أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ثامر عباس - تفتيت الذاكرة العراقية .. من وعي الذات الى غربتها !














المزيد.....


تفتيت الذاكرة العراقية .. من وعي الذات الى غربتها !


ثامر عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7759 - 2023 / 10 / 9 - 10:16
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


غالبا"ما يحلو للعراقيين التباهي بماضيهم التاريخي وإرثهم الحضاري ، كما لو أنهم جبلوا من طينة خاصة غير طينة الجماعات البشرية الأخرى ، التي تركت – هي الأخرى - بصماتها على مسارات التطور التاريخي وخلّفت من الانجازات الحضارية ما لا يقل إبداعا"وتميّزا"عن نظيره العراقي . والحقيقة إن افتتان العراقيين واحتفائهم بالماضي لا يصدر عن وعي بطبيعة ذلك الماضي وما ينطوي عليه من ذاكرة جمعية مثخنة بالأحداث ومكتنزة بالوقائع ، وإنما لا يعدو أن يكون سوى (المعادل الموضوعي) لفرط شعورهم بفداحة معطيات الحاضر وطغيان إحساسهم بمخاطر توقعات المستقبل . وهو الأمر الذي ترجم على صعيد الواقع الاجتماعي والسياسي إلى تراجعات مستمرة وانكسارات متتالية وانهيارات متواصلة ، دون أن يصار إلى الاستفاقة من السبات الحضاري الذي طال أمده وتفاقمت مضاعفاته .
وفي إطار الحديث عن أسباب إخفاق الذات العراقية في بلوغ مستوى الوعي بالذات التاريخي – الحضاري ، يمكن اعتبار ظاهرة تصدع الذاكرة الجمعية وتفتت بنيتها إلى أصولها البدائية (الاقوامية والقبائلية والطوائفية والمناطقية) ، هي من أخطر العوامل التي ساهمت بشكل فاعل ومؤثر في ديمومة حالة الاغتراب التي تعانيها الجماعات حيال انتمائها للشخصية الاجتماعية (المعيارية) من جهة ، وإزاء ولائها للهوية الوطنية (العراقية) من جهة أخرى . ولهذا فما لم يعاد ترميم الذاكرة العراقية - عبر نقد السرديات الأسطورية وتعرية المرجعيات الأصولية – فان حالة الاغتراب المتفاقم بين الجماعات ، لا تلبث أن تتحول إلى حالة من الاحتراب المعمم بين الأصوليات ، على خلفية المخاوف البينية والكراهيات المتبادلة التي لم تخفي الأطراف الخارجية (الإقليمية والدولية) السعي لتأجيج أحقادها واستثمار تداعياتها بما يخدم مصالح تلك الأطراف المستفيدة ويعزز هيمنتها على الصعيدين الجيوبولتيكي والجيواستراتيجي .
ولعل هناك من يعتقد – خاطئا"- انه يكفي الإشاحة عن التذكير بأحداث ما جرى في الماضي من أحداث مفجعة ، وإسدال ستار النسيان على ما حفل به التاريخ من وقائع مروعة ، حتى تتمكن الذات العراقية المتشظية من لملمت شعث ذاكرتها المفتتة واستعادة زخم وعيها الوطني المتهتك ، بعد أن تكون قد تخففت من أوهام ذلك الماضي وتخلصت من آثام ذلك التاريخ . دون أن يناهى الى إدراكهم ان عملية (الإشاحة) وتجربة (النسيان) - حتى وان كانت جادة – لا تعتبر (علاجا") ناجعا" لاحتقانات جروح المخيال المعبأ بالخرافات ، بقدر ما تشكل (مهدئا") مؤقتا"لاعتلالات صدمات السيكولوجيا المجيشة بالأساطير .
والمفارقة ان غالبية من تقع عليهم مسؤولية إيجاد الحلول واجتراح المعالجات لمثل هذه الإشكاليات العويصة عبر مراحل تاريخنا السوسيولوجي والانثروبولوجي والسيكولوجي ، كانوا – ولا يزالون - يعتقدون بكفاية التركيز على (مقومات) وطنية وقومية غالبا"ما كانت (افتراضية / متخيلة) لا أساس لها على أرض الواقع ، سوى كونها ترتكز على خطابات إيديولوجية مفبركة أو سرديات تاريخية ملفقة ، جردت العادة على تداولها وترويجها في الأوساط البيداغوجية بحماسة طفولية ساذجة ، دون أن يصار الى شحذ أدوات الوعي التاريخي (المغيّب) لتدقيق مزاعمها وتحليل مضامينها .
وعلى هذا الأساس ، فبقدر ما يتم الإلحاح على تبني مقومات واجتياف قيم اجتماعية وتاريخية وثقافية (مفترضة) و(متخيلة) ، من لدن المعنيين بأمر توطين وتكريس هذه الرؤى والتصورات المؤمثلة داخل بيئة سوسيو – انثربولوجية ، قلما كانت حاضنة حضارية مناسبة لاستنبات ورعاية مثل تلك العناصر والمثل ، لاعتقادهم بإمكانية الارتقاء بقدرات (المواطن) على وعي ذاته (الوطنية) وإدراك أصالة شخصيته (الاجتماعية) ، وبالتالي خلق ذاكرة عراقية موحدة . بقدر ما كانت تصدعات أساساته المعيارية تتزايد وتتضاعف ، وشروخ منظوماته السيكولوجية تتعمق وتتوسع ، وتهتكات علاقاته الاجتماعية تتواتر وتتوالى . وهنا تأتي لحظة الوقوع في المحظور ، حيث الارتداد والنكوص من ذرى الوعي بالذات الى حضيض غربتها ! .



#ثامر_عباس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحسّ المشترك .. ادراك ما قبل الوعي
- الديموقراطية وشرط الوعي السياسي
- الانثروبولوجيا والخاصية الفسيفسائية للمجتمع العراقي
- خطاب المثقف واستقطاب المجتمع
- انتعاش السرد التاريخي في المجتمعات المتصدعة : دليل أزمة أم م ...
- مصائر بلاد الرافدين : ماذا لو جفّت أنهار العراق ؟!
- الاستحالة الحضارية : من الكنية الى الكينونة
- كبوة الوعي بين النسقية الثقافية والنسقية الايديولوجية
- ظاهرة الأريفة وتآكل المدماك الحضري
- حيرة الدراما العراقية في مسلسل حيرة !
- مشاكسات المطمور في اللاوعي الجماعاتي
- حصاد القارئ من بيدر القراءة
- هل للدين علاقة بالاغتراب ؟!
- الدولة العراقية وتعسّر كينونتها الحضارية
- الماضي وعلاقته بالدين
- الماضي وعلاقته بالاسطورة
- الوظيفة النقدية للخطاب الاعلامي
- انكفاء صيرورة (المواطنة) في وعي المواطن
- تفسير الأنماط الثقافية للشخصية العراقية
- الاسطوغرافيا العراقية والدعوة للتحول من الأعلى الى الأسفل


المزيد.....




- دراسة تظهر فوائد الجبن المذهلة لتعزيز صحة الأمعاء
- أسباب ظهور الوذمة على الوجه
- أجهزة كهربائية لا ينصح باستخدامها مع سلك التمديد
- علماء يعثرون على شبكة ري متطورة تكشف أسرار حضارة بلاد الرافد ...
- السعودية تلعب دور المُيسِّر وليس الوسيط
- بدأت هزيمة القوات الأوكرانية ويجري الاستعداد للقضاء عليها
- فريق ترمب يبحث عن بديل لزيلينسكي
- روبيو: واشنطن تريد معرفة التنازلات التي ترغب أوكرانيا في تقد ...
- إسقاط عشرات المسيرات الأوكرانية المتجهة إلى موسكو
- صحيفة: الناقلة التي اصطدمت بحاملة الحاويات قرب بريطانيا مستأ ...


المزيد.....

- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ثامر عباس - تفتيت الذاكرة العراقية .. من وعي الذات الى غربتها !