أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد البشيتي - أهي -بطولة- أم تمثيل لدور البطولة؟!















المزيد.....

أهي -بطولة- أم تمثيل لدور البطولة؟!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 1734 - 2006 / 11 / 14 - 12:09
المحور: القضية الفلسطينية
    


أظهرت إدارة الرئيس بوش، وعبر سفيرها في الأمم المتحدة جون بولتون، الذي يمثِّل خير تمثيل نهجها المعادي للعرب والذي لا تشعر حتى بأهمية أن تلبسه شيئا من اللبوس الدبلوماسي، أنها لا تقيم وزنا يُذْكَر لكل العالم العربي بجزئيه الحكومي والشعبي، وكأنه، على قوته الكامنة لا يملك أيَّاً من الشروط والوسائل التي تسمح له بإظهار ولو نزر من تلك القوة في مواجهتها التي إنْ تحققت فلا يمكن النظر إليها إلا على أنها مبادلة العرب للولايات المتحدة عداء بعداء. لقد أمسك بولتون بسكين "الفيتو"، الذي ثَبُتَ، غير مرة، أنَّ الولايات المتحدة لا تملكه ولا تستعمله إلا لمصلحة إسرائيل في المقام الأول ولو غدت الجريمة أداتها السياسية المفضَّلة، ليذبح به، ويجزر، ما بقي من كرامة، ومن إحساس بالكرامة، لدى الدول العربية جميعا، والتي، من أجل أن تُبْعِد عن رقابها "سكين بولتون الإسرائيلية"، أمعنت في تعديل، أو في قبول تعديل، مشروع قرارها الذي تقدَّمت به عبر قطر إلى مجلس الأمن، ليأتي، في شكله ومحتواه، ملبِّيا تلبية شبه كاملة لـ "شروط التوازن" التي تنادي بها الولايات المتحدة دائما، والتي يكفي أن يلبيِّها العرب حتى يجدوا أنفسهم في انحياز إلى إسرائيل يعدل، أو يشبه، انحياز الجزَّار بولتون إليها.

بولتون لم يجد نفسه مضطرا إلى الإتيان بأعذار تحفظ ولو قليلا من ماء وجه الدول العربية، فجاء بعذر أقبح من الذنب إذ قال، مبرِّرا استعماله حق النقض (الفيتو) ضد مشروع القرار العربي، الذي هو، في ضعفه وعجزه، امتداد لـ "مبادرة السلام العربية"، إنَّ مشروع القرار هذا "غير متوازن"، و"متحيِّز ضد إسرائيل"، و"تكمن فيه دوافع سياسية"، وكأن القضية مدار النقاش في مجلس الأمن، الذي فقد حتى شرعيته الأخلاقية، لا تمت بصلة إلى السياسة ودوافعها!

الجيش الإسرائيلي، بحسب المنطق الذي تريد الولايات المتحدة لنا وللعالم أن نزن بميزانه سياسة إسرائيل وأعمالها، لم يرتكب "مجزرة" في بيت حانون حتى يُدعى مجلس الأمن إلى إدانتها، فبعض من أفراده، وفي سياق ممارسة إسرائيل لحقها المشروع (بحسب شريعة إدارة الرئيس بوش) في الدفاع عن النفس، ارتكب "خطأً فنياً"، ليس الأول ولن يكون الأخير، فوقع ما وقع، وإذا كان لا بد للمجتمع الدولي من أن يقف موقفا (لا تكمن فيه دوافع سياسية) من هذا "الخطأ" فإنَّ من الأهمية بمكان أن يأتي موقفه "متوازنا"، و"غير متحيِّز ضد إسرائيل"، فيُدين، أولا وحصرا، الفلسطينيين لإطلاقهم الصواريخ البدائية على إسرائيل، فهنا يكمن "السبب الفلسطيني الدائم" لكل ما تقوم به إسرائيل من أعمال عسكرية؛ أمَّا إذا كان لا بد من النظر إلى هذا السبب على أنه نتيجة، فلْيُبْحَث عن سببها في هذا العداء لحق إسرائيل في الوجود والذي جُبِل عليه الفلسطينيون!

بولتون لم يكن مضطرا، أيضا، إلى أن يشرح لنا وللعالم حيثيات قوله بـ "الخطأ التقني"، فإسرائيل يكفي أن تفسِّر ما حدث في بيت حانون على أنه نتيجة "خطأ تقني" حتى تصدِّقها الولايات المتحدة، التي يكفي أن تصدِّقها حتى يغدو العالم كله مدعوا إلى التصديق. ولن يقبل بولتون من العالم قولا من قبيل "أنا أُصدِّق؛ ولكن أريد لقلبي أن يطمئن" من خلال تولِّي لجنة دولية التحقيق في "الخطأ الفني"!

لقد حقَّ للدول العربية جميعا أن تشعر بالغضب، وأن ترى في هزيمة الجمهوريين في انتخابات الكونغرس ما يشجِّعها، ولو قليلا، على إظهار غضبها، فالإخفاق العسكري والسياسي الإستراتيجي الكبير لإدارة الرئيس بوش في العراق شجَّع الدول العربية، هذه المرة، على أن تُظهِر شيئا من الغضب على تلك الإدارة من غير أن تخشى العواقب.

على أنَّ الغضب الذي أظهرته، وترجمته بقرار وزراء خارجيتها "كسر (العرب) فورا للحصار المالي (والطبي) المضروب على الفلسطينيين"، جاء في وقت، وفي محتوى، يجعلانه ينزل بردا وسلاما على الولايات المتحدة وإسرائيل؛ ولسوف ينتهي "الغضب" و"القرار" الذي أنتجه، إلى نتائج عملية، يتأكَّد فيها أنَّ فاقد الشيء لا يعطيه، فالحصار المضروب على الفلسطينيين ليس سوى قطرة في بحر الحصار الذي تضربه الولايات المتحدة على الإرادة السياسية للدول العربية، وليس سوى ثمرة من ثماره. سيتأكَّد ذلك ما أن يتأكَّد الفلسطينيون أنَّ المال العربي يُظْهِر عجزا متزايدا عن الوصول إلى مستحقيه، وإنه إنْ وصل إلى الفلسطينيين فلن يصل إلا ليُسْتَثمَر في إضعاف إرادتهم السياسية، وبما يسمح بتحقيق مزيد من الأهداف السياسية التي من أجلها ضُرِب عليهم الحصار المالي والاقتصادي والسياسي الدولي.

إنه عارٌ، أرادت الدول العربية أن تصوِّره لنا على أنه مجد سياسي عربي، أن تُعْلِن الدول العربية "رفعها الحصار (العربي) المضروب (ضمن الحصار الدولي) على الشعب الفلسطيني"، فانضمام العرب إلى حصار ضد الفلسطينيين، أرادته وقررته الولايات المتحدة وإسرائيل، وإنْ تسربل بـ "اللجنة الرباعية الدولية"، كان يجب ألا يحدث أصلا، فحدوثه هو في حد ذاته "سبب" يمكن ويجب ضمه إلى الأسباب التي حملت إسرائيل على ارتكاب مجزرة بيت حانون. وحتى نميِّز "الحق" من "الباطل" في قرار الدول العربية الوقف الجزئي لمشاركتها في الحصار المضروب على الفلسطينيين، أقول إنَّ هذا القرار جاء "بَعْد" مجزرة بيت حانون، التي لم تكن، في حد ذاتها، "سببا" له، فسببه إنما يكمن في استنفاد الحصار لأغراضه السياسية، أو للجزء الأكبر منها، وكأنَّ الدول العربية مُنِحَت شرف أن تكون أوَّل المُنْهين للحصار الدولي، فـ "الخطأ"، في معنى من معانيه، هو "الصواب" يفعله المرء في غير وقته.

في مواجهة الجريمة، ومرتكبيها، لم نرَ قرارا، أو إجراء، عربيا فيه ما يكفي من العقاب والردع، فلا إسرائيل ولا الولايات المتحدة لقيت من الدول العربية ما له وقع العقاب أو الردع. كان ينبغي لهم معاقبة مرتكب الجريمة، فهل عاقبوه إذ دعوه إلى أن يلتقيهم جميعا في مؤتمر دولي للسلام تشارك فيه، أيضا، الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الذي وقف من المجزرة موقفا يشجِّع مرتكبها على المضي قدما في مجازره؟!

في فهم وتفسير المواقف "البطولية" للدول العربية، أرى فضيلةً في سوء الظن، فالدول العربية، وإنْ غضبت، وأظهرت ما أظهرته من غضب، لم تعجز عن إدراك الأهمية السياسية العربية للمجزرة، فـ "النافعة" في هذه "الضارة" هي أن تَظْهَر الدول العربية على أنها أول من كسر الحصار، فـ "أرغمت" غيرها على كسره!

"القرار العربي" كان أقرب إلى تمثيل دور البطولة منه إلى البطولة، فالبطولة لا تقوم لها قائمة إنْ لم تأتِ بقرارات تُظْهِر عبرها الدول العربية من قوة الإرادة السياسية ما يمكِّنها من أن تُظْهِر من القوة العربية الكامنة ما يجعل للعالم العربي وزنا سياسيا دوليا يعدل الوزن الذي تتحداه المخاطر المحدقة به على أن يكون، أو يصبح، فيه. عدا ذلك، تظل شعوبنا ومجتمعاتنا في قبضة حكومات في قبضة الولايات المتحدة، فلا شيء تفعله "القمة" و"القاعدة"، في مواجهة ما يحل بنا من مصائب وكوارث، إلا ما يؤكِّد أن عجز "القمة" مِن عجز "القاعدة"، وعجز "القاعدة" مِن عجز "القمة"، فكيف لإسرائيل أن ترتدع، وكيف للولايات المتحدة أن تفكِّر في ردعها!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حتى لا يحترق المسرح ويبقى الممثِّلون!
- عرب وغرب!
- حقيقة ما قاله بوش!
- لمواجهة الانقضاض العسكري الإسرائيلي الوشيك!
- دوحة الديمقراطية والسلام في الدوحة!
- التداول السلمي للسلطة!
- انفراج فلسطيني وشيك!
- فشل إدارة بوش إذ اكتمل وتأكد!
- المنجِّمون.. كيف يصدقون وكيف يكذبون؟
- هذا الفساد الذي لم ينجُ منه حتى الأطباء!
- الفقر
- الفلسطينيون.. خلاف حاضر وشرعية غائبة!
- عندما تشفق رايس على الفلسطينيين!
- -ديمقراطية- الطبيعة و-ديكتاتورية- التاريخ!
- -الفوضى البناءة- في وجهها النووي!
- آخر خيارات عباس
- سياسة -الإفقار الاقتصادي- للمواطن!
- حلٌّ يتحدى الفلسطينيين على الأخذ به!
- وزن -الكلمة-
- مشاعر الكراهية للآخر..


المزيد.....




- شاهد لحظة قصف مقاتلات إسرائيلية ضاحية بيروت.. وحزب الله يضرب ...
- خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
- وساطة مهدّدة ومعركة ملتهبة..هوكستين يُلوّح بالانسحاب ومصير ا ...
- جامعة قازان الروسية تفتتح فرعا لها في الإمارات العربية
- زالوجني يقضي على حلم زيلينسكي
- كيف ستكون سياسة ترامب شرق الأوسطية في ولايته الثانية؟
- مراسلتنا: تواصل الاشتباكات في جنوب لبنان
- ابتكار عدسة فريدة لأكثر أنواع الصرع انتشارا
- مقتل مرتزق فنلندي سادس في صفوف قوات كييف (صورة)
- جنرال أمريكي: -الصينيون هنا. الحرب العالمية الثالثة بدأت-!


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد البشيتي - أهي -بطولة- أم تمثيل لدور البطولة؟!