|
دروسُ غزّة مِن إدوارد سَعيد إلى مُحمد ضيفْ
محمد الهلالي
(Mohamed El Hilali)
الحوار المتمدن-العدد: 7788 - 2023 / 11 / 7 - 02:37
المحور:
القضية الفلسطينية
إلى أحمد سعدات ومروان البرغوثي
1
الغرب همجي ومتوحش. يقتل عن سبق إصرار وترصد. يغذي العنصرية ضد شعوب العالم غير الغربية. تسبب في معظم الحروب ومختلف أشكال الدمار. طور واستعمل الأسلحة الفتاكة التي استعملها للسيطرة والإبادة. الغرب استعمارٌ قديم ومتجدد. هو مصدر ومَرتع النازية ومعاداة السامية ومحاربة أديان ونشر أديان واستغلال أديان أخرى. يخوض صراعا مميتا وبدون أخلاق ضد كل مذهب فكري وسياسي يتوخى تحقيق العدالة الاجتماعية. الغرب هو القتل والقوة والدمار منذ أن عرفناه إلى ما يحدث اليوم في غزة.
2
من أحشاء الغرب المتوحش نمت تيارات إنسانية وثورية. لكنها ظلت دوما هامشية وغربية. لم تتجاوز مرجعياتها ما تسمح به وحشية الغرب ومصالحه الاستعمارية. لم تتطور هذه التيارات بالرغم من هامش الحريات في بلاد الغرب التي قدمت للعالم غير الغربي على أنها الوجه الإيجابي للغرب. تم التسويق لحقوق الإنسان الغربية، وللأفكار الاشتراكية الغربية وللأفكار اللاسلطوية الغربية على أنها الوجه المشرق المستقبلي للغرب. لكن الشعوب غير الغربية لم تستفد أبدا من هذه التيارات الهامشية التي لم تتجاوز وظيفتها الأصلية والتي هي خدمة الغرب المتوحش داخل بيته، بتوفير متنفس لتجنب الانفجار. فالإنسان الغربي الأبيض المتفوق، في ممارسة الغرب وأطروحات ممثليه الحقيقيين المالكين لزمام السلطة والمال، هو الإنسان الذي قد يتمتع بحقوق الإنسان الليبرالية التي هي أساسا حقوق صِيغت لخدمة الحق في الملكية الخاصة الذي يعتبر حقا مقدسا وأساسا للرأسمالية في صيغها المختلفة، وليس إنسان غزة.
3
انتقد فلاسفة غربيون حقوق الإنسان الغربية باعتبارها حقوق الإنسان البرجوازي بالأساس. ولم يحترم الغرب حقوق الإنسان بمعناها البرجوازي في مختلف أنحاء العالم غير الغربي، فلقد أيّد الدولَ الاستبدادية والطغاة، وفقر وجوّع آلاف الملايين من الناس، ووفر كل الظروف الإجرامية لموت الأطفال، وافتعل الحروب وخطط لها وباركها وموّل جمعيات مدنية "لفضحه" وللجهر بضرورة "احترام حقوق الإنسان". كما استعمل "حقوق الإنسان" نفسها "كسلاح استعماري" للإطاحة بأنظمة غير غربية (العراق، ليبيا، سوريا...). فالولايات المتحدة الامريكية تسببت وحدها بعد الحرب العالمية الثانية في أكثر من 80°/° من النزاعات المسلحة في العالم، وتدخلت للإطاحة بأكثر من خمسين حكومة، وتدخلت لتغيير نتائج انتخابات أكثر من ثلاثين دولة، وعملت على قتل أكثر من خمسين زعيم أجنبي (حسب تصريح للخارجية الصينية، 2023). وها هي اليوم تمول وتدير تصفية شعب غزة عن طريق إسرائيل الصهيونية العنصرية المجرمة، وتعرقل كل المساعي لوقف إطلاق النار على مواطني غزة المدنيين، وتهدد الدول والجماعات التي قد تفكر في تقديم دعم مباشر لشعب غزة.
4
بعد محرقة غزة التي ارتكبتها إسرائيل وأمريكا والغرب الأبيض لا يمكن الحديث عن كونية حقوق الإنسان. فالشعار انفضح وسقط بريقُه. فالكونية لا تنتج عن إرادة نزيهة وحسنة، وإنما لا بد للكونية أن تقوم على سند واقعي. والحال أنه لا وجود لهذا السند الواقعي لحدود الآن: الكونية الوحيدة السائدة هي كونية العولمة، أي كونية الغرب المتوحش القاتل العنصري الذي يوظف أموالا طائلة لإخفاء وحشيته باستعمال الإعلام والفن والفلسفة والدين. لقد بيّنت مجزرة غزة أن الإعلام العالمي يخدم الصهيونية، وأن الفلسفة تُستخدم لتبرير قتل المدنيين من الأطفال والنساء والشيوخ ولترويج أكاذيب الإعلام الصهيوني. ومن بين الأمثلة الأخيرة موقف "الفيلسوفة" الفرنسية إليزابيت بادانتر التي دافعت (في إحدى القنوات الفرنسية بتاريخ 25 أكتوبر 2023) بوقاحة وسفاهة عن قتل المدنيين في غزة بناء على حق إسرائيل في الدفاع عن النفس، وهي هنا تبنت حرفيا موقف مجرم الحرب نتانياهو. بل عبرت عن موقفها الرافض لوقف إطلاق النار ودعت فلسطينيي غزة لترك وطنهم غزة والرحيل إلى مصر. ولا تجد هذه المرأة أية تناقض بين كونها فيلسوفة وكونها مناضلة نسوية علمانية وترأس جمعية تعمل في مجال دعم السلام وبين تبرير قتل الاطفال والنساء والشيوخ والمدنيين عموما في غزة. لقد كان هناك فلاسفة عنصريون لكن اليوم نحن أمام فلاسفة مجرمين. وليس من المفاجئ كونهم إما من اليهود الصهاينة أو من الصهاينة المؤدين لليهود الصهاينة. وقد نكتشف بعد تحليل دقيق لمسار تشكل الثقافة الحديثة وحقوق الإنسان أن هذين المجالين تمت الهيمنة عليهما منذ البداية لتوظيفهما من أجل خدمة الحركة اليهودية الصهيونية. إن تلك الأكاذيب التي اجتهد مثقفو وصحفيو وفنانو وفلاسفة الامبريالية في صقلها ونشرها تمّ فضحها في محرقة غزة.
5
لم تُخفِ إسرائيل الصهيونية المجرمة ارتكازَها على معتقدات دينية. بل عملت على قيام دولة إسرائيل اليهودية الخالية من كل من ليس يهوديا. وها هي تقدم دليلا آخر في هذه الحرب الشرسة ضد السكان الفلسطينيين الأصليين الذين سلبت منهم أراضيهم بحديثها عن "نبوءة إشعياء" لتصفية شعب فلسطين. وفي الوقت الذي تُرسخ فيه إسرائيل بصلف وتبجح وجودها وعنصريتها وإجرامها على التوراة والنصوص المنبثقة منه، تَشنُّ جهاتٌ مشبوهة حملة رهيبة ومنظمة وشاملة على الإسلام (الذي هو أساس الحياة الروحية والأخلاقية للمسلمين والدعامة الأساسية لهويتهم الجماعية وحصنهم لمقاومة الغزو الفكري، الذي هو اليوم، كما كان سابقا، غزو غربي متوحش). لقد شملت هذه الحملة المجنونة والمنظمة ضد الإسلام، في العشرين سنة الأخيرة على سبيل المثال، الحرب على القرآن وشخصية النبي وفتوحات المسلمين وغزواتهم وتاريخهم. ولقد اعتمدت الدعاية الغربية الاستعمارية، عبر وكلائها المحليين أو المقيمين في الغرب، على خطتين متكاملتين: أ) فرض إسرائيل ويهود إسرائيل على الشعوب العربية الإسلامية، عبر دولهم، وهو ما يؤدي في الأخير إلى تطبيع مع الاستيطان الاسرائيلي والتخلي عن قضية فلسطين (التي يدافع عنها كل مؤمن بالتحرر من الاستعمار ويشكك فيها المطبعون والمتصهينون والذين هم في نفس الوقت كارهون للإسلام) من خلال التطبيع والصّهينة، والسيطرة على وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية ووسائل التواصل الاجتماعي وتكوين جواسيس وعملاء في كل المجالات وإخضاع الحكام للغطرسة الصهيونية... ب) محاربة الإسلام وتشويهه مضامينه وتاريخه ورموزه والدوس على مشاعر أكثر من مليار ونصف المليار مسلم في العالم، ونشر الإلحاد الساذج (الذي هو حرب على الإسلام وليس قناعة فردية) وتحويله إلى مذهب تبشيري، وتشجيع الشذوذ الجنسي علانية، ليس دفاعا عن حق المثليين وإنما لإضعاف معتقدات المسلمين وإثبات عدم صلاحيتها. (وبخصوص هذه المسألة، يجد النشطاء الحقوقيون، الليبراليون واليساريون في المجتمعات المسلمة، أنفسهم في ورطة: فهل سيحترمون قيم شعوبهم التي يناضلون من أجل حقوقها وحرياتها، ويتصرفون مع هذه المسألة على أنها ليست مستعجلة، خصوصا وأن المثليين غير مضطهدين في هذه البلدان، بل يعتبرون مصدرا لتجنيد الجواسيس ضد المعارضين؟ أم أنهم سوف يقلدون الغرب، الذي يعيش أزمة قيم وهوية، ويدافعون عن هذه الفئة ضدا على قيم شعوبهم، خصوصا وأن حكام بلدانهم وبرجوازية بلدانهم لا قيم أخلاقية لها ولا مشكلة لها مع التفسخ الأخلاقي والفساد الأخلاقي وتدمير كل ما يمت بصلة للقيم الجماعية التي هي ضرورة لكل عمل جماعي شعبي؟) لكن هذه الخطة التي تخدم مصالح الغرب (السيطرة الاقتصادية عبر الهيمنة الإيديولوجية) سقطت في ملحمة غزة.
6
بالرغم من الأبعاد المتعددة والخطيرة التي توخى الغرب (فرنسا في عهد نابليون الذي كان أول من وَعد اليهود في محادثات سرية معهم بوطن لهم في فلسطين وهذا يؤكد تاريخية الإجرام الفرنسي ضد شعوب الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بريطانيا، أمريكا، ثم الغرب كله) تحقيقَها من زرع الكيان الصهيوني في فلسطين (باعتبار اليهود ذراع المسيحية الطهرانية والرأسمال الغربي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا)، فإن البعد الاقتصادي يظل هو الأساسي بما "أن السياسة هي تكثيف للاقتصاد". لذلك فالحرب الشرسة على غزة في هذا الظرف بالذات واصطفاف كل دول الغرب وكل الدول التابعة له، خصوصا العربية منها، لها هدف اقتصادي واضح يرتبط بتغيير استراتيجي في المنطقة لصالح أمريكا وإسرائيل. وما التطبيع إلا إحدى الواجهات الظاهرة للعيان، بالإضافة إلى الإطاحة بحكومة الإسلاميين في مصر والتنكيل بهم، والتحول الهائل الذي حدث في السعودية (من ناشرة للوهابية ضد الشيوعية وضد كل معارضة جدية، إلى ناشرة لكل ما يعادي الإسلام والقضية الفلسطينية) وتفعيل دور الإمارات كملحقة إسرائيلية في المنطقة، وإضعاف سوريا، وإنجاز مشروع قناة بن غوريون لتملكَ إسرائيل أكبر ميناء في المنطقة. إلا أن تحقيق هذه المشروع كان يتطلب تصفية شعب غزة وهو ما اتضح أنه أمر صعب بفضل المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حماس والجهاد الإسلامي وشعب غزة.
7 أوضح جورج قرم أن الجزيرة العربية ظلت لقرون عدة مجرد صحراء بالرغم من أنها عرفت زلزالا لا مثيل له في التاريخ وهو استقبال الرسالة المحمدية. فبالرغم من قوة هذا الحدث ظلت الجزيرة العربية مجرد مكان للعبادة والحج (مكة والمدينة)، بينما تطورت مراكز التمدن خارج هذه المنطقة (في سوريا والعراق والمغرب والأندلس). لكن شهدنا في عصرنا هذا تحولا جذريا في هذه المنطقة بعد الثورة النفطية الهائلة، حيث تحولت إلى مجال استراتيجي وقطب جذاب ومؤثر من جميع النواحي. ومن بين الوظائف الجديدة للدول النفطية الخليجية محاربة كل تيارات التغيير ودعم الأنظمة المحافظة وتشويه الإسلام ومحاربته وإخضاعه لليهودية الصهيونية وخدمة الدول الاستعمارية بتنفيذ مخططاتها لصالح إسرائيل وحاميتها أمريكا ورعاية "الثورات العربية" وتوجيهها (وهي الثورات التي كانت تهدف حسب وثائق قمة "الدول الثمانية الكبار" المنعقدة في دوڤيل بفرنسا بتاريخ 26 و27 ماي 2011، إلى تحقيق المزيد من الليبرالية والمزيد من التحرر الاقتصادي، وهو ما يتعارض كليا مع شعارات تلك الثورات، وهو ما يعني أنها كانت ثورات مُوجهة). نستنج من موقف جورج قرم أن الغرب الاستعماري يستعمل كل الوسائل والطرق، وعلى رأسها التدخل الخارجي لتوجيه قوى داخلية، ليحقق الهدف الاستراتيجي الأساسي وهو السيطرة الاقتصادية على الشعوب غير الغربية والهيمنة الإيديولوجية للتخفيف من مقاومة تلك الشعوب وقواها الحية غير المدجنة، ذلك الهدف المتمثل في تحقيق مشاريعه الإجرامية، التي ينتج عنها حتما استعمار فعلي وتفقير وتجويع وأمراض وسلب حريات. وما يحدث في فلسطين هو اختبار عالمي لذلك: مجزرة غزة. 8
دافع إدوارد سعيد عن قيام دولة فلسطينية ضمن حل الدولتين، وساهم إلى جانب محمود درويش في صياغة "وثيقة إعلان فلسطين". وبعد اتفاقية أوسلو تبنى موقفا نقديا منها، واعتبر يوم الاحتفال بتوقيع هذه الاتفاقية، 13 شتنبر 1993، "يوم حداد قومي فلسطيني". كان الصهاينة يكرهون إدوارد سعيد ويدعون إلى إلحاق الأذى به. ويعتبرونه منافسا لهم في الفضاء الثقافي الامريكي. كان إدوارد سعيد حالة ثقافية متميزة إلى جانب تيارين ثقافيين كبيرين في أمريكا تأثر بهما وهما: أ) تيار المثقفين المهاجرين اليهود وعلى رأسهم حنة أرندت. ب) وتيار المثقفين الأمريكيين من اصول إفريقية وعلى رأسهم جيمس بالدوين. كما أثر من جهته على حركات الأمريكيين من أصول إفريقية التي تناضل من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية. عبّر إدوارد سعيد عن مواقفه من اتفاقية أوسلو في كتابين مهمين هما: "غزة-أريحا، سلام أمريكي"، و"أوسلو 2، سلام بلا أرض". رفض الاتفاقيات التي وُقعت مع إسرائيل لأنها ""محصلة للاستسلام العربي"، ولأنها تمت "على حساب كافة مبادئ النضال العربي الوطني والكفاح الفلسطيني"، فالحل الانتقالي كان بالنسبة له "تفريطا في كافة الأهداف الوطنية والمشروعة للشعب الفلسطيني". لقد تم إهمال حق تقرير المصير في اتفاقية أوسلو، وموضوع القدس، واللاجئين، كما تم قبول تقسيم الشعب الفلسطيني، وقبول تعاون السلطة الفلسطينية مع دولة إسرائيل المحتلة، بل إن هذه الاتفاقية "منحت إسرائيل حق السيطرة على شؤون الفلسطينيين وجعلت منهم ساعدها الأيمن لتحقيق تلك السيطرة". كما ان ياسر عرفات أبرم "اتفاقيات مع أعداء شعبه" يتم بمقتضاها إلغاء ماضي الشعب الفلسطيني وحقوقه في المستقبل ناهيك عن تحطيم آماله الحالية". لقد حوّلت اتفاقية أوسلو "منظمة التحرير من حركة تحرر وطني إلى حكومة بلدية صغيرة يتزعمها فاسدون". تسبب الفاسدون الفلسطينيون في السلطة الفلسطينية في إضعاف حركة التحرر الفلسطينية واعتقال الفلسطينيين المعارضين لها والمحاربين لإسرائيل وسجنهم وتعذيبهم وقتلهم أحيانا. وتعاونت السلطة الفلسطينية مع إسرائيل ضدا على إرادة الشعب الفلسطيني، وهو ما سيساهم في تنامي قوة المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية وتنظيمات أخرى للتصدي للسلطة الفلسطينية ولإسرائيل على حد سواء. وإذا كانت "اتفاقية أوسلو قد ضيّعت مائة عام من التضحيات والحرمان والكفاح البطولي" حسب تعبير إدوارد سعيد، فإن شعب غزة سيتصدى لمسألة التحرير بأساليب ثورية وهو المسار الذي قاد إلى "غزة العزة".
9
قدّم إدوارد سعيد تصورا بديلا عن خيار السلطة الفلسطينية المستسلمة، وموازيا لتصور الحركات الفلسطينية الثورية، يتكون من عدة أهداف منها: الاهتمام بفلسطينيي الشتات بإحصائهم وإحصاء ممتلكاتهم التي ضاعت منهم، اعتماد الكفاءة والتمثيل الديمقراطي في اختيار أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني، تأسيس مؤسسة تضم الكفاءات الفلسطينية في جميع المجالات، تسطير مبادئ لا يمكن التراجع عنها، نقد أداء السلطة الفلسطينية، تجميع المعطيات الخاصة بفلسطين والفلسطينيين من سنة 1984 حتى منتصف السبعينات، ضرورة أن يلتزم المفاوضون بالمصالح الوطنية، عدم التنازل عن مجموعة من القضايا مثل إزالة المستوطنات والسيادة على الموارد المائية والطبيعية والقدس وحق الفلسطينيين في الدخول والخروج لأراضيهم وردع إسرائيل لكي لا تتصرف خارج القانون... ركز إدوارد سعيد على أن فلسطين كانت دوما مأهولة بالفلسطينيين، وفضح الصهاينة الذين عملوا دوما على إنكار وجود شعب فلسطين، فلسطين التي يردد العالم اسمها بفضل تضحيات شعب غزة.
10
بلغ عدد الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة، حسب إحصائيات سنة 2022، ما مجموعه 5.354.387 نسمة. وبلغ عددهم في الضفة الغربية 3.188.387 نسمة، وفي قطاع غزة 2.166.269 نسمة. وبلغ عدد الفلسطينيين في فلسطين التاريخية وفي الشتات، حسب إحصائيات سنة 2023 ما مجموعه: 14.500.000 نسمة. وإذا عدنا إلى الوراء لمعرفة سكان فلسطين التاريخية ما بين سنة 1914 وسنة 1984 من عرب ويهود فسنجد ما يلي: - في سنة 1914: كان عدد السكان اليهود في فلسطين هو: 55.142 نسمة (أي 8°/° من مجموع السكان)، أما الفلسطينيون العرب فكان عددهم هو: 634.633 نسمة (أي 92°/° من مجموع السكان). - وفي سنة 1948: كان عدد اليهود في فلسطين هو: 650.000 نسمة (أي 31.5°/°) أما عدد السكان الفلسطينيين العرب فهو: 1.415.000 نسمة (أي 68.5°/°). لقد تزايد عدد اليهود في فلسطين بسبب هجرتهم من دول مختلفة إلى فلسطين بهدف الاستيطان وتحت رعاية الحركة اليهودية الصهيونية. وتمت هذه الهجرة عبر مراحل: - الموجة الأولى: تمت ما بين 1880 و1903، وكان عدد المهاجرين اليهود إلى فلسطين هو 25.000 نسمة، أتوا من روسيا وبولندا ورومانيا. - الموجة الثانية: تمت ما بين 1904 و1914، وكان عدد المهاجرين اليهود إلى فلسطين هو 34.000 نسمة، أتوا من روسيا وشرق أوروبا. - الموجة الثالثة: تمت ما بين 1919 و1923، وكان عدد المهاجرين اليهود إلى فلسطين هو 35.100، أتوا من مناطق بحر البلطيق وروسيا وبولندا. - الموجة الرابعة: تمت ما بين 1924 و1931، وكان عدد المهاجرين اليهود إلى فلسطين هو 78.898، وأتوا من بولندا ورومانيا والشرق الأوسط. - الموجة الخامسة: تمت ما بين 1932 و1939، وكان عدد المهاجرين اليهود إلى فلسطين هو 224.784، وأتوا من ألمانيا الغربية وبولندا. - الموجة السادسة: تمت ما بين 1940 و1948، وكان عدد المهاجرين اليهود إلى فلسطين هو 118.300، أتوا من وسط أوروبا والبلقان وبولندا والشرق الأوسط. (المرجع: نبيل السهلي، التحولات الديمغرافية للشعب الفلسطيني، صامد الاقتصاد، عمان، العدد 120ن ص 103). وفي الوقت الذي كانت فيه نسبة اليهود في فلسطين 61.4°/° من مجموع السكان، ونسبة الفلسطينيين العرب 38.6°/° سنة 1990، بلغت نسبة اليهود 50°/° ونسبة الفلسطينيين العرب 50°/° سنة 2006. (المصدر: الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، السكان في الأراضي الفلسطينية، 1997-2025). أما سكان "إسرائيل" حسب إحصائيات سنة 2005 فلقد بلغ عددهم 6.900.000 نسمو، منهم 80°/° يهود، و20°/° عرب فلسطينيين. أما من الناحية الدينية، فلقد بيّنت إحصائيات انجزت سنة 2003 (من طرف المكتب المركزي "الإسرائيلي" للإحصائيات) أن سكان "إسرائيل" يتوزعون دينيا على الشكل التالي: - اليهود: 5.165.400 نسمة – المسلمون: 1.072.500 نسمة – المسيحيون: 142.400 نسمة – الدروز: 110.800 نسمة – غير مصنفين بحسب الدين: 254.600 نسمة – لبنانيون مقيمون في "إسرائيل" غير مصنفين حسب الدين: 2.700 نسمة. لقد تكون الكيان الصهيوني من اليهود المهاجرين من الغرب بشكل أساسي. لذلك فحركة التحرر الفلسطينية تهدف غلى تحرير فلسطين من الصهاينة وهذا ما تؤكده ملحمة غزة.
11
مرت خمسة وسبعون سنة على قيام دول "إسرائيل" الاستيطانية العنصرية على أرض فلسطين التاريخية. وتبيّنَ بالملموس فشل جميع الحلول السلمية وعدم جدوى الاتفاقيات مع الصهيونية البغيضة. كما اتضح الترابط الوثيق بين محاربة الإسلام ورموزه وبين دعم الصهيونية القائمة على عقيدة دينية، كما اتضح أن الغرب بقيادة أمريكا هو العدو الاستراتيجي لفلسطين والفلسطينيين والشعوب العربية الاسلامية وغيرها من شعوب العالم الثالث. كما تبين أن الدول العربية ملحقات سياسية وعسكرية للغرب وأن وظيفتها الأولى هي حراسة شعوبها ومنع تمردها ونشر كل الأفكار والمعتقدات لتدمير حصانتها الفكرية والروحية والأخلاقية. وبناء على ما سبق، وما قد يترتب عنه من نتائج، تكون غزة نموذجا للمعارك التي قد يكون من الضروري أن تخوضها الشعوب مستقبلا لتحرر نفسها. ولن تكون التنظيمات اليسارية والقومية والتنويرية الوطنية غير المستلبة إلا مجرد عوامل ثانوية مساعدة في عمليات التغيير المستقبلية، أما العامل الأساسي فهو وعي الشعوب وإفرازها لحركات تملك القوة المادية والحصانة الروحية والأخلاقية ضد أكاذيب الغرب وأذنابه المحليين بكل ألوانها، هذا الغرب الذي لن نتحرر من استعماره المتجدد إلا بالتحرر من سلعه المادية والروحية، وتجاوز أشكال الاحتجاج الضعيفة عددا ومضمونا، إذ ليس بالشعارات والتجمعات تتحرر الشعوب، خصوصا وأن الداعين لهذه الاحتجاجات السلمية منذ عقود لم يطوروا أية وسيلة لدفاع المتظاهرين عن أنفسهم ضد قوات القمع التي لا تحترم مُسنا ولا امرأة ولا طفلا ولا مسالما. هناك ما قبل غزة وما بعدة غزة. ولا عزة للأحرار إلا باتباع طريق غزة.
#محمد_الهلالي (هاشتاغ)
Mohamed_El_Hilali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
طوفان الأقصى وبداية نهاية الصهيونية
-
المثقف المغربي والنقد الجذري - نصوص لحُسين أسْكوري من خلال ر
...
-
ميشال وِلبِك - كيفَ تَشكلَ موقفُ أشهر الروائيين الفرنسين الم
...
-
وفاةُ ألان تورين عالمُ اجتماعِ الحركات الاجتماعية والفاعلين
...
-
-شات جي بي تي- في مواجهة اللسانيات والفلسفة
-
عَنْ -قرآن المؤرخين-
-
الأمة، القرآن والإعجاز، مساهمة من منظور التحليل النفسي اللاك
...
-
فكرة الثورة عند لينين (من خلال أعماله الكاملة)
-
ما هي أهمية كتاب -رأس المال- لكارل ماركس؟
-
شرح أفكار كتاب رأس المال لماركس
-
البلاشفة والإسلام
-
التأويل الماركسي للإسلام: نموذج بندلي جوزي
-
مارسيل كونش: وفاة فيلسوف الطبيعة في عصرنا
-
الأحزابُ السياسية المغربيّة كيْفَ نشأتْ ولماذا فشلتْ ومَا عل
...
-
عَيْنُ الاِخْتِلَافْ (الجزء الخامس والأخير)
-
عَـــــيْـــنُ الاِخْتِلَافْ (الجزء الرابع)
-
عَـــــيْـــنُ الاِخْتِلَافْ (الجزء الثالث)
-
عَيْنُ الاِخْتِلَافْ (الجزء الثاني)
-
عَيْنُ الاِخْتِلَافْ (الجزء الأول)
-
النبي والبروليتاريا: حول موقف اليساريين من الإسلاميين (كريس
...
المزيد.....
-
الجيش الأوكراني يتهم روسيا بشن هجوم بصاروخ باليستي عابر للقا
...
-
شاهد.. رجل يربط مئات العناكب والحشرات حول جسده لتهريبها
-
استبعاد نجم منتخب فرنسا ستالوارت ألدرت من الاختبار أمام الأر
...
-
لبنان يريد -دولة عربية-.. لماذا تشكّل -آلية المراقبة- عقبة أ
...
-
ملك وملكة إسبانيا يعودان إلى تشيفا: من الغضب إلى الترحيب
-
قصف إسرائيلي في شمال غزة يسفر عن عشرات القتلى بينهم نساء وأط
...
-
رشوة بملايين الدولارات.. ماذا تكشف الاتهامات الأمريكية ضد مج
...
-
-حزب الله- يعلن استهداف تجمعات للجيش الإسرائيلي
-
قائد الجيش اللبناني: لا نزال منتشرين في الجنوب ولن نتركه
-
استخبارات كييف وأجهزتها العسكرية تتدرب على جمع -أدلة الهجوم
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|