التاريخ يتكلم الحلقة 40 المثقف العراقي ونضال المراة العراقية

كاترين ميخائيل

الحوار المتمدن-العدد: 1733 - 2006 / 11 / 13 - 09:50
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    

بعد متابعتي لقضية البيروستيرويكا ايقنت ان كل شيء في طريقه الى الانحلال وان الاشتراكية نفسها سيأفل نجمها. ولكن الرفيق ابو عامل انفعل كثيرا لتلك الاشارة واعتبرها ردة فعل في ساعة غضب او نقص في المعلومات عن السياسة الدولية. هذا الصراع النفسي الذي اعيشه كنت افرغه عند زيارتي لابنة خالتي في دمشق نادية. اصبحت يائسة لا استطيع التفكير, او التركيز, بالاتجاه المطلوب. املي الوحيد الآن, هو الجزائر, وسيلتي الوحيدة للنسيان هي الانشغال باي شكل من الاشكال, فكان المطبخ واعداد الطعام والحلويات من الامور التي ساعدتني على النسيان الى حد ما.
في نفس الصيف 89 في مدينة دمشق زارتني ام محمود العضوة في رابطة المرأة العراقية في منظمة سوريا, دعتني لحضور ندوة عن " المرأة العراقية في الادب العراقي" يقدم الندوة ويحاضر فيها الكاتب العراقي زهير الجزائري, وكان يتحدث عن المرأة بعقلية رجل شرقي لا يطمع بغير المحافظة على امبراطورية الرجال ويحاول الانتقاص من المرأة مؤكدا عدم اهليتها لخوض معترك الحياة السياسية!
اشرت الى ان الكتاب والشعراء العراقيين لم يوفوا المرأة حقها, والمفكرون من النمط القديم يحاولون التقليل من قيمة المرأة المثقفة حيثما وجدت وبالنتيجة فهذا تقصير متعمد بحق المرأة. كان جوابه :ما شاركت به المراة العراقية لا يكفي لالهام الكتاب والشعراء للكتابة عنها.
لقد بلغت قمة الاستياء بعد تلك المناقشة ولم احترمه حتى يومنا هدْا, انه يتطابق مع وجهات النظر لدى معظم قيادة المعارضة المتخلفة التي كانت دائما تنتقص من اهمية نضال المرأة العراقية . ولم اقرأ له ابدا .
كنا نحن النساء في صفوف البيشمركة نقاتل معهم متجاوزين التقاليد ورافضين الواقع المتخلف حاملين راية التغيير في المجتمع, في شتى المجالات العلمية والادبية, حارمين انفسنا من ابسط حقوقنا, حتى دون ان نشعر بانوثتنا, لكن اديبنا السيد زهير الجزائري لم يقيم تلك التضحيات, ولم تلهمه! ذلك ان اخلاصنا للمبدأ جعلنا نتعالى على كل شيء يندرج تحت مظلة استجداء العواطف او الكسب الشخصي, وكل ما كنت, انا بالذات, احققه للجميع كنت اشعر كأنه مكسب شخصي لي وللاخرين .
كانت ام محمود تهدأ من روعي ولكنني كنت اتحسر على السنوات التي ضيعتها من عمري سدى وايقنت ان كلامهم وفلسفتهم عن حقوق المرأة وقضيتها محض افتراءات وكلام اعلامي وشعارات للمزايدة السياسية لا غير.
القاعدة مغلوب على امرها دوما, وسياسة التحكم والتسلط من قبل القيادة اسلوب متوارث, انها لم تحاول تغيير نمط تفكيرها ووضعته في قوالب جاهزة للتطبيق بالرغم من التغييرات السياسية والتكنولوجية والعسكرية على الساحة المحلية والدولية, لقد زهقت ارواح الاف الشهداء في الزنزانات والمعتقلات وفي ساحات الوغى ثمنا لاخطائهم القاتلة وتشبثهم بنظريات كانها وصفات جاهزة, الكثير منها عفى عليه الزمن.
كان ابو عامل يستمع الى كل الجلبة التي احدثتها ولكنه لاذ بالصمت لانه مقتنع تماما ان ثورتي وهيجاني لا يغيران من الواقع المؤلم الذي نعيشه ونعاني منه. واذا ما قدر يوما للتاريخ ان يحكم فسيثبت ان مواقفي هي كانت الاجرأ والاقرب الى واقع الجماهير التي تنتظر التفاعل مع معاناتها واستخلاص النتائج الايجابية لقطف ثمرة نضالها. والا ما جدوى تلقي الضربات ونحن متقوقعين نحتمي وراء شعارات سلمية في وقت كنا نحتاج فيه الى استنهاض الهمم والوقوف موقفا صلبا حتى النفس الاخير, بينما كنا نفترض ان هناك قوى دولية تسندنا, ومن ثم تأبطنا السلاح في وقت لا فائدة فيه من ذلك, امام اساليب الحرب الحديثة ومتغيرات السياسة الدولية التي لا غطاء لنا فيها, وهكذا جعلنا رفاقنا يدفعون حياتهم ثمنا لاخلاصهم لمباديء لم تحاول القيادة تطبيقها, ولو جزئيا, على نفسها بل كانت السباقة الى ترك الساحة, قبل غيرها, حينما قربت ساعة الخطر.
لا يمكن لاي مجتمع ان ينهض ونصفه الآخر في عزلة عن ممارسة حقه الكامل, وانا متأكدة بان المرأة العراقية بتضامنها ويقظتها وتكاتفها مع المنظمات النسوية العالمية, وفي حالة تهيئة الاجواء الصحيحة ووجود قيادات مخلصة مؤمنة بضرورة تغيير الواقع بصورة جدية لا بد ان تثور على الانظمة في تلك الدول المتخلفة, وخاصة المتطرفة منها, تحت غطاء ديني, او غيره, اذ من الضروري ان يتم التوقف عن المتاجرة باسم الدين التي وجدت الآن مساحة واسعة لتمارس ضغوطاتها وتطبق ارائها المجحفة ابدا بحق المرأة. ولكن رياح التغيير لا بد قادمة في زمن اصبحت الحقائق فيه في متناول الجميع, بسبب تطور وسائل الاتصال والاعلام. وقد ينجح التطرف الديني, في حقبة ضمور الافكار الثورية وخلو الساحة, لكن ذلك لن يدوم طويلا امام متغيرات الحياة ومتطلباتها, خاصة اذا استطاعت المرأة العراقية مشاركة رفيقاتها في بقاع العالم الاخرى التي شرعت فيها القوانين التي انصفت حقوقها. وهذا ما اتوقعه ولا بد انه حاصل عاجلا ام آجلا. ‏11‏/11‏/2006

#كاترين_ميخائيل (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات