أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - أبوبكر المساوي - التبن والشعير والحمير














المزيد.....

التبن والشعير والحمير


أبوبكر المساوي
...

(Aboubakr El Moussaoui)


الحوار المتمدن-العدد: 7785 - 2023 / 11 / 4 - 01:04
المحور: كتابات ساخرة
    


في الماضي كان الحمير ينعمون بالشعير و بكثير من الإجلال و التقدير ، إلى أن استنفذ صاحب الحمير ما في خزائنه من شعير بدون أي تبربر ، فلجأ للاستدانة باسم الحمير من الصاحب و الجار و أصحاب الرساميل مقابل أعناق الحمير ، و بين نفاذ مخزون الشعير و توصل صاحب الحمير بمبلغ الدين كان يقدم التبن طعاما للحمير عوض الشعير ، و لأن الجوع سيد الأذواق فقد أكل الحمير بنهم حتى امتلأت البطون ثم غشاهم نوم ثقيل ، و بعد أن استفاقوا من سكرة الشبع و الامتلاء أدركوا أنهم أكلوا اليوم مما كانوا يفترشون بالأمس ، و من شيء كانوا يقذفونه بفضلاتهم بعد أن يأكلوا مما اشتهت أنفسهم و من الشعير.
نهق الحمير احتجاجا، ثم عوى كلاب صاحب الحمير -الذين كانوا مندسين في جلابيب حمير- إيذانا بخطر قادم من جماعة الحمير، نهق الجميع - نهقة – حمار واحد فاهتزت لذلك قطع القصب والقش والخشب المتآكل التي تؤويهم – بعيدا عن إقامة صاحب الحمير- لكن كلاب صاحب الحمير قاموا بالواجب وأدوا المهام المنوطة بهم على أتم وجه كعادتهم، نهيق ثم عواء، ثم نهيق ونهيق، ثم عواء، ثم نهيق ونهيق ونهيق، ثم عواء...ثم نهيق متعب وهن... فصمت رهيب ردا من كلاب صاحب الحمير.
ثم صمتت جماعة من الحمير من فرط الجوع والتعب والملل، ومنهم من صمت لأنه كلب مندس في جلباب حمير، ومنهم من باع نهيقه وركله ورفسه بحفنة شعير، أو شربة ماء نقي أو لمسة حنان مخادع من صاحب الحمير. استبد الجوع بجماعة الحمير فاضطروا لأكل بقايا التبن الممزوج بالروث والبول، وكان من بين الذين أكلوا هذه الوجبة كلاب مغلفون بجلابيب حمير لكنهم رفعوا تقاريرهم إلى صاحبهم بالتفاصيل اللازمة لوضع خطة لإبقاء الوضع على ما هو عليه -حمير يأكلون بقايا تبن ممزوج بفضلاتهم- طبعا هذا مفيد جدا لصاحب الحمير.
نهق الحمير نهيقا مدويا وصلت أصداؤه كغير عادته إلى حدود أسوار إقامة صاحب الحمير، مطالبين بإعادة وجبة التبن النقية عوض بقايا التبن الممزوجة بالروث والبول، أما الشعير فقد أصبح من ضمن الأساطير. ولردعهم، أرسل صاحب الحمير قطعانا من كلابه المتوحشة التي لم يسبق للحمير أن رأوها، ثم اختلط النهيق بالعواء والعض بالركل والرفس إلى أن تراجعت جماعة الحمير إلى ما وراء حدود زمن الشعير.
أدرك صاحب الحمير بمساعدة أصدقائه الذين قرأوا كتاب " الحمير " للكاتب العظيم "ميلودو شلاهبيفيلي " وكتاب " سيكولوجية الحمامير " للكاتب العظيم " موصطاف عُفون" أن حميره قادرون على مواصلة العيش ببقايا التبن الممزوج بالروث والبول، والعمل طوال السنة دون توقف مع احتجاجات في شكل مونولوجات داخلية عميقة جدا مع الحرص على رسم ملامح الفرح والسرور تفاديا لإثارة الانتباه والشكوك، والالتفات يمينا ويسارا بين الفينة والأخرى للتأكد من خلو المكان من عنصر قد يشكل خطرا على سلامة شخص الحمير المحترم. ثم عاش الحمير في ثبات ونبات وأنجبوا صبيانا وبنات، فكانت النتيجة أن بقي الوضع على ما هو عليه، وقد توارث الحمامير أن أحلى وجبة يمكن تناولها هي وجبة التبن الممزوجة بالروث والبول، و أن حدود أحلامهم و مطالبهم هي التبن المنزوع الدسم -عفوا منزوع الروث و البول- أما قصة الشعير فيشعرهم مجرد التفكير فيها بالذعر و الفزع و بحالة من الأصوات و الحركات الهستيرية و الركل و الرفس التي تنتقل بشكل لاإرادي إلى صغار الحمامير، ليتأكد جماعة الحمير بالتجربة و التكرار أن الحديث عن الشعير من أسباب الإصابة بالهستيريا و الذعر و الفزع، لهذا يتم اجتنابه تفاديا للإصابة بما لا يطاق، أما أكل الشعير فقد اختفى بشكل نهائي بفعل عامل تطوري من النمط الغذائي لجماعة الحمير.
وفي ختام هذه المقدمة أقول: احرموا الحمير من التبن واضربوهم عليه كي لا يطالبوكم بالشعير.
بعد خصام طويل مع صاحب الحمير، وبعد طول تفكير، اكتشف جماعة الحمير أن أكل الشعير حق من حقوق الحمير، واكتشفوا أيضا أن صاحب الحمير رهن أعناقهم مقابل دين الشعير في حين أنهم لم يذوقوا طعمه منذ زمن طويل، فعقدوا العزم على تدويل قضية الشعير لفضح صاحب الحمير. طرقوا أبواب صاحب الدين والرفيق والصاحب بالجنب وأصحاب الرساميل، فلم يجدوا من الأجوبة إلا كل مرير، لأن الرفيق والصاحب بالجنب فقير، أما صاحب الدين وأصحاب الرساميل فنفعهم بجانب صاحب الحمير، ولا يهمهم مصير جماعة الحمير.
وقف واحد من الحمير الذي يبدو عليه نوع من السخط وعدم الرضا على ما آل إليه وضع الحمير، استجمع قواه وأخذ نفسا عميقا ليفرغ ما بجعبته ويدلي بدلوه في القضية، فاختلط عليه الشعير بالحمير بالمصير، وتلعثم من شدة الخوف ومن هول وحجم الكلمات التي نطق بها، والتي لا يحتملها المكان ولا الزمان ولا عقول الحمير، تحمس المسكين، فكان الرد والفيصل في الأمر هو سيكولوجية الحمامير، نهيق جماعي وصفير، وأصوات غريبة صدرت عن جماعة الحمير.
رفعت جلسة الحمير على إيقاع الركل و الرفس و النهيق و الصفير ثم مضوا لقضاء حوائجهم فرادى و مثنى و جماعات، مع إشارات بحوافرهم تجاه شخص المتحمس من الحمير، وهمهمات و كلمات مدغمة بعضها في بعض لا يفهم منها الكثير، لكنها تشي بأن بقاء المتحمس من الحمير بين جماعته أصبح مسألة وقت قصير، وأنه سيرسل إلى ما وراء الشمس أو يقذف به من جرف أو يلقى في اليم بعد أن تعلق إلى حوافره تروش من الحجم الكبير، عقابا له على جرأته في طرح قضية الشعير، فتحاشاه الكل واعتزلوه ونبذوه، و سخروا منه في حضور كلاب صاحب الحمير، ليظهروا ولاءهم لولي النعمة صاحب -التبن الممزوج بروث وبول الحمير- وليؤكدوا معارضتهم للمتحمس من الحمير وعدم تبنيهم لقضية الشعير.
فهل هذا خوف من جبروت وعقاب صاحب الحمير أم أنه تعاطف وتماه مع المغتصب ومراعاة لرقة مشاعر صاحب الحمير؟



#أبوبكر_المساوي (هاشتاغ)       Aboubakr_El_Moussaoui#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - أبوبكر المساوي - التبن والشعير والحمير