هدى زوين
كاتبة
(Huda Zwayen)
الحوار المتمدن-العدد: 7744 - 2023 / 9 / 24 - 17:26
المحور:
كتابات ساخرة
كأنّ حياته كتاب تمّ تخطيطه بقوى غير مرئية، قوى الغيب والنور وترتيب المصائر، كتاب مفتوح بصفحات مضيئة فيها يوميات، وأحلام ورؤى، كتاب رجل يدوّن أفكاره وآماله النابعة من أعماق شغفه، كلّما يفتح كتابه يستنشق منه رائحة أمه التي جعلت من صبره جبارًا طموحاً، ليمسك بين يديه مفتاحًا للبحث عن الحقيقة، والوصول إليها، رؤيته للعالم مليئة بنبضات دافئة وحنان غريب.
أحيانًا حينما أفتح هذا الكتاب لا على تعيين صفحة أقصدها، بل أجعل المصادفة تقودني لأكتشف ما يعمّقُ ثقتي بما أراه وأسمعه وألمسه، تظهرُ لي صورته مثل قصبة نحيلة تهتزّ لفرط حبه لوطنه وولعه في العشق الممنوع الذي لم يزل يقوده إلى شوق دائم وعطاء مستمر، في ظل واقع يكتظ بفوضى الأشكال المختلفة المنتشرة في طرقات ضيقة متعرجة المفاهيم، كأنها جدران كونكريتية عالية منيعة صادمة لها أفواه واسعة مثل ديناصورات خرافية ليس لها معنى، فارغة من الانتماء والحب والأمل.
وجدته في كتابه كأنه قصبة نحيلة تشبه القلم تشبثت جذورها في أرض الوطن، امتصت من ترابه فاندمجت فيه وامتزجت مع مائه العذب لتصبح غيمة ماطرة من الوجدان المكتنز بحياة ثرية الوجود، كتاب كأنه الطبيعة نفسها نقية بأنوار تشع بموجات صوتية حالمة دافئة المغزى، روحه في هذا الكتاب تفيض بالحب والحنان الذي يجعل قارئه يمتلأ بطاقة إيجابية من أجل العطاء الدائم المستمر، هذا الكتاب غير قابل للطباعة للنشر، كتاب حين تسمعه أو تراه مثل طيف أثيريّ الحضور، مثل حلم يزورنا كل لحظة من دون أن نمسكه، هذا كتاب حياة تحمله معك في روحك، وبين عينيك.
مرّة قرأت في صفحة منه لاحت لي بين صوته المتهادي فوق سرير الهواء: أيتها الروح النقية إن لم تحتضنا الأرض وتمجدنا بعزها. فعدالة السماء لن تخذلنا والبقاء لأقوى الأرواح التي تشبه الكتب.
#هدى_زوين (هاشتاغ)
Huda_Zwayen#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟