|
الجّندر والجّندريّون وأصحاب الجّندر 3
مؤيد الحسيني العابد
أكاديمي وكاتب وباحث
(Moayad Alabed)
الحوار المتمدن-العدد: 7778 - 2023 / 10 / 28 - 00:35
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
إنّ الحديث عن الجّندر ليس بالضرورة أن يكون حديثًا عن أيّ من الجّنسين الذّكر أوالأنثى. فقد ذكرنا في السّابق أنّ الجّندر لا ينتسب الى الذّكورة ولا الى الأنوثة. بل أصبح الإشكال كبيرًا وفق تأثيرات المحيط الخارجيّ أو البيئة التي لعبت دورًا كبيرًا في تجسيد الجّندر وفق التصوّرات الشاذّة. تلك التصوّرات التي نقصد بها الشّذوذ عن الطريق التقليديّ في إتّباع الذّكورة أو الأنوثة. هذا إن لم يكن هناك أيّ تأثير للبيولوجيا أو التّأثيرات الأخرى. إذا أبعدنا عن موضوعنا التّأثير البيولوجيّ أو أيّ تأثير آخر بإستثناء البيئيّ أو المحيط أو المجتمع. والحديث عن الجّندر، حديث عن تطوّر في المفاهيم ينبغي أن يكون تصحيحها بالتأنّي والدّخول الى عالم التيسيرات بفهم وإدراك ومسؤوليّة، ولا أقصد في التطوّر هذا هو ذلك الذي يتعلّق بالجّندر بل بالمفهوم العامّ وليس فيما يتعلّق بالمضمون. ففي إستخداماته اللغوية لم يكن التعبير عن محتواه ومضمونه بما يعكس المعنى الحقيقي له مطلقًا، ففي ترجمته الى العربيّة مثلًا أصبح يحتوي على مضمون فيه من الإختلاف عن معناه في الإنكليزيّة مثلًا. فالجّندر كلمة لو أريد لها التّرجمة الحرفيّة، سيكون مقصوده الجّنوسة، أي من الجّنس (كما أشار إليها عدد من الكتّاب، ممّن وردت أسماؤهم سابقًا أو من غيرهم ممّن أشار الى هذا التّعبير، أي هذا التّعبير ليس منّي أنا بل من غيري. ولو أنّ المعنى لا يتطابق حرفيًّا عن المضمون الذي يحتويه المصطلح المذكور كما أعتقد. لم يكن في الحسبان أن يفتح بعضهم نقاشًا لا علاقة وثيقة فيه مع الجّندر بإعتباره نوعًا من الأنواع التي يطلق عليها هذا الإصطلاح! ولا أتّفق مع هذه التّسمية لا تفصيلًا ولا مجملًا، لغاية ذكرت بعضًا منها ولغايات سأذكرها في المستقبل. حيث أنّ الجّندر يكون الحديث عن وجوده لأيّ سبب من الأسباب لا عن نوع، كأنّ النّوعين الآخرين (الذّكر والأنثى) هما في جانبين، وهو في جانب لوحده، لا، أبدًا فهذا المصطلح خارج نطاق النّوع الأوّل والوحيد وهو الذّكر والأنثى في جنسيه المعروفين. في بعض الكتب التي تتطرّق الى الجّندرة أو الجّندر تذهب الى مصطلح يتعلّق بالمرأة على جانب والتطرّق الى الذّكورة على أنّها في محلّها دون التطرّق الى الجّندر مستقلًا. لا علاقة له بالذّكورة أو بالأنوثة، فهو طارئ بسببه أو بأسبابه. وبإستثناء الحديث عن الجّندر مستقلًّا يجب أن نتطرّق إليه على أساس وجوده بعيدًا عن الأسباب أوّلًا كما نشير إليه. هناك تساؤل عن التّأثيرين اللذين ذكرناهما والمؤثّران على الجّندر إصطلاحًا ومضمونًا وبالتّالي يكونان سببًا لمضمون قادم وفق التغيّر التّأثيريّ المذكور. لكنّ التساؤل هو كم من نسبة التّأثير من البيولوجيا على محتوى الجّندر أو الجّندرة، وكم من النّسبة من التّأثير البيئيّ على المحتوى الجّندري؟ ولا ننسى ما للتأثير البيئيّ من تعدّد وتنوّع في التّأثير المذكور: فهناك الإجتماعيّ والثقافيّ والفكريّ وغير ذلك كما يثيره السّيد كمال الحيدريّ في حلقة تتعلّق بالجّندر من خلال فقه ذكره، وأطلق عليه بفقه المرأة-$-. وهنا يثير الموضوع حول تسمية الجّندر بالمقارنة مع الذّكورة والأنوثة من خلال النقاش الأصوليّ من حيث كون القول: (الأعمّ لا يثبت الأخصّ إنّما يكون ضمنًا إذا كان من الصنف الأوّل وذكر الوصف ذكر الأعمّ والأعمّ لا يثبت الأخصّ على هذا الأساس). ويقصد أنّ الجّندر إذا ثبت القول فيه وفي معناه لا يثبت الأخصّ وهو الذّكورة أو الأنوثة. إنّما للذّكورة معناها وللأنوثة معناها وللجّندر معناه (أو معناها!). لا يخفى ما للتأثير البيئيّ من دور بشكل عامّ على الكثير مما يتعلّق بالإنسان وحياته، وما لدور هذا المحيط من إنعكاسات تعدّ أحيانًا أنّها جزء من فكر أو جزء من عقيدة، وهي في الحقيقة لا هذا الجّزء ولا ذاك الجّزء. ومما يذكره السّيد الحيدريّ مثلًا: (ما هو القدر البيولوجيّ والوجوديّ والتكوينيّ وماهو الإجتماعيّ والثقافيّ والفكريّ في تأثيره على الجّندر أو الجّندرة)؟وهنا يأتي التّركيز على ضرورة التّوضيح ما بين إصطلاح الذّكورة وتطبيقاتها الوجوديّة، والأنوثة وتطبيقاتها الوجوديّة وما بين الجّندرة المذكورة ولا تطبيقاتها! أي لا وجود لتطبيق بدون معرفة السّبب لوجوده في هذا المضمار الذي يتبحّر فيه الباحثون ولا عثور على السّبب الأساس لوجوده كي يتمّ البحث المستقلّ وتتمّ المقارنة حينذاك، ما بينه (أو بينها) والجّنس الإنسانيّ الفطريّ العاديّ ذكرًا كان أم أنثى. وبقيت الى الآن الدّراسات الحديثة تدور في فلك السّبب لوجود الجّندر والسّبب لإستمراره إن كان لا علاقة فيه مع إستمرار الحياة وأنسالها ووجود الحياة الإنسانيّة وإستمراريّتها. رغم الإختلاف ما بين حدود دور الأنثى في هذه الحياة وحدود دور الذّكر فيها. فالكثير من الفلسفات القديمة والحديثة تدور في فلك قواميّة الرجل وإندفاعه لقيادة دفّة الحياة بنسبة كبيرة أكبر من الأنثى، مع وجود بعض القصص من التأريخ يخلّد المرأة بعمل خارق أو بتصرّف خارق على أنّه فوق المعتاد! اي فوق القاعدة التي وُضِعت كي يكون فيها الذّكر صاحب السّطوة. والملاحَظ أنّ عددًا من التّشريعات التي يذكرها التأريخ كانت تعطي للمرأة ما تعطي للرّجل من حقوق ومن مسؤوليّة حتى في حالات الإشتباك والدّفاع عن مبدأ ما أو عقيدة ما، رغم الشّروط التي توضع مع شروط للذّكر في حالات أخرى ولا غرابة في كلا الحالتين. لكي لا تتداخل المواضيع في بعضها البعض فنلاحظ أنّ الحديث عن الجّندر سيسحب القلم الى حديث متشعّب الى وضع المرأة ومكانتها في المجتمع وفق التصوّرات المختلفة ومنها التصوّر التشريعيّ أو وجهة نظر الدين فيها. يعتبر الكثير من الكتّاب في هذا المجال مقصّرين الى حدّ كبير عندما يتمّ الحديث عن معالجة جذريّة لتقصير أرباب التأريخ لمفهوم المراة ولقضيّة التّعامل الإجتماعيّ مع هذا الإنسان. بالرّغم من وجود الظّواهر العديدة الإيجابيّة في المفهوم الحضريّ الحاليّ، في التشريع التأريخيّ الإسلاميّ، كما تقول فاطمة المرنيسيّ (قولها الوارد في كتاب بنيان الفحولة آنف الذّكر في الحلقة السّابقة) حيث تقول فيما تسمّيه بالحريم السياسيّ: (لتبيّن أنّ النّساء في عهد الرّسول كانت لهنّ مكانتهنّ بإعتبارهنّ شريكات بلا منازع في ثورة جعلت من المسجد مكانًا مفتوحًا ومن البيت معبد إحتجاج. لاحظ الصفحة 173 من الكتاب آنف الذّكر. ومن هنا نشير الى أنّنا أوردنا في الحلقة السّابقة من تفسير لهذا الوضع والذي أوردته بعض الآيات القرآنيّة التي تشير اليها المرنيسيّ على أنّها الأبنية الأبويّة المترسّخة بوقوع أحداث في عهد الرّسول وبإكراهات ظرفيّة تعرّض اليها الرّسول، وتقول الكاتبة المرنيسيّ بحيث تحيل كراهيّة المرأة والتنكيل بها في ذلك الزّمان من خلال تفسيرها أو إشارتها الى آية القوامة وآيات الحجاب، بينما التّفسير الذي يشير اليه السيد الحيدريّ غير ذلك الذي تشير اليه الكاتبة. حيث يقول السيد الحيدريّ عندما يثير الموضوع من خلال تساؤلات إستغرابيّة لا إستفهاميّة وللإثارة يوجّه الأسئلة بهذا الشّكل: هذه القواميّة هل هي صفة ذاتيّة أم صفة عرضيّة إجتماعيّة بحسب التربية والنشأة الثقافيّة أيّ منهما؟ بما فضّل الله بعضهم على بعض هذا يا تفضيل؟ هذا تفضيل التكويني(؟) الله خلق إنسانًا إسمه رجل أو ذكر من الدرجة الأولى وخلق إنسانًا إسمه أنثى من الدرجة الثانية كما هو الآن، الفهم العام الذي عندنا(؟) هكذا أنّ الرجل من الدرجة الأولى لأنّ الآية تقول بما فضّل الله بعضهم، وللرجال عليهن درجة، هذا صريح القرآن يقول هذه هل إشارة إلى الدرجات لأنّه قلت لك هذه جملة من الآيات التي إستدلّ عليها لإثبات الأفضليّة الوجوديّة ليس الأفضليّة الفقهيّة والحقوقيّة والإجتماعيّة، الأفضل الوجوديّة بأيّ شيء إستندوا؟ بهذه الآيات بآيات فضّل الله بعضهم على بعض، بقوله تعالى: وللرّجال عليهن درجة، لقوله تعالى: الرّجال قوّامون على النّساء هذا في البعد الإيجابيّ وفي البعد السلبيّ أيضًا، كيدكن عظيم، والى آخره هذه كلّها متوقّفة على أصل موضوعيّ وهو أن نثبت أنّ هذا الوصف الإيجابيّ للرّجل وهذا الوصف السلبيّ للمرأة مرتبط بأيّ شيءٍ؟ مرتبط بخلق هذا الإنسان بوجود هذا الإنسان بتكوين هذا الإنسان بفطرة هذا الإنسان وإذا لم نثبت ذلك لا الإيجابيّات ذاتيّة ولا السلبيّات ذاتيّة بل هي عرضيّة فإذا كانت عرضيّة قابلة للتغيير يعني ذيك الصفة الإيجابيّة للرجل قد تنتقل للمرأة الصفة السلبيّة للمرأة قد تنتقل وتكون للرجل. ويقول السيد الحيدريّ:هذه الأحكام التي جاءت في الشريعة الإسلاميّة تريد أن تشير إلى قوانين عامّة أو تريد أن تشير إلى واقع إجتماعيّ معيّن كان يعيشه الإنسان في صدر الإسلام، إنتهى هنا كلام السيد الحيدريّ. ويشير القول من خلال ما ذُكر، ما يرتبط التفسير لهذه الآية أو للآيات والتشريع من خلالها، بتلك الفترة الزمنية التي يطلق عليها بفترة نزول الآية أو الآيات، لا كونها بتفسير ثابت ضمن زمنها المذكور بحيث لا يتعارض مع النصّ نفسه، كما هو واضح من كلام السيد الحيدريّ. حسب علمي وقراءتي، لا يوجد من طرح هذه القضيّة بهذا الوضوح والدقّة كالسيد الحيدريّ الذي خصّص دروسًا كبيرة ومهمّة لما أسماه، بفقه المرأة، يتمّ تدريس هذه الدروس لمراحل مهمّة من الدراسات الدينيّة (ولو أتيح له المجال لوضع لنا معينًا مهمّا في هذا الحقل المعرفيّ والإنسانيّ والأخلاقيّ، خاصّة وقد إطّلع على ما كتب وما ترجم في هذا المجال من خلال العشرات من الكتب ورسائل الماجستير والدكتوراه، علاوة على الأبحاث الغزيرة والمهمّة). يقول: إنّه من الأبحاث الأساسيّة في منظومة المعارف الدينيّة، بل إنّ هذا البحث مرتبط إرتباطًا وثيقًا بنهضة أيّ أمّة من الأمم. يعني إذا أردنا نهضة في الأمّة فلا طريق لنا إلا بإصلاح وضع المرأة، وما لم يصلح وضع المرأة في المجتمع فإنّه لا يمكن أن تتحقّق أيّ نهضة وأيّ حركة وأيّ تقدّم وتكامل في الأمّة. هذه القضيّة المحوريّة وإذا أردنا أن نرجع إلى التأريخ والى الحضارات والى المدنيّات، نجد أنّ هذه المسألة واضحة جدًا. إنّ نهضة أيّ أمّة وتحقّق أيّ حضارة أو مدنيّة لا يكون إلّا عن طريق المرأة). ومن ثمّ يتحوّل من خلال هذه الدروس للإنتقال الى دراسة علم الجّندر المشار اليه. هل هناك خطورة في طرح مصطلح الجّندر على أساس برمجته، والتّعامل معه على حدّ سواء مع الجنس؟ سؤال ينبغي أن نجيب عليه بمنطق يتناسب مع اللاحياديّة! لا غرابة في ذلك فليس هناك ذكر يريد أن يتحلّى بلا ذكوريّته، وليست هناك أنثى ترغب في لا أنوثتها، إلّا من جهة أن تكون جندرًا وفق جماعة الجّندريّة. فهناك الطّروحات التي تتعارض مع المنطق الطبيعيّ بحجّة الإنسانيّة وكأنّ الأنثى إذا تخلّت عن أنوثتها ستكون حرّة في ذلك. أبدًا! فليس الحريّة في ذلك، فلو أريد للحريّة أن تاخذ مأخذها فلتكن قادرة على نشأة نفسها وخَلْقِها(!) فللأنثى ضرورة في المجتمع بفرديّتها ليكون الكون بثقله في هذا الجانب جانبًا أنثويًّا، وللكون ثقله الذكوريّ بفرديّة الذّكر. فلو زِيْدَ في التكوين الأنثويّ أو الذكوريّ على حساب التكوين أو الخلق الطبيعيّ فستختلط المعادلة وتتفوّض (من الفوضى) وبالتالي ستكون التكوينيّة مشوّهة بالتأكيد. ليس هذا من باب التعدّي على إنسانيّة أيّ منهما فالطبيعة هكذا قانونها. ففي قول الأستاذة قرامي شيء من اللا قناعة في قولها: (ما الجّندر؟ التعريف الكلاسيكيّ بطبيعة الحال هو ضِدّيّ، الجنس في مقابل الجّندر، الجنس فروق طبيعيّة والجّندر هو الفروق التي يكتسبها الإنسان من خلال التنشئة الإجتماعيّة، وهي عمليّة تشكيل الفرد ثقافيًّا وتأريخيًّا وإجتماعيًّا حتى يعكس أنوثة محدّدة أو ذكورة محدّدة، أو وضعًا بينيًّا). إذن من ذلك يظهر أنّ الدور الأكبر الى التنشئة الإجتماعيّة. والقول الذي أعتقد بأهميّته، أنّ الدور الظاهر والمقبول إذا ما عرف الذّكر وظيفته الإنسانيّة وإذا ما عرفت الأنثى وظيفتها الإنسانيّة وكلّ منهما يعتزّ بما هو فيه مع تركيز المجتمع على أمور تتعلّق في الكيفيّة اتي يتطوّر فيها كلّ منهم بعيدًا عن كونه جنسًا ما، بل كونه إنسانًا ينبغي أن يجعل من جنسه عاملًا للتكامل ما بينه وبين الآخر. ليس بالضرورة الحديث عما يعرف بحريّة الجنس عندما يكبر يقرر إن كان الفرد ذكرًا أو أنثى! حيث تسير خطى الإنسانيّة بتكييف الطبيعة لخدمة الإنسان، لا أن يتحوّل الإنسان من نوع الى آخر كي يعيش آفضل كما يتصوّر أو تتصوّر. لأنّ المشكلة لا تكمن في نوع الفرد أو جنسه، بل في تكييف الطبيعة وفق القوانين التي من الممكن تطويرها وتطويعها لخدمة الإنسان عمومًا. تقول الأستاذة قرامي كذلك: نحن أمام بناء إجتماعيّ (لذلك تتدخّل مؤسسات لعلّ مؤسسة اللغة (تقصد واحدة من هذه المؤسسات تلعب الدور الأوّل فيها). فهي مع الجّندر وتوسيع تطبيقه في الحياة العامّة حينما يتم التفاعل مع نوعيّة الإنسان خارج نطاق الذكورة البحتة أو الأنوثة البحتة، ويتمّ التغافل عن الوضع الطبيعيّ. وهنا ينبغي لنا أن نضيف شيئًا حيويًّا كما أعتقد: إنّ عددًا من الكتّاب وأصحاب الرأي الجّندريّ هم مع تفريد هذا النوع من الإنسان ولا ينبغي أن يذكر ذكرًا أو أنثى إلّا على أساس أن ينضج ويكبر ويقرّر بنفسه (هذا الإنسان!) إن كان أنوثيّ التوجّه أو ذكوريّ التوجّه كما أسلفت. وهنا تكمن الإشتباهات العميقة في الكيفيّة التي يعتقد على أساس حريّة الفرد في إختيار كلّ شيء في حياته حتى نوعه! وتلك لعمري مشكلة كبيرة يقع فيها هؤلاء. فهناك الكثير من التطبيقات الحياتيّة التي لا تمتّ الى الحريّة بشيء فلِمَ لا تترك الحريّة للفرد أن يقرّر بنفسه (أو بنفسها)؟ فالضغط الإجتماعيّ رغم أنّه يلعب دورًا مهمًّا في التوجيه والتوجّه إلّا أنّه من الضروريّ أن يكون موجودًا ومؤثرًا بأيّ شكل أو صفة من الصفات. وكما قلت إنّ الكون قد تشكّل على الإثنين حتّى فيما يتعلّق في تلك الجسيمات التي يطلق عليها بالحياديّة! كالنيوترونات مثلًا. فما يطرح من قبل هؤلاء إنّما طرح طوباويّ لا علاقة له بالواقع إلّا إذا إعتبرنا أنّ هذا التصارع في الرأي أو المناكفة جزء من تكوين الرأي العامّ، كما يشير اليه بهذا الشكل الدكتور علي الورديّ في كتابه: مهزلة العقل البشريّ. بالطبع يكون الحديث عن البيئة وتأثيرها هو الأساس كما أتصوّر. ولست أنا فقط أمتلك هذا التصوّر أو الإعتقاد بل الكثير من الباحثين في المجالات الإنسانيّة والأخلاقيّة والقيميّة يتصوّرون ذلك فهذا عالم الإجتماع الدكتور الورديّ في أغلب كتبه يتطرّق الى العوامل الطبيعيّة (أي البيئيّة) وتأثيراتها التي تكون أعقد ممّا يتعلّق بهذا المصطلح الذي نحن بصدده وهو الجّندر. هنا تكمن الحقيقة في التّعامل مع الجّندر عندما يقول باحث إنّ الجّندر يشير الى الإختلافات الثقافيّة المتوقّعة من قبل المجتمع ووجود الثقافة بين الرّجال والنّساء حسب جنسهم. حيث لا يتغيّر جنس الشخص منذ ولادته ولكنّ جنسه يمكن أن يتغيّر. كان النّاس في الماضي يميلون الى الحصول على أفكار واضحة جدًّا حول ما هو مناسب لكلّ جنس، وكان كلّ شخص يتصرّف عكس جنسه فهو منحرف. والتواصل مع المصطلح الجديد (الجّندر) هو في تقبل النّاس لهذا النوع من التطبيق في مفهوم المصطلح. اي ان التواصل هنا يكون مع العلاقة مع المجتمع هل يتقبل هذا النوع أم لا؟ أي نعود في نقاشنا الى كون هذا التّأثير إجتماعيّ أم غير ذلك. والصّحيح تقبّل المجتمع من عدمه ليزيد في التوجّه الأنثويّ أو التوجّه الذّكوريّ. بينما النّهج البيولوجيّ يشير الى عدم وجود تمييز بين الجّنس والجّندر وبالتالي فإنّ الجّنس البيولوجيّ يخلق سلوكًا قائمًا على النّوع الإجتماعيّ. ويكفي أن نقول إنّ الجّنس هو الذي يعتمد على الهرمونات والكروموسومات بينما الجّندر بات مرتبطًا كليًّا بالمجتمع والتّعامل مع هذا النوع إن كان ذكرًا أو أنثى، أي الإعتماد في التّعامل الى حريّة الفرد ولا تأثير بيولوجيّ، بل ميول الى ما يريد حسب رغبته. ومن النّشأة يعتمد على ذلك التّأثير البيئيّ ليس إلّا (راجع المصدر)-$--$-. فالذي يؤثّر في بيولوجيا التصوّر، هو الهرمونات والكروموسومات، فالأولى هي عبارة عن مواد كيميائيّة تفرزها الغدد وتُحمل في مجرى الدم الى أنحاء الجسم. وتكون الهرمونات الجنسيّة عند الرّجال والنّساء مع إختلاف الكميّة لهما في كلا الفردين وكذلك في قدرتها على التّأثير في الذّكر وفي الأنثى بإختلاف كلّ جنس. وتكون هذه التّأثيرات على أنحاء الجّسم. فكما قلنا في حلقة سابقة أنّ هرمون التستوستيرون هو الهرمون الجنسيّ عند الذكور أكثر ممّا هو في النّساء وهو هرمون يؤثر على النمو والسلوك قبل الولادة وما بعدها. ومن الملاحظ من صفات الهرمونات المذكورة، تكون عمليّة تحديد الذكورة والأنوثة في الأسبوع السّابع حيث يتسبّب هرمون التستوستيرون، عند إطلاقه في الرّحم، في نموّ الأعضاء الجنسيّة الذّكريّة في الأسبوع السّابع المذكور. ويعمل على منطقة ما تحت المهاد ممّا يؤدّي إلى ذكورة الدّماغ. ويتسبّب هذا الهرمون عادةً بالسلوكيّات الذكوريّة مثل العدوان والقدرة التنافسيّة والقدرات البصريّة المكانيّة والدافع الجنسيّ العاليّ وما إلى ذلك. منطقة ما تحت المهاد في قاعدة الدّماغ تسمّى النّواة ثنائيّة الشّكل جنسيًا تكون أكبر بكثير عند الذّكور منها عند الإناث. كلّ ذلك إذا إعتبرنا أنّ المسألة تتعلّق بالجّانب البيولوجيّ، ولكنّ الوقائع الكثيرة مع بعض الأبحاث التي ذكرنا جزءًا منها، كانت تشير الى أنّ المسألة متعلّقة بالجانب التّأثيريّ من المحيط وما هي التأثيرات الثانويّة التي تنشأ من فعله أو من تأثيره عمومًا. أي أنّ المسألة أصبحت من يلعب فيها الدور المهمّ أو الأكثر أهميّة، هو عالم الإجتماع وعالم النفس والباحث في الشؤون السلوكيّة. بالإضافة الى أؤلئك الذين يقومون بدراساتهم في الجوانب المتعلّقة بهذه العوامل التّأثيريّة. أودّ الإشارة الى أنّ العديد من الدراسات أو الأبحاث العربيّة أو لمؤلفين عرب إستندوا بشكل كبير على تلك الدّراسات التي أشارت الى العامل البيولوجيّ دون الرجوع الى العامل المتعلّق بالثقافة العربيّة والإسلاميّة ومحور نشوء العامل الأحيائيّ البيئيّ أو البيئيّ المناطقيّ الثقافيّ. د.مؤيد الحسينيّ العابد ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ -$- فقه المرأة الحلقة 19 في العنوان التالي، الدقيقة 43 وما بعدها: https://www.youtube.com/watch?v=fRTZ0SWZSsU -$--$- https://www.simplypsychology.org/gender-biology.html
#مؤيد_الحسيني_العابد (هاشتاغ)
Moayad_Alabed#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجّندر والجّندريّون وأصحاب الجّندر 2
-
الجندر والجندريون وأصحاب الجندر
-
هل هناك قوّة خامسة في الطبيعة؟
-
تهتّك المفاهيم 13
-
أوراق سويديّة 2 تطرّف أم ماذا؟
-
أوراق سويديّة ـ ما الذي يحدث في السويد؟
-
تهتّك المفاهيم 12
-
تهتّك المفاهيم 11
-
تهتّك المفاهيم 10
-
تهتّك المفاهيم 9
-
تهتّك المفاهيم 8
-
تهتّك المفاهيم 7
-
تهتّك المفاهيم 6
-
تهتّك المفاهيم 5
-
تهتّك المفاهيم 4
-
تهتّك المفاهيم 3
-
تهتّك المفاهيم 2
-
تهتّك المفاهيم
-
سباق التسلّح النوويّ والكارثة الإنسانيّة 22
-
سباق التسلّح النوويّ والكارثة الإنسانيّة 21
المزيد.....
-
بريتني سبيرز تقول إنها أمضت أفضل عيد ميلاد في حياتها لهذا ال
...
-
الجيش الإسرائيلي يكشف تفاصيل عن الأهداف التي قصفها للحوثيين
...
-
لماذا تجند فرنسا جماعات متطرفة بالجزائر؟
-
خطوة إسرائيلية -مفاجئة- بعد توغل عسكري كبير في ريف محافظة در
...
-
علويون يدعون للتهدئة بعد حرق مقام الخصيبي
-
عبد المنعم أبو الفتوح.. التحقيق في قضية جديدة للمرشح الرئاسي
...
-
خليجي 26.. السعودية تفوز على اليمن بثلاثة أهداف مقابل هدفين
...
-
عودة 18 ألف سوري إلى بلادهم عبر الحدود الأردنية، ولبنان يتطل
...
-
أقل من نصف السوريين بألمانيا لديهم عمل: فما فرص بقاء الآخرين
...
-
بيربوك تقترح تعليق عملية انضمام جورجيا إلى الاتحاد الأوروبي
...
المزيد.....
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
المزيد.....
|