|
المسألة الفلسطينية وعملية طوفان الأقصى - تحول في استراتيجية النضال الفلسطيني-
حسين سالم مرجين
(Hussein Salem Mrgin)
الحوار المتمدن-العدد: 7764 - 2023 / 10 / 14 - 11:44
المحور:
القضية الفلسطينية
أطلقت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) عملية عسكرية أطلقت عليها طوفان الأقصى، وذلك يوم السبت الموافق 7 أكتوبر 2023م، حيث أثارت اندهاشًا واستغرابًا لدى الكثير من الدول والجهات، وذلك بسبب حجم ونوعية وعمق العملية، ونجاحها في التوغل إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ 1948م، أي الحدود الداخلية (لإسرائيل)، وتجاوزت العملية حدود التوقعات السابقة. وهذا الأمر كان له تأثير كبير على العقلية الفلسطينية والعربية، وحتى (الإسرائيلية). فالبعض يراها تحولًا في استراتيجية النضال الفلسطيني لمواجهة الاحتلال والتصدي للسياسات (الإسرائيلية)، في حين يعتبرها البعض الآخر خاصة الجانب (الإسرائيلي) والدول المساندة له تهديدًا للأمن والاستقرار في المنطقة. ولكونها عملية معقدة ومتشابكة فإن الأمر بحاجة إلى طرح عدد من التساؤلات المهمة التي ربما تقفز إلى الذهن، ونحن نتحدث عن هذه العملية، ولعل أهم تلك التساؤلات : • ما الواقع الذي تعيشه غزة وسكانها حتى يتم تنفيذ عملية بهذا الحجم والنوعية والعمق؟ • ما فلسفة قادة إسرائيل في التعامل مع المسألة الفلسطينية ؟ • ما أهم مفارقات وجود حكومة بقيادة حماس في قطاع غزة؟ • ما علاقة حركة حماس بإسرائيل ؟ • كيف تم تنفيذ هذه العملية ؟ وما مبرراتها ؟ • ما أهم المفارقات التي يمكن رصد جراء تنفيذ هذه العملية؟ • ما أهم نتائجها ؟. • ما السيناريوهات المستقبلية ما بعد هذه العملية ؟ إذن، تلك هي الأسئلة المهمة التي سنحاول الإجابة عنها في هذه المقالة، وهي أسئلة قد تكون متشابكة، فالمهمة ليست سهلة، كما أن التوسع في بحثها قد يدفعنا إلى الخوض في جزئيات لا تقل كاهل هذه المقالة وحسب أنما قد تضعفها، بالتالي سوف تنشد من هذه المقالة إزالة بعض العتمة المضروبة حول تلك التساؤلات دون الولوج إلى تفاصيلها.
غزة المحاصرة. بادئ ذي بدء ينبغي أن نعلم أن الصراع الفلسطيني (الإسرائيلي) هو صراع معقد ومتعدد الأبعاد، حيث يتضمن الصراع تاريخًا طويلًا من التوترات العسكرية والسياسية والاجتماعية والدينية والقومية. بالنسبة لقطاع غزة الذي انطلقت من خلاله عملية طوفان الأقصى، فهو قطاع ساحلي يقع على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، ويحده من الشمال والشرق مستوطنات (إسرائيلية) ومن الجنوب الغربي مصر. يعتبر قطاع غزة جزءًا من الأراضي الفلسطينية، ويتمتع بحكم ذاتي منذ انسحاب (إسرائيل) منه في عام 2005. ويعيش في قطاع غزة سكان فلسطينيون يبلغ عددهم حوالي 2.3 مليون نسمة، وتعاني المنطقة من ارتفاع كبير في كثافة السكان. وتفرض سلطات الاحتلال (الإسرائيلي) قيودًا على حركة البضائع والأفراد عبر المعابر الحدودية مع غزة، وتوجد قيود على حرية التنقل والتجارة والاقتصاد في المنطقة. ونتيجة لذلك يعاني السكان في غزة من نقص في الموارد الأساسية مثل المياه والكهرباء والخدمات الصحية، وارتفاع معدلات البطالة والفقر. وهذا الوضع الصعب أدى إلى زيادة الاحتقان والاستياء الاجتماعي والسياسي من السياسات الإسرائيلية. فلسفة قادة إسرائيل في التعامل مع المسألة الفلسطينية. قبل الولوج إلى ماهية علاقات بين حركة حماس و(إسرائيل) فإن الأمر بحاجة إلى توضيح وجهات نظر (الإسرائيلية) بشأن الصراع الفلسطيني (الإسرائيلي)، خاصة من قبل القادة (الإسرائيليين). ولعلنا نروم من وراء كل ذلك الكشف عن الأهداف والمصالح والمفاهيم التي تقوم عليها الحكومات (الإسرائيلية) في سياساتها ومواقفها إزاء المسألة الفلسطينية . وهنا قد تبرز حسب اعتقادي وجهتين نظر هما : • الأولى يمثلها شمعون بيريز. • الثانية يمثلها نتنياهو. 1. فلسفة شمعون بيريز: ترتكز فلسفة بيريز حسب كتابه شرق أوسط جديد على فكرة الحل الجزئي كوسيلة لتحقيق السلام في الصراع (الإسرائيلي) الفلسطيني. وفقًا لبيريز، يجب على الفلسطينيين أن يتقبلوا حلولًا جزئية وتدريجية، مثل إنشاء دولة فلسطينية في مناطق محدودة مثل قطاع غزة ومدينة أريحا. وبعد تحقيق هذه الحلول الجزئية، يمكن أن يتم تحقيق المزيد من طموحات الفلسطينيين فيما بعد.
2. فلسفة نتنياهو : تعتمد فلسفة نتنياهو حسب كتابه مكان تحت الشمس على فكرة وجود حواجز وعوائق بين الجانبين (الإسرائيلي) والفلسطيني كوسيلة للحفاظ على الأمن وتحقيق الاستقرار. ويشير نتنياهو إلى المثال البحري حيث يقول إن وجود حاجز زجاجي يمنع السمكة المفترسة من التهام السمكة المسالمة. ويعتقد أن إقامة حواجز وعوائق تحقق الحماية وتكون عائقًا للإرهاب والتهديدات الأمنية. وهنا نسارع إلى القول بإن وجود نتنياهو في رئاسة حكومة يعني بالضرورة العودة إلى السياسات التي تم اتباعها أثناء فترة رئاسته السابقة. حيث شهدت السياسة (الإسرائيلية) خلال رئاسته السابقة والحالية تعزيزًا للمستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتبني نهجٍ أكثر صرامة في التعامل مع المسألة الفلسطينية. فضلا عن تعزيز الحواجز والعوائق، فضلا عن الإعلان عن خطط لبناء وتوسعة المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وتم اتخاذ إجراءات إضافية لتعزيز السيطرة (الإسرائيلية) على المناطق المحتلة. وهذا الأمر يعني بالضرورة معارضة الحلول الجزئية والتدريجية، أي إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، فوجود نتنياهو في الحكم يعني احتمالية أقل لاعتماد الحلول الجزئية كوسيلة لتحقيق السلام في الصراع الفلسطيني (الإسرائيلي) ، حيث سينصب التركيز بدلاً من ذلك على الأمن والاستيطان (الإسرائيلي). علاقات حماس و(إسرائيل). بالنسبة لعلاقة حركة حماس و(إسرائيل) فهي معقدة ومتوترة، حيث شهدت هذه العلاقات صراعًا طويلًا بين الجانبين. يرتبط جلها بإحقاق الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني. فشهدت العلاقات بين الجانبين دورات من التصعيد والتهدئة. تشمل بعض الأحداث البارزة استهدافات (إسرائيلية) لقادة حماس وكوادرها، وردود فعل من حماس بواسطة إطلاق الصواريخ والعمليات العسكرية الموجهة ضد (إسرائيل) وتظل قضايا الحصار والاستيطان وحقوق الإنسان والتمييز العنصري أمورًا مهمة تؤثر على هذه العلاقة وتعقدها. وعموما، فأنه بعد فوز حركة حماس في الانتخابات الفلسطينية عام 2006 وتوليها السلطة في قطاع غزة في عام 2007، شهدت العلاقات بين حماس و(إسرائيل) تصعيدًا كبيرًا وحروبًا عنيفة، وهي : • حرب غزة 2008-2009: بدأت في ديسمبر 2008 واستمرت حتى يناير 2009، حيث قادت (إسرائيل) عملية عسكرية واسعة النطاق في قطاع غزة بحجة وقف إطلاق النار المنتهك من قبل حماس. تسببت الحرب في خسائر كبيرة في الأرواح والبنية التحتية في قطاع غزة. • حرب غزة 2012: بدأت في نوفمبر 2012 عندما قتلت (إسرائيل) قائدًا بارزًا في حماس، وردت حماس بإطلاق صواريخ على المستوطنات (الإسرائيلية). قادت (إسرائيل) حملة عسكرية لمدة ثمانية أيام استهدفت مواقع حماس في قطاع غزة. • حرب غزة 2014: بدأت في يوليو 2014 بعد تصاعد التوترات وهجمات الصواريخ بين الجانبين. قادت (إسرائيل) عملية "الحافر المتدحرج" التي استهدفت بنية حماس العسكرية والبنية التحتية في قطاع غزة. تسببت الحرب في خسائر كبيرة في الأرواح والبنية التحتية وأثارت انتقادات دولية بسبب القصف الواسع النطاق والضحايا المدنيين. هذه الحروب كان لها تأثيرات كبيرة على الحياة في قطاع غزة وتسببت في دمار هائل ومعاناة إنسانية كبيرة للشعب الفلسطيني في قطاع غزة. وبالرغم من كل ذلك، فأنه يتم التوصل إلى اتفاقيات هدنة مؤقتة بوساطة عدد من الدول المجاورة ( مصر والأردن في أغلب الأحيان) مع كل حرب، وتجري محادثات لتحقيق تهدئة في العنف وتعزيز الاستقرار. ومع ذلك، فإن تحقيق تسوية سلمية ودائمة بين الجانبين يبقى تحديًا كبيرًا نظرًا للخلافات العميقة والمطالب المتنازع عليها. مفارقات وجود حكومة بقيادة حركة حماس في قطاع غزة. مع تولي حركة حماس السلطة في قطاع غزة في عام 2007، برزت عدد من المفارقات المهمة في تولي هذه الحركة السياسية العسكرية السلطة في غزة، لعل أهمها : • أصبحت حماس تعمل كحركة فلسطينية مسلحة، لكنها أيضًا تشغل دورًا سياسيًا بارزًا. تعمل على تحقيق أهدافها من خلال العمليات المسلحة والمقاومة، وفي الوقت نفسه تشارك في العملية السياسية في فلسطين وتمتلك مكاتب سياسية في العديد من البلدان. • تتبنى حماس فكرة الجهاد والمقاومة ضد الاحتلال (الإسرائيلي)، وفي الوقت نفسه تسعى للحكم وتدير حكومة غزة منذ 2007 بعد أن استولت على القطاع بالقوة. هذه المفارقة تتجلى في تواجدها كجماعة مسلحة وحكومة في نفس الوقت. • حماس تتمتع بدعم وشعبية قوية بين الفلسطينيين، خاصة في قطاع غزة، وتمتلك قدرات عسكرية تمكنها من تنفيذ هجمات ومواجهة القوات (الإسرائيلية). ومع ذلك، تواجه تحديات وقيود عديدة نتيجة الحصار والتبعات السياسية والاقتصادية التي تعاني منها. • في بعض الأحيان، تتبنى حماس العنف كوسيلة للتعبير عن مطالبها والدفاع عن حقوق الفلسطينيين. وفي الوقت نفسه، تسعى إلى تحقيق تسوية سياسية تلبي طموحات الفلسطينيين. هذه ربما أهم المفارقات البارزة في تولي حركة حماس السلطة والتي تعكس طبيعة معقدة ومتناقضة للصراع الفلسطيني(الإسرائيلي)، وتعكس تحديات تواجهها حركة حماس في سعيها لتحقيق أهدافها. حركة حماس وتطوير عمليات المواجهة مع (إسرائيل). سنحت الحروب السابقة التي شنها الاحتلال (الإسرائيلي) على قطاع غزة الفرصة لحركة حماس، ولجل حركات المقاومة الفلسطينية في القطاع إلى إعادة مراجعة آليات الحماية، والمدافعة،وتطويرها بحيث يسمح لها بمواجهة (إسرائيل)، ويمكن رصد أهم عمليات التطوير في الآتي : • قامت حركة حماس بتطوير الصواريخ والقذائف كوسيلة للدفاع والهجوم على (إسرائيل). حيث تم تطوير إمكانات الصواريخ لتشمل مدى أطول ودقة أفضل، وهذا يعزز قدرة حماس على توجيه ضربات إلى أهداف داخل (إسرائيل). • طورت حماس الأنفاق كوسيلة للتسلل والهجوم على القوات (الإسرائيلية). حيث أصبح يتم استخدام الأنفاق لنقل العناصر والأسلحة وتنفيذ عمليات مفاجئة ضد قوات الاحتلال (الإسرائيلي). • استخدمت حركة حماس الطائرات بدون طيار (الدرونز) في عملياتها. بل ووصل الأمر إلى استخدام الدرونز للتجسس والمراقبة، وبعض النماذج يمكن أن تحمل قنابل صغيرة لشن هجمات. • استخدمت حركة حماس تقنيات القرصنة الإلكترونية في محاولاتها للتجسس على أنظمة الأمن (الإسرائيلية) والحصول على معلومات استخباراتية. إذن عمليات مراجعة وتطوير وسائل المقاومة الفلسطينية للاحتلال (الإسرائيلي) تغيرت ولم تعد كما كانت سابقا، مجرد وسائل تقليدية. ومع مرور الوقت، استخدمت المقاومة الفلسطينية وسائل تقنيات حديثة وتحولت نحو الاستفادة من التكنولوجيا الرقمية ووسائل الاتصالات في مواجهة الاحتلال (الإسرائيلي). هذا التحول يأتي نتيجة للتطور التكنولوجي السريع وتوفر الوسائل التقنية الحديثة. قد شهدنا استخدامًا متزايدًا لوسائل التواصل الاجتماعي وشبكات الإنترنت في نشر الأخبار والمعلومات والتواصل مع الجمهور العالمي من قبل حركة حماس والمقاومة الفلسطينية بشكل عام. حيث يتم استخدام منصات التواصل الاجتماعي مثل تويتر وفيسبوك ويوتيوب لنشر مقاطع الفيديو والبيانات والأخبار التي توثق انتهاكات (إسرائيل) لحقوق الإنسان والقمع الفلسطيني. بالإضافة إلى ذلك، ازدادت استخدامات التكنولوجيا الحديثة في عمليات المقاومة، مثل استخدام الطائرات بدون طيار (الدرونز) لأغراض الاستطلاع والهجوم، واستخدام تقنيات التشفير والاتصالات الآمنة لحماية الاتصالات والتنسيق بين القوى المقاومة، وتطوير برامج الحماية السيبرانية لمواجهة هجمات القرصنة (الإسرائيلية). ومع كل ذلك، يتوجب الإشارة إلى أن استخدام التكنولوجيا في المقاومة الفلسطينية لا يعني غياب استخدام الوسائل التقليدية للمقاومة، فما زالت العمليات العسكرية التقليدية والانتفاضات الشعبية تحدث بشكل مستمر. إلا أن التكنولوجيا الحديثة أضافت بعدًا جديدًا وقوة إلى قدرة المقاومة الفلسطينية على نشر رسالتها وتنظيم أنشطتها. إن كل ذلك يدفعنا إلى البحث عن إجابات عن تساؤل مهم وهو : ما أهم المفارقات في العلاقات الفلسطينية (الإسرائيلية) بشكل عام . المفارقات في العلاقات الفلسطينية (الإسرائيلية). سأكتفي في هذا السياق بالتنويه لبعضها واختصار بعضها الآخر، وهي على النحو الآتي : 1. منذ إنشاء دولة (إسرائيل) عام 1948، واجه الفلسطينيون صعوبات في الدخول إلى الأراضي المحتلة والعودة إلى منازلهم وممتلكاتهم التي هجروا منها خلال النكبة. تواجه حق العودة للاجئين الفلسطينيين تحديات كبيرة بسبب السياسات(الإسرائيلية) وعدم الاعتراف بحقهم في العودة. 2. مع توسع المستوطنات (الإسرائيلية) في عهد حكومة نتنياهو بشكل خاص، فضلا عن حالات من التقسيم السياسي الفلسطيني، أصبحت الأراضي المحتلة مقسمة بشكل كبير، مما جعل حركة الفلسطينيين بين المدن والقرى والمناطق محدودة ومعقدة. تفرض (إسرائيل) العديد من القيود والحواجز العسكرية ونظام التصاريح على حركة الفلسطينيين، مما يؤثر على حرية التنقل والوصول إلى الأراضي المحتلة. 3. استخدمت (إسرائيل) التكنولوجيا بشكل واسع في تطبيق سياسات الفصل العنصري والسيطرة على الأراضي المحتلة. تشمل هذه التقنيات أنظمة المراقبة والحواجز الإلكترونية والكشف عن المتفجرات والجدران والسياج العازل. تعتبر هذه التقنيات جزءًا من استراتيجية (إسرائيل) للحفاظ على السيطرة والأمن وتحقيق أهدافها السياسية. 4. كما يمكن القول بان مفهوم الحرب الجيل الخامس في الصراع الفلسطيني (الإسرائيلي) يتم استخدامه بشكل متزايد. ويتضمن ذلك استخدام وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي والتكنولوجيا الحديثة لتشكيل الرأي العام وتعزيز النفوذ السياسي والتأثير على الصراع بشكل عام. حيث يستخدم كل طرف في الصراع أدوات الحرب الإعلامية والتواصل للتأثير على الرأي العام الدولي والمحلي وتشكيل الحوار والنقاش حول الصراع. 5. أن ميزان القوة العسكرية العددية والتسليح يميل لصالح (إسرائيل) في الصراع (الإسرائيلي) الفلسطيني. (فإسرائيل) تمتلك جيشًا قويًا ومتطورًا، وتتمتع بتكنولوجيا عسكرية متقدمة، بما في ذلك القوات الجوية والقوات البرية والبحرية. كما تمتلك أيضًا ترسانة من الأسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية، على الرغم من أنها لم تعلن علانية عن وجودها. كما يوجد جدار الفصل العازل الذي بني بين إسرائيل والضفة الغربية، الذي يعتبر تحصينًا للمستوطنات (الإسرائيلية) ويؤثر على الحركة والحياة اليومية للفلسطينيين. في المقابل، حركة حماس والجماعات الفلسطينية الأخرى تمتلك إمكانات عسكرية أقل بكثير. على الرغم من قدرتها على تنفيذ هجمات مسلحة وإطلاق صواريخ على (إسرائيل)، فإنها تعاني من نقص في التسليح والموارد المالية والدعم الدولي. 6. من الناحية السياسية، تتلقى (إسرائيل) دعمًا واستقبالًا واسعين من الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية. وهذا يمكن أن يؤثر على القدرة الفلسطينية على تحقيق مطالبها وتحقيق تقدم في المفاوضات السياسية. وهنا يبرز دور الولايات المتحدة الأمريكية، حيث لا يمكن الإلمام بأهمية ونوعية الدعم الدولي خارج دائرة العلاقات التاريخية بين (إسرائيل) والولايات المتحدة الأمريكية. لا شك أن القارئ قد لاحظ بعد قراءته لهذه المفارقات بإن ثمة فروقا نوعية متنوعة واضحة تتجلى لصالح (إسرائيل)، وهذا يعكس التوازن القوى لصالح (إسرائيل) في النواحي العسكرية والاقتصادية والسياسية . ومع ذلك، يجب أن نذكر أن هذه المفارقات لا تعني عدم وجود تحديات وصعوبات لدى (إسرائيل) أيضًا. (فإسرائيل) تواجه تحديات أمنية وسياسية وديموغرافية، فالصراع الفلسطيني (الإسرائيلي) هو صراع معقد - كما سبق وذكرنا آنفًا- يشمل العديد من المفارقات والتحديات لكل الأطراف المعنية. وعلى القارئ بعد أن أحاط بهذه المفارقات أن يدرك الدواعي الحقيقية لقيام حركة حماس بإطلاق عملية طوفان الأقصى. إطلاق عملية طوفان الأقصى. إذن، ليس غريبا في ظل هذه الأرضية أن يتم تنفيذ عملية نوعية بحجم وعمق طوفان الأقصى، وهو الاسم الذي أطلقته حركة حماس على العملية عسكرية باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ 1948م، (المستوطنات الإسرائيلية ) .ويمكن اعتبار عملية "طوفان الأقصى" نقطة تحول نوعية في الصراع الفلسطيني (الإسرائيلي)، لأنها أظهرت مشاهد وعمليات مختلفة عن جل الحروب السابقة. حيث يتبين لنا من خلال تلك المشاهدات مدى دقة التخطيط والتنظيم والتنفيذ لهذه العملية، وبناءً على تصريحات قائد كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس محمد الضيف يمكن رصد عدد من الملاحظات لهذه العملية ، وهي : • يشير القائد العسكري إلى أن معركة "طوفان الأقصى" بدأت كجزء من معركة "سيف القدس" في عام 2021. ويؤكد أن هدفها الرئيس هو الدفاع عن الأسرى الفلسطينيين والمسجد الأقصى. ويعتبر هذا التصريح تأكيدًا على العمليات العسكرية التي تم تنفيذها وتستهدف الجيش الإسرائيلي والمستوطنات. • يشير المتحدث إلى أن كتائب القسام حققت نجاحات أكبر مما كان متوقعًا وتم تحسين تنسيقها مع محور المقاومة قبل المعركة. وهذا يعكس رؤية كتائب القسام لنفسها بأنها قادرة على تنفيذ عمليات ناجحة وتطوير قدراتها العسكرية. • يوضح قائد كتائب القسام إلى أن كتائب القسام نفذت عملية "طوفان الأقصى" التي شملت إطلاق 3500 صاروخ وقذيفة مدفعية واستهدفت فرقة غزة ونقاط تدخل عسكرية (إسرائيلية). وهذا يبرز حجم القوة النارية التي تملكها كتائب القسام وقدرتها على الوصول إلى الأهداف المستهدفة. • يشير المتحدث إلى أنه تم وضع خطط مكثفة لتدريب القوات واستدعاء القوات المقاتلة قبل تنفيذ العملية، مما يعكس استعداد وتخطيط دقيق لكتائب القسام قبل المعركة. • ويختتم المتحدث بدعوة الفلسطينيين في الأقصى والضفة وغزة للاستمرار في النضال وتحذير الجيش الإسرائيلي من التوغل في قطاع غزة. وهذا يعكس هذا التزام كتائب القسام بالمضي قدمًا في الصراع والدفاع عن حقوق الوطنية للشعب الفلسطيني . مبررات عملية طوفان الأقصى بناءً على ما سبق فأنه من الوهم أن نعتقد بأن تنفيذ عملية طوفان الأقصى كان مجرد مصادفة عابرة. إنما هي نتيجة مترتبة على ازدياد السياسات العنصرية ضد الشعب الشعب الفلسطيني وإنكار حقوقه الوطنية. وبشكل عام، يمكن رصد عدد من المبررات التي دفعت بحركة حماس وجناحها العسكري إلى القيام بهذه العملية، وهي: 1. تعد العملية وسيلة للدفاع عن الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني من التهديدات (الإسرائيلية) المستمرة. 2. قد تكون العملية جزءًا من الجهود السياسية لتحقيق أهداف سياسية معينة، مثل تحقيق المزيد من الحكم الذاتي. 3. ردًا على هجمات سابقة واعتداءات وقرارات وإجراءات التي تعرض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية، تتسم بالعنصرية أو تجاهل كامل للحقوق الوطنية الفلسطينيين، مثل: إقامة المستوطنات الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أو عمليات الهدم والتهجير، وتجاوزات حقوق الإنسان. 4. وسيلة لتعزيز الانتماء الوطني والهوية الجماعية الفلسطينية 5. توحيد وتعزيز التضامن الفلسطيني مع العالم العربي والإسلامي 6. وسيلة للضغط السياسي على الأطراف الدولية الضامنة وتحقيق تحسينات في المفاوضات أو الوضع السياسي. كما يمكن رصد عدد من المبررات الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية التي دفعت بحركة حماس للقيام بهذه العملية، وهي : 1. يعيش قطاع غزة منذ سنوات حالات من الحصار والاحتلال. بالتالي لهذه العملية ربما تعزز وتسهم في كسر الحصار وتحسين ظروف الحياة والوضع الاقتصادي والاجتماعي في قطاع غزة. 2. وسيلة لتحقيق العدالة الاقتصادية وتوزيع الموارد بشكل أكثر تكافؤًا، من خلال تحسين الوضع الاقتصادي للسكان وتوفير فرص العمل وتقليل حالات الفقر. 3. تأمين الاستقلال الاقتصادي لقطاع غزة والتخلص من الاعتماد الشديد على المساعدات الخارجية. من خلال تعزيز القدرات الاقتصادية المحلية وتطوير البنية التحتية والاستثمار في مشاريع تنموية. 4. وسيلة للمقاومة ضد القوى الاحتلالية وتحقيق العدالة والتحرير. وعلى أي حال وسواء قبل البعض أو لم يقبل بوجهة النظر هذه فإنه من المؤكد بالنسبة لي أن تلك المبررات كانت حقيقية لاطلاق عملية بحجم طوفان الأقصى. أهم نتائج عملية طوفان الأقصى يعتبر تقييم نتائج عملية طوفان الأقصى أمراً صعباً ومتعدد الجوانب، ويتطلب وقتاً لتحقيق تأثيرها المرجو. ومع ذلك، يمكن رصد بعض النتائج المحتملة بالنسبة للجانب الفلسطيني، ولعل أهمها : 1. الوصول إلى العمق (الإسرائيلي): إن تمكن المقاومة الفلسطينية من الوصول إلى المستوطنات (الإسرائيلية) عزز من قدرتها على الممانعة والمقاومة، وأثر في سمعة الجيش (الإسرائيلي) والدول الداعمة له. 2. إيقاف حالات التطبيع: أجزم بأن النجاح عملية طوفان الأقصى سيؤدي لا محالة إلى تعليق أو إيقاف حالات التطبيع بين بعض الدول العربية و(إسرائيل)، نظراً للغضب والاحتجاج الشعبي الذي قد ينشأ عقب الأحداث. 3. تحريك الشارع الفلسطيني والعربي والإسلامي: شجع نجاح العملية المذكورة إلى التعاطف والتضامن الشعبي والدعم للقضية الفلسطينية، وأدى إلى تعزيز الموقف الفلسطيني في المحافل الدولية. 4. صورة مشرفة للمقاومة الفلسطينية: انعكس نجاح العملية في تعزيز صورة المقاومة الفلسطينية وإظهار قدرتها على استخدام التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي بكفاءة لنشر رسالتها وتأييد قضيتها. 5. الشكوك في قدرة الجيش الإسرائيلي: أدي نجاح العملية إلى زعزعة الثقة في القدرة العسكرية للجيش الإسرائيلي ووسائل الحواجز، وقد يثير تساؤلات حول قدرته على حماية أمن وسلامة (إسرائيل). السيناريوهات المحتملة عند النظر إلى السيناريوهات المحتملة للحرب في الصراع الفلسطيني (الإسرائيلي)، يجب أن نتذكر أنه لا يمكن التنبؤ بالمستقبل بدقة تامة. ومع ذلك، هناك بعض السيناريوهات التي يمكن أن تكون محتملة: • يمكن أن يحدث تصعيد في العنف بين (إسرائيل) والفلسطينيين، سواء كان ذلك نتيجة لهجمات مسلحة أو ردود فعل على إجراءات (إسرائيلية). قد يؤدي هذا التصعيد إلى حرب مفتوحة بين الجانبين. • قد يشهد الصراع اندلاع انتفاضة فلسطينية جديدة، مشابهة لانتفاضة الأقصى عام 2000 أو انتفاضة السكاكين في السنوات الأخيرة. يمكن أن تكون هذه الانتفاضة مصحوبة بأعمال عنف واشتباكات في الضفة الغربية والقدس الشرقية. • قد يزيد التوتر في المنطقة من التدخل الدولي والجهود الدبلوماسية للتوصل إلى حل سلمي للصراع. قد تشهد مفاوضات سياسية محتملة بين الجانبين أو جهود للتوسط من قبل منظمات دولية أو دول أخرى. • قد يشهد الصراع استخدامًا متزايدًا للتكنولوجيا والحرب الإلكترونية من قبل الجانبين. قد يشمل ذلك استخدام الهجمات السيبرانية والاختراقات الإلكترونية لتعطيل البنية التحتية الرقمية للجانب الآخر وجمع المعلومات الاستخباراتية. وأخيرًا يمكن القول بأن عملية طوفان الأقصى تعد جزءًا من سلسلة من العمليات الفلسطينية التي تهدف إلى الدفاع عن الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني وإظهار وجوده ومعاناته من التشتت والحصار والاحتلال. فضلا عن رفع الوعي الدولي بالوضع الفلسطيني، وإبراز المعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني في ظل الاحتلال والحصار (الإسرائيلي)، وإلى إظهار وجود الشعب الفلسطيني كشعب يسعى لتحقيق حقوقه واستعادة أرضه وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
#حسين_سالم_مرجين (هاشتاغ)
Hussein_Salem__Mrgin#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأنبياء والرسل وفهم ماهية علم الاجتماع في خطاب شيخ الأزهر -
...
-
قراءة نقدية حول ورشة عمل بعنوان - تطوير الدراسات العليا لمرح
...
-
الشخصية الليبية بين ثالوث الوطنية والفزعة والإيثار
-
خربشات عن كارثة إعصار دانيال
-
- أهمية الشعور بالجهل في البحث العلمي
-
هل إنتاج الابتكار يعد ضمن أولويات الجامعات الليبية الحكومية
...
-
الاستراتجية الوطنية للتعليم العالي في ليبيا إلى أين تتجه ؟
-
الحاجة إلى تحديد الجهات التي يحق لها إصدار المجلّات العلمية
...
-
عالم الاجتماع العربي حليم بركات ...كما عرفته
-
هل تمتلك الجامعات الليبية القدرة على اسْتيعَاب ودعم المخترعي
...
-
قراءة نقدية لفكرة التعاون بين المراكز البحثية التابعة للهيئة
...
-
النظرية الاجتماعية والنظارة الطبية : محاولة لفهم وتوظيف النظ
...
-
هل تصلح النظريات والمفاهيم الغربية كمدخل لفهم وتحليل وتفسير
...
-
الدعوة إلى مراجعة الأفكار والتصورات عن المجتمع الليبي
-
قراءة نقدية في مبادرة المبعوث الأمم المتحدة في ليبيا - الواق
...
-
نكبة 1948م قراءة نقدية
-
هل يستطيع الباحث في علم الاجتماع التجرد من معتقداته وقيمه وا
...
-
هل الجامعات الليبية بحاجة إلى التصنيفات العالمية ؟
-
قراءة نقدية عن : المؤتمر العلمي الثاني للجمعية الليبية لعلم
...
-
قراءة وتدبر في الأبعاد الحاكمة لأداء مؤسسات التعليم العالي
المزيد.....
-
فيديو يُظهر اللحظات الأولى بعد اقتحام رجل بسيارته مركزا تجار
...
-
دبي.. علاقة رومانسية لسائح مراهق مع فتاة قاصر تنتهي بحكم سجن
...
-
لماذا فكرت بريطانيا في قطع النيل عن مصر؟
-
لارا ترامب تسحب ترشحها لعضوية مجلس الشيوخ عن ولاية فلوريدا
-
قضية الإغلاق الحكومي كشفت الانقسام الحاد بين الديمقراطيين وا
...
-
التمويل الغربي لأوكرانيا بلغ 238.5 مليار دولار خلال ثلاث سنو
...
-
Vivo تروّج لهاتف بأفضل الكاميرات والتقنيات
-
اكتشاف كائنات حية -مجنونة- في أفواه وأمعاء البشر!
-
طراد أمريكي يسقط مقاتلة أمريكية عن طريق الخطأ فوق البحر الأح
...
-
إيلون ماسك بعد توزيره.. مهمة مستحيلة وشبهة -تضارب مصالح-
المزيد.....
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
المزيد.....
|