|
بصمات الكذب والسّرقة من خلال نسخ الترجمان ومسخه
محمد خريف
الحوار المتمدن-العدد: 7756 - 2023 / 10 / 6 - 16:47
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
بالعودة إلى المدونة المترجمة من كتب العلوم والفلسفة والآداب إلى العربية في العصور الوسطى في زمن ما يعرف بنشأة "بيت الحكمة"في العصر العباسي زمن المأمون يلحظ الباحث السيميائيّ بصمات الكذب والسرقة عالقة في ما ترجم إلى العربيّة من عناوين كتب ومصطلحات وأسماء أعلام فمن بصمات الكذب والسرقة في هذا المجال ما يطرأ من تحريفات في النطق وتحوّلات في رسم أسماء بعض أسماء الأعلام ومصطلحات العلوم والمعارف وحتى عناوين الكتب فإذا بمصطلح: يقابله مصطلح ماليخوليا Mélancolie ويتحوّل مصطلحا الكوميديا والتراجيديا إلى مصطلحي المدح والهجاء مع متى بن يونس كما يتحول : Aristote إلى أرسطو و Platon إلى أفلاطون و Plotin أفلوطين إلى
كما لاتخلو المدوّنة المترجمة من العربيّة إلى اللغات الأخرى زمن سقوط الأندلس وصقلية وبغداد من أمثال هذا التحريف على مستوى الفلاسفة والأطباء وغيرهم فصار ابن رشد مثلا Averroès وصار ابن سينا Avicenne وأصبح أبو القاسم الزهراوي Abulcasis وحنين بن إسحاق Johannitius صارت اشبيلية كما Séville وصارت قرطبة Cordoue ألبست علامات التحريف أو النسخ والمسخ وغيرها من التحويرات العلاماتيّة بصمات كذب وسرقة يشرّعها منطق الهيمنة هيمنة الغالب يقتدي بها المغلوب كما يذهب إليه ابن خلدون وهي علامات توهم بالصدق وإعطاء لقيصر ما لقيصر دون الخلاص من تهم الإدانة إدانة الترجمان ومن يقف وراءه جرّاء ما يرتكبه من جرائم التزييف من أجل الاستحواذ على الملك المعرفيّ الإنسانيّ الشائع باسم الحوز والتصرّف الذين تبيحهما الغزوات والفتوحات فتكتسب المسمّيات بفعل تحريف المترجمين أو قل تحويراتهم مواصفات تجعلها بقوة الزيف والسرقة المقنّعة متحوّلة من ملكيّة هذا إلى ذاك فتصير مثلا أسماء بلدات ومدن فلسطينية بزيف الترجمان وسرقاته العلاماتية الصهيونيّة أسماء عبرية اسرائليّة وكذا تصبح حيفا الفلسطينية وكذلك تصير أريحا بالعبرية (بالعبرية: מחוז חיפה) Jéricho ) יריחו Yerīḥo ( وللمرء أن يدرك ما لظاهرة التحريف الكونيّة بفعل الترجمان من خطورة في تزييف جغرافيا الكون وتاريخه بالكذب المقنع المتحوّل حقيقة وبالسرقة المبرّرة بمنطق إعطاء لقيصر مالقيصر،فالسرقة شانها شأن الكذب حكر على الرعية دون الراعي والراعي معصوم منهما ، هذا وان لم يتسنّ الوعي بقوّة زيف الترجمة إلا في العصور الحديثة مع نشأة الجدل حول الكذب مع علم السّيمياء ولاسيما علم الترجمة في القرون الحديثة مع بيرمان صاحب كتاب " محنة االغريب*" وغيره، فكيف كان التحوّل من ذهنية النقل الصادق الوفيّ إلى ذهنيّة النقل الزائف السّارق المسروق وإذا بالرّواية تتحول من نقل سيرة إلى رواية فضح كذبة الرّواية وقدرة زيف سردها المذهلة على السرقة على مستوى الخبر والخطاب وهذا لن يتأتّى إلا بثورة على مستوى المفاهيم والنظيرات. لكن بمنأي عن الوعي السّيميائي الحديث بأهمية الترجمان في نموّ ظاهرة الكذب والسرقة وازدهارها باعتبارها حدثا لسانياّ يفعل فعل العدوى في نشر الثقافات المساعدة على الغزو الحضاري باسم صدق الترجمة ووفائها في نقل رسائل الميتافيزيقيا عن طريق الأنبياء والرسل ومن وافقهم أو شاركهم من العلماء القائلين بصدق الترجمة في مفهومها العام باعتبارها نقل مضمون كلام من إنسان إلى آخر أو من قوى غيبيّة إلى رسل يشترط في الناقلين الأمانة والبيان ومنه كانت الشهادة وأهميتها في دحض شبهات الكذب والسرقة فصارت الفيصل في فض المشاكل وحل النزاعات بين المتقاضين لاسيما في الأنظمة التي مازال يحكمها منطق اللاّسيمياء الذي يقوم على طرفي نقيض مع منطق السّيمياء الذي لايضع في الاعتبار الجانب الأخلاقي لظاهرة والسرقة بل صاريدرس جماليتها باعتبارها علما سيميائيا يمكن الدخول عن طريق دراسة علم الترجمة الذي تطوّر في القرن العشرين وصار معه مبحث الكذب همّا من هموم الدرس السيميائي لاسيما مع امبرتو ايكو وغيره. وعليه فالترجمة باعتبارها نشاطا سيميائيّا بذرته العلامة غيرالأساسيّة ولا الضروريّة الفارغة لم تسلم من عدوى الكذب والسرقة فباسم التّرجمة الكاذبة الصادقة الوفية الخائنة تتسع إمبراطوريّة العلامات وتنمو بالفساد اللغويّ منابت استبدال عقائد بعقائد وقيام أديان على أنقاض أديان وتمرّدت أيديولوجيا على أخرى، فباسم الحق الكاذب المبين فتحت أمصار وقامت حملات التبشير لترغم بالحروب والغزوات والفتوحات شعوبا وقبائل على القبول بهذه الترجمة الغالبة دون تلك الترجمة المغلوبة على أمرها بحركة النسخ والمسخ اللازمة لزوم حركة الكذب والسّرقة بها يستمرّ الوجود الإنسانيّ في علاقته الآن هنا أي بالزمان والمكان.....(يتبع) * L Épreuve de l étranger : Culture et traduction dans l Allemagne romantique est un livre écrit par Antoine Berman, publié en 19841.
#محمد_خريف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في علاقة الكذب والسرقة بالترجمة
-
في علاقة الكذب والسّرقة بالكلام
-
الكلام المسجوع من بيان وَحْي صادق أمين إلى علامة كاذبة سارقة
-
السّجع من سرقة إيقاع الفطرة الصوتيّة وكذبهاإلى سرقة إيقاع ال
...
-
الكذب والسّرقة من سجع القرءان إلى سجع الكهّان
-
كذب والسرقة في شعر الصّعاليك
-
الكذب في شعرماقبل النّبوّة
-
في التّمرّد العلاماتيّ
-
الكذب والسّرقة من الزرادشتية إلى الكتب السّماويّة
-
الكذب والسرقة في المدوّنة العلاماتيّة العربيّة
-
في سيميائيّة الكذب والسرقة
المزيد.....
-
بوغدانوف يبحث مع وفد من حماس المستجدات في غزة ويؤكد أهمية ال
...
-
الجدل حول شراء غرينلاند لم ينته بعد.. ورئيسة وزراء الدنمارك
...
-
بيل غيتس وصورة -الملياردير المثالي-
-
ترامب يعلق رسومه الجمركية على المكسيك -شهرا-
-
الرياض.. برنامج أمل التطوعي لدعم سوريا
-
قطاع غزة.. منطقة منكوبة إنسانيا
-
الشرع لـ-تلفزيون سوريا-: النظام كانت لديه معلومات عن التحضير
...
-
مصراتة.. سفينة مساعدات ثانية إلى غزة
-
جنوب إفريقيا تعلن عن إجراءات محتملة ردا على قرار ترامب وقف ت
...
-
مصر تصدر خرائط جديدة لقناة السويس.. ما أهميتها وتفاصيلها؟
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|