حسام محمود فهمي
الحوار المتمدن-العدد: 1735 - 2006 / 11 / 15 - 11:49
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
غيرت نتيجة الانتخابات الأمريكية خريطة السياسة الأمريكية في بعض تفاصيلها لا في إطارها العام، قيدت خيارات الرئيس الأمريكي ولم توقفها، قرصت أذنه ولم تقطعها. سيطرة الديمقراطيين علي مجلسي الشيوخ والنواب حركت أنهار السياسة الأمريكية في اتجاهٍ آخر، مختلفٍ لكنه ليس معاكسٍ. إنها الديمقراطية الحقيقية التي تعترف بوعي الشعوب وبقدرتها علي التفكير وبحقها في التغيير، لصالحها في المقام الأول والأخير. ديمقراطيةٌ لا تقوم علي تنزيه قيادات وإلباسها الإلهام والحكمة وتصوير الباطل بمنآي عنها من كل اتجاه غير مقتربٍ من سلالتها، لا تعترف بالحق الإلهي الذي يغتصبه من يعتبرون أنفسَهم دون سواهم مفوضين عن رب الجميع بتحقيق أوامره.
كالعادة انبرت التعليقات الشامتة في الرئيس الأمريكي، مشيدة بحكماء العرب الذين نصحوه فأبي وتكبر، بعد نظرهم لم يصله فغرق. الشماتةُ أيضاً ممن يتصورون أنهم أصحاب الحلول الإلهية، فبسالتهم من وجهة نظرهم هي التي أوحلت الرئيس الأمريكي، لكن غاب عنهم أن المأساة العراقية كانت مؤجلة، تنتظر لحظة الانفجار، بمجرد غياب صدام قامعها. مأساة العراق هي مأساة الشعوب العربية والإسلامية والأفريقية، إنها رفض الآخر وعدم الاعتراف بغير الذات تحت مسميات دينية وعرقية وطائفية، إنها في رواندا وأنجولا والسودان والصومال وساحل العاج وباكستان والمغرب ولبنان وسريلانكا وغيرها وغيرها.
في منطق الشعب الأمريكي الذي رفض الاستمرار في سياسة الحزب الجمهوري أن بوش لم يفشل لأنه فتت العراق ولكنه فشل لأنه استمر فيه بعدما فتته، لأنه انساق في نزاعاتِ شعبٍ متنافر متناحر يستحيل أن يقف مرة أخري إلا بالقهر والإزلال، بصدام آخر. نظراء صدام مسيطرون علي كراسي الدول العربية من محيط إلي محيط، بالقمع والبطش والتزوير والمخادعة، لو سقطوا ستتحول المنطقة إلي دويلات، كما كانت منذ مئات السنين وآلافها، قضاياها لم تتغير، لا تستطيع العيش بمنطق المدنية الحديثة، ذاتية التدمير.
من التعاسة تصور أن السياسة الأمريكية تتغير من الجمهوريين للديمقراطيين، من بوش لغيره، لا عزاء لأصحاب الحكمة العرب ولمدعي الحلول المنزهة عن كل خطأ، إنهم جميعاً كذابين زفة، بدائلُهم محدودة، لا مبادرات لديهم ولا تصور حقيقي، هلاميات وأوهام، أولهم وآخرهم،،
#حسام_محمود_فهمي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟