه الأوضاع والأحداث في تلك القارة الصاخبة في تلك الفترة. لقد وصل كابوشتشينسكي إلى أماكن لم يصل إليها الآخرون. كان يقول: إنه كتب فقط عمّا رآه بأم عينيه وعاناه حقا. لكنه كلما توغل أكثر في معرفة الآخر ازداد شغفه به، وبالكشف عن خباياه. لقد غامر بصحته وحياته. في العام 1966 عاد إلى بلاده، بعد إصابته بالتدرن وبمرض السحايا بسبب الملاريا، وما يزال جسده جراء ذلك معتلا حتى اليوم. لم يحتمل كابوشتشينسكي البقاء في مكان واحد، لذا سافر إلى القوقاز. كان من نتائج هذه الرحلة صدور كتابه "القوقازي يترجل من حصانه"(1968).
في ذات السنة سافر إلى أمريكا الجنوبية لمدة خمس سنوات حيث عمل مراسلا صحفيا في تشيلي والبرازيل ومن ثم المكسيك. لقد كان شاهدا على أحداث جسام وتحولات ضخمة: على عصيانات ومقاومة وانقلابات عسكرية وسفك دماء وتحولات كبيرة. صدر له بفضل إقامته تلك كتابان هما: "المسيح ببندقية على الكتف"(1975) و"حرب كرة القدم"(1978).
كاتب صحفي بعقل وطموح كابوشتينسكي لايمكنه أن يستقر في مكان واحد ويستسلم لما ستسوقه الأقدار. كان يتحدى المقادير، متقدما لملاقاة المخاطر بحثا عن مواضيع وأحداث جديدة مثيرة. قطع إقامته في أمريكا الجنوبية عائدا إلى بولندا، بيد أنه سرعان ما عاد إلى المكسيك.
بعد إفريقيا وأمريكا الجنوبية ينطلق كابوشتينسكي في العام 1974 لزيارة آسيا وإفريقيا، ومن ثم يتوجه في السنة التالية إلى منطقة الشرق الأوسط، ليزور بعدها أنغولا في العام 1975/1976، وينشر عنها كتابا بعنوان" ثمة يوم آخر من الحياة"(1976).
غير أن أهم كتبه في تلك الفترة، باعتقادنا، هي"الإمبراطور"(1978)،عن هيلاسيلاسي (امبراطور إثيوبيا) وكواليس حكمه ومرحلته التوتاليتارية، و"شاهينشاه"(1982) عن إيران وشاهها وأحداثها، وهما من خيرة كتبه، بل يمكننا القول غير مجازفين: إنهما كتابان رائعان، ينتميان إلى الأدب أكثر من عالم الصحافة، ارتفعا بمؤلفهما إلى مصافي عالم الكتابة الإبداعية المجتهدة المفكرة، المرتبطة بحدث تاريخي أوشخصية تاريخية أوأحداث، مهما كانت طبيعتها. كتابان فيهما الكثير من عمق التحليل وبعد النظر والجهد والمثابرة. بهذين الكتابين أخرج كابوشتشينسكي الكتابة الصحفية من إطارها ورتابتها المعهودة إلى عالم أرحب، مركب وأخاذ، صادما القاريء ومجتمع الكتاب على السواء. بهذين الكتابين ضرب المؤلف ضربته القاضية على الصعيد العالمي، حيث أصبح كاتبا معروفا عالميا، بعد أن ترجم كتاباه إلى لغات عدة، منها الإنجليزية والفرنسية واليابانية والفارسية وسواها، كما وتم إخراج الإمبراطور مسرحيا في أكثر من بلد، حيث عرضت مثلا في كل من امستردام وبودابست وأوسلو.
حينما حلت سنوات الثمانينات في بولندا وهي سنوات عاصفة بأحداثها، أخذ كابوشتشينسكي يميل إلى التأمل أكثر من ذي قبل، بحيث أصبح معروفا أيضا كشاعر ومفكر ومعلق على الأحداث هنا وهناك. صدرت له مجموعة شعرية بعنوان"دفتر ملاحظات"(1986)، و"منقوشات حجرية"(1990) – مجموعة من الحكم والأفكار حول الحياة. في العام 1993 صدر له كتاب"الإمبراطورية" عن رحلته إلى الجمهوريات السوفياتية السابقة وعن التحولات الجارية فيها بعد سقوط الاتحاد السوفياتي. بعدها أصدر كتابا بعنوان "الأبنوس"(1998) يمثل عودة إلى الموضوع الإفريقي، وهو كتاب ممتع وجميل جدا. في العام 2000 يصدر الجزء الرابع من المنقوشات، وفي نفس السنة يُصدر المؤلف ألبوما فوتوغرافيا عن إفريقيا. وفي سنة 2002 يصدر له الجزء الخامس من المنقوشات، يليها في السنة التالية كتاب"صورة المراسل الشخصية". في العام 2004 أصدر كتابا ممتعا ومثيرا للغاية، صار حديث الصحافة لفترة، بعنوان:" رحلات مع هيرودوت". على أنه أصدر في سنة 2006 كتابين هما: "قوانين الطبيعة" و"هذا الآخر".
إذن نحن إزاء كاتب متميز وغزير الانتاج، يدلي بصوته في هذا الحدث الهام وذاك، معززا كتاباته بسلسلة من المحاضرات واللقاءات والمساهمات والندوات داخل البلاد وخارجها، محاضرا في هذه الجامعة البولندية أوتلك الأجنبية، حتى أنه حصل على درجة الدكتوراه الفخرية لعدة مرات.
يمكننا اعتبار كابوشتشينسكي مثالا للصحفي الطموح الذي ينقلنا من عالم الصحافة المثير والمعتاد بنفس الوقت، إلى عالم الكتابة الإبداعية. وهنا يكمن سر وأهمية هذا الكاتب.
على أن كابوشتشينسكي لم يحشر نفسه في إطار الصحافيين – الكتاب التقليديين، والدليل على ذلك هو ما كتبه لحد الآن، بدء من "الإمبراطور" وصولا إلى آخر ما صدر له.
يكمن سرّ أهمية ما يكتبه، باعتقادنا، في عمق أفكاره ومتعة أسلوبه وكونه حافلا بما هو مثير وممتع أولا، وفي إنسانية طروحاته وانفتاحه على الآخر سواء كان مغايرا لونا أو تفكيرا.
أخذت أقرأ ما يكتبه كابوشتشينسكي منذ صدور كتابه "الإمبراطور"، لكنني وللحقيقة أخذت أتابعه أكثر من ذي قبل منذ مطلع التسعينيات، وعلى وجه الخصوص بعد أن جمعنا نادي القلم البولندي في هيئته الإدارية، أصبحنا صديقين، حتى أننا اتفقنا قبل فترة على إجراء حوار طويل للقاريء العربي في شهر تشرين الثاني/نوفمبر، أي بعد عودته من زيارته خارج بولندا، وكذلك على ترجمة بعض مؤلفاته إلى العربية وخصوصا كتابه "رحلات مع هيرودوت".
تنظر الأوساط الثقافية والأدبية والنقدية إلى ريشارد كابوشتشينسكي باعتباره من بين أقوى المرشحين للفوز بجائزة نوبل للآداب منذ سنوات! وخصوصا بسبب تميزه في الكتابة الخلاقة والواقعية، في وجهيها الجمالي والإنساني الشامل.



#هاتف_جنابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنثروبولوجيا العائلة
- الأسئلة وحواشيها
- أحلام وأباطيل أخرى
- العملية الإبداعية بين استبداد العقل وازدواجية المثقف العربي2
- فضاءات-وصايا- انبعاث
- ملاحظات أولية في المعرفة والعلم والعمل
- قصيدة البياض في طور النقاهة
- العملية الإبداعية بين استبداد العقل وازدواجية المثقف العربي
- أبقار إسرائيلية في لبنان
- هل إسرائيل بحاجة إلى -حماس- و-حزب الله-؟


المزيد.....




- الحكومة الأوكرانية تلزم ضباط الجيش والمخابرات بالتحدث باللغة ...
- تناغمٌ بدائيٌّ بوحشيتِه
- روائية -تقسيم الهند- البريطانية.. وفاة الكاتبة الباكستانية ب ...
- -مهرج قتل نصف الشعب-.. غضب وسخرية واسعة بعد ظهور جونسون في ...
- الجزائر تعلن العفو عن 2471 محبوسا بينهم فنانات
- أفلام كوميدية تستحق المشاهدة قبل نهاية 2024
- -صُنع في السعودية-.. أحلام تروج لألبومها الجديد وتدعم نوال
- فنان مصري يرحب بتقديم شخصية الجولاني.. ويعترف بانضمامه للإخو ...
- منها لوحة -شيطانية- للملك تشارلز.. إليك أعمال ومواقف هزّت عا ...
- لافروف: 25 دولة تعرب عن اهتمامها بالمشاركة في مسابقة -إنترفي ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاتف جنابي - الكاتب البولندي ريشارد كابوشتشينسكي نموذجا للكتابة عن أثمان الحياة