|
اتفاقية أوسلو سفينة تايتنك!
توفيق أبو شومر
الحوار المتمدن-العدد: 7733 - 2023 / 9 / 13 - 08:24
المحور:
القضية الفلسطينية
يختلف تقييم اتفاقية أوسلو من وجهة النظر الإسرائيلية عن تقييم الفلسطينيين والعرب ودول العالم، أما العقيدة السائدة أو الاستراتيجية الرئيسة عند معظم الإسرائيليين، بخاصة في ظل حكومة اليمينيين الحالية هي أن الغالبية العظمى من السياسيين الإسرائيليين يُجمعون على أن اتفاقية أوسلو التي مرَّ على توقيعها ثلاثون عاما هي إحدى أكبر الكوارث على إسرائيل، وقد أكَّد أحد الليكوديين البارزين، وهو من مستشاري نتنياهو، وهو رئيس أهم جمعية لتهجير يهود العالم إلى وطننا، وهو، متشل فروند، أكَّد على العقيدة السابقة في مقالٍ له في صحيفة الجورسلم بوست يوم 10-9-2023م، شبَّه اتفاقية أوسلو بسفينة تايتنك الغارقة، وأنها شجعت الإرهاب، حين سمحت للفلسطينيين (الإرهابيين) أن يعودوا ومعهم الذخيرة والسلاح، أورد، متشل فروند إحصاءً عن عدد القتلى الإسرائيليين يؤكد نظريته: "قُتل في خمس السنوات الأولى من اتفاقية أوسلو 279 إسرائيليا، وهذا العدد أكبر مما قُتل من الإسرائيليين في خمسة عشر سنة قبل توقيع اتفاقية أوسلو، فقد بلغ عدد القتلى الإسرائيليين خلال 15 سنة، قبل اتفاقية أوسلو 254 إسرائيليا فقط"! ردد الكاتب ادعاءات إسرائيل الرسمية، وهي أن السلطة الفلسطينية تُحرِّض على القتل، وتدعم الإرهابيين بالمرتبات والمزايا، وكذلك فإن غزة تُطلق الصواريخ على المدنيين! أورد كل ذلك ليؤكد مطالبه بأن تُعلن إسرائيل لأمريكا والعالم، بأن حل الدولتين أصبح مستحيلا، وهو لا يكتفي بذلك، بل إنه يعتبر حل الدولتين أكبر النتائج الكارثية أكبر من الاتفاقية نفسها، أوسلو أفرزت شعار (حل الدولتين) هذا الحل لم يعد شعارا بل أصبح حلا مُتبنَّى من أمريكا وأوروبا ومعظم دول العالم! وهو أيضا يُحذر الإسرائيليين من توقيع أية اتفاقية سلام لأن السلام سرابٌ خادع، وهو أيضا يردد ما زعمته إسرائيل، أن الفلسطينيين أعداء السلام، لأنهم رفضوا مشروع إيهود باراك للسلام، ورفضوا أيضا عروض إيهود أولمرت رئيس الوزراء الأسبق، وكأن أولمرت وباراك قدما مشروعا وتنازلات للفلسطينيين! أشار الكاتب إلى أن رابين وبيرس اللذينِ وقعا اتفاقية السلام جلبا الكارثة على إسرائيل! أوردتُ شطرا من هذا المقال لأنه يمثل وجهة نظر الأكثرية في حكومة نتنياهو! لم يكتفِ، متشل فروند بنقد الاتفاقية، بل إنه وضع إستراتيجة وخطة طريق لكل حكومات إسرائيل، وهي لا للتفريط في أمن إسرائيل بالاعتماد على الضمانات الأمريكية والدولية، يجب أن يظل الأمن في يد إسرائيل وحدها فقط، أما الاستراتيجية الثانية فهي منع أية حكومة من العودة إلى اقتراح حل الدولتين، لأن التاريخ لم يحفظ في سجله تأسيس أية دولة فلسطينية، إن حل الدولتين كارثيٌّ على إسرائيل، لأن ذلك سيمنع أصحاب الأرض الإسرائيليين من البناء في أرضهم، أما الإستراتيجية الأخرى فهي استراتيجية الاستيطان المركزية ملخصها، الإسرائيليون هم أصحاب الأرض فقط، وكأن أصحاب الأرض الفلسطينيين أصبحوا في عقيدة هذه الحكومة غُزاة أرض إسرائيل! أما نحن فقد اكتفى ناقدو هذه الاتفاقية من الفلسطينيين، بمن فيهم معظم من وقَّعوا عليها، وأبرزهم الرئيس أبو عمار نفسه اكتفوا بنقد الاتفاقية أو بعض بنودها، واكتفوا بتبرير ظروف توقيعها، وبأنها كانت هي الخيار الوحيد أمام النضال الفلسطيني المهدد بالتصفية في معظم بلدان العالم، فمن قائلٍ: إنها كانت أسوأ كوارث التاريخ الفلسطيني، ومِن قائلٍ إنها كانت ناتجة عن مؤامرةٍ دولية وكلُّ مَن وقعوها متآمرون! وما أكثر الذين نحتوا تبريراتٍ تسوِّغ توقيعها وجدتْ قبولا، وكان من أبرز تلك التبريرات، أنها سمحت للفلسطينيين المناضلين أن يعودوا لممارسة نضالهم في وطنهم، وليس في أوطان المنفى الأخرى! نعم مرتْ ثلاثون سنة على توقيع اتفاقية أوسلو، فهل كانت هذه الاتفاقية إنجازا تاريخيا فلسطينيا، أم أنها كانت كارثة فلسطينية أيضا؟! لم يُناقش هذا الموضوع مناقشة كافية، تضع في الختام استراتيجيات فلسطينية نضالية يمكنها أن تقود النضال الفلسطيني، فمعظم الدراسات الفلسطينية كانت تؤكد فقط على بندٍ واحد وهو إنهاء حالة الانقسام! أغفلتْ معظم الدراسات الفلسطينية اقتراح بند إجراء الانتخابات، لأن الانتخابات تشبه الجرافات التي تمهد الأرض للبناء، وتعيد تأسيس التربة الوطنية الفلسطينية، وهي تعيد صياغة وسائل النضال الفلسطيني! كذلك لم يتنبه كثيرون من محللي السياسة الفلسطينيين، أن اتفاقية أوسلو جاءت في إطار مشروعٍ دولي جديد وخطير في الوقت نفسه، بدأ هذا المشروع في الألفية الثالثة بعد فشل مشاريع التسوية السياسية، تحت شعار شرق أوسط جديد بدون قضية فلسطين باعتبارها قضية فلسطينية وعربية ودولية حقوقية، أي تحويل قضية فلسطين من قضية حقوق وطنية إلى قضية ثانوية اقتصادية، هدفها تحسين ظروف أصحاب الأرض الفلسطينيين، بتلبية حاجاتهم البيولوجية من الطعام والدواء والكساء، أما الهدف الرئيس هو نزع القضية الفلسطينية من أجندة العرب والعالم، وتحويلها من قضية حقوقية عربية ودولية مقدسة إلى قضية ثانوية مُدنَّسة تُعطِّل مسار عربة العالم المتحضر، يجب وضعها في إطار جديد شعاره، دعم وإغاثة، وتمويل مشاريع الحياة اليومية، وهي كل الحقوق الفلسطينية!
#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أحزاب الطواويس والميليشيات!
-
دول جمهوريات الموز
-
قصتان من علم النفس!
-
ميدالية، باروخ غولدشتاين الإرهابية!
-
من يقف خلف الإصلاحات القانونية في إسرائيل؟!
-
هل هناك جامعات حزبية؟!
-
سيناريوالحرب الأهلية في إسرائيل!
-
ضحايا الذكاء الصناعي!
-
أهلا بكم في مملكة (غلعاد)!
-
أنقذوا إسرائيل من مخيم جنين!
-
لماذا يبصقون علينا؟
-
مرض التشاؤم والإحباط!
-
المستجيرون بالنار!
-
كيف يعاقبون منتقدي إسرائيل؟!
-
صور لا توجد إلا في غزة!
-
هجرة يهود كولومبيا إلى إسرائيل!
-
غزل في صواريخ غزة!!
-
جاك ما برفسور في جامعة تل أبيب!
-
أنواع المنفرات في صفحات التواصل!
-
لأنه يساري لم يؤبنه نتنياهو!
المزيد.....
-
الجيش الأوكراني يتهم روسيا بشن هجوم بصاروخ باليستي عابر للقا
...
-
شاهد.. رجل يربط مئات العناكب والحشرات حول جسده لتهريبها
-
استبعاد نجم منتخب فرنسا ستالوارت ألدرت من الاختبار أمام الأر
...
-
لبنان يريد -دولة عربية-.. لماذا تشكّل -آلية المراقبة- عقبة أ
...
-
ملك وملكة إسبانيا يعودان إلى تشيفا: من الغضب إلى الترحيب
-
قصف إسرائيلي في شمال غزة يسفر عن عشرات القتلى بينهم نساء وأط
...
-
رشوة بملايين الدولارات.. ماذا تكشف الاتهامات الأمريكية ضد مج
...
-
-حزب الله- يعلن استهداف تجمعات للجيش الإسرائيلي
-
قائد الجيش اللبناني: لا نزال منتشرين في الجنوب ولن نتركه
-
استخبارات كييف وأجهزتها العسكرية تتدرب على جمع -أدلة الهجوم
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|