أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلاقات الجنسية والاسرية - ميشال شماس - الأسرة السورية بين الواقع والقانون















المزيد.....

الأسرة السورية بين الواقع والقانون


ميشال شماس

الحوار المتمدن-العدد: 1736 - 2006 / 11 / 16 - 07:44
المحور: العلاقات الجنسية والاسرية
    


شكلت الأسرة على مر العصور محور اهتمام المجتمعات والدول الكبيرة والصغيرة بصفتها النواة التي تتشكل منها الدول والمجتمعات، ومصدر استمرارها المادي والمعنوي، فهي من جهة تزود تلك المجتمعات بأعضاء جدد عن طريق التناسل، ومن جهة أخرى تقوم بتعليم هؤلاء الأعضاء الجدد قيم ومعايير هذا المجتمعات وسلوكها واتجاهاتها وعاداتها وطرائقها.
ولهذا دعت كافة الاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية والوطنية إلى حماية الأسرة ورعايتها، فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان أكد على: ( أن للرجل والمرأة متى بلغا سن الزواج حق التزوج وتأسيس أسرة دون أي قيد بسبب الجنس أو الدين، ولهما حقوق متساوية عند الزواج وأثناء قيامه وعند انحلاله .لا يبرم عقد الزواج إلا برضى الطرفين الراغبين في الزواج رضا كاملاً لا إكراه فيه. الأسرة هي الوحدة الطبيعية الأساسية للمجتمع ولها حق التمتع بحماية المجتمع والدولة. مادة( 16)
وأن لكل فرد يقوم بعمل الحق في أجر عادل مرضٍ يكفل له ولأسرته عيشة لائقة بكرامة الإنسان تضاف إليه، عند اللزوم، وسائل أخرى للحماية الاجتماعية. مادة( 23)
وأكد أيضاً على أن لكل شخص الحق في مستوى من المعيشة كاف للمحافظة على الصحة والرفاهية له ولأسرته، ويتضمن ذلك التغذية والملبس والمسكن والعناية الطبية وكذلك الخدمات الاجتماعية اللازمة، وله الحق في تأمين معيشته في حالات البطالة والمرض والعجز والترمل والشيخوخة وغير ذلك من فقدان وسائل العيش نتيجة لظروف خارجة عن إرادته. ودعا إلى الاهتمام بالأمومة والطفولة وحقهما في مساعدة ورعاية خاصتين، وأن ينعم كل الأطفال بنفس الحماية الاجتماعية سواء أكانت ولادتهم ناتجة عن رباط شرعي أو بطريقة غير شرعية. مادة (25)
وجاء العهد الدولي في الحقوق المدنية والسياسية ليكرس حمايته للأسرة أيضاً فنص على أن:
( 1- الأسرة هي الوحدة الجماعية الطبيعية والأساسية في المجتمع، ولها حق التمتع بحماية المجتمع والدولة.
2- يكون للرجل والمرأة، ابتداء من بلوغ سن الزواج، حق معترف به في التزوج وتأسيس أسرة.
3- لا ينعقد أي زواج إلا برضا الطرفين المزمع زواجهما رضاء كاملا لا إكراه فيه.
4- تتخذ الدول الأطراف في هذا العهد التدابير المناسبة لكفالة تساوى حقوق الزوجين وواجباتهما لدى التزوج وخلال قيام الزواج ولدى انحلاله. وفى حالة الانحلال يتوجب اتخاذ تدابير لكفالة الحماية الضرورية للأولاد في حالة وجودهم. مادة(23)
والمشرع السوري لم يتردد في التأكيد على أهمية الأسرة وتقرير رعايتها وحمايتها بمجموعة من القواعد القانونية، ثبتها في الدستور السوري الذي نص: ( 1 – الأسرة هي خلية المجتمع الأساسية وتحميها الدولة -2- تحمي الدولة الزواج وتشجع عليه وتعمل على إزالة العقبات المادة والاجتماعية التي تعوقه وتحمي الأمومة والطفولة وترعى النشء والشباب وتوفر لهم الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم). مادة (44)، كما أكد الدستور على أن الدولة تكفل كل مواطن وأسرته في حالات الطوارئ والمرض والعجز واليتم والشيخوخة.) مادة( 45/1).
ولم يكتف المشرع السوري بذلك، بل فرض مجموعة من العقوبات في الباب السادس الفصل الثاني من قانون العقوبات السوري تحت عنوان الجرائم التي تمس الأسرة، فعاقب على الجرائم المتعلقة بالزواج في المواد 469 وحتى المادة 472/ وعاقب على الزنى والسفاح بين الأصول والفروع وعلى خطف الأولاد والقصر في المواد 473 وحتى المادة 483/ كما عاقب على تسييب الولد القاصر والعاجز في المواد 484 وحتى المواد 487 ، وعاقب أخيراً على إهمال واجبات الأسرة بالنفقة وغيرها في المادتين 487 و488.
ورغم أن المشرع السوري خاطب المرأة والرجل بكلمة "المواطن" في جميع أحكام الدستور ورغم أنه ساوي بين المواطنين في الحقوق والواجبات./ مادة 25/3/ ورغم تأكيده على المساواة بين الجنسين وتكافؤ الفرص في المادة 45/ وعلى الرغم من أن سورية صدقت بالمرسوم 330 لعام 2002 على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التميز ضد المرأة، إلا أن التحفظات التي أبدتها السلطات السورية على عدد من بنود هذه الاتفاقية ، قد أفرغها من مضمونها عملياً وأضحى التصديق عليها غير ذي جدوى لا يلزم الدولة بأي إجراء يساعد في القضاء على التمييز الموجه ضد المرأة، وعلى الرغم أيضاً من صدور القانون 42 لعام 2003 الذي قضى بإحداث الهيئة السورية لشؤون الأسرة، إلا أن التشريعات المتعلقة بالأسرة والعلاقات الأسرية لم ترقَ إلى مستوى النصوص الدستورية، بل بقيت تجسد النظام الأبوي بمنظومته الفكرية وما فيها من قيم ومفاهيم قديمة مغلوطة ومجحفة بحقوق المرأة، مازالت تكرس سيادة الرجل و تبعية المرأة ودونيتها، وتميز بشكل فاضح بينهما في عدد من القوانين.
فقانون الأحوال الشخصية ميز في كثير من أحكامه بين الرجل والمرأة، فميز في أهلية الزواج، حيث حدد سن الزواج للرجل بـ18عاماً بينما المرأة بـ17 عاماً والمراهق بـ15 عاماً والمراهقة بـ13 عاماً بأذن من القاضي والأمر الخطير أن المشرع ترك للقاضي أمر تقدير سن الزواج دون التقييد بالسن المحددة قانوناً مما يفسح المجال لزواج الصغار، بينما سكت المشرع عن تحديد مكان سكن الحاضنة التي قد تجبر في الغالب التخلي عن أولادها لعدم استطاعتها الإنفاق عليهم ورفض أهلها الإنفاق على أولادها، مما يؤدي إلى حرمان الأولاد من رعاية وحنان الأم. وميز أيضاً في سن الحضانة للذكر حتى سن 13/ وللأنثى حتى سن 15 مع إننا نرى وجوب رفع سن الحضانة لكلا الجنسين حتى سن 18 عاماً وبذلك يستطيع الحاضن متابعة المحضون وإيصاله إلى بر الأمان حتى بلوغه سن الرشد. وميز في مسألة الطلاق فسمح بإيقاع الطلاق بإرادة منفردة دون علم الزوجة ، وصعب من إجراءات الطلاق أمام المرأة بينما يسر ذلك أمام الرجل، وزاد من التكاليف المعنوية والمادية التي تتكبدها المرأة، وما يقلق المرأة ويجعلها تخضع لمشيئة الرجل مسألة تعدد الزوجات، الذي يؤدي حتماً إلى التفكك الأسري بين الأبناء.أما الأمر الذي يثير الأسى في النساء جميعاً هو أن شهادة رجل واحد تعادل شهادة اثنتين منهن، فهل يعقل أن تقبل شهادة رجل أمي، بينما لاتقبل شهادة طبيبة أو محامية أو وزيرة لدى المحاكم الشرعية. أو أن حصة الرجل من الميراث تفوق مرتين حصة المرأة..الخ
وكذلك ميز المشرع بين المرأة والرجل في قانون الجنسية الذي أخذ بحق الدم فاعتبر عربياً سوريً حكماً من ولد في داخل القطر أو خارجه من والد عربي سوري، بينما المرأة السورية لا تستطيع إعطاء الجنسية لابنها إلا في حالتين: أن يكون ولد في سوريا، وأن لا يثبت نسبه لأبيه.
أما في قانون العقوبات العام فالتمييز بين الرجل والمرأة قاد إلى مآسي وخراب أسري، فالمادة 548 منه تحرض الرجل وتشجعه بوضوح على قتل زوجته آو أخته آو بنته أو أمه آو غير ذلك مما يسمى بجرائم الشرف، عندما منحه المشرع عذراً محلاً أو مخففاً من العقاب، بينما لم يمنح الزوجة أي عذر مخفف في حال مفاجأتها لزوجها في جرم الزنا المشهود آو في الحالات المريبة وأقدمت على قتله. والأمر الخطير أن تلك المادة فتحت الباب واسعاً أمام قتل النساء بحجة الدفاع عن الشرف، فكثير من النساء قتلن لأمر لا يتعلق بالشرف مطلقاً، بل طمعاً في ميراثهن، أو للتغطية على فعل مشين، فيلجأ الرجل مثلاً عندما ينكشف أمر تشغيله لزوجته بالدعارة إلى قتلها بحجة الدفاع عن الشرف.علماً أن عبارة "من فاجأ زوجه" الواردة في المادة 548 أُخِذتْ عن النص الفرنسي وتعني الزوج والزوجة معاً،إلا أن المشرع السوري ترجمها على أنها تعني الزوجة فقط.
هذه الأمور لا تتناقض وحسب مع العهود والمواثيق الدولية التي وقعت عليها سورية، بل وتتناقض أيضاً مع الدستور السوري نفسه الذي أكد في المادة 25 فقرة/3 منه:( المواطنون متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات..
إن حماية حقوق جميع أفراد الأسرة ، يأتي من خلال تحقيق العدالة والمساواة بين الرجل والمرأة في أحكام الزواج والطلاق والمسائل الناجمة عنه، وإلغاء المادة 548 من قانون العقوبات والسماح للمرأة بمنح جنسيتها لولدها سواء ولد داخل سورية أو خارجها وسواء كان الأب سوريا أولا، وإلغاء أو تعديل القوانين التي مازالت تميز بين الرجل والمرأة، وإن حصول ذلك سوف يدعم بلا شك الإحساس بالشراكة في الأسرة والتعاون على حمل مسؤولياتها أثناء قيام الحياة الزوجية. ففي سيادة مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات بين المرأة والرجل في قوانين الأسرة، تسود الشراكة الحقيقية فيها بين الطرفين.أما أن تغفل القوانين عن مساهمة المرأة في رعاية الأسرة والإنفاق عليها كما هي في الواقع القائم، فهذا يسلب المرأة الكثير من حقوقها الإنسانية، كما لا يحمي الحقوق التي تترتب على هذه المساهمة في حال انتهاء الحياة الزوجية بالطلاق أو الوفاة. وهذا طبعاً يتطلب صياغة جديدة لمضمون يسوده مبدأ المساواة والمشاركة في كل ما يتفرع عن هذه المسألة من أحكام في تشريعات الأسرة، بما يحول الأسرة من أسرة أبوية إلى أسرة زوجية حديثة تتطابق مع نمط أسرتنا الجديدة وتزيل الفجوة القائمة بين الواقع والقانون.
ومن الأهمية بمكان هنا إنشاء محكمة خاصة بقضايا الأسرة، تتمتع بالاستقلالية ونظام عمل داخلي مناسب وأبنية خاصة بها، وتلحق بها نيابة عامة مستقلة ومتخصصة في شؤون الأسرة وإدارة ملحقة بالمحكمة تقوم على تنفيذ الأحكام الصادرة عن محكمة الأسرة. وتدعم بمكتب لحل الخلافات ودياً يتألف من أخصائي نفسي واجتماعي برئاسة قاضي امرأة، ويفضل أن تتألف محكمة الأسرة من قضاة متزوجين.ومن شأن قيام هذه المحكمة تسهيل إجراءات التقاضي في نزاعات الطلاق والإرث والحضانة والحق بالاحتفاظ في منزل الزوجية والنسب..الخ.على أن تكون هذه المحكمة صديقة للأسرة والطفل معاً، وليس محكمة لا يعنيها سوى تطبيق القانون المجرد من العواطف والمصالح المتداخلة، والاهتمام بالجانب الإنساني والاجتماعي والنفسي عند النظر بقضايا المتعلقة بالأسرة بما يحافظ على سرية وخصوصية مثل هذه القضايا.
وتبقى الأسرة الخلية الأساسية التي يقوم عليها الوطن السوري، وهي تشكل أداة الدفع الرئيسية نحو التنمية، والرافد الوحيد الذي يغزي الوطن بعناصر تؤمن له الاستمرار والبقاء، ومن خلالها يتم إعداد تلك العناصر حسب ثقافة الأسرة وتكوينها ووفق خصائص المجتمع وظروفه، وهي التي تغذي فيه روح المواطنة والانتماء إلى الوطن والعطاء ومن أجل تواصل الحياة، حيث تلعب المرأة دوراً أساسياً ورئيسياً في بناء الأسرة جنباً إلى جنب مع الرجل ليتكامل دورهما في السير بهذه الأسرة نحو شاطئ الأمان.



#ميشال_شماس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعطيل العدالة
- مسلسل الفساد الوطني يطال مدراء ومعاونين ووزراء ورؤساء وزارة
- واقع التربية والتعليم في سورية
- الجمعيات الأهلية في سورية
- كيف نواجه مخاطر الفساد.؟
- الرئاسات العربية نزولاً عند رغبة الجماهير
- كما نحن يولّى علينا
- عن أي شيء نكتب؟
- ليس بالتخوين تُبنى الأوطان
- من أين يأتي الخطر على سورية ؟
- ويلي على أمةٍ ضَحِكتْ من جَهلِها الأممُ
- من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر
- ليس بالجمعيات والمدارس الدينية تتطور الأوطان وتتقدم
- حرية المراسلات والاتصالات
- تحية إلى قضاة مصر
- حماية الحياة الخاصة للإنسان
- دمشق العريقة تستغيث.. فمن ينقذها؟
- لا للهدم.. نعم للبناء
- عرب ولانخجل
- عذراً سيادة الوزير.. قضاؤنا ليس مستقلاً


المزيد.....




- الوكالة الوطنية توضح حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في المن ...
- ما حقيقة اعتقال 5 متهمين باغتصاب موظف تعداد في بابل؟
- مركز حقوقي: نسبة العنف الاسري على الفتيات 73% والذكور 27%
- بعد أكثر من عام على قبلة روبياليس -المسيئة-.. الآثار السلبية ...
- استشهاد الصحافية الفلسطينية فاطمة الكريري بعد منعها من العلا ...
- الطفولة في لبنان تحت رعب العدوان
- ما هي شروط التقديم على منحة المرأة الماكثة في البيت + كيفية ...
- الوكالة الوطنية تكشف حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في البي ...
- تحديد عيب وراثي رئيسي مرتبط بالعقم عند النساء
- فوز ترامب يهيمن على نقاشات قمة المرأة العالمية بواشنطن


المزيد.....

- الجندر والجنسانية - جوديث بتلر / حسين القطان
- بول ريكور: الجنس والمقدّس / فتحي المسكيني
- المسألة الجنسية بالوطن العربي: محاولة للفهم / رشيد جرموني
- الحب والزواج.. / ايما جولدمان
- جدلية الجنس - (الفصل الأوّل) / شولاميث فايرستون
- حول الاجهاض / منصور حكمت
- حول المعتقدات والسلوكيات الجنسية / صفاء طميش
- ملوك الدعارة / إدريس ولد القابلة
- الجنس الحضاري / المنصور جعفر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلاقات الجنسية والاسرية - ميشال شماس - الأسرة السورية بين الواقع والقانون