أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - طلعت خيري - الانتهازية الرأسمالية في الفكر الميثولوجي















المزيد.....

الانتهازية الرأسمالية في الفكر الميثولوجي


طلعت خيري

الحوار المتمدن-العدد: 7759 - 2023 / 10 / 9 - 03:08
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


أي مجتمع ينظر الى الماضي لن يتقدم لا في حاضره ولا في مستقبله ، الماضي زمن انتهى بأحداثه ، فان كان ماضيا زاخرا بالرقي ، فذلك يعود الى أصحاب تلك الفترة ، الذين كرسوا حياتهم لصناعة ذلك المجد، فمن الصعب إنتاج رجال مجتمع مشابه له ، ولكن يمكن إنتاج رجال ومجتمع مشابه لمزابل التاريخ ، إذا لم تستفد المجتمعات من عِبَر الماضي فيما يخص الكوارث الطبيعية ، فالتنزيل حارب الماضي الوثني الميثولوجي بكل إشكاله ، لأنه كان مثل للخزي عبر التاريخ ، بينما إعادة أمجاد ديانات اتبعت الرسل من قبل ، كالدعوة التوراتية والإنجيلية عندما امتثل أصحابها للتصحيح العقائدي في القرن السادس الميلادي ، فالذين استحبوا للتنزيل من أهل الكتاب أعاد الله أمجادهم ، أما الذين لم يستجيبوا ، فكان مصيرهم كمصير المشركين من أهل مكة ، ان من أسباب الانهيار التاريخي للميثولوجيا القديمة تمسكها بالماضي ، فمن أهم شعاراتها ، كذلك وجدنا أبائنا يفعلون ، وما سمعنا في ملة أبائنا ، انذر ما كان يعبد أبائنا ، اعتزازهم بالماضي جعلهم مثلا لمن بعدهم ، فالميثولوجيا الوثنية أنهكت الإنسان فكريا واقتصاديا ، فكريا حمَّلته أغلال وقيود وخطايا لم يرتكبها ، واقتصاديا استنزفت مقدراته المعيشية ، ان دعوة التنزيل الى إيقاف الإنفاق المالي على الطقوس الوثنية ، رفع من مستوى دخل الفرد ، مما جعل له متنفس فكري للتفكير في حاضره ومستقبله ، فرق عقائدي جديد طرحه التنزيل على أهل مكة ، يهدف الى الانتباه الى ما يعبدون ، ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم وكان الكافر على ربه ظهيرا ، ظهيرا مناصرا للباطل على الحق ، إما أنت يا محمد ، وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا فقط ، لا اجر لك على هدايتهم والأجر لمن اتخذ الى ربه سبيلا ، قل ما أسألكم عليه من اجر إلا من شاء ان يتخذ الى ربه سبيلا

وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيراً{55} وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّراً وَنَذِيراً{56} قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَن شَاء أَن يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً{57}

توجيه عقائدي لمحمد لتخفيف عنه المسؤولية التي يشعر بها اتجاه المعارضين للدعوة القرآنية ، كأن الله يقول له أنت خالي المسؤولية وغير مسئول عن ذنوبهم ، لان الله خبير بهم ، وتوكل على الحي الذي لا يموت ، وسبح بحمده وكفى به بذنوب عباده خبيرا

وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً{58} الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً{59}

اسم الله في المعتقد الوثنية الشركية لأهل مكة ، اسم شكلي فقط ، الدور كله لشركائه الملائكة أولياء الله ، ولكن متى يستخدم منظري تلك الأفكار اسم الله ، عندما تقترن مصالحهم مع اسمه ، لإرغام المجتمع بالإنفاق المالي على الطقوس والقرابين ، حيث يقرن اسم الله مع شركائه ، على استناد ان هؤلاء الشركاء هم من يوصل الثواب والأجر الى الله ، ولكن بالحقيقة هو لا يصل الى الله ، ولا الى شركائه ، إنما يصل الى الانتهازيين من رأسماليين وكهنه وأسياد ، فالانتهازية هنا شاملة لكل طبقات المجتمع بأغنيائه وفقرائه ، بينما الإنفاق المالي في المعتقد القرآني ، يأمر الأغنياء بالإنفاق على الجهة المستحقة فقط ، كالفقراء والمساكين وابن السبيل ، اسم الرحمن من أسماء الله في المعتقد الوثني الشركي لأهل مكة ، وَقَالُوا لَوْ شَاء الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُم ( المقصود الملائكة بنات الله ) سؤال ؟ لما كانت النذور والقرابين والهدايا والأموال تأخذ من الناس باسم الرحمن ، لماذا لا تسجدون للرحمن ، وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن ، قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا ، وزادهم نفروا ، طبعا اسم الرحمن لا يدر عليهم بالأموال ، والمنافع الاقتصادية ، فبدون أوليائه لن تربح تجارتهم أسواقها الملائكة أولياء الله

وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُوراً{60}

تعقيبا على نفور المشركين عن السجود للرحمن ، ذكر القران لهم بعض الظواهر الطبيعية التي سخرها الله لصالح الإنسان ، والتي يتفاعل معها طوعا ، تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا ، وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد ان يذكر أو أراد شكورا ، خلفة ، الليل يخلف النهار، والعكس كذلك

تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاء بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُّنِيراً{61} وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً{62}

الفرق العقائدي في القاعدة الجماهيرية المكية ، أتى بثماره على السلوك الإيماني ، لاغيا التعصب والانفعالية الخطابية ، ومبلورا العقلانية والهدوء عند الرد على الجاهلين

وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً{63}

الفرق العقائدي في القاعدة الجماهيرية المكية ، اخذ يتجه نحو المستقبل المصيري الأخروي

وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً{64} وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً{65} إِنَّهَا سَاءتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً{66}

الفرق العقائدي في القاعدة الجماهيرية المكية ، أوقف الإنفاق المالي على الطقوس والعبادات الوثنية ، متوجها الى الطبقة الفقيرة والمعدومة لتقديم لها يد العون ، مع ترشيد الإنفاق المالي والغذائي ، للابتعاد عن الإسراف ، ذلك مما رفع دخل الفرد ، وحسن مستواه المعيشي ، قواما جاءت من التقييم وهي نظرية اقتصادية يقيم فيها الفرد دخله لتحديد نسبة ما ينفقه من أموال أو أطعمة على الفقراء ، دون التقتير على نفسه وأسرته

وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً{67}

الفرق العقائدي في القاعدة الجماهيرية المكية ، ألغى تعدد الإلهة ، وجعل التوبة هي السبيل الوحيد للخلاص من الخطيئة ، فالتحول المجتمعي الجديد ، بمثابة ضربة في صميم المصالح الاقتصادية ، للانتهازيين من رأسماليين وكهنة وأسياد

وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً{68} يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً{69} إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً{70} وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً{71}

الفرق العقائدي في القاعدة الجماهيرية المكية ، أعطي للفرد متنفس فكري ، بعدما تخلص من أغلال وقيود الوثنية ، فما عاد يعير لها اهتماما ، ولا يشهد لها بإلوهية ، وإذا مروا بلغو المشركين ، مروا مرور الكرام ، ان تخلص الفرد من الإنفاق المالي على الإلهة ، رفع دخله وحسن من مستواه المعيشي ، مما جعله في متنفس فكري واسع ، للتفكير بمستقبله وبمستقبل أسرته ، دنيويا وأخرويا

وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً{72} وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً{73} وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً{74} أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَاماً{75} خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً{76} قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً{77}



#طلعت_خيري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدوغمائية في الفكر الميثولوجي
- ميثولوجيا الملائكة أولياء الله
- ميثولوجيا الملائكة بنات الله
- أهواء عاشق
- الاحتباس الحراري والأمن المائي
- طِباع الكذاب
- أوجاع العشق
- طيف من كان مني
- شيء ضاع مني
- الوجودية المكية وزمن البرزخ
- تاريخ الأمم
- طور سيناء
- ملك إحساسي
- وطني دجلة والنوارس
- أنا – وقلبي
- التراث المكي وثنية الحج
- جدال الخصوم
- الرجال قوامون على النساء بين الإسلام السياسي والتنزيل
- ولقد كتبنا في ألزبور
- أنا - وروحي - والقدر


المزيد.....




- أي أخلاق للذكاء الاصطناعي؟ حوار مع العالم السوري إياد رهوان ...
- ملايين السويديين يتابعون برنامجًا تلفزيونيًا عن الهجرة السنو ...
- متطوعون في روسيا يساعدون الضفادع على عبور الطريق للوصول إلى ...
- واشنطن: صفقة المعادن مع كييف غير مرتبطة بجهود وقف القتال في ...
- wsj: محادثات روما قد تضع إطارا عاما وجدولا زمنيا لاتفاق أمري ...
- قتلى وجرحى.. مأساة في حلبة مصارعة الديوك! (فيديو)
- سيئول: 38 منشقا كوريا شماليا وصلوا إلى كوريا الجنوبية
- خبير أمريكي: الاتحاد الأوروبي سينهار وسيأخذ معه الناتو
- -أيدت فلسطين-.. قاض أمريكي يحدد جلسة للنظر بقضية طالبة تركية ...
- تونس: أحكام بالسجن بين 13 و66 عاما على زعماء من المعارضة في ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - طلعت خيري - الانتهازية الرأسمالية في الفكر الميثولوجي