رائد الحواري
الحوار المتمدن-العدد: 7772 - 2023 / 10 / 22 - 22:44
المحور:
الادب والفن
"لم يتركوا وقتًا لنا حتى نودّعهم،
ونحملهم على الأكتاف،
نصلّي في خشوعِ قلوبِنا الثكلى
على أرواحِهم
فليمنحونا ساعةً
حتّى نجمّعُ ما تناثرَ من أصابعِهم
لقد نَفَذَت هداياكم من الأكفان
لا تنسوا مقاساتِ الصغارِ
إذا لكم سمحوا
ولا تنسوا بأن تُبقُوا لكم حصصا من الأكفانِ
هل يحتاجُ دفنُ كرامةِ الإنسانِ
للأكفان
هل أكفانُ كلّ الكون
هل تكفي؟"
واهما من يدعي حيادية الأديب/الشاعر فيما يتعلق بقضايا شعبه/أمته، فوقت الشدة تجده منحاز لشعبه، لأمته، وأكثر من هذا يواجه المتنفذين ويعريهم ويكشف تخاذلهم وخيانتهم، دون أن يهاب أو يحسب ما سيلحق به من أذى منهم، فهناك معركة وعليه أن يخوضها إلى جانب الجهة التي يمثلها/ينتمي إليها.
سميح محسن من أولئك المنتمي لشعبهم، لأمتهم، من هنا يقدم هذه الومضة مبينا حالنا ـ كفلسطينيين وكعرب ـ أثناء العدوان الصهيوني الذي يشنه العدو على غزة، فعندما بدأت الومضة متعلقة بالعدو "لم يتركوا" أشار إلى حجم الوحشية التي يشنها العدو علينا، وإذا ما توقفنا عند الأفعال التي كان من المفترض أن نقوم بها: "نودعهم، نحملهم، نصلي" نجدها كلها متعلقة بالشهداء الذي سقطوا، فليس فيها أي فعل قاسي، وكلها أفعال رواية/عاطفية، وبهذا يكون الشاعر قد وضح وحشية العدو الذي يمنعنا حتى من القيام بما هو روحي/عاطفي، فكيف سيكون عليه الحال فيما إذا حاولنا ممارسة فعل قوي/قاسي/شديد؟.
يخاطب الشاعر فيما تبقى من الومضة النظام الرسمي العربي الذي أرسل أكفانا لنا كمساعدة (إنسانية)، وهنا يسهب الشاعر في تعرية الأنظمة الرسمية من خلال الثاني في حجم المساحة التي تحدثت عنهم، فبعد "فليمنحونا" وهي اللفظ الأكبر حجم في الومضة والتي تتكون من تسعة حروف، أراد أن يرد عليه بكلمات/بألفاظ (كثيرة) تتناسب مع حجم "فليمنحونا" لنقوم بفعل "نجمع" وهنا يفاجئنا الشاعر بهذا الفعل المتعلق ب: "أصابعهم" وإذا علمنا أن عملية الجمع تكون متعلقة بأشاء كبيرة (جسم) وليس جزء من الجسم نعلم حجم الوحشية التي يمارسها المحتل، وحجم التخاذل الرسمي العربي، وبهذا يكون "سميح محسن" قد ضرب عصفورين بحجر واحد.
ويتقدم أكثر مهاجما بسخرية الرمسي العربي من خلال حديثه عن نفاذ الأكفان، وعدم وجود مقاسات للأطفال "مقاسات الصغار" رابطا هذا الطلب بمواقفة أسيادهم" إذا لكم سمحوا" وهنا يبدأ الشاعر في الكتابة بحالة اللاوعي مكررا: "الأكفان/أكفان/للأكفان" ومستخدما ألفاظا مكونه من حرف الكاف: "لكم، كرامة، كل الكون، تكفي" وهذا يأخذنا إلى حجم الموت والقتل والخراب الذي يحدثه العدو في شعبنا، وتأثر الشاعر به من هنا يظهر سخطه على العدو الرسمي العربي من خلال الألفاظ التي استخدمها بعد "فليمنحونا".
الومضة منشورة على صفحة الشاعر.
#رائد_الحواري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟