أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - إنتصار إبليس














المزيد.....


إنتصار إبليس


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 7734 - 2023 / 9 / 14 - 14:55
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


فالشيطان إذا تخلى عن هويته الأسطورية والرمزية وأصبح شخصية حقيقية ومخلوق يجب لعنه ورجمه والتعوذ بالله منه في كل دقيقة من الحياة، لأنه متواجد بيننا ويتربص بنا ليقودنا إلى التمرد والعصيان وإقتراف الجريمة، وليس من المستبعد أن يتهمه بعض القراء بكونه كاتبا أو محرضا على كتابة هذه السطور. وقد ذهب بعض المسطولين من علماء الإسلام، كالإمام جمال الدين إبن الجوزي 1116 - 1201م الذي يجعل من إبليس ليس فقط الشخصية المقيتة التي يعرفها أغلب المسلمين، والذي تتجسد فيه كل شرور الدنيا ويشير إسمه مباشرة إلى الدناءة والدس والفتنة والوسوسة والغواية والإنحلال والفساد والعصيان وما يتبع كل هذه الصفات القبيحة، وإنما يضيف إلى هذه الصفات المتعارف عليها، قدرات وطاقات أخرى تجعله يقوم بأعمال فكرية وأدبية خارقة لا يقوم بها حتى الله نفسه.
فجمال الدين إبن الجوزي هذا هو جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي الشيخ الإمام، العلامة، الحافظ، المفسِّر، المحدث، المؤرخ ، شيخ الإسلام عالم العراق. كتب بخطه كثيرًا من كتبه إلى أن مات. كان ذا حظٍ عظيم، وصيت بعيد في الوعظ، يحضر مجالسه الملوك، والوزراء وبعض الخلفاء، والأئمة والكبراء، وقيل إنه حضر في بعض مجالسه مائة ألف. وقال : «كتبت بأصبعي ألفي مجلد، وتاب على يدي مائة ألف، وأسلم على يدي عشرون ألفًا». ( نقلا عن موقع "المكتبة الشاملة )
ومن الألفي مجلد التي يدعيها "بتواضع العلماء" بقي كتاب بإسم " تلبيس إبليس "، يجعل فيه إبليس مسؤولا عن معظم الحركات الدينية والفكرية الكبرى التي قامت طوال التاريخ الإسلامي والتي تشكل جوهر ما يسمى بالحضارة الإسلامية. ويتحول إبليس من شخصية ثانوية للغواية وإمتحان المسلمين وقدرتهم على مقاومة الإغراء والرغبة في القيام بالأعمال المحرمة، إلى شخصية بالغة الذكاء وإلى فيلسوف ومتكلم وباحث أكاديمي من الطراز الأول. حيث أن المدرسة السوفسطائية في الفلسفة، والفرق الدهرية والطبائعية وأديان الشرق الأقصى وكذلك المسيحية وعلم الكلام وبالذات الفرق المعتزلية، كلها من أعمال السيد إبليس ونتيجة لـ "تلبيسه" على المفكرين والعلماء والفلاسفة. كما أنه يرد حركة الخوارج والرافضة وايضا الزهد والتصوف إلى تلبيس إبليس على أأئمة هؤلاء القوم بما فيهم أبوطالب المكي والإمام الغزالي.
أما عز الدين المقدسي المتوفي سنة 1280 م، في كتابه "تفليس إبليس" فهو يخاطب إبليس ويعدد صفاته ومناقبه الجميلة قبل أن يطرده الله من الجنة غضبا من عصيان أمره بالسجود لآدم : " وأنت الذي خلقك الله بيد قدرته. وأطلعك على بدائع صنعته. ودعاك إلى حضرة قربته. وألبسك خلع توحيده. وتوجك بتاج تقديسه وتحميده. وجعلك تجول في مجال ملائكته. يقتبسون من نورك. ويستأنسون بحضورك. ويهتدون بعلمك. ويقتدون بعملك. فما برحت في الملأ الأعلى. تشرب بالكأس الأملى. وتتلذذ بالخطاب الأحلى. طالما كنت للملائكة معلما وعلى الكروبين مقدما" هذا النص ذكره صادق جلال العظم في كتابه نقد العقل الديني، والذي يرى فيه أن أن إسم إبليس في ذاته يدل على جوهره وهو "الإبلاس" أي اليأس التام من رحمة ربه أو الصفح عن معصيته الكبرى وإمكانية العودة إلى الجنة. ويعالج في كتابه ما يسمى بـ "محنة إبليس"، حيث أبتلاه الله بأمر لا يستطيع تنفيذه، وهو السجود لمخلوق مزري من الطين، ولو نفذ هذا الأمر لسقط في معصية أكبر وهي عدم الخضوع لمشيئة الله الذي يحرم السجود لغير الله. يقول صادق جلال العظم : " إذا نظرنا إلى الأمر من زاوية معينة فإننا لا نشك في أن إبليس كان عاصيا وجاحدا، ولكن من ناحية أخرى يجب أن لا ننسى أن جحوده كان أعظم تقديس للذات الإلهية وأكبر مثل على التمسك بحقيقة التوحيد " وقد ذكر الحلاج أيضا محنة إبليس في الطواسين بهذا المعنى :
ألقاه في اليم مكتوفا وقال له
إياك .. إياك أن تبتل بالماء.
وهكذا يفقد إبليس مكانته كما فقدها بروميثيوس من قبله كمتمرد وكثائر على السلطة الإلهية ويصبح مجرد عبد يذهب في طاعته وخنوعه للمشيئة المقدسة إلى أقصى الحدود المحتملة ويصبح شهيدا لتمسكه بفكرة التوحيد والتنزيه وعدم الشرك بالله.



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدوامة
- إبليس، المتمرد الأول
- بروميثيوس سارق النار
- العصيان كضرورة وجودية
- أسباب تشبت العسكر بالسلطة
- حرب العسكر ضد العسكر في السودان
- قهوة الصباح
- ليبيا وإستمرار الكارثة
- الرأس المجوفة
- مآثر العسكر في السودان
- العسكر وإمبراطورية الكذب
- العسكر طاعون الشعوب - الحلقة الثانية
- العسكر، طاعون الشعوب
- الشعر وزقزقة العصافير
- العلاقة بين الشعر والهلوسة
- المعنى الضائع
- لماذا يخاف العالم من إسرائيل؟
- عن التوكل والتوكيل والإقتراع
- الإمبريالية الأمريكية في أفريقيا
- ماهي الشيوعية التحررية ؟


المزيد.....




- بعد تحرره من السجون الإسرائيلية زكريا الزبيدي يوجه رسالة إلى ...
- أحمد الشرع رئيساً انتقاليا لسوريا...ما التغييرات الجذرية الت ...
- المغرب: أمواج عاتية تضرب السواحل الأطلسية وتتسبب في خسائر ما ...
- الشرع يتعهد بتشكيل حكومة انتقالية شاملة تعبر عن تنوع سوريا
- ترامب: الاتصالات مع قادة روسيا والصين تسير بشكل جيد
- رئيس بنما: لن نتفاوض مع واشنطن حول ملكية القناة
- ظاهرة طبيعية مريبة.. نهر يغلي في قلب الأمازون -يسلق ضحاياه أ ...
- لافروف: الغرب لم يحترم أبدا مبدأ المساواة السيادية بين الدول ...
- الشرع للسوريين: نصبت رئيسا بعد مشاورات قانونية مكثفة
- مشاهد لاغتيال نائب قائد هيئة أركان -القسام- مروان عيسى


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - إنتصار إبليس