أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ثامر عباس - الحسّ المشترك .. ادراك ما قبل الوعي














المزيد.....


الحسّ المشترك .. ادراك ما قبل الوعي


ثامر عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7746 - 2023 / 9 / 26 - 10:08
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


غالبا"ما يتردد مفهوم (الوعي) في سرديات العلوم الإنسانية والاجتماعية كتعبير عن مناشط الفكر ومنازعاته ، وهو يقارع معطيات الواقع الموضوعي في مضامير الجدليات الاجتماعية ، بصورة تكاد تكون أقرب الى التوصيف الشكلي والتضمين الروتيني منها الى التحليل الجدلي والتأويل المعرفي . وهو الأمر الذي يجعل من الادراكات المباشرة والانطباعات الأولية التي تتكون لدى عامة الناس حيال تفاعلهم مع / واستجاباتهم لديناميات الواقع وسيرورات المجتمع ، كما لو أنها صيغة متقدمة من صيغ (الوعي) الاجتماعي بطبيعة عناصر الأول ومكونات الثاني .
والحقيقة ان أغلب ما يجري في هذا المضمار الذهني لا يتعدى نطاق (الحسّ المشترك) الذي يتبلور لدى الكيانات والجماعات عفويا"، على خلفية (إدراكها) المباشر لما يدور فيها وداخلها من تفاعلات وتناقضات مضمرة من جهة ، أو ما يجري عليها وحولها من علاقات وصراعات معلنة من جهة أخرى ، دون أن يكون لهذا الإدراك الحسي أساس متين من (الوعي) الناضج الذي يمكّنها من اكتناه كيفية عمل الأواليات والديناميات المسؤولة عن عوامل الضبط والسيطرة في الحالة الأولى تارة ، أو عوامل التفكك والفوضى في الحالة الثانية تارة أخرى . ولهذا فقد شدد العالم الاجتماعي الفرنسي (موريس هولبفاكس) على حقيقة أننا (( لا نستطيع الحديث عن الوعي وعن الحياة النفسية في نفس الآن )) .
وعلى الرغم من نظرات الاستهانة والازدراء التي تخضع لها عناصر (الحسّ المشترك) من لدن شرائح النخبة حيال وظيفتها في الواقع ، على اعتبار كونها خليط من بقايا ومخلفات (أساطير) و(خرافات) ترسبت على شكل ثقافات (فولكلورية) متوارثة ، تعكس اهتمامات جمهور / حشود العامة وتستجيب لتواضعاتهم الذهنية والنفسية والرمزية . إلاّ أن البعض من المفكرين النابهين اعتبر شأنها في المجتمع من الخطورة بحيث ان التعامل معها بتلك الطريقة من الاستهانة والاستخفاف ، ستفضي الى مشاكل جمّة وإشكاليات عويصة ستكون آثارها – على المدى البعيد – بالنسبة للمجتمعات الضعيفة بنيويا"والهشة إنسانيا"مكلفة ان لم تكن مدمرة . ولعل من أبرز من حذر من مغبة تجاهل هذا النمط من (الوعي) الشعبي وعواقب إهماله هو الفيلسوف الايطالي (أنطونيو غرامشي) ، حتى أنه عده واحدا"من مكونات المعرفة البشرية التي تنطوي على ثلاثية (الفلسفة ، والدين ، والحس المشترك) .
ومما يزيد من أهمية هذا القسم من (الوعي الفطري) في المجتمع ، هو ان حجم دوره وثقل وظيفته في الذهنيات والتصورات والتمثلات ، وبالتالي العلاقات والتواضعات والسلوكيات ، يزداد ويتضاعف كلما كانت الأطوار الحضارية للمجتمع لا تزال في مراحلها الأولى من التطور . أي بمعنى انه كلما كانت السمات الغالبة على المجتمع المعني سمات ذات طابع تقليدي - بدائي قليل الحراك وبطيء التطور ، كلما كانت الجماعات المكونة للمجتمع أميل الى الاعتماد على عناصر حسّها المشترك مقارنة بعناصر وعيها الأخرى والعكس بالعكس . ولهذا فان المؤسسات البيداغوجية في الأنظمة السياسية المتخلفة غالبا"ما تقع ضحية أوهام اعتقادها بنجاح مشاريعها (الترويضية) و(الاستيعابية) الهادفة الى صهر العقليات ودمج الثقافات ومزج الذاكرات ، استنادا"الى مؤشر (التماثل) الظاهري البادي في مسلكيات تلك الجماعات خلال تعاطيها المباشر واستجابتها الآنية لمعطيات الواقع الاجتماعي ، التي غالبا"ما تحتجب خلفها التيارات العميقة في السرورات ، والقوى الفاعلة في الديناميات ، والعوامل المؤثرة في السيكولوجيات ، والضوابط المتحكمة في السلوكيات .
وعلى هذا الأساس ، لا ينبغي بتاتا"التعويل على ما تبديه الحشود المعبأة إيديولوجيا"والمجيشة سيكولوجيا"، من مظاهر الاندفاع العاطفي والحماسة الخطابية المشهودة عنها ، حيال بعض القضايا السياسية ذات الحساسية الوطنية ، فضلا"عن الرهان المتهور على دافعية الانخراط العفوي في التظاهرات والاحتجاجات الدورية أو الموسمية ، التي غالبا"ما تعكس توجهات آنية واهتمامات مطلبية لا صلة لها بما يترتب على حالة الوعي الحضاري من تصورات عقلانية وتطلعات إنسانية والتزامات أخلاقية ، عابرة للمصالح الفئوية والحزبية الضيقة حيث (الوطن) هو المعيار الأوحد و(المواطن) هو الهدف الأقصى .



#ثامر_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديموقراطية وشرط الوعي السياسي
- الانثروبولوجيا والخاصية الفسيفسائية للمجتمع العراقي
- خطاب المثقف واستقطاب المجتمع
- انتعاش السرد التاريخي في المجتمعات المتصدعة : دليل أزمة أم م ...
- مصائر بلاد الرافدين : ماذا لو جفّت أنهار العراق ؟!
- الاستحالة الحضارية : من الكنية الى الكينونة
- كبوة الوعي بين النسقية الثقافية والنسقية الايديولوجية
- ظاهرة الأريفة وتآكل المدماك الحضري
- حيرة الدراما العراقية في مسلسل حيرة !
- مشاكسات المطمور في اللاوعي الجماعاتي
- حصاد القارئ من بيدر القراءة
- هل للدين علاقة بالاغتراب ؟!
- الدولة العراقية وتعسّر كينونتها الحضارية
- الماضي وعلاقته بالدين
- الماضي وعلاقته بالاسطورة
- الوظيفة النقدية للخطاب الاعلامي
- انكفاء صيرورة (المواطنة) في وعي المواطن
- تفسير الأنماط الثقافية للشخصية العراقية
- الاسطوغرافيا العراقية والدعوة للتحول من الأعلى الى الأسفل
- المحنة العراقية : السلطة ضد الدولة


المزيد.....




- وصفته بـ-وزير الإبادة-.. لحظة مقاطعة سيدة لكلمة بلينكن
- آخر تطورات فاجعة حرائق لوس أنجلوس وأين يقف عدد الوفيات
- أسفلها فضاء فارغ.. شاهد مغامرة أردنية معلقة بالهواء في سلطنة ...
- هاجمته بكلام لاذع.. فيديو لحظة مقاطعة بلينكن خلال كلمة يشعل ...
- استطلاع: واحد من كل ستة ألمان ينامون أثناء العمل من المنزل
- -سبيس إكس- تطلق أول قمر صناعي لـ-بيرقدار- التركية
- مستشار ترامب: اتفاق السلام بين إسرائيل والسعودية أولويتنا ال ...
- -كراسنايا زفيزدا- تنفي استخدام صاروخ -كينجال- من قبل القاذفة ...
- الغرق في -العسل الأسود-!
- -إنفوبريكس-: لم يبق أمام زيلينسكي سوى خيارات قليلة


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ثامر عباس - الحسّ المشترك .. ادراك ما قبل الوعي