أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ثامر عباس - هل نجحت (البوتقة) العراقية في صهر مكوناتها ؟














المزيد.....


هل نجحت (البوتقة) العراقية في صهر مكوناتها ؟


ثامر عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7786 - 2023 / 11 / 5 - 14:22
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


هل نجحت (البوتقة) العراقية في صهر مكوناتها ؟!


حين نقرأ بعض الدراسات أو المقالات التي تتعرض للمجتمع العراقي في مجالات التاريخ أو السياسة أو الاجتماع أو الثقافة أو الدين ، تصادفنا في بعض الأحيان ألفاظ (طنانة) وعبارات (رنانة) تحاول إسباغ نوع من الصفات المثالية أو الخصائص الفريدة على طبيعة هذا المجتمع المحيّر ، هي أبعد ما يكون عن الواقع وأقرب ما يكون الى الخيال . ومن جملة تلك الصفات والخصائص التي يطيب للبعض كيلها جزافا"عبارة (البوتقة) لوصف التفاعلات والديناميات التي استطاع من خلالها المجتمع العراقي – في ظنهم واعتقادهم - (دمج) مكوناته و(توحيد) جماعاته ، ومن ثم بلورت شخصية اجتماعية (معيارية) متخطية للانتماءات الفرعية ، وخلق هوية عراقية (حضارية) عابرة للولاءات التحتية .
وعلى الرغم من مواقف العلامة الراحل (علي الوردي) حيال موضوعة (الصراع الثقافي) في المجتمع العراقي وما تمخض عنها من انشطار في شخصية أفراده على مستوى التصورات والسلوكيات ما بين قيم (بدوية) وأخرى (حضارية) ، إلاّ أنه كان يستبطن تصور أن الجماعات (الحضرية) رغم كونها شكلت قطبا"جاذبا"للجماعات (البدوية – القبلية) على أساس ما كانت تتمتع به الأولى من فرص وإمكانيات ، فهي قادرة – علاوة على ذلك – لأن تصبح (بوتقة) حضرية لصهر لتلك الجماعات والمكونات التي كانت تعيش حياة (التبدون) و(التريف) ، بحيث استطاعت في نهاية المطاف على دمجهم في كيانها المديني . مشيرا"الى أن العراق (( أصبح من جراء ذلك كأنه بوتقة اجتماعية كبيرة تتفاعل فيها القبائل الجديدة القادمة من الصحراء مع سكان العراق الذين هم بقايا الأقوام القديمة )) ، كما أن العاصمة بغداد صارت (( بوتقة اجتماعية ضخمة تذوب فيها خلاصة ما أبدعه البشر من تراث حضاري حتى ذلك الحين )) .
والحال أنه إذا ما رجعنا الى كرونولوجيا التاريخ (القديم والحديث والمعاصر) واستعرضنا أحداثها المؤلمة وأمطنا اللثام عن وقائعها المريرة ، سنواجه بحقيقة سوسيولوجية لا يمكن بأي حال دحضها أو تكذيبها مفادها ؛ ان (العراق) كجغرافيا بشرية ، وان (بغداد) كمدينة حضرية ، فشلا"فشلا"ذريعا"في أن يتحولا من كيان تستوطنه الجماعات الهلامية والكيانات الفضفاضة ، الى (بوتقة) اجتماعية لصهر هذه المكونات المتنافرة والمتناثرة سواء منها المحلية المتوطنة أو الأجنبية الوافدة ، بحيث تستحيل – كما يفترض - الى جماعة (وطنية) موحدة . كما إنهما عجزا عجزا" تاما"في دمج الثقافات والهويات سواء منها الأصيلة أو الدخيلة ، بحيث تستحيل – كما ينبغي - الى شخصية (عراقية) جامعة .
ولعل هناك من يعترض على رأينا الرامي الى إزالة بعض الانطباعات العاطفية المتكونة لدى عامة الناس ، بخصوص حقيقة (البوتقة) الاجتماعية وعملية (الصهر) الثقافي التي حصلت في العراق ، لاسيما في العقود الأولى من عمر (الدولة) العراقية وعشية بناء كيانها (الوطني) إبان فترة الحكم الملكي العزيزة على قلوب البعض وما تلاها . وحيال مثل هذا الاعتراض المتوقع نقول : نعم فعلا"شهد المجتمع العراقي محاولات عديدة تعرضت من خلالها مجموعات عرقية وطائفية وقبلية لعمليات (صهر) قسري و(دمج) إجباري كانت الغاية منها (احتواء) كيانها الجماعي و(امحاء) موروثها الثقافي ، بحيث تفقد أصولها التاريخية وتنسى هويتها الحضارية .
ولكن هل يا ترى ان فكرة (البوتقة) الاجتماعية تتأسس على مثل هذه السياسات (الاستيعابية) الظالمة والإجراءات (الاحتوائية) القاسية ، التي عمدت لممارستها مختلف الأنظمة السياسية التي توالت على حكم العراق سواء في عهوده الماضية أو الحاضرة ؟! . الجواب : كلا بالطبع ! . إذ ان ما كانت تستهدفه ( البوتقة) المعنية لا يمكن موضعته في إطار سياسة تجميع وتوحيد شتات المكونات السوسيولوجية والانثروبولوجية العراقية حول مجموعة من (الرموز) التاريخية والوطنية ، التي يمكن اعتبارها قواسم مشتركة تنظوي تحت لوائها تلك المكونات ، دون أن تفقد – جراء ذلك - خصائصها القومية أو الدينية أو الثقافية أو اللغوية . بقدر ما ساهمت في مراكمة الكراهيات ومفاقمة الانقسامات على أسس من الأصوليات المجيشة والعصبيات المعبأة ، بحيث دللت التجارب السابقة وأثبتت الممارسات اللاحقة ان سياسات (الصهر) وإجراءات (الدمج) التي اعتمدتها الأنظمة الدكتاتورية والشمولية ، أفضت الى خلق مجتمع (تتآكل) مكوناته ذاتيا"تحت وطأة مشاعر التنابذ والتباغض المتبادلة ، بدلا"من أن تكون عاملا"على اجتثاث الحساسيات التاريخية والاحتقانات الدينية والاستقطابات الإيديولوجية والتخندقات السياسية .



#ثامر_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معوقات تعافي المجتمع العراقي
- القبيلة والقبلية .. في التخادم البنيوي والمؤسسي
- تفتيت الذاكرة العراقية .. من وعي الذات الى غربتها !
- الحسّ المشترك .. ادراك ما قبل الوعي
- الديموقراطية وشرط الوعي السياسي
- الانثروبولوجيا والخاصية الفسيفسائية للمجتمع العراقي
- خطاب المثقف واستقطاب المجتمع
- انتعاش السرد التاريخي في المجتمعات المتصدعة : دليل أزمة أم م ...
- مصائر بلاد الرافدين : ماذا لو جفّت أنهار العراق ؟!
- الاستحالة الحضارية : من الكنية الى الكينونة
- كبوة الوعي بين النسقية الثقافية والنسقية الايديولوجية
- ظاهرة الأريفة وتآكل المدماك الحضري
- حيرة الدراما العراقية في مسلسل حيرة !
- مشاكسات المطمور في اللاوعي الجماعاتي
- حصاد القارئ من بيدر القراءة
- هل للدين علاقة بالاغتراب ؟!
- الدولة العراقية وتعسّر كينونتها الحضارية
- الماضي وعلاقته بالدين
- الماضي وعلاقته بالاسطورة
- الوظيفة النقدية للخطاب الاعلامي


المزيد.....




- حماس تعلن مقتل 4 من مقاتليها بغارات إسرائيلية في الضفة الغرب ...
- -5 شبان يمارسون التأمل-.. مقطع فيديو قد يفك لغز حرائق كاليفو ...
- -أيها الدموي.. يا وزير الإبادة- هكذا قاطعت سيدتان خطاب أنتون ...
- سفن -أسطول الظل- تتحدى العقوبات الغربية وتحافظ على تدفق الأم ...
- عرض نتنياهو لا يُفوّت.. ما هو ثمن بقاء سموتريتش في الحكومة و ...
- زيلينسكي يزور بولندا لحل قضية استخراج رفات بولنديين قتلوا عل ...
- أردوغان يطالب إسرائيل بالانسحاب من أراض احتلتها ويتحدث عن أك ...
- فيتسو سيحضر احتفالات 80 عاما على النصر في موسكو على رأس وفد ...
- رئيس بردنيستروفيه: روسيا ستزود بلادنا بالغاز كمساعدات إنساني ...
- تقرير يتحدث عن شروط مصر لتطبيع العلاقات مع سوريا الجديدة


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ثامر عباس - هل نجحت (البوتقة) العراقية في صهر مكوناتها ؟