|
بعد خمسين سنة .. من المنتصر
محمد حسين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 7745 - 2023 / 9 / 25 - 06:59
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
ين يا أطلال جند الغالب ـ أين آمون وصوت الراهب... مرت خمسون سنة ( نصف قرن ) علي أحداث الحرب بين اسرائيل والعرب في (6 أكتوبر73 ) بمعني أن المصرى الاصغر من خمسين سنة لم يكن قد ولد بعد و لا يهتم كثيرا بها .. و من هو أقل من السبعين لا يعي ما حدث إلا من خلال الكتب المدرسية أو برامج التلفزيون التي يقدمها سنويا كإحتفال روتيني وهي بطبيعة الحال مملة و مضجرة و منحازة تظهر جزء من الصورة .. و تخفي أجزاء . إسرائيل نشرت الوثائق السرية لهذه الحرب .. أما في مصر .. فالامر غير قابل للمناقشة .. لقد إنتصرنا و عادلنا هزيمة 67 ... بلاش رغي كتير إذا كنت تريد أن تعرف ما حدث ..فعليك الإعتماد علي من عاصر الأحداث أو شارك فيها و ما دونوه في مذكراتهم ... و ستتوه .. صدقني ستتوه .. فلا توجد رواية رسمية ..وكل طرف يدعي أنه السبب في النصر و أن الأخرين هم سبب الإنتكاسة .. و يدلل علي ذلك بصور و أفلام و وقائع . الحرب .. مرت بمرحلتين .. الأولى مفاجأة مذهلة للقوات الاسرائيلية واندفاع للقوات السورية والمصرية ، عبر التحصينات التى لم تخترق منذ ستة سنوات . القوات السورية تصل الى أطراف هضبة الجولان . والمصرية تعبر المانع المائى وتتخطى تحصينات خط بارليف ، ثم تصد الهجوم التكتيكى المضاد للدبابات الاسرائيلية.. و تتمسك بالأرض لمسافة عمق عشرة كيلومتر . الاسرائيليون يندبون .. يبكون .. يتأوهون ..ويظهرون ذعرهم من الهجوم المصرى السورى المفاجئ ، وخوفهم من الانتصارات علي الجبهتين .. ولأنهم هناك لا يمكنهم إخفاء الاخفاقات فالكل كان يعلم بهزيمة المرحلة الأولى . الاسرائيليون يلجأون لأمريكا لنجدتهم ،فتمدهم بجسر جوى محمل بالدبابات المزودة بالوقود والذخيرة ومستعدة للقتال بمجرد خروجها من الطائرات لتعويض الخسائر .. في البرلمان المصريون .. كانوا يوزعون النياشين والأوسمة ويحتفلون بالنصر مع الضيوف و أمام شاشات التليفزيون. المرحلة الثانية هجوم اسرائيلى كاسح فوق هضبة الجولان .. يرجع القوات السورية لقرب دمشق التى أصبحت فى مدى المدفعية الاسرائيلية .. ثم معارك على الجبهة المصرية تنتهي بتدمير فرقة مدرعات أو أكثر وبإختراق القوات المصرية التى عبرت والقوات التى على الضفة الغربية ، لتصل الدبابات الإسرائيلية لقرب العاصمة بأقل من مائة كيلو وتصبح القاهرة فى مدى مرمى مدفعيتها . المصريون صامتون ولأن فى بلدهم الدعاية أقوى من الحقيقة ، لذلك إستمروا في الإحتفال و التقليل من خطورة الثغرة و تجاهل عمليات اختراق الخطوط المصرية والعبور الاسرائيلى المضاد ، ومحاصرة الجيش الثانى و مدن القناة كيف حدث هذا الإنقلاب في سير المعارك . . بدون فلسفة .. أسلوب اسرائيل فى الدفاع عبارة عن زرع نقط حصينة قوية متباعدة فى المواجهة ، بينها فراغات وخلفها يكمن احتياطى تكتيكى سريع الحركة ، لصد أى اختراق بين تلك النقط الحصينة .. فى حالة فشل قوات الاحتياطى التكتيكى ، يدفع بالاحتياطى التعبوى لتدمير القوات المخترقة وإعادتها الى مكانها ، ثم تطوير الهجوم بواسطة الاحتياطات الاستراتيجية .. هكذا .. اخترق المصريون من بين نقط خط بارليف الحصينة ، و تم احتلال بعضها ، و التقدم لعمق شرق القناة والتمسك بالأرض .. ثم صد الهجوم المضاد للاحتياطى التكتيكى المدرع الإسرائيلي ، بواسطة مضادات الدبابات التي يستخدمها المشاة بكفاءة عالية ، أسر قائد التشكيل ، و بإعتراف العدو في تقارير لجنة أجرانات... اظهر المصريون بطولات فردية وجماعية خلال العبور ، و تدمير القوات المعادية ., تفاصيل المعركة كانت لصالح الجندى والضابط الميدانى المصرى لمدة إسبوع .. ثم جاء خطأ القيادة فى إدارة المعركة في يوم 14 أكتوبر حيث قاموا بتطوير الهجوم نحو الممرات بدفع فرقة مدرعة تمثل الاحتياطى الاستراتيجى.. و كانت القوات المعادية قد استعدت لها بمصائد دبابات و تفوق جوى بعيد عن تأثير حائط الصواريخ، فدمرت 250 دبابة من أقوى فرق الجيش المصرى المدرعة المجال أصبح مفتوحا للاندفاع خلف الخطوط المصرية وتطوير الهجوم ، باستعمال أحدث تقنيات الاستشعار عن بعد الأمريكية .. لتحديد المكان الذى يبدأ منه العبور للضقة الغربية بالدفرسوار ..ثم جرى تطويرالهجوم لينتهى بمحاصرة الجيش الثانى ومدن القناة الرئيسية (التى قاوم فيها رجال الدفاع المدنى أى اختراق) ،ثم وصول القوات الاسرائيلية الى مشارف القاهرة...و في 28 أكتوبر انتهت المعارك.. و بدات الدبلوماسية السوريون تركوا هضبة الجولان للاحتلال الاسرائيلى حتي اليوم ، والمصريون يفاوضون (( تزويد الجيش المحاصر بالماء والطعام - فك الاشتباك الأول ـ فك الاشتباك الثانى)) .. الاسرائيليون متعجرفون .. يفرضون شروطهم لتموين الجيش الثانى المحاصر .. قادتهم يلتقطون الصور التذكارية بجوار مدن القناة .. الأمريكان يضغطون عليهم ، ويهددون إذا استمرت هذه العجرفة الاسرائيلية فانهم مستعدون لتزويد الجيش المصرى المحاصر بالمؤن جوا أو بالاسقاط ( بالبراشوت ) . المصريون صامتون ، وسائل الاعلام لازالت تحتفل بالنصر ، الجمسي يحكي أنه طلب الاذن من القوات الاسرائيلية للتحرك داخل المنطقة المحتلة حتي بصل الى مكان اجتماع مفاوضات الكيلو 101 من القاهرة علي طريق السويس .. و يتم ملاوعته لأكثر من مرة حتي يضغط عليهم الأمريكان . السادات فى القدس ، السادات فى كامب ديفيد يوقع معاهدة ، تجعل من سيناء منطقة منزوعة السلاح و بها قوات دولية..و السماح للأسرائيلين بالتجول فيها بحرية . من المستفيد من حرب 73 . مصر إستردت الأرض المحتله في 67.. بشرط أن تصبح سيناء منزوعة السلاح ، محمية بواسطة عدد محدود من قوات الأمن ذات التسليح الخفيف.. بكلمات أخرى ..تستطيع القوات الاسرائيلية إعادة احتلال سيناء فى مدة لا تزيد عن ساعات نصف يوم ، بينما ستقف القوات المصرية علي الضفة الغربية عاجزة عن عبور المانع المائى ومواجهة القوات الغازية إذا ما جرى ضرب مخارج الأنفاق اسرائيل أصبح لها سفارة فى القاهرة ، ومركز ثقافى ، وشريكة فى تصنيع منتجات مصرية يتم تصديرها لأمريكا ( اتفاقية الكويز ) ومواطنوها يقضون أجازاتهم فى دهب ونويبع وطابا وباقى مدن سيناء .. شركات اسرائيلية تنظم رحلات حجاج دير سانت كاترين . ثم و بمرور الوقت الدول الخليجية و العربية تتسابق للإعتراف بإسرائيل و عمل تبادل دبلوماسي و تجارى . القوات الخاصة بالأمم المتحدة التى أغلبها امريكية ، تقضى أسعد فترات خدمتها ما بين منتجعات البحر الأحمر الدافئة ، ومدن اسرائيل المتحررة المرحبة . العرب فى سيناء يزرعون مئات الأفدنة بالمخدرات ، ويهربون الأفارقة وغيرهم لداخل اسرائيل ، يتحكمون فى الطرق الرئيسية القريبة من الحدود ، يدخلون ويخرجون من غزة واسرائيل بسهولة عن طريق الأنفاق. من المستفيد هكذا من الحرب !! .. إسرائيل ، قوات الأمم المتحدة ، البدو ،. أم المصرى الذى عبر ودمر القوات المدرعة الاسرائيلية التى قامت بالهجوم المضاد ؟ .. و ما زال يحارب الأرهاب و يقدم الضحايا قي سيناء. سؤال أخير إضافي للأذكياء إذا انعكس الحال ، وكانت المدفعية المصرية والسورية تحتل أماكن تجعل القدس فى مدى رميها ، ماذا كانت ستفعل جولدا مائير ؟ هل كان من الممكن أن تمتلك تهور ترومان وتستخدم أسلحتها النووية لتدميرحشود الجارتين !!
#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فلنعود لزمن الهواية .. افضل
-
اللامنتمي في الكلية الحربية
-
مصير قصور الخديوى سيتكرر
-
عندما يعرضون الأبناء في أسواق النخاسة
-
فن ليس للتسلية
-
و اصبحت العشوائية منهجا و إسلوب حياة
-
رؤية معمارى حزين
-
راسمالية القوات المسلحة
-
مش مهم عندنا منهم كتير
-
2 - تفكيك المشكلة و إعادة تركيبها
-
الإنقراض السادس علي الأبواب
-
مسيرة (( مصر الفتاة )) لقصر عابدين
-
أحزان معمارى مسن
-
لازال للإستعمار الكلمة العليا .
-
استقر الأمن فى البلدة الصغيرة
-
و عاودني عصاب الحرب .
-
لمن يرصدون غيابي
-
سقطت يوم سقط الجنيه
-
فليأكل ((أموت )) قلبي وأفني.
-
قد تكون هذه وصيتي.
المزيد.....
-
كيف يستعد الجنود من المتحولين جنسيًا لمواجهة ترامب بإعادة تش
...
-
الصين تحتفل ببداية عام الأفعى وسط طقوس تقليدية وأجواء احتفال
...
-
توجيه إسرائيلي لمعلمي التاريخ بشأن حرب أكتوبر مع مصر
-
الجزائر تسلم الرباط 29 شابا مغربيا كانوا محتجزين لديها
-
تنصيب أحمد الشرع رئيسا انتقاليا لسـوريا
-
منتقدا الاحتياطي الفيدرالي ورئيسه.. ترامب يطلق العنان لمبادر
...
-
أمريكا.. السجن 11 عاما للسيناتور السابق مينينديز جراء إدانته
...
-
الرئيس السوري أحمد الشرع يطلب من روسيا تسليم الأسد
-
إصابة 24 شخصا بغارتين إسرائيليتين على النبطية.. -لم يستطيعوا
...
-
إعلام: المراحل المقبلة من وقف إطلاق النار في غزة تواجه عقبات
...
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|