أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نقوس المهدي - قصيدة البردة / البــــــرأة (أمِنْ تذَكُّرِ جيرانٍ بذي سلمِ) للإمام البوصيري















المزيد.....


قصيدة البردة / البــــــرأة (أمِنْ تذَكُّرِ جيرانٍ بذي سلمِ) للإمام البوصيري


نقوس المهدي

الحوار المتمدن-العدد: 7743 - 2023 / 9 / 23 - 04:48
المحور: الادب والفن
    


تعد قصيدة البردة -وتدعى أيضا بــ " البرأة"- للامام البوصيري " من المعارضات غير التقليدية لـ " بردة كعب بن زهير "، وان التقتا في موضوع المديح والاسم واختلفتا من حيث الوزن والقافية

وهي ميمية مـن أشهر المدائح النبوية، بل من أكثرها شهرة، وتقع في حوالي 176 بيت، تنافس العديد من الشعراء في معارضتها اهمها معارضة أمير الشعراء في قصيدته الشهيرة التي سنتعرض لها في مقام لاحق:

ريم على القاع بين البان والعلمِ ۞ أحلّ سفكَ دمي في الأشهر الحرمِ

فضلاً عن العديد من أنواع التخمّيس، والتشـطِّير، مثل تشطير الشيخ محمود أبو الشامات:

أمنْ تذكر جيرانٍ بذى ســــلمٍ ۞ تكرر العود مرات إلى الحرم
وحينما نظؤت عيناك قبته ۞ مزجْتَ دمعا جَرَى من مقلةٍ بـــدمِ
أَمْ هبَّتِ الريحُ مِنْ تلقاءِ كاظمـــةٍ ۞ فهب منك اشتياق هاج كالضرم
وتسبيع الشيرازي البضاوي: ۞ مولاي صلي وسلم دائماً أبدا
على حبيبك خير الخلق كلهم۞ اللهُ خَصَّكَ بِالإكْرَام وَالْكَرَمِ
كمَا تَخَصَّصْتَ بِالأحْكامِ وَالحِكَمِ ۞ وَسِرْتَ بِالْمَلإِ الأعلى عَلَي قَدَمِ
مَعَ النَّبِيِّينَ فِي الإسْرَاءِ وَالْحَشَمِ ۞ قَبْلَ الدُّنُوِّ مِنَ المَوْصُوفِ بِالْقِدَمِ
سَرَيْتَ مِنْ حَرَمٍ لَيْلاً إلي حَرَمٍ ۞ كَمَا سَرَي الْبَدْرُ فِي دَاجٍ مِنَ الظُّلمِ

الى العديد من الشروحات المتنوعة، كما اعتنى بها اهل التصوف خاصة، وحاكوا في شانها الكثير من الحكايات والقصص

وقد أطلق البوصيري - وهو " الإمام شرف الدين محمد بن سعيد بن حماد الصنهاجي الاباصيري " نسبة الى أبو صير، مصري المولد والنشاة، مغربي الاصل - على هذه القصيدة " البـــردة " من باب المحاكاة لقصيدة كعب بن زهير بن ابي سُلمى، وسماها أيضاً بـ " الكواكب الدرية في مدح خير البرية "، وسميت كذلك ب " قصيدة الشدائد "، و" ام المدائح "، و" درة المدائح " ، كما سميت أيضا بـ " البـــرأة" ، لأن البوصيري كما يزعمون برئ بها من علة ألمت به، ويقول عنها: " كنت قد نظمت قصائد في مدح رسول الله (ص)، ثم اتفق بعد ذلك أن أصابني خِلْط فالج أبطل نصفي، ففكرت في عمل قصيدتي هذه البردة، فعـملتها، واستشفعت بها إلى الله في أن يعافيني، وكررت إنشادها، وبكيت ودعوت، وتوسلت ونمت، فرأيت النبي (ص)، فمسح على وجهي بيده المباركة، وألقى عليّ بردة، فانتبهت ووجدت فيّ نهضة، فقمت وخرجت من بيتي، ولم أكن أعلمت بذلك أحداً، فلقيني بعض الفقراء، فقال لي: أريد أن تعطيني القصيدة التي مدحت بها رسول الله (ص)، فقلت: أيّها؟ فقال: التي أنشأتها في مرضك، وذكر أولّها، وقال : والله لقد سمعتها البارحة وهي تنشد بين يدي رسول الله(ص)، فرأيت رسول الله (ص)، يتمايل وأعجبته، وألقى على من أنشدها بردة، فأعطيته إياها، وذكــر الفقير ذلك، وشاع المنام ".

و هذا راينا بذلك، آملين التوفيق في ذلك

قراءة شائقة

اختيار وتقدبم: نقوس المهدي



*****


قصيدة البردة
للإمام البوصيري

أمِنْ تذَكُّرِ جيرانٍ بذي سلمِ ۞ مزجتَ دمعاً جرى من مقلة ٍ بدمِ
أمْ هبَّتِ الريحُ من تلقاءِ كاظمة ٍ ۞ وأوْمَضَ البَرْقُ في الظلْماءِ مِنْ إضَمِ
فما لعينيكَ إن قلتَ اكففا هَمَتا ۞ ومَا لِقَلْبِك إنْ قُلْتَ اسْتَفِقْ يَهِمِ
أَيَحْسَبُ الصَّبُّ أنَّ الحُبَّ مُنْكتِمٌ ۞ ما بَيْنَ مُنْسَجِم منهُ ومضطَرِمِ
لولاَ الهَوَى لَمْ تُرِقْ دَمْعاً عَلَى طَلَلٍ ۞ ولا أرقتَ لذكرِ البانِ والعَلم ِ
فكيفَ تُنْكِرُ حُبَّا بعدَ ما شَهِدَتْ ۞ بهِ عليكَ عدولُ الدَّمْعِ والسَّقَم
وَأثْبَتَ الوجْدُ خَطَّيْ عَبْرَة ٍ وضَنًى ۞ مِثْلَ البَهارِ عَلَى خَدَّيْكَ والعَنَمِ
نعمْ سرى طيفُ من أهوى فأرقني ۞ والحُبُّ يَعْتَرِضُ اللَّذاتِ بالأَلَمِ
يا لائِمِي في الهَوَى العُذْرِيِّ مَعْذِرَة ً ۞ منِّي إليكَ ولو أنصفتَ لم تلُمِ
عَدَتْكَ حالِيَ لا سِرِّي بمُسْتَتِرٍ ۞ عن الوُشاة ِ ولادائي بمنحسمِ
مَحَّضَتْنِي النُّصْحَ لكِنْ لَسْتُ أَسْمَعُهُ ۞ إنَّ المُحِبَّ عَن العُذَّالِ في صَمَمِ
إني اتهمتُ نصيحَ الشيبِ في عذلٍ ۞ والشَّيْبُ أَبْعَدُ في نُصْحٍ عَنِ التُّهَم
فإنَّ أمَّارَتي بالسوءِ مااتعظتْ ۞ من جهلها بنذيرِ الشيبِ والهرمِ
ولا أَعَدَّتْ مِنَ الفِعْلِ الجَمِيلِ قِرَى ۞ ضيفٍ المَّ برأسي غير محتشمِ
لو كنت أعلم أني ما أوقره ۞ كتمت سرا بدا لي منه بالكتم
من لي بِرَدِّ جماحٍ من غوايتها ۞ كما يُرَدُّ جماحُ الخيلِ باللجمِ
فلا تَرُمْ بالمعاصِي كَسْرَ شَهْوَتِها ۞ إنَّ الطعامَ يُقَوِّي شهوة َ النهمِ
والنفسُ كالطفلِ إن تهملهُ شَبَّ على ۞ حُبِّ الرَّضاعِ وإنْ تَفْطِمْهُ يَنْفَطِم
فاصرفْ هواها وحاذرْ أنْ تُوَلِّيَهُ ۞ إنَّ الهوى ما تولَّى يُصمِ أوْ يَصمِ
وَراعِها وهيَ في الأعمالِ سائِمة ٌ ۞ وإنْ هِيَ اسْتَحْلَتِ المَرْعَى فلا تُسِم
كَمْ حَسَّنَتْ لَذَّة ٍ لِلْمَرءِ قاتِلَة ً ۞ من حيثُ لم يدرِ أنَّ السُّمَّ في الدَّسَمِ
وَاخْشَ الدَّسائِسَ مِن جُوعٍ وَمِنْ شِبَع ۞ فَرُبَّ مَخْمَصَة ٍ شَرٌّ مِنَ التُّخَمِ
واسْتَفْرِغ الدَّمْعَ مِنْ عَيْنٍ قد امْتَلأتْ ۞ مِنَ المَحارِمِ وَالْزَمْ حِمْيَة َ النَّدَمِ
وخالفِ النفسَّ والشيطانَ واعصهما ۞ وإنْ هُما مَحَّضاكَ النُّصحَ فاتهم
وَلا تُطِعْ منهما خَصْماً وَلا حَكمَاً ۞ فأنْتَ تَعْرِفُ كيْدَ الخَصْمِ والحَكمِ
أسْتَغْفِرُ الله مِنْ قَوْلٍ بِلاَ عَمَلٍ ۞ لقد نسبتُ به نسلاً لذي عقمِ
أمرتكَ الخيرَ لكنْ ماائتمرتُ بهِ ۞ وما استقمتُ فماقولي لك استقمِ
ولا تَزَوَّدْتُ قبلَ المَوْتِ نافِلة ً ۞ ولَمْ أُصَلِّ سِوَى فَرْضٍ ولَمْ أَصُمِ
ظلمتُ سُنَّة َ منْ أحيا الظلامَ إلى ۞ أنِ اشْتَكَتْ قَدَماهُ الضُّرَّ مِنْ وَرَم
وشدَّ مِنْ سَغَبٍ أحشاءهُ وَطَوَى ۞ تحتَ الحجارة ِ كشحاً مترفَ الأدمِ
وراودتهُ الجبالُ الُشُّمُّ من ذهبٍ ۞ عن نفسهِ فأراها أيما شممِ
وأكَّدَتْ زُهْدَهُ فيها ضرورتهُ ۞ إنَّ الضرورة َ لاتعدو على العصمِ
وَكَيفَ تَدْعُو إلَى الدُّنيا ضَرُورَة ُ مَنْ ۞ لولاهُ لم تخرجِ الدنيا من العدمِ
محمدٌ سيدُّ الكونينِ والثَّقَلَيْنِ ۞ والفريقينِ من عُربٍ ومن عجمِ
نبينَّا الآمرُ الناهي فلا أحدٌ ۞ أبَرَّ في قَوْلِ «لا» مِنْهُ وَلا «نَعَمِ»
هُوَ الحَبيبُ الذي تُرْجَى شَفَاعَتُهُ ۞ لِكلِّ هَوْلٍ مِنَ الأهوالِ مُقْتَحَمِ
دعا إلى اللهِ فالمستمسكونَ بهِ ۞ مستمسكونَ بحبلٍ غيرِ منفصمِ
فاقَ النبيينَ في خلْقٍ وفي خُلُقٍ ۞ ولمْ يدانوهُ في علمٍ ولا كَرَمِ
وكلهمْ من رسول اللهِ ملتمسٌ ۞ غَرْفاً مِنَ البَحْرِ أوْ رَشْفاً مِنَ الدِّيَمِ
وواقفونَ لديهِ عندَ حَدِّهمِ ۞ من نقطة ِ العلمِ أومنْ شكلة ِ الحكمِ
فهْوَ الذي تَمَّ معناهُ وصُورَتُه ۞ ثمَّ اصطفاهُ حبيباً بارىء ُ النَّسمِ
مُنَّزَّهٌ عن شريكٍ في محاسنهِ ۞ فَجَوْهَرُ الحُسْنِ فيهِ غيرُ مُنْقَسِمَ
دَعْ ما ادَّعَتْهُ النَّصارَى في نَبيِّهِمِ ۞ وَاحكُمْ بما شِئْتَ مَدْحاً فيهِ واحْتَكِمِ
وانْسُبْ إلى ذاتِهِ ما شِئْتَ مِنْ شَرَفٍ ۞ وَانْسُبْ إلى قَدْرِهِ ما شِئْتَ منْ عِظَمِ
فإن فضلَ رسولِ اللهِ ليسَ لهُ ۞ حَدٌّ فيُعْرِبَ عنه ناطِقٌ بفَمِ
لو ناسبتْ قدرهُ آياتهُ عظماً ۞ أحيا اسمهُ حينَ يُدعى دارسَ الرِّممِ
لَمْ يَمْتَحِنَّا بما تعْمل العُقولُ بِهِ ۞ حِرْصاً علينا فلمْ ولَمْ نَهَمِ
أعيا الورى فهمُ معانهُ فليس يُرى ۞ في القُرْبِ والبعدِ فيهِ غير منفحِمِ
كالشمسِ تظهرُ للعينينِ من بُعُدٍ ۞ صَغِيرَة ٍ وَتُكِلُّ الطَّرْفَ مِنْ أممٍ
وكيفَ يُدْرِكُ في الدُّنْيَا حَقِيقَتَهُ ۞ قومٌ نيامٌ تسلَّوا عنهُ بالحُلُمِ
فمبلغُ العلمِ فيهِ أنهُ بشرٌ ۞ وأنهُ خيرُ خلقِ اللهِ كلهمِ
وَكلُّ آيِ أَتَى الرُّسْلُ الكِرامُ بها ۞ فإنما اتَّصلتْ من نورهِ بهمِ
فإنهُ شمسٌ فضلٍ همْ كواكبها ۞ يُظْهِرْنَ أَنْوارَها للناسِ في الظُلَم
أكرمْ بخلقِ نبيٍّ زانهُ خُلُقٌ ۞ بالحُسْنِ مُشْتَمِلٍ بالبِشْرِ مُتَّسِمِ
كالزَّهرِ في تَرَفٍ والبَدْرِ في شَرَفٍ ۞ والبَحْر في كَرَمٍ والدهْرِ في هِمَمِ
كأنهُ وهو فردٌ من جلالتهِ ۞ في عَسْكَرٍ حينَ تَلْقاهُ وفي حَشَمِ
كَأَنَّما اللُّؤْلُؤُ المَكْنونُ في صَدَفِ ۞ من معدني منطقٍ منهُ ومبتسمِ
لا طِيبَ يَعْدِلُ تُرْباً ضَمَّ أَعْظُمَهُ ۞ طُوبَى لِمُنْتَشِقٍ منهُ ومُلْتَئِم
أبان مولدهُ عن طيبِ عُنصرهِ ۞ يا طِيبَ مُبْتَدَإٍ منه ومُخْتَتَمِ
يومٌ تفرَّسَ فيهِ الفرسُ أنهم ُ ۞ قد أنذروا بحلولِ البؤسِ والنقمِ
وباتَ إيوانُ كسرى وهو منصدعٌ ۞ كشملِ أصحابِ كسرى غيرَ ملتئمِ
والنَّارُ خامِدَة ُ الأنفاس مِنْ أَسَفٍ ۞ عليه والنَّهرُ ساهي العين من سدمِ
وساء ساوة أن غاضتْ بحيرتها ۞ ورُدَّ واردها بالغيظِ حين ظمى َ
كأنَّ بالنارِ مابالماء من بللٍ ۞ حُزْناً وبالماءِ ما بالنَّارِ من ضرمِ
والجنُّ تهتفُ والأنوار ساطعة ٌ ۞ والحَقُّ يَظْهَرُ مِنْ مَعْنى ً ومِنْ كَلِم
عَموُا وصمُّوا فإعلانُ البشائرِ لمْ ۞ تُسْمَعْ وَبارِقَة ُ الإِنْذارِ لَمْ تُشَم
مِنْ بَعْدِ ما أَخْبَرَ الأقْوامَ كاهِنُهُمْ ۞ بأَنَّ دينَهُمُ المُعْوَجَّ لَمْ يَقُمِ
وبعدَ ما عاينوا في الأفقِ من شُهُبٍ ۞ منقضة ٍ وفقَ مافي الأرضِ من صنمِ
حتى غدا عن طريقِ الوحيِ مُنهزمٌ ۞ من الشياطينِ يقفو إثرَ منهزمِ
كأَنُهُمْ هَرَباً أبطالُ أَبْرَهَة ٍ ۞ أوْ عَسْكَرٌ بالحَصَى مِنْ رَاحَتَيْهِ رُمِي
نَبْذاً بهِ بَعْدَ تَسْبِيحِ بِبَطْنِهما ۞ نَبْذَ المُسَبِّحِ مِنْ أحشاءِ مُلْتَقِمِ
جاءتْ لدَعْوَتِهِ الأشجارُ ساجِدَة ً ۞ تَمْشِي إليهِ عَلَى ساقٍ بِلا قَدَمِ
كأنَّما سَطَرَتْ سَطْراً لِمَا كَتَبَتْ ۞ فروعها من بديعِ الخطِّ في اللقمِ
مثلَ الغمامة ِ أنى َسارَ سائرة ٌ ۞ تقيهِ حرَّ وطيسٍ للهجيرِ حمي
أقسمتُ بالقمرِ المنشقِّ إنَّ لهُ ۞ مِنْ قَلْبِهِ نِسْبَة ً مَبْرُورَة َ القَسَمِ
ومَا حَوَى الغارُ مِنْ خَيْرٍ ومَنْ كَرَم ۞ وكلُّ طرفٍ من الكفارِ عنه عمي
فالصدقُ في الغارِ والصديقُ لم يرِما ۞ وَهُمْ يقولونَ ما بالغارِ مِنْ أَرمِ
ظَنُّوا الحَمامَ وظَنُّو العَنْكَبُوتَ على ۞ خيْرِ البَرِيَّة ِ لَمْ تَنْسُجْ ولمْ تَحُم
وقاية ُ اللهِ أغنتْ عن مضاعفة ٍ ۞ من الدروعِ وعن عالٍ من الأطمِ
ما سامني الدهرُ ضيماً واستجرتُ بهِ ۞ إلاَّ استلمتُ الندى من خيرِ مُستلمِ
لاتنكرُ الوحيَ من رؤياهُ إنَّ لهُ ۞ قَلْباً إذا نامَتِ العَيْنانِ لَمْ يَنمِ
وذاكَ حينَ بُلوغٍ مِنْ نُبُوَّتِهِ ۞ فليسَ يُنْكَرُ فيهِ حالُ مُحْتَلِمِ
تَبَارَكَ الله ما وحْيٌ بمُكْتَسَبٍ ۞ وَلا نَبِيٌّ عَلَى غَيْبٍ بِمُتَّهَمِ
كَمْ أبْرَأَتْ وَصِبا باللَّمْسِ راحَتهُ ۞ وأَطْلَقَتْ أرِباً مِنْ رِبْقَة ِ اللَّمَمِ
وأحْيَتِ السنَة َ الشَّهْبَاءَ دَعْوَتُهُ ۞ حتى حَكَتْ غُرَّة ً في الأَعْصُرِ الدُّهُمِ
بعارضٍ جادَ أو خلتَ البطاحَ بها ۞ سيبٌ من اليَمِّ أو سيلٌ من العرمِ
دعني ووصفي آياتٍ له ظهرتْ ۞ ظهورَ نارِ القرى ليلاً على علمِ
فالدرُّ يزدادُ حُسناً وهو منتظمٌ ۞ وليسَ ينقصُ قدراً غير منتظمِ
فما تَطاوَلُ آمالُ المَدِيحِ إلى ۞ ما فيهِ مِنْ كَرَمِ الأَخْلاَقِ والشِّيَمِ
آياتُ حقٍّ من الرحمنِ محدثة ٌ ۞ قَدِيمَة ٌ صِفَة ُ المَوْصوفِ بالقِدَم
لم تقترنْ بزمانٍ وهي تخبرنا ۞ عَن المعادِ وعَنْ عادٍ وعَنْ إرَمِ
دامَتْ لَدَيْنا فَفاقَتْ كلَّ مُعْجِزَة ٍ ۞ مِنَ النَّبِيِّينَ إذْ جاءتْ ولَمْ تَدُمِ
مُحَكَّماتٌ فما تبقينَ من شبهٍ ۞ لذي شقاقٍ وما تبغينَ من حكمِ
ما حُورِبَتْ قَطُّ إلاَّ عادَ مِنْ حَرَبٍ ۞ أَعْدَى الأعادي إليها مُلقِيَ السَّلَمِ
رَدَّتْ بلاغَتُها دَعْوى مُعارِضِها ۞ ردَّ الغيور يدَ الجاني عن الحُرمِ
لها مَعانٍ كَمَوْجِ البَحْر في مَدَدٍ ۞ وفَوْقَ جَوْهَرِهِ فِي الحُسْنِ والقِيَمِ
فما تُعَدُّ وَلا تُحْصَى عَجَائبُها ۞ ولا تُسامُ عَلَى الإكثارِ بالسَّأَمِ
قرَّتْ بها عينُ قاريها فقلت له ۞ لقد ظفِرتَ بِحَبْلِ الله فاعْتَصِمِ
إنْ تَتْلُها خِيفَة ً مِنْ حَرِّ نارِ لَظَى ۞ أطْفَأْتَ نارَ لَظَى مِنْ وِرْدِها الشَّبمِ
كأنها الحوضُ تبيضُّ الوجوه به ۞ مِنَ العُصاة ِ وقد جاءُوهُ كَالحُمَمِ
وَكالصِّراطِ وكالمِيزانِ مَعدِلَة ً ۞ فالقِسْطُ مِنْ غَيرها في الناس لَمْ يَقُمِ
لا تعْجَبَنْ لِحَسُودٍ راحَ يُنكِرُها ۞ تَجاهُلاً وهْوَ عَينُ الحاذِقِ الفَهِمِ
قد تنكرُ العينُ ضوء الشمسِ من رمدٍ ۞ ويُنْكِرُ الفَمُّ طَعْمَ الماء منْ سَقَم
ياخيرَ من يَمَّمَ لعافونَ ساحتَهُ ۞ سَعْياً وفَوْقَ مُتُونِ الأَيْنُقِ الرُّسُمِ
وَمَنْ هُو الآيَة ُ الكُبْرَى لِمُعْتَبِرٍ ۞ وَمَنْ هُوَ النِّعْمَة ُ العُظْمَى لِمُغْتَنِمِ
سريتَ من حرمٍ ليلاً إلى حرمِ ۞ كما سرى البدرُ في داجٍ من الظلمِ
وَبِتَّ تَرْقَى إلَى أنْ نِلْتَ مَنْزِلَة ً ۞ من قابِ قوسينِ لم تدركْ ولم ترمِ
وقدَّمتكَ جميعُ الأنبياءِ بها ۞ والرُّسْلِ تَقْدِيمَ مَخْدُومٍ عَلَى خَدَم
وأنتَ تخترق السبعَ الطِّباقَ بهمْ ۞ في مَوْكِبٍ كنْتَ فيهِ صاحِبَ العَلَمِ
حتى إذا لَمْ تَدَعْ شَأْواً لمُسْتَبِقٍ ۞ من الدنوِّ ولا مرقيً لمستنمِ
خفضتَ كلَّ مقامٍ بالإضافة إذ ۞ نُودِيتَ بالرَّفْعِ مِثْلَ المُفْرَدِ العَلَم
كيما تفوزَ بوصلٍ أيِّ مستترٍ ۞ عن العيونِ وسرٍّ أيِ مُكتتمِ
فَحُزْتَ كلَّ فَخَارٍ غيرَ مُشْتَرَكٍ ۞ وجُزْتَ كلَّ مَقامٍ غيرَ مُزْدَحَمِ
وَجَلَّ مِقْدارُ ما وُلِّيتَ مِنْ رُتَبٍ ۞ وعزَّ إدْراكُ ما أُولِيتَ مِنْ نِعَمِ
بُشْرَى لَنا مَعْشَرَ الإسلامِ إنَّ لنا ۞ من العناية ِ رُكناً غيرَمنهدمِ
لمَّا دعا الله داعينا لطاعتهِ ۞ بأكرمِ الرُّسلِ كنَّا أكرمَ الأممِ
راعتْ قلوبَ العدا أنباءُ بعثتهِ ۞ كَنَبْأَة ٍ أَجْفَلَتْ غَفْلاً مِنَ الغَنَمِ
ما زالَ يلقاهمُ في كلِّ معتركٍ ۞ حتى حَكَوْا بالقَنا لَحْماً على وضَم
ودوا الفرار فكادوا يغبطونَ بهِ ۞ أشلاءَ شالتْ مع العقبانِ والرَّخمِ
تمضي الليالي ولا يدرونَ عدتها ۞ ما لَمْ تَكُنْ مِنْ ليالِي الأَشْهُرِ الحُرُمِ
كأنَّما الدِّينُ ضَيْفٌ حَلَّ سَاحَتَهُمْ ۞ بِكلِّ قَرْمٍ إلَى لحْمِ العِدا قَرِم
يَجُرُّ بَحْرَ خَمِيسٍ فوقَ سابِحَة ٍ ۞ يرمي بموجٍ من الأبطالِ ملتطمِ
من كلِّ منتدبٍ لله محتسبٍ ۞ يَسْطو بِمُسْتَأْصِلٍ لِلْكُفْرِ مُصطَلِم
حتَّى غَدَتْ مِلَّة ُ الإسلام وهْيَ بِهِمْ ۞ مِنْ بَعْدِ غُرْبَتِها مَوْصُولَة َ الرَّحِم
مكفولة ً أبداً منهم بخيرٍ أبٍ ۞ وخير بعلٍ فلم تيتم ولم تئمِ
هُم الجِبالُ فَسَلْ عنهمْ مُصادِمَهُمْ ۞ ماذا رأى مِنْهُمُ في كلِّ مُصطَدَم
وسل حُنيناً وسل بدراً وسلْ أُحُداً ۞ فُصُولَ حَتْفٍ لهُمْ أدْهَى مِنَ الوَخَم
المصدري البيضَ حُمراً بعدَ ما وردت ۞ من العدا كلَّ مُسْوَّدٍ من اللممِ
وَالكاتِبِينَ بِسُمْرِ الخَطِّ مَا تَرَكَتْ ۞ أقلامهمْ حرفَ جسمٍ غبرَ منعجمِ
شاكي السِّلاحِ لهم سيمى تميزهمْ ۞ والوردُ يمتازُ بالسيمى عن السلمِ
تُهدى إليكَ رياحُ النصرِ نشرهمُ ۞ فتحسبُ الزَّهرَ في الأكمامِ كلَّ كمي
كأنهمْ في ظهورِ الخيلِ نبتُ رُباً ۞ مِنْ شِدَّة ِ الحَزْمِ لاَ مِنْ شِدَّة ِ الحُزُم
طارت قلوبُ العدا من بأسهمِ فرقاً ۞ فما تُفَرِّقُ بين البهم والبُهمِ
ومن تكنْ برسول الله نصرتُه ۞ إن تلقهُ الأُسدُ في آجامها تجمِ
ولن ترى من وليٍّ غير منتصرِ ۞ بهِ ولا مِنْ عَدُوّ غَيْرَ مُنْقصمِ
أحلَّ أمَّتَهُ في حرزِ ملَّتهِ ۞ كاللَّيْثِ حَلَّ مَعَ الأشبال في أجَم
كمْ جدَّلَتْ كلماتُ اللهِ من جدلٍ ۞ فيهِ وكم خَصَمَ البُرْهانُ مِنْ خَصِمِ
كفاكَ بالعِلْمِ في الأُمِيِّ مُعْجِزَة ً ۞ في الجاهلية ِ والتأديبِ في اليتمِ
خَدَمْتُهُ بِمَديحٍ أسْتَقِيلُ بِهِ ۞ ذُنُوبَ عُمْرٍ مَضَى في الشِّعْرِ والخِدَم
إذ قلداني ما تُخشى عواقبهُ ۞ كَأنَّني بهما هَدْيٌ مِنَ النَّعَم
أطَعْتُ غَيَّ الصِّبَا في الحَالَتَيْنِ ومَا ۞ حصلتُ إلاَّ على الآثامِ والندمِ
فياخسارة َ نفسٍ في تجارتها ۞ لم تشترِ الدِّينَ بالدنيا ولم تَسُمِ
وَمَنْ يَبِعْ آجِلاً منهُ بِعاجِلِهِ ۞ يَبِنْ لهُ الغَبْنُ في بَيْعِ وَفي سَلَمِ
إنْ آتِ ذَنْباً فما عَهْدِي بِمُنْتَقِضٍ ۞ مِنَ النبيِّ وَلا حَبْلِي بِمُنْصَرِمِ
فإنَّ لي ذمة ً منهُ بتسميتي ۞ مُحمداً وَهُوَ الخَلْيقِ بالذِّمَمِ
إنْ لَمْ يَكُن في مَعادِي آخِذاً بِيَدِي ۞ فضلاً وإلا فقلْ يازَلَّة َ القدمِ
حاشاهُ أنْ يحرمَ الرَّاجي مكارمهُ ۞ أو يرجعَ الجارُ منهُ غيرَ محترمِ
ومنذُ ألزمتُ أفكاري مدائحهُ ۞ وَجَدْتُهُ لِخَلاصِي خيرَ مُلْتَزِم
وَلَنْ يَفُوتَ الغِنى مِنْهُ يداً تَرِبَتْ ۞ إنَّ الحَيا يُنْبِتُ الأزهارَ في الأكَمِ
وَلَمْ أُرِدْ زَهْرَة َ الدُّنْيا التي اقتطَفَتْ ۞ يدا زُهيرٍ بما أثنى على هرمِ
يا أكرَمَ الخلق مالي مَنْ أَلُوذُ به ۞ سِوَاكَ عندَ حلولِ الحادِثِ العَمِمِ
وَلَنْ يَضِيقَ رَسولَ الله جاهُكَ بي ۞ إذا الكريمُ تَحَلَّى باسْمِ مُنْتَقِمِ
فإنَّ من جُودِكَ الدنيا وَ ضَرَّتها ۞ ومن علومكَ علمَ اللوحِ والقلمِ
يا نَفْسُ لا تَقْنَطِي مِنْ زَلَّة ٍ عَظُمَتْ ۞ إنَّ الكَبائرَ في الغُفرانِ كاللَّمَمِ
لعلَّ رحمة َ ربي حين يقسمها ۞ تأتي على حسب العصيانِ في القسمِ
ياربِّ واجعل رجائي غير منعكسٍ ۞ لَدَيْكَ وَاجعَلْ حِسابِي غَيرَ مُنْخَزِمِ
والطفْ بعبدكَ في الدارينَِّ إن لهُ ۞ صبراً متى تدعهُ الأهوالُ ينهزمِ
وائذنْ لِسُحْبِ صلاة ٍ منكَ دائمة ٍ ۞ على النبيِّ بمنهلٍّ ومنسجمِ
ما رَنَّحَتْ عَذَباتِ البانِ ريحُ صَباً ۞ وأطْرَبَ العِيسَ حادي العِيسِ بِالنَّغَمِ



#نقوس_المهدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصيدة البردة (بانت سعادُ) كعب بن زهير
- فتــــاة الخدر.. (ان كنت عاذلتي فسيري) المنخل اليشكرى..
- وداعية الصمة القشيري
- القصيدة الدبدبية (أي دبدبه تتدبدبي) علي ابن المغربي
- القصيدة الفراقية (عينية / يتيمة) ابن زريق البغدادي - لا تعذل ...
- القصيدة الموصلية (نــــــــار ليــلى) الشهـرزوري
- قصيدة المنفرجة (اشــتــدي ازمــــةُ تـنـفـرجـي) ابن النحوي
- القصيدة الشافية (الحق مهتضم والدين مختـرم) - أبو فراس الحمدا ...
- القصيدة الزينبية (صَرَمَتْ حِبَاْلَكَ بَعْدَ وَصْلِكَ زَيْنَ ...
- قصيدة المتجردة (أَمِـن آلِ مَــيَّــةَ رائِــــحٌ أَو مُـغــ ...
- هل بالطلول لسائل رَدّ (القَصيدةُ اليتيمةُ) دوقلة المنبجي
- القصيدة الفراقية (عينية / يتيمة) ابن زريق البغدادي
- القصيدة المؤنسة.. (تَذَكَّرتُ لَيلى وَالسِنينَ الخَوالِيا) ق ...
- - القصيدة الرصافية.. عُيونُ المَها - علي ابن الجهم
- عبدالله الودان.. شاعر من هذا الزمان
- العلاقة الجمالية بين كرة القدم والأدب
- المقامة..
- جــان دمـــو.. الشاعر الظاهرة
- رواية (مملكة الجواري) لمحمد الغربي عمران بين رواية التاريخ و ...
- محمد لفتح


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نقوس المهدي - قصيدة البردة / البــــــرأة (أمِنْ تذَكُّرِ جيرانٍ بذي سلمِ) للإمام البوصيري