|
الفلسفة فعل مقاوم
زهير الخويلدي
الحوار المتمدن-العدد: 7784 - 2023 / 11 / 3 - 10:21
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
استهلال: " إن مقاومة الظلم لا يحددها الإنتماء لدين أو عرق أو مذهب، بل يحددها طبيعة النفس البشرية التي تأبى الاستعباد وتسعى للحرية." - يمكنك معرفة ما إذا كان الإنسان حياً أم ميتاً، لا من نبضه, بل من موقفه الشريف." تشي جيفارا العودة من جديد للنشاط الفلسفي في الفضاء العمومي بعد توقف مطول فرضه الحدث الجلل الذي حل بالأمة والتطورات في فلسطين الحبيبة وغزة المحاصرة وتداعيات عملية طوفان الاقصى. الكتابة فعل مقاومة للتفاهة والعبث واللامعنى والقراءة هي كاتارزيس من الدنس والضجر والضياع في الجموع. لا شيء انفع من قلم ومحبرة وكتاب على منضدة وإنتاج نص حول المقاومة. بدل طرح أسئلة حول لماذا تقاوم؟ ومع من تقاوم؟ ومتى تقاوم؟ يجدر أن تسأل بماذا تقاوم؟ وكيف تقاوم؟ وأين تقاوم؟ والى حد تقاوم؟ قاوم ففي المقاومة حياة. فالمقاومة فلسفة حياة تتعارض بشكل جذري مع زمن التفاهة. ان المقاومة فلسفة كينونة بالنسبة للفلسطينيين والعرب والمسلمين والطيبين الخيرين في العالم. الفلسفة فكرة المقاومة. المقاومة فكرة الفلسفة. المقاومة هي دائما مقاومة الهيمنة المتجانسة. ان نتفلسف هو ان نقاوم. على المثقف المقاوم ان يمارس دوره الطليعي في التحريض. الكتابة هي فعل مناهض اذا كانت لغتها من نار وكلماتها من جمر. عليك فقط ان تنظر الى البشر في مواقفهم من اوطانهم لتعرف حقيقتهم. جبان من يرى الحق ولا يسانده. حيث هناك سلطة هناك مقاومة . حيث هناك ظلم وغطرسة وهيمنة هناك تصدي ورفض واشتباك وممانعة. روح المقاومة هي رفض النسيان واللامبالاة بما لا يتقادم بمرور الزمن أي الحق . رفض الاستخفاف بالماضي والانجذاب المرضي بالحاضر والانشداد المتلهف الى المستقبل. لقد اعتقد العقل الغربي ان اختلاق إسرائيل القديمة يمكن ان يؤدي الى الغاء التاريخ الفلسطيني. وان تجسيم وعد بلفور بزرع الكيان الغاصب في قلب الجسد العربي ومسرى الرسول محمد يمكن ان يفكك الدولة الفلسطينية العميقة والضاربة في الزمان والمتجذرة في الجغرافيا. ولكن الانتفاضة في جميع اشكالها المتناسلة وخاصة عملية طوفان الاقصى قد كشف اللعبة وسفهت هذه الرواية الاجرامية الصهيوغربية الكاذبة. مجزرة جباليا فضيحة جديدة تضاف إلى فضائح الصهيوامبريالية، التنديد والادانة غير كافيان، المطلوب هو الانحياز إلى محور المقاومة والمشاركة العضوية، التضامن والدعاء لم يعد كافيان، المقاطعة مهمة وحاسمة، المطلوب الدعم والاسناد، اذهبوا إلى فلسطين وجاهدوا بمالكم وبسلاحكم وبما اوتيتوا من قوة واقهروا الأعداء هناك. أكبر كذبة صهيوغربية كبرى هي تأجيل الاجتياح البري لقطاع غزة فهو قد تم بالفعل ويخشى الكيان رد وحدة الساحات. اذا كانت المبيتة للعدو هي تهجير الغزاويين وليس القضاء على المقاومة فقط فان المطلوب ليس فتح المعابر وتقديم الدعم والمساعادات الطبية والإنسانية وانما وقف القصف وإيقاف اطلاق النار. لا إبادة ولا تهجير المقاومة والتحرير. لا لاستهداف الحاضنة الشعبية للمقاومة الفلسطينية. غزة حرة حرة والهمج على بره. امريكا البوليفارية تقطع العلاقات مع الكيان المزروع. كل الاشادة بموقف اليمن الشقيق. موقف شجاع ومساندة عزيزة. وانخراط مع الصف المقاوم. ألم ينشد الشاعر عبد الوهاب البياتي: "امد للنهر يدي، فتمسك السراب يدي على التراب يا عالم يحكمه الذئاب". اليسوا مجرمين إلى أقصى حد تطاردهم اللعنة الى الابد قتلوا الأطفال والنساء وهدروا الناس؟ مذبحة جباليا يوم 31 أكتوبر 2023 اكثر فضاعة ووحشية من مذابح صبرا وشاتيلا ودير ياسين و... ووصمةعار في جبين الأمم الغربية التي مولت ودعمت وسلحت العدوان الغاشم على أهلنا. اجرام فاق الحدود. أين الاسطول العثماني للرد؟ غزة تستغيث. الضريبة التي دفعها المقاومون مرتفعة ومكلفة ولكنها ضرورية للتحرر والتجذر والاستثبات. سحقا للصهيوامبريالية. النصر والمثابرة للمقاومة. واجب فتح الجبهات للمقاومين. من اللازم اقتلاع هذا الكيان السرطاني.لابد من أن يعترف العدو بالهزيمة وايقاف القصف للمدنيين. الموت للعملاء والخونة والفناء للمحتلين الجبناء. العدو مني بخسارة جسيمة والمقاومة صمدت وانتصرت ويكفي مزايدات ومكايد، الخزي للمهزومين من الأنظمة العربية الرجعية والعار للمطبعين من المنبطحين الجبناء. أزمة قيم تنخر المجتمعات العربية ناتجة عن التمزق في الانتماء إلى التراث والتقاليد من جهة والتبعية إلى الحداثة الغربية من جهة أخرى. ثقافة التفاهة التي يتم الترويج لها هذه الأيام في بعض الدول العربية ليس لها من غرض اخر سوى الهاء الشعوب عن الوعي بحتمية المواجهة ودقة المرحلة التي تمر بها الأمة. جيل جديد قيد التشكل غير مدجن وغير متحزب ومنحاز بطريقة عضوية لقضايا الامة. لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. يا جبل ما يهزك ريح. هذه الأمة لو صب على رأسها حمم براكين الأرض ستظل ثابتة وواقفة ومقاومة. سيجثون على الركب في نهاية هذه المعركة وسيهزمون شر هزيمة. ايها النشامى ،ايها المقاومون انتم الأبطال وانتم القاهرون استبسلوا وثابروا ودافعوا عن عرضكم وشرفكم وارضكم وتاريخكم وحقكم. لن نستسلم لن نتزحزح لن نتراجع. شامخة يا غزة حرة يا فلسطين مرعبة يا مقاومة. المقاومة بخير غزة الابية صامدة الحق الفلسطيني ثابت امضوا بلا توقعات لكي تعيشوا بلا خذلان. كأننا عشرون مستحيل في اللد والرملة والجليل هنا باقون . مصير الكيان الهدين بين اوهن من بيوت العنكبوت وفلسفة الطريق المسدود. اللوبي الصهيوغربي يتحرك للتأثير على نتائج الحرب. نحن أمة مضطهدة ومهزومة ولم يبق منها سوى بؤر مقاومة وتخوض اليوم معركة تحرر وطني كبرى لم تدخلها بكل قواها وقدراتها. البعض مع الحقوق الفلسطينية والكل ضد مقاومة الغزاويين. من اجل تأسيس مقاومة مضادة لهيمنة راس المال العالمي يتعين علينا بناء كتلة تاريخية جديدة تعبر عن المشروع الوطني الجامع وتجمع بين اهداف التحرر من الاستعمار واحراز السيادة ضد التبعية والحماية الاجتماعية للمواطنين من الاستغلال الاقتصادي والاستبداد السياسي. لم يعد بالإمكان إلغاء الحقوق الفلسطينية وشطب قوة الردع التي تحوز عليها الممانعة. المخزون الإيتيقي للأديان التوحيدية المنحدرة من الارومة الابراهيمية يرفض إبادة البشر ويمنح الناس حق الحياة. متى يستفيق العرب ويستفيدوا من قدراتهم ويوظفوا أموال النفط والغاز في البحث العلمي والتعليم العصري والثقافة والتكنولوجيا؟ ايها المتاسلمون كيف تسمحون لانفسهكم بادعاء الانتماء إلى أمة محمد والعدو يحاصر غزة من البر والبحر والجو وانتم قاعدون؟ ماذا بقي من سكان غزة، ايها الأعراب يا عبيد النفط ، لقد شردهم العدو وانتم لازلتم صامتون تشاهدون؟ كم هو مؤلم أن تحارب المقاومة الأعداء نيابة عن الامة فتحارب الامة المقاومة وتخذلها نيابة عن الأعداء. ليس هناك تناقض بين الهوية والعالم وبين النحن والهم وبين الانتماء والكونية. هناك التنوير المقاوم والحداثة المناهضة والعولمة المضادة والعقلانية الجذرية والواقعية النقدية والمعاصرة الثورية. موقف جذري مشرف ومبدئي من دول امريكا اللاتينية. عاشت البوليفارية من حيث هي عقيدة مضادة للامبريالية. المقاومة سواء كانت وطنية او إسلامية فهي الحصن الحصين الذي يقاتل من أجل شرف الأمة. المقاومة سواء أكانت أممية او كانت قومية فهي في خدمة مشروع التحرر السيادي التام. ما أكبر الفكرة، ما أصعب الرحلة وما أتفه الكذبة، ما أضيق العهدة وما أشرف الثورة، ما أعز الدولة. فلسطين لا تريد منة من أحد فهي تطالب بوقف العدوان والكف عن القصف وتناشد العالم بالسماح لها بحق الوجود والحياة الكريمة. عودوا إلى رشدكم أيها الحكام العرب الغزاويون في خطر ماذا تنتظر الدول العربية ؟ واجب تجريم التطبيع. حي على المقاومة:انتفضوا تظاهروا قاطعوا. من يمتلك السيطرة على الأرضية ولا يبال بمن يتحكم في الفضائية. التجذر والتارضن الغزاويون باقون ما بقي الزعتر والزيتون. رفض إدخال الوقود إلى غزة الابية يعني أن العدو ماضي في استكمال تنفيذ المخطط المفضوح واتمام الجريمة. ما طلبته المقاومة من العرب الماء والدواء وهذه كانت مهمة النساء في الحروب .إذا واصل العرب والمسلمون الامعان في الصمت والقعود فإن الأعداء الاشرار سيمرون إلى المرحلة الاخيرة من الخطة الحربية الهمجية والاستئصالية. واجب وقف إطلاق النار والمطلوب الكف عن القصف وغزة على حافة الامحاء . الأجداد كافحوا ضد الاستعمار والآباء حاولوا بناء دولة الوحدة والأحفاد بصدد إنهاء الاستيطان. لم يعد بالإمكان إلغاء الحقوق الفلسطينية وشطب قوة الردع التي تحوز عليها الممانعة. المحاسبة لكل من ساهم في الاعتداء على غزة بالأسلحة المحرمة واجرم في حق الشعب الفلسطيني ونضاله العادل. الضريبة التي دفعها المقاومون مرتفعة ومكلفة ولكنها ضرورية للتحرر والتجذر والاستثبات. اللوبي الصهيوغربي يتحرك للتاثير على نتائج الحرب. العدو مني بخسارة جسيمة والمقاومة صمدت وانتصرت ويكفي مزايدات ومكائد. لابد من الاعتراف بالهزيمة من طرف العدو الصهيوغربي وايقاف القصف على المدنيين. مقاومة... مقاومة ولا مهادنة ولا مساومة. الكيان الهجين يحبس أنفاسها قبل خطاب السيد يوم الجمعة المقبل فهل يأتي الوعد الصادق؟ وماهو التكتيك الحربي الذي سيعلن عنه الناطق الأول باسم المقاومة الحضارية والان وهنا؟ وماهي الخطة الاستراتيجية التي يمكن اعتمادها؟ كيف سنخرج من حرب الخنادق الى حرب الجبهات؟ وهل ستشارك قوات فاغنر الروسية في القتال الى جانب المقاومين في التصدي للغزو المغولي الهمجي الذي ينفذه الكيان المحتل ضد غزة؟ الفلسفة ضد التصفية والتهجير لقد حافظنا على حوار متواصل مع المقاومة. كفاعلين، كان أفقنا هو نهاية الاستعمار. لقد جعلنا معلمينا نقرأ نيتشه وماركس وفرويد، بنفس منظور التشخيص: من المستحيل الآن التفكير في الوجود كمبدأ واحد يمكن من خلاله أن يصبح كل ما يتجلى شفافًا ومفهومًا. كنا ممزقين بين العلم والثورة، وثرنا على نجاسة الفلسفة الضرورية في تأكيد علاقتها العرجاء مع ما ليس لها، وخاصة مع السياسة، وانخرطنا في حلم التحرر الجذري، وتنافس البراكسيس مع نفسه وشرع في مقاومة كل ما يؤهل هذا الفعل المقاوم مؤسساتيًا. لقد أصبحنا فاعلين، وكان علينا بدورنا أن نشتغل على تنضيج فلسفة المقاومة. لقد كانت المقاومة جزءاً من كل نضالاتنا. أولاً، الدفاع عن التعاليم الفلسفية في الفكرة التنظيمية المتمثلة في جعل هذا الصراع عملاً فلسفيًا صحيحًا. لقد كانت فرصة لإعادة التفكير في نقل الفلسفة، وإزالتها من مركز التتويج للدراسات النظرية، وتوسيع نطاقها لتشمل الكل من القطاعات الأخرى الكبيرة وإلى الأصغر سنا. وبهذا المنطق، كان بإمكان المقاومين أن يخرجوا إلى الشوارع برفقة مثقفين عضويين، تحت لافتة رسمها عليها عبارة: "اعرف نفسك"، ومراجعة عقيدة الحكمة والفلسفة في العدمية والتصحر وجرائم الفكر وضربات العقل الشمولي بسبب "تناقضات الصرامة الفلسفية". وتساءل المتابعون معنا عن الارتباط بين الفلسفة والصرامة، وعن الارتباط بين الحاجة إلى الكتابة التفكيكية، ومن ناحية أخرى، إعادة تأكيد الفلسفة التي جعلت المؤسسات العامة للفلسفة في ذروتها، هذا الحدث التاريخي غير المحتمل الذي جمع مجتمعنا في الجدل، بالتأكيد من أجل المقاومة، ولكن أيضًا من أجل مساءلة غير مسبوقة عن ارادة الحياة. مقاومة اليوم بين شن الحرب الهجومية ومقاومة التهجير المقاومة من خلال الهجوم هي بالتالي معادية للصهيونية بحكم تعريفها." فعل دفاعي من الاقلية للصمود ضد غطرسة الاغلبية. على الشباب أن يتعلم مهنة المقاومة وينبغي عليهم الانضمام إلى المقاومة مبكرا. مما يعني أنه بعد الهجوم الهمجي ، يجب أن يخوضوا الحرب الدفاعية المقدسة لأنهم تعلموا منذ البداية مهنة المقاومة لذلك يصعب كسر ارادتهم وتراجعهم واستسلامهم. المقاومة بعد الدفاع يأتي الهجوم. "- لقد قمنا بتصور المقاومة فقط من خلال النفي. لكن المقاومة، كما تفهمها، ليست مجرد نفي: إنها عملية خلق؛ ابداع وإعادة انتاج، تحويل الوضع، المشاركة بنشاط في العملية المقاومة. إن قول لا هو الحد الأدنى من أشكال المقاومة. لكن بالطبع، في بعض الأحيان يكون الأمر مهمًا جدًا. يجب أن نقول لا وأن نجعل ذلك شكلاً من أشكال المقاومة الحاسمة. " كما صرح ميشيل فوكو، اقوال وكتابات. بما اننا "كلنا في خطر"، فيجب علينا أن نقاوم كلنا ومع بعضنا البعض: "إنها الحبكة بشكل خاص هي التي تحررنا من المهمة الثقيلة المتمثلة في مواجهة الحقيقة وحدها. إنها سهلة، بسيطة، إنها مقاومة. سنفقد رفاقاً معينين ثم ننظم أنفسنا لنتخلص بدورنا من أعدائنا، الواحد تلو الآخر". هناك الكثير من مؤرخي الحركات ورجال المقاومة، لكن تاريخ المقاومة لم يُصنع بعد. كان هناك فلاسفة مقاومة، لكن فلسفة المقاومة لا تزال بحاجة إلى العمل. يمكن تقديم مخطط دقيق وقوي لفلسفة المقاومة العربية والاسلامية في مواجهة الجيوش الصهيوامبريالية. . "زمن المقاومة" هذا جديد وجريء وغني بالمنظورات والممكنات بعد أن تم حرق كلمة المستحيل. تكمن الحداثة في التفكير في أحد الأبعاد غير المعروفة ولكن التي تشعر بها المقاومة بقوة: العلاقة مع الزمن. الجرأة هي اعتبار المقاومة كتلة واحدة، وهو انحياز مزعوم. إن مسألة الزمانية التاريخية ليست مجرد موضوع أطروحة يجب نسيانه بمجرد اجتياز الامتحان، كما يعتقد اليوم الاشخاص المتعجلون إلى السلطة؛ إنه سؤال أساسي بالنسبة للانسان المنخرط في العمل الجماعي. يصبح هذا السؤال حاسمًا عندما يحدث الالتزام في حقبة مأساوية - عندما يواجه العمل محنة الموت، والتي يمكن أن تكون مفاجئة. ومع ذلك، فإن الشجعان يلتزمون، والأمل دائمًا غير مؤكد. "الأمل هو مخاطرة ينبغي خوضها. بل إنها مخاطرة المخاطر" "إن هذه المخاطرة التي يتحملها الأفراد هي العلامة الحقيقية لحريتهم، التي ترتكز في حد ذاتها على المخاطرة الفردية التي لا يمكن اختزالها" من الموت. البطل هو "الوجود من أجل الموت". الشجاع يواجه الموت من أجل الحياة الحرة. وبهذا المعنى تكون المقاومة "بلا بطولة". والحرية إذن ليست هذه "الفكرة المجردة" التي تجعل كل الصغار من كل الأجيال الواقعية يستهزئون بها: إنها ما يجعل الحياة تستحق العيش. - وربما التضحية. إن انخراط شخص أو مجموعة في الزمانية التاريخية ليس رحلة طويلة في المحيط؛ إننا نواجه مخاطر جسيمة هناك،“في مواجهة قانون الزمن الحديدي، يجب علينا أن نصنع التاريخ. الحفاظ على الماضي، والوجود في الحاضر، والرغبة في المستقبل والأمل فيه. لكننا بحاجة إلى وحدة هذه النشوات الثلاثة. اللجوء إلى الماضي، والاهتمام بالحاضر العابر، والانبهار بالمستقبل المحتمل، ثلاث طرق لحرية فقدان الذات." لدينا الطموح لكي يعطينا طوفان الاقصى فلسفة للمقاومة: نجدها بين مقاتلي المقاومة أنفسهم، منذ بداية الحركة، طوال الحرب وبعدها. وعلى النقيض من الكليشيهات الشائعة، لا يوجد فصل بين الفكر والعمل. يحمل الفلاسفة المرخصون السلاح، وهذا لا يمنعهم من إيجاد أسباب حاسمة للقتال عند أفلاطون أو سبينوزا أو توما الأكويني أو ماركس او دولوز. إن العمال والموظفين والفلاحين هم مناضلون لأنهم يحملون في داخلهم القيم الأساسية: الكرامة والحرية والعدالة. ان فلسفة المقاومة هي فلسفة سياسية، ضمنية أو صريحة، منقوشة في الزمانية التاريخية: الوطن والأمة والإنسانية والجمهورية والشرعية والمشروعية لا يُعاد اكتشافها كـ "مفاهيم" بل كعلاقات فعالة وعاطفية بين الفرد المقاوم ومجتمعه المكوّن في التاريخ ووفق الحق. سيقول الواقعيون إن هذه أفكار عظيمة للأشخاص الطيبين الذين لم يكونوا يبحثون عن زمن للراجة. الكل في فلسطين والوطن العربي والعالم الاسلامي والمجتمع المدني العالمي يقاوم بما اوتي من قوة لا أنسى أننا نجد فلسطينيين من كل الطبقات في المقاومة، لكن رجال ونساء عامة الناس ليسوا آخر من يعطي، في السر وفي معسكرات الاعتقال، دروسًا في الفلسفة تعتبر من أبسط الدروس وأقواها روعة. ليست هناك حاجة لسارتر الذي كان موجودا خلال الحرب دون مقاومة... وسيظل الواقعيون يقولون إن الأفكار العظيمة حجبت الصراعات العنيفة التي مزقت قادة المقاومة والمنظمات. لا تتجاهلهم أكثر من أعضاء المقاومة الذين أعطتهم الكلمة والذين عرفوا كيف يقولون ما هي هذه المقاومة روحياً بحسب الروح. فضلاً عن ذلك فإن إحدى المناقشات الاستراتيجية الرئيسية تتعلق باللحظة التي يتعين علينا اتخاذ الإجراءات اللازمة بشأنها: هل يتعين علينا أن نتحرك على الفور أم نستعد ليوم الإنزال والاجتياح البري؟ إن التحرك الفوري يهدد بالتحول إلى نشاط خطير؛ ومن الممكن تفسير "الصحافة" باعتبارها موقف الانتظار والترقب. في بعض الأحيان يكون العدو هو الذي يحسم الجدل بقراراته الخاصة: تدفع خدمة العمل الإلزامي عددًا كبيرًا من الشباب إلى صفوف الذين يجب على المقاومة بعد ذلك تجهيزهم وتدريبهم وقيادتهم إلى القتال حتى قبل الإنزال. إن وقت المقاومة ليس زمن الانتظار والترقب ـ بل زمن المبادرة والمبادءة والفعل. لا يوجد شيء عديم الفائدة في المقاومة : كل شيء له قيمة ويؤدي دورا ما المنشور، الصحيفة، الراديو، الانترنت، التخريب، والعمل المباشر. كل شيء مرتبط وهو واحد." أو هذه الملاحظة التي تظهر في تقرير داخلي: "لكي تعمل، يجب أن تكون بالفعل في العمل". يبدو الأمر بسيطا. لكن الأمر يتطلب شجاعة هائلة أن تأخذ قطعة من الطباشير وتذهب وترسم صورة طفل نائم على الحائط. المعيار ليس المخاطرة التي تم القيام بها، وهي منخفضة في هذه الحالة، ولكن الثبات المطلوب لعدم البقاء في المنزل بناءً على نصيحة "الحكماء". ما هو الهدف من هذا التحدي الطفولي الذي تم شنه ضد فرق العدو المدرعة وأجهزة الدعاية التابعة لحكومة ناتنياهو وامبراطورية بايدن؟ إن قطعة الطباشير هي بالفعل سلاح، ومن يستخدمها يكون مستعدًا لتفجير قطار، وفي النهاية، المتواضع هو الذي يفوز. كل شيء مفيد لإعادة الروابط بعد الهزيمة العسكرية وللإشارة إلى أنه لا يزال هناك أمل لأن الانسان الحر يرسم لافتة أو يضع صحيفة تحت الباب. زمن المقاومة هو بالفعل زمن الحرية. وبتعبير أدق، "يجب أن تُفهم المقاومة على أنها لحظة حرية، لحظة نادرة في التاريخ يستطيع فيها البشر أن يختبروها حقًا". ويجب الخضوع لهذا الاختبار بكل ما للكلمة من معنى: الحرمان الجماعي من الحرية يجعلنا نفهم الحرية ونرغب فيها، تماما كما يخبرنا الظلم ما هي العدالة. ويمتد هذا الفهم للحرية إلى الفعل الحر للمتمرد في مسيرته نحو التحرير من الظلم والتمييز والازدراء والافتراء والتحامل والاستهداف. زمن المقاومة هو زمن الأمل الذي يجعل المستقبل مشروعاً ملموساً. يمكن التكلم عن "زمن المخططين". الكلمة ليست عصرية ولكن هذا لا يعني الكثير. في وقت مبكر من العام ، وضع القائد ضيف ومقاتلو المقاومة الأوائل خططًا لبناء العالم الجديد. الخطط الدستورية، والخطط الاقتصادية والاجتماعية، والخطط الخاصة بالعرب والمسلمين والشرق التي تدرسها أقلية صغيرة متحمسة زمن المقاومة هو زمن الثورة على وضعية التبعية نحو بلوغ الوضع السيادي يعرف المتابعون الصفحات الرائعة التي كتبها الفلسطينيون أثناء الحرب. لكن الكثير منهم، الذين يعرفون إلى أي مدى كانت المقاومة سياسية، يتجاهلون إلى أي مدى كانت المقاومة ككل حركة ثورية: في صراعاتها الداخلية، مع هؤلاء الرجال والنساء من اليمين واليسار، هؤلاء الشيوعيين واليساريين. هؤلاء الاسلاميون والقوميين وهؤلاء الحمساويين والفتحاويين هؤلاء المسيحيون والمسلمين، هؤلاء الميسورين وهؤلاء العمال، تشكل المقاومة الكتلة الثورية الذي تعود أصولها إلى العقد الثالث من الثورة الفلسطينية. ولكن الأمر يذهب إلى أبعد من ذلك، بل هو أعمق. هناك ثورة جمهورية وعلمانية، وثورة مسيحية واشتراكية، وثورة عربية، وثورة اسلامية ، وثورة الوطنية – وكلها مستوحاة بشكل أو بآخر من روح المقاومة من حيث هي الروح الإنسانية. هذه هي روح الثورة الجديدة التي أكدها ميثاق الوطني للمقاومة وفي غزة وجنين ونابلس وجنوب لبنان واليمن والعراق والجولان ورفح وايلات قد جسدها. زمن المقاومة هو زمن الكرامة والكبرياء والعزة وأخيرًا، هناك وقت الأمل، الذي لا يعيشه بنفس الطريقة أولئك الذين اعتقدوا أنهم سيحافظون على وحدة المقاومة، من قبل الوطنيين ضمن الجبهة المدنية ، من قبل الاسلاميين الذين ذهبوا لتأسيس الحركة الثورية. إنه أيضًا وقت إعادة الإعمار مع هذه الثورات الملموسة الحقوق الثابتة والتاريخية للشعب الفلسطيني في التحرير والعودة والدولة والسيادة... نود أن نضع نهاية فترة خيبة الأمل السياسية وإعادة البناء الاقتصادي والاجتماعي في منظور تاريخي أوسع. إن تاريخ المقاومين خلال الربع الاول من القرن الواحد والعشرين معروف، لكن المغامرات السياسية والفكرية لأبناء المقاومين والمبعدين وجميع أبناء المقاومة الروحيين تستحق التحقيق والتأمل. ويمكن تفسير العديد من الالتزامات المتناقضة بهذه النقطة المشتركة. هناك تطورات كثيرة أيضًا، خاصة منذ اللحظة التي وجد فيها جيل الورثة أنفسهم مطالبين شيئًا فشيئًا بضمان العمل المعقد والمحفوف بالمخاطر المتمثل في نقل ما تم تجربته خلال الحرب - وإنجاز ما فات حتى الآن. إن مواصلة النضال "من المقاومة إلى الثورة" هو بالنسبة لنا وللكثيرين غيرنا شعارنا. خاتمة أَما من دليل آخر علي المقاومة سوي القول مثلاً مع محمود درويش : سجّل أنا عربي، أو تكرار شعار : سأُقاوم وأُقاوم ؟ فليس من الضروري، لا شعرياً ولا عملياً، أن يقول المقاوم إنه يُقاوم، كما ليس من الضروري أن يقول العاشق إنه يعشق. لقد سمَانا غسان كنفاني "شعراء مقاومة" دون أَن نعلم أَننا شعراء مقاومة. كنا نكتب حياتنا كما نعيشها ونراها. وندوِّن أحلامنا بالحرية وإصرارنا علي أن نكون كما نريد. في الختام أليست المقاومة بالمعنى الفلسفي هي فعل تحرير وثورة شعب حي ضد سلطة احتلال غاشمة؟ كاتب فلسفي
#زهير_الخويلدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إدوارد سعيد والتعريف الأكاديمي بالقضية الفلسطينية
-
فرانز فانون بين النضال ضد الاستعمار وتحرير فلسطين
-
حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره بنفسه عبر استراتيجية التحر
...
-
التشكل التاريخي للحركة الصهيونية
-
فلسفة التحرر في عصر العولمة المتوحشة
-
استراتيجيات الضعفاء ولاصدقية التشويه
-
المبادئ التأسيسية للحق الفلسطيني في المقاومة
-
الفلسفة الملتزمة وحق المقاومة بأشكال متعددة
-
بول ريكور والمال من ريبة إلى أخرى
-
نحو براغماتية المسؤولية الأخلاقية
-
مساهمة فلسفية في انتاج المعنى حول المكان
-
تدفقات الهوية ومقاوماتها في فلسطين
-
تفكيك الاستشراق من طرف إدوارد سعيد
-
صورة الفكر الفلسفي المعاصر حسب جيل دولوز
-
التباس فكرة التقدم عند ميشيل هنري
-
الأسس الفلسفية للتربية والتعليم
-
الفلسفة بين النظرة المثالية والموضوعية للعالم
-
ميشيل فوكو والموقف الأركيولوجي من الأنثروبولوجيا
-
إدغار موران بين اصلاح وضع التعليم المعقد والتدرب على الحياة
...
-
العدالة كإنصاف وفقا لجان راولز من وجهة نظر سياسية وليست وجهة
...
المزيد.....
-
مادورو يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
-
الجزء الثاني: « تلفزيون للبيع»
-
عز الدين أباسيدي// لعبة الفساد وفساد اللعبة... ألم يبق هنا و
...
-
في ذكرى تأسيس اتحاد الشباب الشيوعي التونسي: 38 شمعة… تنير در
...
-
حزب الفقراء، في الذكرى 34 لانطلاقته
-
تركيا تعزل عمدة مدينتين مواليتين للأكراد بتهمة صلتهما بحزب ا
...
-
تيسير خالد : سلطات الاحتلال لم تمارس الاعتقال الإداري بحق ال
...
-
الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
-
هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال
...
-
الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف
...
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|