أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - فكري آل هير - بشر لا آلهة: تجسيد الآلهة في اليمن القديم














المزيد.....

بشر لا آلهة: تجسيد الآلهة في اليمن القديم


فكري آل هير
كاتب وباحث من اليمن

(Fekri Al Heer)


الحوار المتمدن-العدد: 7733 - 2023 / 9 / 13 - 04:52
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


طرح الباحث المتميز محمد عطبوش سؤالاً مهماً، وجهه للدكتور مرقطن، أعيد طرحه بالصيغة التالية:
يرى عالم الآثار الإيطالي (جاربيني) أن التماثيل البشرية تصور ألمقه وليس لمجرد أشخاص متعبدين. ما مدى قبول هذا الرأي اليوم؟ هل هناك أي تمثيل بشري لـ (ألمقه) غير بنات عاد؟
**
إزاء هذا، يمكنني استغلال الأمر لقول شيء ما..
(1)
أعتقد أن اليمنيين القدماء لم يعرفوا أو بالأصح لم يتقبلوا فكرة تجسيد الإله، واكتفوا بالترميز الطوطمي له كالقمر والشمس والوعل والثور والزهرة وغيرها (طواطم فلكية وأخرى حيوانية)، والطواطم ليست تجسيدات وليست هي الآلهة نفسها، خاصة وأن هناك مؤشرات وقرائن أثرية تدل على أن قدماء اليمنيين كانوا يميزون بين الألوهية والربوبية، فجعلوا الطواطم في مقام الأرباب (كيانات ذات قدسية رمزية باعتبارها من آثار الإله أو مخلوقاته تنوب عنه وتدل عليه).
أما التماثيل البشرية فهي لأشخاص (متعبدين) بالاجمال، وهذا أمر ظاهر أثرياً، ناهيكم وأنه لا يوجد أي رواسب انثروبولوجية أو اثنولوجية أو ثيوغونية تعطي ولو مجرد ايحاء بأن اليمنيين القدماء جسدوا آلهتهم بالمعنى الحرفي للتجسيد وهو (التمثيل) المادي المشخصن، ولا أعرف بشأن بنات عاد المشار إليها في السؤال..؟!
(2)
ما أظنني واثق منه، هو أن النقوش المسندية خلت تماماً من أي معاني تجسيدية، أو حتى تصورات لاهوتية ذات طابع فلسفي، وأرى أن ذلك يعود الى امتناع قدماء اليمنيين عن الخوض في الذوات الإلهية، لإيمانهم برفعتها وصعوبة إدراكها أو إعطاء مُثل لها، ولهذا اكتفوا بالرموز الطوطمية.

الطواطم موجودة حتى في الأديان السماوية كالهلال والنجمة والكعبة في الاسلام، والنجمة السداسية في اليهودية، والصليب في المسيحية- مع مراعاة أن المسيحية انغمست في لاهوت التجسيد وبالتالي تجاوزت نموذج الفكر الطوطمي- فكل خوض في الذوات الإلهية هو فكر لاهوتي؛ والنصوص المسندية بالآلاف لم تتضمن أي فكر لاهوتي بأي شكل- على الأقل في حدود ما أعرفه-.
(3)
خلاصة ما أراه هنا، هو أن الأثريين الغربيين أخفقوا كثيراً في فهم وتفسير الآثار اليمنية، عندما جعلوا من كل الطواطم الفلكية والحيوانية آلهة، حتى صار لدى القدماء اليمنيين عشرات بل ومئات الآلهة (مركزية ومحلية وعشائرية) وهذا أمر لا يمكن تقبله منطقياً، لأنه لا يوجد أي تصورات ثيوغونية لـ (سلالات أو أنساب إلهية) في ثقافة اليمنيين القدماء، وبالتالي، فقد كانت أكثر الآراء الغربية في هذا الشأن ناتجة عن عمليات اسقاطية (مستمدة من معارف وافتراضات ذاتية مسبقة) لا علاقة لها من قريب أو من بعيد بثقافة اليمنيين القدماء إطلاقاً.
البعض قد يفسر ما قدمته بأنه نوع من التقريب أو التوفيق بين الديانات اليمنية القديمة والعقائد التوحيدية السماوية، رغم إني أعطيت مفاتيحاً للاستدلالات الأثرية التي أستند إليها؛ ولا ننسى أن التوحيد وجد في كل الثقافات القديمة. لذا لا أرى مشكلة في مقاربته فكراً مع ما كان وتدل عليه المعطيات الأثرية والسجلات التاريخية.
(4)
هناك إخفاق كبير للأثريين الغربيين ومن سار سيرتهم، ولابد من الإعتراف بذلك، والقيام بانعطافة منهجية جديدة لإعادة قراءة آثارنا القديمة، فنحن اليوم في عصر المعرفة الموسوعية والدراسات البينية العابرة للاختصاص، التي أثبتت قدرتها على تفسير الظاهرة الإنسانية بشكل أكثر دقة وعمقًا وشمولاً، بل وجعلت أصحاب الاختصاص الواحد يبدون كالبلهاء في طروحاتهم الجزئية والأحادية.



#فكري_آل_هير (هاشتاغ)       Fekri_Al_Heer#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين الميتافيرس والأنترافيزيقا: استعراضي الجديد
- صناع المحتوى
- أثر الذبابة
- مدرسة وأستاذها الزمن..!!
- هناك دائماً كارما..
- #السياسة_فن_البتس
- ميلاد آخر
- فينومينولوجيا الحب والتشيؤ
- القلنسوة والطربوش: جيوجينابولتيك العلاقات التركية-الإسرائيلي ...
- للسيد تشومسكي: كانت كومة من القش لا أكثر..!!
- العدوى الانتهازية: القراءات المتأخرة لجغرافية أوهام الربيعي
- اللقاء الجوارسي: الحاخام الأكبر والداجن الأكبر
- بصماتهم على كل جدار..
- ما بعد الفرصة الثانية
- الأصول السبئية لأسطورة مارد المصباح
- أول أكسير المشاعر: ثلاثية الحب والحلم والحياة
- حجِاجٌ في الصميم، وإنه ليس بغريب..!!
- نوستالجيا- سؤال الاستبداد: لماذا؟!
- جرامالوجيا كثيفة: الخروج من نفق الثقفنة
- في وجه المنخل: رؤية


المزيد.....




- مشهد يحبس الأنفاس.. مغامر يتسلق جدارًا صخريًا حادًا بسويسرا ...
- وسط التصعيد الأوكراني والتحذير من الرد الروسي.. ترامب يختار ...
- انخفاض أعدادها ينذر بالخطر.. الزرافة في قائمة الأنواع مهددة ...
- هوكستين في تل أبيب.. هل بات وقف إطلاق النار قريبا في لبنان؟ ...
- حرس الحدود السعودي يحبط محاولة تهريب نحو طن حشيش و103 أطنان ...
- زاخاروفا: الغرب يريد تصعيد النزاع على جثث الأوكرانيين
- صاروخ روسي يدمر جسرا عائما للقوات الأوكرانية على محور كراسني ...
- عشرات القتلى في قصف إسرائيلي -عنيف- على شمال غزة، ووزير الدف ...
- الشيوخ الأمريكي يرفض بأغلبية ساحقة وقف مبيعات أسلحة لإسرائيل ...
- غلق أشهر مطعم في مصر


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - فكري آل هير - بشر لا آلهة: تجسيد الآلهة في اليمن القديم