مهدي القريشي
الحوار المتمدن-العدد: 7746 - 2023 / 9 / 26 - 02:39
المحور:
الادب والفن
عمّالُ البلَديّةِ يتسلّون بالوقْتِ،
والأحذيةُ تتحّملُ الخطيئةَ.
يقولُ : حين أُلمّعُ الحذاءَ يخفّ وزنُه فتمنحُه الأرضُ رضاها،
وأجيدُ النفْخَ في مساماتِها ، فتتنفّسُ الصعداءَ .
أُلمّعُ جلدَ الحذاءِ
وأتركُ للشعراءِ ما تبقّى .
صبّاغو الأحْذيةِ تطاردهم أمانةُ العاصمةِ لإخلالهم بمساقط الظلِّ ، كما يعتقدون ، والسماءُ تحشدُ غيوماً بلا أزرار تسْكبُ دلوَها فتتطايرُ فساتينُ روزناماتهم الورقيةِ .
تلاحقهم الصبايا المتْرفاتُ بنصْف بؤبؤ .
يحصون هزائمهم
بفمٍ مبتسمٍ، يرسمون طريقاً دافئاً
لإقْناع الفراشاتِ باستعارةِ ألوانِ أجنحتِها .
أثقله صندوقُ العائلةِ
إرثُه الثمينُ مع جوقةِ بنات ،
ولأنه لا يفكّرُ إلا بوهمِ اللحظةِ و بأَلْوَانِ خساراتهِ،
حملَهُ كغواياتهِ النديّةِ،
ما يتعلّقُ بي لم أضعْ حذائي يوماً ما على صندوقِ صبّاغِ الأحْذيةِ
وأقفُ كالقلقِ على رجلٍ واحدةٍ وأنْظرُ للعاملِ بعينِ الطائرِ
أو أقف كطاووسٍ منفوشِ الريشِ
أباهي الحسناواتِ ببرجوازيتي
المعادة بنقودٍ خلّبْ.
امرأتك عند باب الدارِ بأقراطٍ وحلي تلعبُ بها الريحُ،
ستخلعُ نعليكَ وتعفرُ قدميك بماءِ تعفّفها ،
لم تسألْكَ كم أهدرتَ من الوقتِ في تهذيبِ الأحذيةِ وتشذيبِ طباعِها ،
طقوسٌ تعوّدْتَ عليها ،
تربطُ حشرجةَ النهار بأطرافِ السرير
،تنبِئُك بغليانِ مائِك ،
وتخبرك أنّ التينَ ناضجٌ ومتمردٌ
وأنا زيتونةٌ لا تخون مرارتها .
احْذرْ أن تحلمَ أكثرَ مما مسموح به ، ستختلط الألوانُ ويفسد الحلمُ
يجامل حذاءَه ، يتركه للصدفةِ ، وحين تحين الصدفةُ يقتنصه الميسورون
بمكتبهِ على الرصيفِ
يكتبُ و يَمْحُو
يَمْحُو ويكتبُ
متى ينتهي من تدويناته البوهيمية ؟
هكذا يولدُ الفقراءُ
ليلتهم ماطرة وصراخ المخاض يهدي طينَ الطريقِ إلى القابلةِ،
والطفلُ يطلبُ اللجوءَ حيث إقامته.
#مهدي_القريشي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟