|
نادي الصداقة العربي الأمريكي
خليل الشيخة
كاتب وقاص
(Kalil Chikha)
الحوار المتمدن-العدد: 7787 - 2023 / 11 / 6 - 18:46
المحور:
الادب والفن
كنت أدرس في كلية بنفالي في عام 1983 مواد مقدمة للهندسة، والكلية هذه تقع في ولاية ميزوري وبالضبط مدينة كنساس. هذه المدينة كبيرة وواسعة ويزيد عدد سكانها على النصف مليون الآن، لكن الشعور بالغربة حاضر دائماً فيها لسبب ما لم أفهمه حتى الآن. كان الكثير من العرب يدرسون في تلك الكلية، فأقترحت على زميل لي أن نكوّن نادي نطلق عليه نادي الصداقة العربي الأمريكي. نثقف من خلاله الأمريكيين حول قضايانا العربية بشكل عام والقضية الفلسطينة بشكل خاص. كتبت منشوراً في صفحة واحدة ووزعته على الشباب طالباً منهم الإنضمام للنادي وكتبت فيه الأهداف. لاقت الدعوة قبولاً واسعاً في الكلية ومن ثم كان علينا أن نقدم طلباً لهيئة الإدارة كي يصبح النادي رسمياً ويعطونا غرفة مجهزة بالتفاز والكراسي مجاناً. ماطلت الإدارة وقتاً طويلاً ولم أحل اللغز إلا بعد أن سألت إحدى الموظفات المتعاطفة معنا عن السبب، فردت بأن العرب أسسوا من قبل نادي وكانوا في كل إجتماع يتشاجرون عوضاً عن النشاط الإيجابي لهم. بعد أخذ ورد، أعطونا الجماعة التصريح وحددنا الإجتماع الأول في السبت الساعة الرابعة بعد الظهر، وفعلاً أتى الشباب. كان يعيّن علينا أن ننتخب رئيساً للنادي يتحدث باسمه وسكرتيرمالية ينظم النشاطات والتبرعات. وعند فرز الأصوات، انتخبني الجميع كرئيس للنادي، فاعتذرت وطلبت منهم إعادة التصويت لصالح شاب آخر لديه الوقت أكثر مني. ثم طلبوا مني أن أصبح سكرتير المالية، فرفضت أيضاً واقترحت اسم شاب آخر. ومشت الأمور على مايرام في الإجتماع الأول. أما في الثاني، فقد سخر البعض من رئيس النادي لأنه كان مرتبكاً فقال: أسمعوا يا أخي أولاً، ثم تبعها برابعاً، فضحك شاب وسأله وأين طارت ثانياً وثالثاً، فرد عليه يا أخي سنناقش هذين في الأسبوع القادم. فضحك الجميع. مضى أيضاً هذا الإجتماع بهدوء. نشرنا أول دورية للنادي كتبنا فيها عن الدعاية الصهيونية في امريكا والنظام العربي الفاشل. أما في الإجتماع الثالث، طلب منا عضو وضع صورة القذافي في القاعة، ثم طلب آخر وضع صورة صدام حسين، وآخر طلب وضع صورة ياسر عرفات. هنا بدأ خلاف شديد وكاد أن يتحول إلى طوشة لها أول وليس لها آخر. فأنقسم الأعضاء الموالون لعرفات لجهة والأعضاء الموالون لأبو موسى وابو خالد العملة –فتح الإنتفاضة- لجهة أخرى. وكأن الخلافات التي نشبت بين الفصائل الفلسطينة وأعضاء فتح في بيروت في تلك الفترة قد سرت إلى شباب النادي. كما تعرفون، فقد انشق في تلك الفترة العقيد ابو موسى مع قيادات أخرى في فتح عن عرفات مدعين أن عرفات مستبد وقتح تعاني من قيادات فاسدة. وربما مثل أبو موسى في تلك الفترة الجناح اليساري في فتح. بالطبع كانت هناك دولة عربية إقليمية قد دعمت الإنشقاق. تحارب الأخوة وذبحوا بعضهم بعضاً فيما يسمى بحرب المخيمات. أي تركوا إسرائيل وبدأوا بتصفية الحسابات فيما بينهم. بالطبع كان مع أبو موسى وجماعته الصاعقة وأحمد جبريل وفصائل أخرى. وبالرجوع للنادي، طلبت من الجميع الهدوء ومنعنا أي حديث أو نقاش في السياسة ومنع الصور ماعدا الصورة التي تجمعنا، مثل صور فلسطين وصور القدس، أو علم فلسطين. وسارت الأمور على مايرام ، ودخل النادي في مبارايات لكرة القدم ثم كنا نبيع الأطعمة العربية في الكلية كي نجمع تبرعات للنادي. هناك حدثان لاأنساهما، الأول أكتشفت ياأعزائي أن ثلث الأعضاء يأتون للإجتماع بسبب فتاة كانت معنا. الأمر الآخر هو أن سكريتير المالية رفض تسليمنا المبلع الذي معه، وحاول سرقته، وتصورت أن هذا النادي هو صورة مصغرة لأنظمتنا العربية ومجتمعاتنا التي مازالت تؤمن بالمكسب والهبش والمصالح الشخصية. وهذا مايفسرلنا فشل الديمقراطية في بلادنا. ماإن تسمح لنا الفرصة بانتخاب رئيس أو زغيم حتى ينتخب الشعب مجموعة لاتؤمن أصلاً بالدموقراطية ونعود الكرّة إلى الإنقلابات العسكرية، لأنها الطريقة الوحيدة للحكم في بلاد السواد كما أسماها عبد الرحمن منيف. ومنيف هذا، خصص كتاباً كاملاً أسماه " الديمقراطية أولاً والديمقراطية دائماً". أما أسباب أخرى لفشل الديمقراطية في بلادنا الشاسعة هو عشعشة الإستبداد في نفوسنا وعدم فهمنا لمعناها. فقد حلل الكاتب العراقي الرائع " علي الوردي " في كتبه جميعاً تاريخنا وحاضرنا وخاصة شخصية الفرد العراقي- وإن كانت الدراسات عن العراق فقط، كونه عالم اجتماع يجب أن يخص المكان لكن هذا يشمل حال العرب جميعاً- انحل النادي بعد ستة أشهر وكل ذهب في طريقه. نحن كشعوب نحتقربعضنا بعضاً، لم تنجح أية محاولة للتحديث، فكل من يفكر فينا نقول عنه متآمر أو تابع لامريكا أو ماسوني ويقبض من الغرب. المهم أن مجتمعاتنا العربية لن تنهض حتى يقبل بعضها بعضاً قبل قبول مايسمى بالآخر الغربي. فأنظر ماذا يحدث من حروب أهلية في كل من اليمن وليبيا وسوريا والعراق والسودان. وعندما تبحث عن السبب ستجد أننا لم نستوعب هذا التحول الهائل في العالم من نظام قديم يقوم على الدولة الدينية أو دولة الشوكة العصبية كما درسها أبن خلدون إلى دولة الحداثة التي تعتمد على إحترام الفرد واحترام معتقده وإلزام الجميع بالولاء للوطن وليس لفئة أو قبيلة أو حاكم أو طائفة. تشرين ثاني-6- 2023
#خليل_الشيخة (هاشتاغ)
Kalil_Chikha#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القدس عروس عروبتكم
-
توتي وفروتي
-
صطّوف ولطّوف
-
النملة والصرصور
-
الثعلب والدب
-
رواية ابن البلد
-
تاريخ خزانة الماء
-
أحذية أداديس
-
الله والفقر
-
احترم نفسك أولاً
-
مذكرات أبنة الدكتاتور
-
عقم مجادلة الملاحدة
-
ممنوع التصوير مع الحمير
-
رواية وفيلم الخروج
-
ديفد كوبرفيلد
-
الصهيوني إفراهام ستيرن
-
هو سعيد بشبهة الإرهاب
-
في الأمثالوجيا والإفحام
-
أصل الأنواع
-
التعابير المشتركة بين الإنسان والحيوان
المزيد.....
-
في ذكرى رحيله الستين.. -إيسيسكو- تحتفي بالمفكر المصري عباس ا
...
-
فنان أمريكي يتهم الولايات المتحدة وإسرائيل بتنفيذ إبادة جماع
...
-
-الناقد الأكثر عدوانية للإسلام في التاريخ-.. من هو السعودي ا
...
-
الفنان جمال سليمان يوجه دعوة للسوريين ويعلق على أنباء نيته ا
...
-
الأمم المتحدة: نطالب الدول بعدم التعاطي مع الروايات الإسرائي
...
-
-تسجيلات- بولص آدم.. تاريخ جيل عراقي بين مدينتين
-
كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل
...
-
السكك الحديدية الأوكرانية تزيل اللغة الروسية من تذاكر القطار
...
-
مهرجان -بين ثقافتين- .. انعكاس لجلسة محمد بن سلمان والسوداني
...
-
تردد قناة عمو يزيد الجديد 2025 بعد اخر تحديث من ادارة القناة
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|