أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خليل الشيخة - توتي وفروتي














المزيد.....


توتي وفروتي


خليل الشيخة
كاتب وقاص

(Kalil Chikha)


الحوار المتمدن-العدد: 7751 - 2023 / 10 / 1 - 18:47
المحور: الادب والفن
    


كانت تسكن بجانبي إمرأة امريكية عجوز تحب القطط، وكان لديها قط محترم بلون الفلفل دعته (توتي) وقطة جميلة بيضاء بلون الثلج أسمها (فروتي)، ترعاهما وتقدم الأطعمة الغالية لهما، وعلى مايبدو أن توتي وفروتي كانا يعيشان حياة في غاية السعادة، فالأكل والشرب مؤمن. عندما يخرج توتي إلى الشارع كي يقضي حاجة تراقبه حتى يدخل وتفعل ذات الشيء مع فروتي القطة البيضاء. قرعت مرة علي الباب وطلبت مني بكل إحترام أن أدخل من الشباك وأفتح لها الباب لأنها نسيت المفتاح في الداخل وقالت لي حزينة بان توتي وفروتي بدون طعام منذ الصباح. فدخلت من الشباك بحذر خوفاً أن أسقط وينكسر لي ضلع أو طرف. وعندما شاهدني القط توتي أنزل متسللاً من الشباك فر هارباً ولحقت به القطة فروتي، وربما ظنا أني لص أريد بهما الأذى. فتحت الباب للعجوز واسرعت هي دون تباطؤ لوضع الطعام لأولادها القطط. أما أنا، استأذنت ورجعت لبيتي.
قالت لي جين - وهو أسم العجوز- مرة بأن لديها ثلاث أولاد واحد في السجن لأنه قتل زوجته والثاني يسكن لوحده صاحي يوم وسكران عشرة أيام، لم تراه منذ ثلاث سنوات وبنت متزوجة لاتزورها إلا بالكرسمس وعيد الشجرة. ثم علاوة على ذلك فهي تتقاضى معاش تقاعدي ومعونة حكومية تكفيها وتكفي القطين.
في يوم غائم أو مشمس لا أذكر، قرعت العجوز جين الباب علي، فقلت أعوذ بالله عندما شاهدتها لأنني ظننت أنها نست المفتاح داخل البيت مرة أخرى ونست توتي وفروتي بلا طعام. لكنها قالت لي بلهفة غير مسبوقة تسألني هل رأيت القط الفلفلي توتي، فأجبت بلا ... وأين لي أن أرى توتي أو غير توتي. أستدارت عدة مرات حول نفسها ثم قالت بحزن وقلق : خرج توتي بارحة المساء كي يقضي حاجة ولم يعد. (وكدت أن أقول: ومن قال لك بأني أعمل حارس قطط أو منجم عن الغائب). لكني أظهرت لها بأني متعاطف مع قضيتها وقلت: لاتقلقي ياجين فإن القط لايهرب من العشاء أو بما معناه. ثم عادرت وهي تائهة الذهن تركض في الشارع وتبحث خلف الأشجار تصيح بعصبية : توتي .. توتي أين أنت؟ قلت في نفسي لاحول ولا قوة إلا بالله.
بعد فترة وجيزة رأيت سيارة شرطة الحيوانات تقف أمام بيتها تتحدث معها وتأخذ تفاصيل الغائب توتي علهم يجدونه لها. بعد أن مضى بضعة أيام، لم يجدوا توتي. تخمنت أن سيارة دعسته أو أحد الجيران خطفه واحتفظوا به. كنت أرى جين تجلس على شرفة المنزل وقد قعدت بجانبها القطة البيضاء حزينة عابسة. قالت لي مرة أن القطة قل أكلها تعبيراً عن فراق توتي وساءت صحتها.
بينما كنت اغلق باب بيتي مغادراً، رأيت العجوز تجلس على الشرفة منكّسة الرأس، وعندما رأتني، نادتني وقالت لي بحزن وهي تبكي:
- لقد ماتت فروتي حزناً على توتي. وأخذتها إلى مقبرة الحيوانات وهي الآن ترقد بسلام هناك وأنا أزور قبرها كل أسبوع.
قلت لها متعاطفاً
- سلمي أمرك لله، فهذه سنة الحياة، كلنا على هذا الطريق... (وكدت أن أقول الله يرحمها).
ثم غادرت إلى عملي وأنا أستغرب هذه الحزن الشديد من العجوز على قطة. وتذكرت مايسمى بنظرية التعلق في علم النفس the attachment theory)). فإذا تعلق شخص بشيء أو شخص أو حيوان، يتحد معه وتصبح حياته مرهونة به.
لم يمض أسبوعين حتى عرفت أن العجوز في المشفى في حالة خطرة. ولم تخرج من المشفى أبدا، بل ماتت هناك حزناً على القطة فروتي وعلى ضياع القط توتي.
بعد مدة رأيت أبنتها وأبنها ينظفون البيت بغية بيعه، وهما لم يروها منذ دهر.
فقلت في نفسي سبحان الله. ناس تموت وآخرين يتمتعون بالثروة، هذا إذا اعتبرنا البيت المتواضع ثروة. وعرفت أيضاً أن الانسان قد يستبدل حبه لأولاده بقط أو كلب لأن المحبة مزروعة في نفوس البشر مثلما الكراهية.
تشرين أول-1 - 2023



#خليل_الشيخة (هاشتاغ)       Kalil_Chikha#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صطّوف ولطّوف
- النملة والصرصور
- الثعلب والدب
- رواية ابن البلد
- تاريخ خزانة الماء
- أحذية أداديس
- الله والفقر
- احترم نفسك أولاً
- مذكرات أبنة الدكتاتور
- عقم مجادلة الملاحدة
- ممنوع التصوير مع الحمير
- رواية وفيلم الخروج
- ديفد كوبرفيلد
- الصهيوني إفراهام ستيرن
- هو سعيد بشبهة الإرهاب
- في الأمثالوجيا والإفحام
- أصل الأنواع
- التعابير المشتركة بين الإنسان والحيوان
- الأحمدية كفر وإلحاد
- الشرطة في خدمة الشعب


المزيد.....




- دائرة الثقافة والإعلام المركزي لحزب الوحدة الشعبية تنظم ندوة ...
- Yal? Capk?n?.. مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 88 مترجمة قصة عشق ...
- الشاعر الأوزبكي شمشاد عبد اللهيف.. كيف قاوم الاستعمار الثقاف ...
- نقط تحت الصفر
- غزة.. الموسيقى لمواجهة الحرب والنزوح
- يَدٌ.. بخُطوطٍ ضَالة
- انطباعاتٌ بروليتارية عن أغانٍ أرستقراطية
- مدينة حلب تنفض ركام الحرب عن تراثها العريق
- الأكاديمي والشاعر المغربي حسن الأمراني: أنا ولوع بالبحث في ا ...
- -الحريفة 2: الريمونتادا-.. فيلم يعبر عن الجيل -زد- ولا عزاء ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خليل الشيخة - توتي وفروتي