|
المحاكم الإسلامية بالصومال.... والكائنات الممسوخة
عساسي عبد الحميد
الحوار المتمدن-العدد: 1734 - 2006 / 11 / 14 - 12:08
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
سيناريو الطالبان يتكرر بالصومال وبحلة جديدة هذه المرة، فبأفغانستان الأمس وبالتحديد في سنة 1995 كنا على موعد مع طلبة المدارس القرآنية، واليوم "بمقديشو" و"بيداوا" و"جوهر" و"كيسمايـــو" وغيرها من مدن الصومال حلت ميليشيات المحاكم الاسلامية ، فحين يستشري الفقر وتحط الجهالة رحالها في موطن ما، وتنثر بذورها المسمومة في مساحاته وزواياه تتوالد الكائنات الممسوخة، كائنات ترى أن الأرض خلقت لها لوحدها بما تجود وتزخر به، وما يملكه الآخرون هو منﱡ وعطاء لها دون سواها، ومستحقات أودعها رب العزة بين أيدي الآخرين المخلوقين أصلا للكدح من أجل خير الكائنات، وسلبهم إياها يندرج في إطار الأخذ بالأسباب "السرقة الحلال" وأن سحقهم و استعبادهم هي من صميم رسالة ترضي رب العالمين، وأن دفئ الشمس ونورها لا تستحقه مخلوقات أخرى لا تنهج نهجها بالاستحمام في وحل الجهالة، ولا تسير على دربها المستقيم ومسلكها القويم المؤدي إلى فراديس الله وحور عينه وغلمانه المردة. ففي بلد تناهز ساكنته قرابة الثماني مليون نسمة، خربت البنية الاقتصادية بالكامل وهي التي تتسم أصلا بالهشاشة، وخيمت عليه أجواء التنافر والتناحر منذ عقود عديدة بين عصابات كان همها الأوحد السيطرة على المواقع والتحكم في المنافذ والمعابر الحساسة، البرية منها والبحرية واحتكار مخازن الموارد والمساعدات الأجنبية التي يستفيد منها رؤساء العصابات، أمام هذا الوضع المهلهل فقد المواطن الصومالي المعدم إنسانيته بالكامل فاستشرى الفقر والجهل والأمية، فكانت الأجواء ملائمة لتفريخ تلك الكائنات الممسوخة المشوهة. السؤال الذي يطرح نفسه هو من كان وراء هذا الوضع المزري والمنذر بكارثة ستطال بلدان القرن الإفريقي (جيبوتي- اريتيريا – اثيوبيا) وستتعداه فيما بعد إلى دول الجوار سواء في القارة الإفريقية (كينيا- تنزانيا– السودان..) و ببلدان الجزيرة العربية التي لا يفصلها عن الصومال سوى خليج عدن وخاصة اليمن والسعودية؟؟ ظهور الكائنات الممسوخة على الساحة الصومالية وبروزها بشكل ملفت في المشهد اليومي للمواطن مرده إلى سببين: * فترة الديكتاتورية التي أرسى قواعدها الرئيس السابق "سياد بري"، والحكم الفرداني الذي لازم عهده منذ سيطرته على السلطة على اثر انقلاب عسكري سنة 1969 إلى أن تمت الإطاحة به سنة 1991 ليفر إلى نيجيريا حيث قضى نحبه هناك سنة 1995 بعيدا عن مسقط رأسه، ومن الطرائف التي حكيت عنه أنه كان يوقع بصفة شخصية على مبالغ العملة الصعبة التي كان يوزعها على الدوائر المقربة وممن كانوا يوكل لهم مهمات خارج الصومال، يعني أن الرئيس كان يمارس مهام مدير بنك مركزي بامتياز!!!....خلال فترة حكمه الأولى أبدى "سياد بري" حماسا يفوق حد الوصف للاشتراكية إلا أنه وفي آوخر حياته أصيب بهلاوس دينية أثرت بشكل كبير على قدراته العقلية. حكم "سياد بري" كان من وراء تأزم الوضع في كل المجالات وتخريج أفواج من الجياع والمعدمين والأميين الذين يسهل تأطيرهم و تدجينهم من طرف المافيات وعصابات القات والدين والهجرة السرية. السبب الثاني هو تخلي البلدان التي قبلت الصومال وأدخلته كعضو بالجامعة العربية عليه ليلقى مصيره لوحده، وكان الأجدر والأليق أن تعمل على تأهيل هذا البلد ذو الإمكانيات الواعدة والثروات الهائلة، فلو أن دول الخليج مثلا استثمرت شيئا من ثرواتها في الصومال وعملت على تشجيع تعليم حداثي تنويري عوض تبذير أموال هائلة في أمور تافهة كتكوين أئمة التكفير والنكاح وصرف ميزانيات على الدعوة بأوروبا وأمريكا وتشجيع التعليم التقليدي القائم على إقصاء الآخر لكان المشهد متغيرا و لاستغلت الثروات الصومالية لما فيه خير المواطن و لعادت الفائدة على المستثمرين العرب الذين كانوا سيجنون أرباحا طائلة . فللصومال كما أسلفنا إمكانيات هائلة في ميدان الصيد البحري ومن البلدان المتوفرة على قطعان كبيرة من الماشية و خاصة الإبل وللاشارة فان كلمة الصومال المركبة من شقين "صو" – "مال" تعني باللغة المحلية "اذهب لتحلب" وهذا يؤكد مدى ارتباط الماشية وتربيتها في الذاكرة الشعبية للإنسان الصومالي، كما أن قطاع السياحة بالصومال قطاع واعد، و لو وجهت له العناية لأمكن من إنشاء قرى سياحية جميلة على طول الساحل الصومالي تعمل على جذب سياح العالم عبر مدار السنة وخلق فرص التشغيل المباشرة وغير المباشرة لآلاف الصوماليين، كما أن مناطق عديدة بالصومال تحتوي على أراض جيدة لإنتاج الموز وقصب السكر والذرة بكميات وفيرة ولو استغلت بطريقة علمية ومعقلنة لأمكن القضاء على غول المجاعة بصفة نهائية ببلدان القرن الافريقي كلها. إذن فسنوات حكم "سياد بري" من جهة والفكر الوهابي السلفي العربوماني المستورد من جهة ثانية عملا جنبا إلى جنب على استنزاف وانهيار بلد اسمه الصومال، ومكن الجهالة والظلامية من بسط نفوذها و رفع بيارقها وتخريج طوابير طويلة من الكائنات الممسوخة التي تناسلت وتناكحت حتى ملأت البر والبحر مخلوقات مشوهة معتوهة....
#عساسي_عبد_الحميد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لن نضرب كفا بكف، و نقول عفا الله عما سلف.....
-
السيف...
-
السبت في الذاكرة اليهودية المغربية
-
الطاعون و خز أعدائكم من الجن ...حديث صحيح
المزيد.....
-
سفير الإمارات لدى أمريكا يُعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي:
...
-
أول تعليق من البيت الأبيض على مقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ
...
-
حركة اجتماعية ألمانية تطالب كييف بتعويضات عن تفجير -السيل ال
...
-
-أكسيوس-: إسرائيل ولبنان على أعتاب اتفاق لوقف إطلاق النار
-
متى يصبح السعي إلى -الكمالية- خطرا على صحتنا؟!
-
الدولة الأمريكية العميقة في خطر!
-
الصعود النووي للصين
-
الإمارات تعلن القبض على متورطين بمقتل الحاخام الإسرائيلي تسف
...
-
-وال ستريت جورنال-: ترامب يبحث تعيين رجل أعمال في منصب نائب
...
-
تاس: خسائر قوات كييف في خاركوف بلغت 64.7 ألف فرد منذ مايو
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|