|
ثورة جبل العرب في سوريا
ثائر أبوصالح
الحوار المتمدن-العدد: 7730 - 2023 / 9 / 10 - 16:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ثورة جبل العرب
مقدمة:
محافظة السويداء واحدة من المحافظات السورية تقع في الجنوب الشرقي من دمشق، وتحدها محافظة ريف دمشق من الشمال، ومحافظة درعا من الغرب، والبادية السورية والصفا من الشرق، والأردن من الجنوب. ووفقاُ لويكبيديا الموسوعة الحرة تبلغ مساحتها /6550/كم²، ويمتد طول المحافظة من الشمال إلى الجنوب /120/ كم، ويبلغ عرضها من الشرق إلى الغرب /66/كم. يبلغ عدد سكان المحافظة حوالي 770,000 نسمة (تعداد 2011). وهي المحافظة الوحيدة في سوريا ذات الأغلبية الدرزية، وهناك أيضاً أقلية كبيرة من أتباع الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية، ومجتمع صغير من اللاجئين المسلمين القادمين من محافظة درعا بشكل رئيسي، فضلاً عن أجزاء أخرى من سوريا. وبحسب تعداد 1980 شكّل الدروز 87.6% من السكان، وشكّل المسيحيون (معظمهم من الروم الأرثوذكس) 11%، وشكّل المسلمون من أهل السنة والجماعة 2%، ويعيش معظم السكان في الأجزاء الغربية من المحافظة، وخاصةً على المنحدرات الغربية للجبل. تاريخ جبل العرب حافل بمقاومة الغزاة على اختلاف جنسياتهم، فقد تصدى أهل الجبل لقوات إبراهيم باشا المصري عندما حاول تجنيدهم في جيشه وسحب السلاح منهم (1836-1838)، حيث قاد الدروز في جبل العرب الشيخ الروحي آنذاك الشيخ إبراهيم الهجري ويحيى الحمدان زعيم الجبل في حينه، ثم انضم شبلي العريان من وادي التيم، وكبدوا جيش إبراهيم باشا الاف القتلى. وانتفض أهل الجبل ضد العثمانيين في أيار مايو من عام 1909 بسبب عدم استعدادهم دفع الضرائب ورفضهم أن يتجندوا في الجيش العثماني، انتهى التمرد بالقمع الوحشي للدروز من قبل الجنرال سامي باشا الفاروقي، وتم اعدام قادة الانتفاضة آنذاك. وقد ثار سلطان باشا الأطرش ضد الفرنسيين مرتين، الأولى عام 1922عندما التجأ أدهم خنجر الى بيته فاعتقله الفرنسيون، والثانية عام 1925 حيث قاد سلطان باشا الأطرش كل السوريين كقائد عام للثورة السورية الكبرى ضد المستعمر الفرنسي لإنجاز استقلال الدولة السورية. في الأشهر الأولى للثورة في سوريا عام 2011 كان في السويداء تحركات مدنية ووقفات احتجاجية من قبل النقابات ضد النظام السوري، ولكن مع بداية 2012 وتحديداً بداية أسلمة الثورة، وظهور قوى اسلامية متطرفة مثل جبهة النصرة وداعش ، تُكَّفر الدروز وغيرهم من الطوائف الأخرى، بدأ يتبلور موقف يدعو الى الحياد في الصراع، فرفضوا ارسال ابنائهم للخدمة في الجيش السوري بحجة أنهم يرفضون رفع السلاح بوجه إخوانهم السوريين، وهذا نهج أسس له سلطان باشا الأطرش عندما حاول أديب الشيشكلي في بداية العقد الخامس من القرن الماضي اعتقاله، حيث رفض رفع السلاح بوجه الجيش السوري وفضل المغادرة الى الأردن، وتبنى هذا النهج لاحقاً الشيخ وحيد البلعوس الذي أسس حركة رجال الكرامة ورفع شعار " دم السوري على السوري حرام" وتم اغتياله عام 2015 من قبل النظام. وفي هذه الآونة، وبعد مضي 12 عاماً على الثورة السورية يعيد أهل جبل العرب للثورة السورية ألقها من خلال حراكهم السلمي الراقي الذي يطالب بتطبيق القرار 2254 ورحيل نظام الأسد، معلنين تمسكهم بوحدة الشعب والأرض السورية ورفضهم لكل الاحتلالات الجاثمة عليها. فهل يا ترى سيشكل هذا الحراك اللبنة الأولى في التغيير السياسي في سوريا والذي طال انتظاره، خصوصاً بعد أن سقطت مقولة "حماية الأقليات" التي رفعها النظام على مدار سنوات حكمه، أم أن مصير هذا الحراك كسابقاته سيتم السيطرة عليه واخماده؟
الثورة السورية بنسختها الجديدة:
قد يكون من المبكر تقييم ثورة جبل العرب وفهم إسقاطات هذا الحراك على محافظة السويداء وعلى الجنوب السوري وسوريا عامة. ولكن ورغم الأسابيع القليلة التي مضت على بداية هذه الثورة الا انه هناك مجموعة من الحقائق قد فرضت نفسها بقوة وأصبحت واضحة للعيان أهمها: 1- محافظة السويداء انتفضت برمتها بمدنها وقراها وبصوت واحد وموحد تحت قيادة الشيخ حكمت الهجري شيخ العقل الأول في المحافظة، وانضم اليه شيخ العقل الثاني الشيخ حمود الحناوي. وهناك بوادر لانضمام "دار عرى" بزعامة لؤي الأطرش والتي شكلت تاريخياً مع سلطان باشا الأطرش في القريا الزعامة التقليدية الزمنية لأهل الجبل. ولذلك نستطيع الادعاء أننا أمام ثورة سلمية مدنية راقية تشارك فيها كل الشرائح الاجتماعية وبضمنهم العنصر النسائي الذي سجل حتى الأن حضوراً واداءً مميزاً. 2- ثورة السويداء كانت واضحة في مطالبها السياسية، والمتمثلة بتطبيق القرار الأممي 2254 والذي صدر بالإجماع عن مجلس الأمن عام 2105، والقاضي بتشكيل هيئة حكم انتقالية لصياغة دستور معاصر وبناء سورية على أسس حديثة. 3- الحراك طالب برحيل النظام، واعتبره المسؤول عما وصلت اليه البلاد من فقر وعوز ودمار، وحمَّله مسؤولية ضياع خيرات سوريا عن طريق رهنها للدول الأجنبية المحتلة للأرض السورية، وطالب بإعادتها للشعب السوري. 4- اعتبر المتظاهرون انتفاضتهم ثورة تمثل كل السوريين الذين يسعون لبناء دولة مدنية ديمقراطية، ورفضوا تحديد الثورة بمحافظة السويداء، او بمطالب معيشية، وطالبوا المحافظات الأخرى بالخروج بمظاهرات مماثلة لكي تتحول هبة السويداء الى ثورة سورية ثانية في وجه النظام الحاكم. 5- رفض المنتفضون كل ادعاءات ازلام النظام التي تتهم الحراك بالتعامل مع اجندات خارجية، او كونها محاولة للانفصال عن سورية وأكدوا على وحدة الأرض السورية. 6- قام المنتفضون بإغلاق مقار حزب البعث والمقرات الأمنية والنقابية بالمحافظة، وتعاملوا برقي كامل مع من تبقى من عناصر تابعة للأجهزة الأمنية في السويداء، وخيروهم بين الانضمام للشعب أو توصيلهم الى بيوتهم. 7- ازالوا كل ما يذَّكر برموز النظام من صور لبشار الأسد ووالده، وحطموا التماثيل ووضعوا مكانها صوراً لشخصيات وطنية من صناع الاستقلال السوري. 8- حراك السويداء أثَّر بشكل كبير على مسار التطبيع العربي مع النظام، وأحرج المطبعين كونهم يطبعون مع نظام الأسد المرفوض شعبياً. ولذلك يمكنا القول إن السويداء قطعت كل الخيوط مع النظام، واصبحت المسافة شاسعة بينهم وبينه، وعلى ما يبدو، أن الهوة غير قابلة للجَّسر، ولا يمكن للمحافظة ان تعود للوراء، لأن المنتفضين وقادة الحراك وشيوخ العقل مدركين تماماً للثمن الذي عليهم دفعه بحال التراجع، فهذا النظام لن يسامحهم وسينتقم منهم شر انتقام كعادته. والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة الأن ما هي خيارات أهل محافظة السويداء المستقبلية؟ خصوصاً في ظل محاولات النظام اليائسة حتى الأن النيل من حراكهم السلمي، وفي ظل الدعم الدولي الخجول والذي تمثَّل ببعض البيانات من بعض الدول الأوروبية، وفي ظل عدم استجابة السوريين في مناطق تواجد النظام مع ثورة السويداء وخصوصاً الساحل السوري ودمشق العاصمة. النظام يراهن على الزمن، ويعتقد أنه يعمل لصالحه، فهو يأمل أن يبدأ هذا الحراك بالتراجع ليتوقف بشكل كامل، ويعود النظام تدريجياً ليفرض نفسه من جديد في محافظة السويداء، خصوصاً ان طريق الإمداد الوحيد للمواد الغذائية ولمتطلبات العيش المطلوبة من مواد استهلاكية على اختلافها تأتي من مناطق سيطرة النظام. ومن المرجح أن الرؤوس المدبرة في السويداء تعي هذه الحقائق جيداً وتعرف أن هناك حاجة لرسم خطط بديلة بحال لم يخرج السوريون الى الشوارع، وخصوصاً في الساحل السوري ودمشق العاصمة، لأن حراك الساحل ودمشق ودعمهما للحراك في السويداء سيسقط النظام، أو بأقل تقدير سيفرض عليه القبول بتطبيق قرار مجلس الأمن 2254 وأن يسير بمسار الحل للأزمة السورية. بالرغم من أن امداد السويداء بالمواد الضرورية هي مصلحة للنظام، لأنه في حال امتنع عن ذلك سيصبح مطلب فتح المعبر على الأردن مطلباً انسانياً قد يؤدي الى تدخل دولي ليس بمصلحته، ولكن في ظل تعاظم الاحتجاجات في السويداء قد يقدم هذا النظام المأزوم على معاقبة أهل الجبل من خلال تقليص أو منع وصول المواد الضرورية إليهم، عندها يصبح المطلب بفتح معبر على الأردن مطلباً شرعياً لا بد منه، وللمفارقة فأن أول من طلب فتح المعبر على الأردن هو الشيخ يوسف جربوع شيخ العقل الثالث المحسوب حتى الأن على النظام، من ضمن قائمة المطالب التي رفعها الى دمشق من أجل حل الأزمة في السويداء. ومعلوم أن فتح معبر من هذا النوع بحاجة الى طلب رسمي من الحكومة السورية للحكومة الأردنية وهذا مستبعد حالياً، أو من خلال إرادة دولية تفرض فتح المعبر وتجبر الأردن على ذلك، وهذا لن يحدث الا من خلال توافق أردني خليجي مع قوات التحالف الدولي الموجودة في معبر التنف. ولكن يبقى السؤال مطروحاً وبقوة بين المنتفضين على هذا النظام، ما العمل بحال استمر الحال على ما هو عليه، فطبعاً لن يستطيع أهل الجبل الاستمرار بالمظاهرات اليومية أو الأسبوعية الى ما لا نهاية فما هي البدائل المتاحة؟
الخيارات:
في ظل هذا الواقع، يمكن الإشارة الى بعض السيناريوهات المحتملة لمسار تطور انتفاضة السويداء: 1- أن يستمر الوضع على ما هو عليه، ويملَّ أهل السويداء الخروج للمظاهرات ويستكينوا، وتخمد ثورتهم، ويعود النظام ليمسك بزمام الأمور في المحافظة. هذا الاحتمال يبني عليه النظام، وستكون نتائجه كارثية على أهل الجبل، لأنه سيؤدي حتماً لعمليات انتقامية سينفذها النظام ضد أهل السويداء وقيادات الانتفاضة، وهذا الخيار يعتبر بحكم الانتحار بالنسبة لأهل جبل العرب. ومن المرجح أنه غير وارد بالنسبة لهم. 2- من المحتمل، ومع استمرار المظاهرات والاحتجاجات في السويداء، ومع تدهور الأوضاع الاقتصادية في سوريا، أن تبدأ حاضنة النظام في الساحل ودمشق بالتململ والخروج للشارع، مما يؤدي الى التسارع في انهيار النظام، او انصياعه لقرار 2254 وبداية مسار الانتقال السياسي. 3- أن يتم تحريك تطبيق قرار 2254 من قبل جهات دولية مثل المجموعة الأوروبية أو الجامعة العربية على سبيل المثال لا الحصر، وفقاَ لاتفاق عمان الذي وافق عليه النظام ولكن لم يطبقه، وذلك بسبب استمراره بتصدير الكبتاغون باتجاه جارته الأردن وصولاً الى الخليج، خصوصاً بعد فشل المبادرة العربية لإعادة تأهيل النظام. 4- أن يقوم النظام بمحاولة قمع الانتفاضة الشعبية في السويداء بشكل مباشر أو عن طريق تحريك ميليشياته، او افتعال التفجيرات داخل المدن والقرى في المحافظة، أو تحريك داعش كما فعل عام 2018. من المستبعد اقدام النظام في المرحلة الحالية على هكذا خطوات، لأنها ممكن أن تحرك مناطق أخرى تحت قبضته، مثل منطقة جرمانا وجبل الشيخ، وقد تطرح الملف السوري دولياً من جديد على الطاولة، وتعود عليه بشكل سلبي. 5- أن يستعد أهل السويداء لنضال طويل الأمد من خلال تنظيم أنفسهم، بحيث يكون هناك قيادة وطنية وقيادة سياسية تمثلهم، وانشاء لجان إدارية في القرى والمدن لإدارة شؤونهم المحلية، وإقامة إطار تنسيقي بين كل الجماعات المسلحة لتأمين الأمن والحماية للمواطنين، على أمل أن يتجاوب الشعب السوري مع انتفاضة أهل السويداء، أو أن يحصل تحرك عربي أو دولي لتطبيق قرار 2254 والذي أخذ بالإجماع في مجلس الأمن ووافق عليه النظام السوري.
تهمة الانفصال المعلبة:
في جعبة النظام تهماً جاهزة ومعلبة لكل مكونات الشعب السوري بحال قرروا شق عصا الطاعة والخروج عليه. فالسنة يُتهموا بأنهم إخوان مسلمين وداعش وجبهة نصرة ومتطرفين، أما بالنسبة للدروز فتهمة الانفصال والعمالة لإسرائيل جاهزة. فمنذ بدء الحراك السلمي بالسويداء خرجت ابواق النظام وبشكل ممنهج من مناطق مختلفة من سوريا لتتهم أهل السويداء بسعيهم للانفصال عن سورية وأن هناك أيادي خارجية تحركهم. طبعاً، هذه التهم السخيفة تنم على أن النظام مأزوم ويخاف من أي حراك شعبي ينادي برحيله. خصوصاً أن هناك أربعة جيوش اجنبية تحتل الأرض السورية، هذا عدا عن عشرات المليشيات الأجنبية ايضاً والتي تعيث فساداً من الشمال السوري حتى جنوبه. مما يحول تهمة الارتهان للخارج والتقسيم مضحكة وتدعو للسخرية. فسورية مقسمة على ارض الواقع بين الأمريكيين والروس والأتراك والإيرانيين والسماء السورية تستبيحها إسرائيل بشكل يومي ومن ثم تسمع أبواق النظام يتحدثون عن السيادة. اما بالنسبة للكيان الدرزي الذي يتكلمون عنه، فإن الدروز عبر تاريخهم الطويل، رفضوا إقامة أي كيان درزي، والتاريخ والوقائع تشهد بذلك. لقد رفض الدروز عرض نابليون بونابرت الذي قدمه للدروز بإقامة كيان لهم فيما إذا ساعدوه في احتلال عكا في عام 1799. ورفض سلطان باشا الأطرش إقامة دويلة درزية في الجبل كما أراد وخطط الانتداب الفرنسي عام 1921 وتوحد كل السوريين تحت قيادته لإنجاز وحدة واستقلال الدولة السورية. وبعد هزيمة حزيران عام 1967 أفشل الكمالات الثلاث: كمال كنج أبو صالح، وكمال أبو لطيف، وكمال جنبلاط، المخطط الإسرائيلي بإقامة دويلة درزية تمتد من جنوب سوريا مروراً بالجولان المحتل وصولا الى جبال الشوف. التاريخ يشهد أن ليس لدى الدروز أي تطلع انفصالي، ويعتبرون أنفسهم مؤسسين للدولة الوطنية السورية والدولة اللبنانية، وللعلم فقط فإن الدروز والذين لا يشكون أكثر من 3% من سكان سوريا بلغت نسبة شهدائهم حوالي 60% من مجموع عدد شهداء الثورة السورية ضد المستعمر الفرنسي. ولذل فإن تهمة الانفصال تهمة عارية عن الصحة تنم عن كون النظام مأزوماً ولا يجد تهمة أخرى يوجهها للحراك السلمي الراقي في السويداء.
خاتمة:
من بين الاحتمالات التي وردت سابقاً فإن الاحتمال الخامس الأخير هو الأكثر رجاحة، وبحاجة الى جهد كبير من المنتفضين لإعادة صياغة العلاقات الاجتماعية والسياسية في محافظة السويداء، واعادة انتاج المجتمع من جديد على أسس جديدة، والعودة الى الأصالة والجذور بعد أن شوهها النظام على مدار أكثر من خمسين عاماً. ولا شك أن قيادة الجبل الدينية قد حُسمت بشكل قاطع للشيخ إبراهيم الهجري وأصبح رمزاً وطنياً للمحافظة، ولكن هناك حاجة ملحة لاستكمال النصف الأخر من القيادة في الجبل، وهي القيادة الزمنية لتُكَّمل القيادة الدينية للشيخ الهجري. إن مجتمع محافظة السويداء يعتبر مجتمعاً تقليدياً يقوم على التشكيلة القروية والعائلية، ولا اعتقد أن هناك أي بنية حزبية قائمة قادرة على تمثيل الجبل، فالنظام قضى على العمل السياسي في سوريا منذ أكثر من خمسين عاماً، ولم يسمح الا لحزب البعث وأحزاب الجبهة الوطنية التابعة له بالعمل السياسي، ولذلك لا يوجد على ارض الواقع أحزاب او نقابات مستقلة قادرة على تمثيل المحافظة، لذلك وفي المرحلة الحالية لا بد من العودة الى البنية التقليدية لبناء قيادة قادرة على تمثيل الجبل. لقد رأينا الوفود التي جاءت لتبايع الشيخ حكمت الهجري أنها كانت وفوداً تمثل القرى أو العائلات، ولم نر أي تشكيل حزبي أو نقابي وصل الى دارة شيخ العقل، مما يدلل بشكل واضح على البنية التقليدية القوية للمجتمع، والتي يجب أن تأخذ دورها في المرحلة الحالية لحين بناء دولة ديمقراطية مدنية، وتشكيل أحزاب عابرة للقرى والعائلات والطوائف. ولذلك يجب تشكيل مجلس يمثل القرى أو العائلات ليشكل رديفاً للشيخ حكمت الهجري من اجل قيادة السويداء الى بر الأمان. وقد برزت عائلات في تاريخ الجبل ارتبطت بهم القيادة الزمنية مثل آل الأطرش الممثلة ب "دار عرى"، وآل عامر، وآل الحلبي وغيرهم من العائلات التي برز منها قيادات مؤثرة عبر تاريخ المحافظة، إضافة الى شخصيات مرموقة معروفة بمواقفها الوطنية. إن مشروع بناء القيادة في محافظة السويداء هو المشروع الملح الذي يجب أن يُنجز بشكل سريع، إضافة الى تشكيل مجلس ينسق عمل الفصائل المسلحة لتأخذ على عاتقها حفظ الأمن وحماية المحافظة الى حين خروج الدولة السورية من أزمتها وبسط سيادتها من جديد على كل الأرض السورية. خصوصاً أن تجربة جبل العرب بدأت تلقي بظلالها على المحافظات الأخرى. لقد بدأت تتبلور قناعة بأهمية وجود قيادة واضحة للثورة، وقد تتمثل هذه القيادة بشخص كما هو الحال في السويداء، وكل التجارب التي نادت بعدم ضرورة وجود قيادة واضحة قد وصلت الى طريق مسدود، فغالبية الثورات عبر التاريخ ارتبطت بأسماء قادتها خصوصا في عالمنا العربي التقليدي. ولهذا بدأ الحراك الجدي في محافظة درعا لاختيار شخصية قيادية يجتمع عليها أهل المحافظة مع مجلس تمثيلي للمحافظة من أجل قيادة الحراك في درعا. ولا شك أن اجتماع قادة المناطق في المستقبل سيشكل قيادة جديدة وعنواناَ جديداً لكل من يريد التعاطي مع الشعب السوري، بعيداً عن النظام وعن المعارضة الخارجية التي اثبتت فشلها بامتياز في قيادة هذا الشعب. لا شك أننا أمام مرحلة جديدة في تاريخ سوريا الثوري، خصوصاً أن هناك حقيقة لا يمكن التغاضي عنها مطلقاً مهما حصل، وهي أن محافظة السويداء قد أعلنت الطلاق مع هذا النظام ونزعت عنه صفة حامي الأقليات، وحتماً لن يكون جبل العرب بعد الثورة يشبه بأي شكل من الأشكال جبل العرب قبلها. واعتقد جازماً أنه إذا نجحت السويداء ودرعا تشكيل قيادة موحدة تمثل الجنوب السوري، فإن هذا الأمر سيشكل حافزاً عند باقي المحافظات للالتحاق بها وستكون بداية تحرر سوريا من هذا النظام وإعادة بناء الدولة السورية الحديثة الموحدة بأرضها وبكل مكوناتها الدينية والطائفية والأثنية.
#ثائر_أبوصالح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من نحن؟
-
التداعيات المحتملة للتقارب السعودي الإيراني
-
مفهوم اللانهاية في الرياضيات وفكرة الألوهة
-
قراءة في المستجدات على الساحة السورية
-
قراءة سريعة في نتائج الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة
-
بين إدراك الألم وفلسفة المعاناة
-
المجتمعات العربية المراهقة وأزمة التطور
-
قوانين هرمس السبعة
-
علاقة الوعي بالزمكان
-
ويسألونك عن الروح
-
العرب والدين
-
ليس دفاعاً عن ابليس ولكن ...
-
إسرائيل ومستقبل الصراع في المنطقة
-
مفهوم الشهادة
-
تطور الحركة الوطنية في الجولان
-
إسرائيل ومشروع -الدويلة الدرزية-
-
سكان الجولان السوريين في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي الج
...
-
دروس مستخلصة من الثورة السورية
-
الحرب الروسية على اوكرانيا
-
موجز قصة الثورة السورية الكبرى في الجولان- اقليم البلان
المزيد.....
-
فيديو يُظهر اللحظات الأولى بعد اقتحام رجل بسيارته مركزا تجار
...
-
دبي.. علاقة رومانسية لسائح مراهق مع فتاة قاصر تنتهي بحكم سجن
...
-
لماذا فكرت بريطانيا في قطع النيل عن مصر؟
-
لارا ترامب تسحب ترشحها لعضوية مجلس الشيوخ عن ولاية فلوريدا
-
قضية الإغلاق الحكومي كشفت الانقسام الحاد بين الديمقراطيين وا
...
-
التمويل الغربي لأوكرانيا بلغ 238.5 مليار دولار خلال ثلاث سنو
...
-
Vivo تروّج لهاتف بأفضل الكاميرات والتقنيات
-
اكتشاف كائنات حية -مجنونة- في أفواه وأمعاء البشر!
-
طراد أمريكي يسقط مقاتلة أمريكية عن طريق الخطأ فوق البحر الأح
...
-
إيلون ماسك بعد توزيره.. مهمة مستحيلة وشبهة -تضارب مصالح-
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|